الحكومة الفرنسية تنجو من تصويت آخر بحجب الثقة بعد خلاف حول ميزانية 2025
تاريخ النشر: 6th, February 2025 GMT
لا يزال فرانسوا بايرو رئيسًا للوزراء الفرنسي بعد أن نجا من التصويت بحجب الثقة، مما يضمن اعتماد خطة ميزانية 2025 المثيرة للجدل.
نجا رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا بايرو الأربعاء من ثاني تصويت على الثقة على حكومته في أقل من شهر واحد.
جاء هذا التصويت بعد أن استخدم رئيس الحكومة المعين حديثًا أداة دستورية مثيرة للجدل.
وقد أدى ذلك بدوره إلى تعريض حكومته لخطر تقديم اقتراح بحجب الثقة بعد 48 ساعة من التصويت، وهو ما دعمه حزب فرنسا الأبية اليساري المتشدد وحزب الخضر والشيوعيون (وجميعهم جزء من الائتلاف اليساري المسمى "الجبهة الشعبية الجديدة").
Relatedسابقة في تاريخ الجمهورية الخامسة الفرنسية: مشروع قرار لعزل الرئيس إيمانويل ماكرون"الحكومة قد تنهار فورا".. ماكرون يرفض تولي الائتلاف اليساري منصب رئيس الوزراء فرنسا: لماذا تأخر "سيد الساعات" إيمانويل ماكرون كلّ هذا الوقت لاختيار رئيس جديد للوزراء؟رئيس وزراء فرنسا في مواجهة البرلمان: إقناع الاشتراكيين مفتاح لبقاء حكومتهماكرون يقبل استقالة بارنييه ويكلفه وحكومته بتصريف الأعمال حتى إشعار آخرالنجاة من التصويت تعني أنه سيتم تلقائيا اعتماد خطة الميزانية تلقائيًا. وكان مشروع القانون المثير للجدل يهدف إلى خفض مبلغ 30 مليار يورو وزيادة الضرائب بمقدار 20 مليار يورو للحد من عجز فرنسا إلى 5.4% من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام.
كانت هناك حاجة إلى ما مجموعه 288 صوتًا لإسقاط حكومة بيرو بنجاح وإلغاء مشروع قانون الميزانية.
في ليلة الأربعاء، تم فرز 128 صوتًا صوتًا. وقرر الاشتراكيون (وهم أيضًا جزء من الائتلاف اليساري) واليمين المتطرف عدم دعم الاقتراح هذه المرة.
ستتم مناقشة تصويت ثانٍ على الثقة الذي قدمه حزب فرنسا الأبية، وهذه المرة على مشروع قانون ميزانية الضمان الاجتماعي، في وقت لاحق من ليلة الأربعاء.
وقد أحدثت هذه الخطوة صدعًا كبيرًا داخل الجبهة الشعبية الجديدة حيث اتهم حزب فرنسا الأبية الاشتراكيين بخيانة اليسار.
ويزعم هؤلاء أنهم يعارضون مشروع قانون بيرو لكنهم رفضوا التصويت ضد حكومته للسماح للبلاد بالحصول على ميزانية.
ومع ذلك، ولإظهار معارضته للحكومة، يخطط الحزب الاشتراكي لطرح اقتراح ثقة تلقائي بعد التصويت على الميزانية.
وقد تمت الإطاحة بسلف بايرو ميشيل بارنييه، في ديسمبر الماضي بعد أن تحالف الائتلاف اليساري بأكمله مع اليمين المتطرف لإسقاطه.
ولكن على الرغم من أن هذا يمنح حكومة الأقلية التي يقودها بيرو بعض المساحة لالتقاط الأنفاس، إلا أنه من المرجح أن تكون الأشهر المقبلة مضطربة.
تعيش فرنسا منذ فترة حالة شلل سياسي بعد أن قرر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حل البرلمان بعد الخسارة المدوية التي مُني بها حزبه في الانتخابات الأوروبية في يونيو 2024.
