جلسات حوارية لتمكين المؤسسات الصغيرة والمتوسطة عبر تبسيط إجراءات التمويل وتعزيز المحتوى المحلي
تاريخ النشر: 5th, February 2025 GMT
مسقط- الرؤية
نظمت غرفة تجارة وصناعة عُمان ممثلة بلجنة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وبالتعاون مع مؤسسة مشاريع ريما المتكاملة، الأربعاء، ندوة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في العهد الزاهر "تمكين وسمو" في المقر الرئيسي للغرفة، تحت رعاية سعادة بدر بن سالم المعمري أمين عام مجلس المناقصات، وبحضور سعادة الشيخ فيصل بن عبدالله الرواس رئيس مجلس إدارة الغرفة، وعدد من أعضاء مجلس إدارة الغرفة.
وهدفت الندوة إلى تعزيز وتمكين المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتسليط الضوء على أبرز التحديات والفرص التي تواجهها في السوق المحلي، كما ستتطرق إلى دور الجهات التمويلية في دعم نمو هذه المؤسسات، ومناقشة برامج المحتوى المحلي ودورها في دعم وتنمية هذه الفئة من الشركات، وتعزيز التعاون بين مختلف الأطراف المعنية لدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، ووضع الحلول لتجاوز التحديات التي تواجه هذه المؤسسات.
وعلى هامش الندوة، أُقيم معرض لرواد الأعمال هدف إلى عرض منتجات وخدمات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وإبراز مواهب رواد الأعمال، وفتح قنوات تسويقية جديدة لهذه المؤسسات وتعزيز فرصها للوصول إلى عملاء وشركاء جدد، بالإضافة إلى تعزيز التواصل بين رواد الأعمال والجهات الداعمة والمستثمرين.
وأشار الشيخ أحمد بن عامر المصلحي رئيس لجنة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بغرفة تجارة وصناعة عُمان، إلى الاهتمام الكبير الذي يوليه حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- لدعم وتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة؛ باعتبارها رافدًا أساسيًا في تنويع الاقتصاد الوطني، مشيرًا إلى الحرص السامي على تعزيز تكامل هذه المؤسسات مع الشركات الكبرى عبر تقديم حلول مبتكرة وفرص أعمال نوعية تسهم في استدامتها وتعزيز نموها. وبيَّن المصلحي أن الغرفة ومن خلال لجانها القطاعية تعمل على دعم وتطوير هذا القطاع عبر الأدوات والبرامج المتاحة لدفع عجلة التنمية الاقتصادية في سلطنة عُمان، وفي هذا الإطار يأتي تنظيم ندوة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة "تمكين وسمو" تأكيدًا على التوجيهات السامية والرامية إلى تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتهيئة بيئة داعمة ومحفزة لها، واستعراض الجهود الحكومية والحوافز المقدمة لتعزيز دورها في الاقتصاد الوطني.
وأشار المصلحي إلى أن لجنة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بالغرفة منذ تأسيسها خلال الدورة الحالية (2022- 2026)، عملت على تحقيق التكامل مع الجهات ذات العلاقة لتنفيذ التوجهات الاستراتيجية للغرفة المتماشية مع رؤية "عُمان 2040"، والتي تركز على تحسين بيئة الأعمال، وتنمية المحافظات اقتصاديًا، وتعزيز التنويع الاقتصادي، كما إنه وفقًا للإحصائيات الصادرة عن هيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة فقد بلغ عدد المؤسسات الصغيرة والمتوسطة المسجلة والحاصلة على بطاقة ريادة الأعمال نحو 28 ألف مؤسسة، مما يعكس الدور الحيوي لهذا القطاع في توفير فرص العمل وتعزيز النمو الاقتصادي.
وتطرقت الجلسة الحوارية الأولى إلى موضوع دور جهات التمويل في دعم وتعزيز المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وهدفت إلى مناقشة التحديات التي تواجه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الحصول على التمويل، والحلول المقترحة لتسهيل وصولها إلى التسهيلات الائتمانية، كما تم مناقشة أهمية تطوير منتجات تمويلية مرنة تتناسب مع احتياجات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، والتركيز على كيفية توجيه التمويل نحو تحقيق استدامة المؤسسات المستفيدة من خلال برامج الدعم والتوجيه المالي بعد الحصول على التمويل.
وشارك بالجلسة كل من الشيخ صلاح المعولي الرئيس التنفيذي لصندوق إنماء بهيئة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وحمد بن سالم الحارثي رئيس مجمع تمويل لمشاريع متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة وإدارة المحافظ في بنك التنمية، ومحمد بن عوض العمري مدير دائرة توطين صناعة الطاقة والمعادن، ورائد الأعمال الدكتور هادي بن علي السرحاني، ورائدة الأعمال الدكتورة سالمة بنت نصيب الفارسية، وأدار الجلسة الدكتور أحمد كشوب.
