الفساد في العراق.. معركة الإصلاح الصعبة
تاريخ النشر: 9th, February 2025 GMT
آخر تحديث: 9 فبراير 2025 - 1:33 م بقلم: د. مصطفى الصبيحي يُعَدُّ الفساد في العراق من أبرز التحديات التي تعرقل التنمية والاستقرار، حيث يُصنَّف ضمن الدول الأكثر فسادًا عالميًا، وفقًا لمؤشر مدركات الفساد الصادر عن منظمة الشفافية الدولية لعام 2022، حيث احتل المرتبة 157 من أصل 180 دولة. يعكس هذا التصنيف مدى تفشي الفساد في مختلف مؤسسات الدولة، ويكشف عن ضعف المنظومة الرقابية والشفافية، إلى جانب استغلال المناصب لتحقيق مكاسب شخصية على حساب المصلحة العامة.
يرتبط الفساد في العراق بعدة أسباب رئيسية، يأتي في مقدمتها نظام المحاصصة السياسية الذي يقوم على توزيع المناصب الحكومية وفقًا للانتماءات الحزبية والطائفية بدلًا من الكفاءة، وهو ما أدى إلى تعيين مسؤولين غير مؤهلين واستغلال السلطة لتحقيق مصالح فئوية ضيقة. كما أن ضعف الأجهزة الرقابية يمثل عاملًا رئيسيًا في استمرار الفساد، حيث تعاني هذه المؤسسات من نقص في الاستقلالية والموارد، مما يجعلها غير قادرة على ملاحقة الفاسدين بفعالية. إضافة إلى ذلك، فإن غياب الشفافية في العمليات الحكومية يسهم في تسهيل الممارسات الفاسدة، حيث يتم إخفاء المعلومات المتعلقة بالإنفاق العام والعقود الحكومية، مما يمنح الفاسدين فرصة للعبث بالمال العام دون رقابة حقيقية. لمواجهة هذه الظاهرة، اتخذت الحكومة العراقية عدة إجراءات لمكافحة الفساد، من بينها تأسيس هيئة النزاهة التي تُعنى بالتحقيق في قضايا الفساد وملاحقة المسؤولين المتورطين. كما تم إطلاق الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد التي تهدف إلى تعزيز الشفافية والمساءلة داخل مؤسسات الدولة، إلى جانب التعاون مع منظمات دولية مثل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لدعم العراق في تطوير قدراته الرقابية وتعزيز القوانين الرادعة. ومع ذلك، لا تزال هذه الجهود تواجه تحديات كبيرة، أبرزها التدخلات السياسية التي تعيق عمل الأجهزة الرقابية والقضائية، وضعف التنفيذ الفعلي للإجراءات التي تم الإعلان عنها. لضمان مكافحة أكثر فاعلية للفساد، يتطلب الأمر تعزيز استقلالية القضاء وتحصينه من التدخلات السياسية حتى يتمكن من محاسبة الفاسدين دون قيود أو ضغوط. كما ينبغي تفعيل دور المجتمع المدني في مراقبة الأداء الحكومي والكشف عن الممارسات الفاسدة، وذلك من خلال تمكين الصحافة الحرة ودعم المنظمات غير الحكومية المهتمة بالشفافية والمساءلة. إضافة إلى ذلك، فإن تعزيز الشفافية من خلال نشر البيانات المالية المتعلقة بالإنفاق الحكومي والمناقصات والعقود العامة من شأنه أن يمنح المواطنين فرصة أكبر لمراقبة الأداء الحكومي والمساهمة في محاربة الفساد. كما يعد إصلاح نظام المحاصصة السياسية ضرورة ملحة، حيث يتطلب الأمر تبني آليات تعيين قائمة على الكفاءة والنزاهة بدلًا من المحاصصة الحزبية والطائفية التي ساهمت في ترسيخ الفساد داخل مؤسسات الدولة. رغم الجهود المبذولة، لا يزال الفساد يشكل تحديًا كبيرًا يهدد استقرار العراق ويعيق تقدمه. القضاء على هذه الظاهرة يتطلب إرادة سياسية قوية وإصلاحات هيكلية جذرية تضمن تعزيز الشفافية والمساءلة، إضافة إلى تفعيل دور المؤسسات الرقابية والقضائية دون أي تدخلات سياسية. إن بناء دولة خالية من الفساد يتطلب تعاونًا جادًا بين الحكومة والمجتمع المدني والمؤسسات الدولية، كما يحتاج إلى سياسات واضحة تضمن تنفيذ القوانين بصرامة وتحقيق العدالة لجميع المواطنين.
المصدر: شبكة اخبار العراق
كلمات دلالية: الفساد فی
إقرأ أيضاً:
افتتاح مركز تقييم الكفايات لتعزيز الشفافية والعدالة في التوظيف الحكومي
صراحة نيوز ـ مندوبًا عن رئيس الوزراء، افتتح وزير الدولة لتطوير القطاع العام، خير أبو صعيليك، اليوم الخميس، مركز تقييم الكفايات التابع لهيئة الخدمة والإدارة العامة، وذلك بالتزامن مع احتفالات المملكة بعيد الاستقلال الـ79.
ويُجسد افتتاح المركز التزام الحكومة بتطبيق مضامين خارطة تحديث القطاع العام واستراتيجية الموارد البشرية (2023–2027)، من خلال تعزيز الكفاءة والعدالة في إدارة الموارد البشرية في القطاع الحكومي.
ويُعد المركز نقلة نوعية في تطوير أداء القطاع العام، إذ يعتمد على تقييم شامل للمرشحين باستخدام أدوات علمية متقدمة، تشمل اختبارات معرفية ونفسية ومقابلات منظمة وتمارين جماعية، بهدف دعم قرارات التعيين والترقية بناء على الكفاءة والجدارة.
وأكد الوزير أبو صعيليك خلال الافتتاح، أن “رأس المال البشري هو المحرك الرئيسي لتحديث الإدارة العامة”، مشددًا على أهمية المركز كمرجعية وطنية لتقييم القدرات البشرية وفق أفضل الممارسات العالمية.
من جهته، أوضح رئيس هيئة الخدمة والإدارة العامة، المهندس فايز النهار، أن المركز يتمتع ببنية تحتية رقمية متطورة قادرة على استقبال أكثر من 2000 مرشح يوميًا، مع جاهزية تقنية متقدمة تضمن دقة التقييم وشفافيته، ومراعاة احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة.
وتخللت الجولة استعراض مرافق المركز، التي تشمل قاعات الاختبارات والمقابلات الشخصية وغرفة تحكم مركزية ومنظومة مراقبة رقمية متكاملة، إلى جانب شرح مفصل من كوادر المركز حول آليات تطوير أدوات التقييم وتحليل النتائج.
ويُعد المركز خطوة أساسية نحو ترسيخ مبدأ الجدارة وتكافؤ الفرص في التوظيف الحكومي، ما يسهم في رفع كفاءة الأداء المؤسسي وتحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.