وقد أسفرت الانتخابات التشريعية المبكرة التي جرت الصيف الماضي عن برلمان معلق منقسم إلى ثلاث كتل نيابية دون أغلبية مطلقة.
رغم هذا الشلل المؤسساتي، فلا يستطيع ماكرون من الناحية الدستورية الدعوة إلى انتخابات مبكرة قبل حلول الصيف المقبل.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية "تهادوا تحابّوا".. نتنياهو يقدم لترامب "جهاز بيجر ذهبيا" والمضيف يسحب الكرسي للحليف كريستيانو رونالدو: من طفل فقير إلى صاحب إمبراطورية بقيمة 850 مليون يورو الغارديان: "مرحبًا بكم في عالم ترامب، حيث يرى رجل العقارات دولاراتٍ بين ركام غزة" فرنسوا بايروالسياسة الفرنسيةإيمانويل ماكرونالمصدر: euronews
كلمات دلالية: دونالد ترامب بنيامين نتنياهو غزة إسرائيل أوروبا سوريا دونالد ترامب بنيامين نتنياهو غزة إسرائيل أوروبا سوريا فرنسوا بايرو السياسة الفرنسية إيمانويل ماكرون دونالد ترامب بنيامين نتنياهو غزة إسرائيل أوروبا سوريا إيطاليا البيت الأبيض فلاديمير بوتين ضحايا بشار الأسد سياحة الائتلاف الیساری یعرض الآنNext رئیس ا بعد أن
إقرأ أيضاً:
الاعتراف بدولة فلسطينية.. ماكرون في مواجهة جينيه: ماذا تبقى من الضمير الفرنسي؟
في 30 مايو 2025م وبحسب وسائل إعلام عربية وغربية أطلق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من سنغافورة تصريحًا بدا وكأنه انعطافه في الخطاب الأوروبي إزاء المأساة الفلسطينية، وهو تصريح لا يبدو مفاجئاً لمن يعرف حقيقة الموقف الفرنسي المتمثل في كبار مثقفيها من القضية، وفي قراءة لتصريح الرجل فإنه لم يكتف بالتحذير من تراخي إسرائيل في التعامل مع الكارثة الإنسانية في غزة، بل مضى إلى القول: «بأن الاعتراف بدولة فلسطينية ليس مجرد واجب أخلاقي، بل مطلب سياسي». وهنا يصح التساؤل حول هوية هذا الموقف، فهل يأتي التصريح في لحظة صحوة ضمير؟ أم هو مجرد حديث للاستهلاك السياسي؟ وقد بدا لنا الأمر مستحقاً للقراءة والفهم، فهل كان السيد ماكرون وهو يستدعي مفردة «الواجب الأخلاقي»، يتذكّر جان جينيه وهو يكتم أنفاسه ويفقد بلاغته المعهودة عندما كان يتفحص الجثث في صبرا وشاتيلا؟ أم ترى تذكر طالب الفلسفة في جامعة باريس الفيلسوف جيل دولوز وهو يقارب بين الفلسطيني والهندي الأحمر في تجارب الاضطهاد والقمع وإعدام الذاكرة؟ أم أن الرئيس الفرنسي، كعادة السياسيين، يستعير لغة الضمير كي يُخفي صمت الفعل؟
إن هذا السؤال لا يُفهم خارج التاريخ العميق لصورة فرنسا في الوعي العربي - تلك الصورة الملتبسة، المترددة بين الأنوار والسلاح، بين فولتير ونابليون. إنها فرنسا المعبأة في ذهن العربي آية من التناقض والجمال، فمنذ الثورة الفرنسية لم تكن باريس مجرّد عاصمة حرة، بل كانت تُستحضر في المخيلة العربية كمدينة رمزية، موطن للفكر الحر، وقِبلة للباحثين عن عدالة النموذج خارج بلادهم، باريس المرفأ لمن أرهقتهم