وتناولت الجلسة الثانية محور برامج المحتوى المحلي ودوره في دعم وتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. وهدفت الجلسة إلى تعزيز مشاركة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في العقود والمناقصات، واستعراض الأطر التشريعية واللوائح المساهمة في دعم الاقتصاد الوطني، ومناقشة أهمية تسهيل الإجراءات، وتقليل العوائق الإدارية، وضمان شفافية الفرص التجارية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
وشارك بالجلسة جلال بن حمد الحضرمي مدير تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بمديرية القيمة المحلية المضافة في جهاز الاستثمار العُماني، وزكية بنت جمعة الفارسية رئيسة قسم الدعم والمتابعة بالمديرية العامة للمحتوى المحلي بالأمانة العامة لمجلس المناقصات، وعبدالعزيز بن أحمد القاسمي رئيس قسم الصناعات كثيفة رأس المال المشرف على مكتب القيمة المحلية المضافة والمحتوى المحلي بوزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، والشيخ محمد بن سعيد الشحري عضو لجنة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بالغرفة، والمهندسة هند بنت محمد الحجرية عضو لجنة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بالغرفة، وأدار الجلسة الدكتور أحمد كشوب.
وهدفت الندوة من خلال الجلسات الحوارية إلى تقديم توصيات عملية لتعزيز وصول المؤسسات الصغيرة والمتوسطة إلى فرص التمويل والأسواق المحلية، مما يسهم في تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة وتعزيز التكامل بين مختلف القطاعات الاقتصادية في السلطنة.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
“غزة الصغيرة”.. مشروع التصفية الكبرى؟
حين أطلق الاحتلال الإسرائيلي عدوانه على قطاع غزة في السابع من أكتوبر 2023، ضمن ما سُمّي بـ”السيوف الحديدية”، لم يكن الهدف مجرد الرد على عملية عسكرية نفذتها المقاومة.
الأيام الأولى للعدوان، ثم ما تلاها من قصف وتجويع ونزوح، كشفت ملامح مشروع أكبر: خطة لتفكيك غزة وتصفية القضية الفلسطينية، بما بات يُعرف اليوم اختزالًا باسم “غزة الصغيرة”.
هذا المقال لا يتعامل مع “غزة الصغيرة” كمجرد سيناريو عسكري، بل كمخطط استراتيجي إحلالي، يُعيد إنتاج النكبة بشكل ممنهج. فما هي معالم هذا المشروع؟ وما أهدافه؟ وهل يمكن أن ينجح رغم كل التعقيدات؟
أولًا: ما هو مشروع “غزة الصغيرة”؟ “غزة الصغيرة” هو الاسم الرمزي لخطة تهدف إلى تقليص القطاع إلى شريط ضيق في أقصى الجنوب (رفح وخان يونس)، وتحويله إلى كتلة بشرية منهكة، مقطوعة عن الامتداد الفلسطيني الطبيعي، ومحاصَرة بجدران أمنية وأطواق تجويع. يقوم المشروع على خمس مراحل متداخلة:
1. تفريغ الشمال عبر القصف المستمر وتدمير البنية التحتية لتهجير السكان جنوبًا.
2. إنشاء منطقة عازلة بطول القطاع تُمنع العودة من خلالها ويُفرض واقع أمني دائم.
3. حصر السكان في جيب جنوبي مكتظ يُدار بغطاء إنساني أو دولي، دون سيادة وطنية.
4. فصل غزة عن الضفة الغربية سياسيًا وجغرافيًا، لنسف وحدة المشروع الوطني.
5. فرض واقع إنساني كارثي يدفع باتجاه قبول حلول مذلة: التهجير، التوطين، أو الحكم الذاتي المشوّه. ما نراه ليس فقط تدميرًا ماديًا، بل هندسة سكانية – جيوسياسية لإعادة تعريف غزة وظيفيًا وجغرافيًا.
ثانيًا: البعد السياسي – غزة الصغيرة كنواة لتصفية القضية منذ عام 1948، لم يجرؤ الاحتلال على تهجير جماعي بهذا الحجم وبهذا العلن. العدوان الحالي تجاوز منطق الحرب، ليتحول إلى معمل تفكيك سياسي للوجود الفلسطيني، حيث تُستبدل الهوية المقاومة بـ”النجاة” الفردية.
أهداف الخطة السياسية أعمق من ظاهرها: إخراج غزة من المعادلة الوطنية كمركز للمقاومة والتمثيل السياسي. فرض كيان فلسطيني هش تُشرف عليه جهة وظيفية لا تملك الأرض ولا القرار. تفكيك وحدة الجغرافيا الفلسطينية ومن ثم وحدة الذاكرة والهوية. تهيئة البيئة الإقليمية لشرق أوسط جديد، تُنفى منه فلسطين، وتُجرّم فيه المقاومة.
تسريبات من مراكز أبحاث إسرائيلية (مثل مركز “بيغن–السادات”) تؤكد أن خطة ما بعد الحرب تهدف إلى خلق “واقع دائم بلا حماس، وبلا تهديد استراتيجي”، ما يعني قضم غزة سياسيًا، لا فقط عسكريًا.
ثالثًا: الواقع الميداني – غزة تحت المقصلة حسب تقارير الأمم المتحدة: 1.9 مليون فلسطيني نزحوا قسرًا داخل قطاع غزة. 90% من البنية التحتية في الشمال والوسط مدمرة. 85% من المستشفيات خارج الخدمة. أكثر من مليون ونصف فلسطيني محاصرون في رفح، بلا مياه أو كهرباء أو دواء.
رفح لم تعد مدينة، بل تحولت إلى أكبر مخيم لاجئين على وجه الأرض. لكنها، رغم القهر، لم تتحول إلى قبر للهوية؛ بل إلى فضاء جديد للعناد الفلسطيني.
رابعًا: العوائق الكامنة – لماذا قد تفشل الخطة؟ رغم البطش الإسرائيلي، يواجه مشروع “غزة الصغيرة” خمسة عوائق استراتيجية:
1. بقاء المقاومة: فصائل المقاومة ما زالت تنشط من قلب مناطق يزعم الاحتلال أنه “طهّرها”.
2. الرفض الشعبي الفلسطيني: الناس، رغم النزوح، يصرّون على العودة ورفض أي حلول بديلة.
3. الانكشاف الدولي غير المسبوق: الاحتلال يُحاكم اليوم أخلاقيًا وقانونيًا بتهم الإبادة الجماعية.
4. الفيتو المصري: القاهرة ترفض التهجير إلى سيناء، لإدراكها خطورته على أمنها القومي.
5. اليقظة العربية المتصاعدة: رغم هشاشة الأنظمة، تعود الشعوب العربية لتبني فلسطين قضيةً أولى.
خامسًا: المأساة الإنسانية – غزة بلا قلب ولا مأوى “في النكبة مشينا حفاة من المجدل إلى غزة، واليوم نمشي حفاة من غزة إلى الموت”، تقول أم فادي، وهي عجوز هجّرتها الحرب.
ما يجري هو كارثة إنسانية كاملة الأركان: الطفل يفتش عن ماء في الركام، والأم تلد فوق التراب، والمُقاتل يدفن رفاقه ثم يعود لموقعه.
لكن ما لا يراه الاحتلال: أن هذا الألم لم يُنتج استسلامًا، بل عنادًا وجوديًا. فاللاجئ يكتب على خيمته: “سنعود، ولو من رمادنا”.
سادسًا: السيناريوهات المحتملة – ماذا بعد الدم؟
1. نجاح مؤقت للخطة: قد يُفرض واقع ميداني، لكنه هش، وسرعان ما ينهار بفعل المقاومة أو انفجار شعبي.
2. فشل تراكمي تدريجي: عودة السكان، وفشل الإدارة البديلة، يُعيد غزة إلى المعادلة الوطنية.
3. تفجير إقليمي واسع: أي تهجير نحو سيناء سيشعل المنطقة، ويغيّر قواعد الاشتباك الإقليمي.
ختامًا: غزة لا تُصغّر.. بل تتسع فينا يريدون حشر غزة في خيمة، لكنها تسكن قلب كل حرّ. يريدون اختزالها في أزمة إنسانية، لكنها تحيا كرمز للكرامة. يريدون تصغيرها، فكبُرت بدم شهدائها.
“غزة الصغيرة” ليست مجرد مشروع احتلالي، بل اختبار للضمير العالمي: هل يُسمح بإبادة مدينة على الهواء مباشرة، دون عقاب؟ وهل يبقى الحق حيًا في عصر الصمت المُصور؟ غزة تعيد تعريف النكبة كواقع مستمر، لكنها أيضًا تعيد تعريف الكرامة كمقاومة لا تموت.
إذا أرادوا تصغير فلسطين، فإن دماء غزة تُكبرها.. تُكبرها حتى تُعيد رسم خريطة الحرية. غزة لن تُهزم، لأنها تشبهنا في لحظتنا الأصدق: لحظة الصمود، مهما عظمت الكلفة.
الدستور الجزائرية