الأنظمة القمعية، وقيَّدَهُمُ الجهلُ المُقدَّسُ. ودافعنا في كتابة هذه المقالة هو تصريح السيد ماكرون، لذا قررنا الذهاب إلى تاريخ صورة «الفرنسي» في العقل العربي طمعاً في الإجابة عن سؤال يؤرقنا، وهو؛ ترى لماذا تتنكر فرنسا لحقيقتها الإنسانية؟! وما نكتبه هنا ليست عودة إلى تاريخ الوعي، بل تذكير بما يجب أن تكون فرنسا أمينة له ذلك أن شعار 1789م (حرية- مساواة - إخاء) قد تآكل أثره، ولم تبق له من الحياة إلا غبار يسكن جدران مباني قصر العدل في باريس. كما أن هذه الصورة التي ترسخت في وعينا العربي عن فرنسا لم تولد من دعاية، بل من تماسٍ فعليّ مع الثقافة الفرنسية بوصفها فضاءً معرفيًا أعلى صوتاً من الجغرافيا السياسية. ولهذا، فإن مقاربة الموقف الفرنسي من الاعتراف بفلسطين لا تُقاس فقط بمعايير الواقعية السياسية، بل أيضًا بمرآة الذاكرة الثقافية، فكيف رأى العرب فرنسا؟ وهل لا يزال لنداءات الضمير فيها مكانٌ يمكن الاتكاء عليه في لحظة العتمة؟
إن أقدم مظاهر الحضور الفرنسي في الثقافة العربية جاءت عند رفاعة الطهطاوي وذلك في كتابه تخليص الإبريز (1831) حينما كتب: «ليس كل ما عند الفرنساوية يُذمّ، كما أنه ليس كله يُمدح، والعاقل يأخذ ما ينفعه ويدع ما يضره». ثم جاء الإمام محمد عبده ومن باريس نفسها، بعد نصف قرن، وذلك في رسائله المضمنة مجلة «العروة الوثقى» حين التحق بأستاذه جمال الدين الأفغاني حيث كتب: «إن المدينة الأوروبية تقوم على أسس العلم والعمل، لا على الخرافة أو التقليد...»
لكن هذه الصورة تنقلب عند آخر خارط النموذج الفرنسي واختار نقده لا الانبهار به، إنه أحمد فارس الشدياق الذي كتب في «الساق على الساق فيما هو الفارياق- 1885م» من منفاه الباريسي كاشفاً عن تناقض أحوال مدينة الأنوار: «الفرنساويون لا يرون في الشرقي إلا رجلًا نصف إنسان، ولو لبس كل حريرهم وتكلم بكل لغاتهم». وذهب أبعد بقوله: «يعبدون الحرية في كلامهم، ثم يسحقونها في أفعالهم». وهكذا انقسم الوعي العربي باكراً أمام فرنسا إلى صورتين: الأولى مؤسّسة على الانبهار، والثانية مشروعة بالشك. وهو انقسام لم يكن جماليًا، بل سياسيًا كذلك. فالحقيقة أن تاريخ الموقف الفرنسي من القضية اتسم بمراحل مختلفة، وصل بعضها إلى النقيض من ذاته، ففي عام 1947م كانت فرنسا من أوائل من صوّت لصالح قرار تقسيم فلسطين تحت مبرر «الحل العادل»، ثم شاركت فرنسا سياسيًا وعسكريًا في العدوان الثلاثي. غير أنها وفي عهد ديجول، عادت إلى رشدها بعد ما جرى في حرب 1967م وتوسع الكيان في الأراضي العربية ما دفع أبو الجمهورية الخامسة أن يصرح في نوفمبر 1967م بأن: «إسرائيل أصبحت الآن دولة احتلال... وهي تخالف قرارات المجتمع الدولي»، ثم يأتي عقد الثمانينيات والذي سيشهد تصاعدًا لصوت الضمير لدى المفكرين الفرنسيين، وبحق كانت هذه الفترة اختباراً لصدق نسبهم الحضاري إلى عصر الأنوار، إذ ارتفعت في تلك المرحلة أصوات الفلاسفة والكُتّاب تأييدًا للحق الفلسطيني، في مواجهة صمت سياسة التواطؤ. ومن أبرز تجليات تلك المرحلة الحوار الذي جرى عام 1980م بين الفيلسوف جيل دولوز، والمفكر الفلسطيني إلياس صنبر، رئيس تحرير النسخة الفرنسية من مجلة دراسات فلسطينية، وهو الحوار الذي أحدث دوياً بسبب تصريحات دولوز والتي قارن فيها بين نموذجين من عمليات المحو الثقافي، فقد رأى بأن ثمة تشابه كبير بين ما جرى للهنود الحمر، وما يُمارس على الفلسطينيين، وفي ذلك مقولته بأن الفلسطيني الذي ظل في عقل النخبة الفرنسية مجرد «لاجئ» فإنه اليوم مقاوم لصالح قضية، وأن ما يتم بحقه محاولة لبناء أمة فوق أنقاض أخرى. ثم جاءت مذبحة صبرا وشاتيلا عام 1982 لتوقظ ضميرًا فرنسيًا آخر، هو الكاتب جان جينيه والذي لم يقوَ على الصمت أمام ما رآه من فظائع الموت، وبشاعة ما ارتُكب جراء الاجتياح الإسرائيلي للبنان، ليكتب مقالته الشهيرة «أربع ساعات في شاتيلا» وذلك بعد زيارته المخيم، وقد جاءت كلماته انحيازًا للإنسان، بوصفه كائنًا يستحق العدالة، وقد ضُمِنت مقالته هذه في الكتاب الذي صدر بعد وفاته 1986م تحت عنوان يمكن ترجمته بـ«العاشق الأسير»، كتب: «كنت أدوس الأجساد، دون أن أستطيع أن أتفاداها.. رأيت طفلًا قُطع رأسه، وقد وُضع الرأس في كيس بلاستيكي بجوار جسده.. أن تكون فلسطينيًا، هو أن تُغتال مرتين: مرة برصاصة، ومرة بالصمت». واحتوت هذه المقالة حواراً مع الذات بلغ أقصى درجات الإدانة، فالرجل وهو يتحرك بين جثث الأطفال والنساء قال: «لم أعد أرى بشرًا، بل أشلاء... كأن اللحم العربي وحده هو ما يجب أن يُسحق بلا حساب.. ثم يبلغ الموقف ذروته ليقول: «كنت هناك، ولم أصرخ. كنت شاهداً، لكن الكلمات في فمي كانت جثثًا أيضًا».. والحقيقة لم تعدم فرنسا أصوات الأحرار في لفت أنظار العالم لما يلاقيه الفلسطيني، فالفيلسوف ريجييه دوبريه يُعد أحد أبرز الأصوات في مواجهة عدوان الكيان، وإرهابه كان قد كتب في العام 2009م «لماذا لم أعد أؤيد إسرائيل؟!» والتي حاكم فيها بلاده وكشف عن تناقضها، فالموقف الفرنسي في نظره يعيش كآبة منطقية، وأنه لا يمكن لفرنسا أن تكون صديقة للعدالة وهي تتجاهل مأساة الفلسطينيين.
والسؤال أيضًا للسيد ماكرون: هل الاعتراف بدولة فلسطينية هو موقف أملاه استدعاء الضمير الفرنسي في مواجهة الظلم، والوقوف إلى جانب الضحية؟ وهل هي تحية لروح جيل دولوز، الذي رأى في المأساة الفلسطينية مرآةً حديثة لمصير الهنود الحمر، حيث تُكتب سردية المنتصر على أنقاض الضحية؟ وهل هي استعادة لصوت جان جينيه، ذلك الذي لم يستطع أن يصمت أمام بشاعة مذبحة صبرا وشاتيلا، فكتب شاهدًا بالكلمات التي صارت جثثًا؟ - ثم هل يتذكر الرئيس ماكرون أن ديجول قال ذات مرةً: «إن فرنسا لا تساير أحدًا حين يتعلّق الأمر بالكرامة والحرية».
غسان علي عثمان كاتب سوداني