مجلة "تراث" ترصد حضور الفخار في الأمثال والأهازيج والحكايات الشعبية الإماراتية
تاريخ النشر: 10th, February 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
صدر حديثاً في العاصمة الإماراتية أبوظبي، العدد (304) لشهر فبراير 2025، من مجلة "تراث" التي تصدرها هيئة ابو ظبي للتراث، وتعني بملفات التراث وقضاياه إماراتياً وعربياً ودولياً.
وتصدّر العدد ملفاً بعنوان: " الفخار في الإمارات: رحلة عبر التاريخ والثقافة"، تضمن اثنى عشر مشاركة ما بين دراسة ومقال بأقلام نخبة من الباحثين والكتاب الإماراتيين والعرب.
وفي افتتاحية العدد أكدت رئيسة التحرير شمسة الظاهري، أهمية صناعة الفخار كجزء لا يتجزأ من الهوية الثقافية لدولة الإمارات. وأشارت إلى أن الدولة تبذل جهوداً كبيرة للحفاظ على هذا الإرث العريق من خلال دعم الحرفيين وتشجيع الشباب على تعلم هذه الحرفة.
وأضافت "الظاهري" بأن الدولة تقوم بتنظيم معارض سنوية تعرض فيها الأعمال الفخارية، لتسليط الضوء على الإبداع المحلي وفتح المجال أمام المصممين والمبدعين للاستفادة من الإرث التقليدي في ابتكار تصاميم حديثة تمزج بين الأصالة والمعاصرة.
واوضحت أن الفخار حاضر بقوة في الأدب الشعبي الإماراتي، حيث يستلهم الشعراء من أدوات الفخار رموزاً للكرم والأصالة. وتناولت الحكايات الشعبية قصص الحرفيين المهرة، معبرة عن تقدير المجتمع لهذه الحرفة، ولفتت إلى أن الفخار يستخدم في الأمثال الإماراتية كدلالة على كيفية انعكاس شخصية الإنسان من خلال أعماله.
وفي ختام حديثها، أكدت شمسة الظاهري، على أن الجهات المختصة في الدولة تعمل على توثيق هذه الحرفة في السجلات الوطنية للتراث غير المادي، بهدف حفظ تفاصيلها الدقيقة وأساليبها التقليدية، وضمان انتقالها بسلاسة إلى الأجيال القادمة، ونوّهت إلى أن هذه الصناعة ليست مجرد حرفة، بل هي قصة تاريخية تعكس الإبداع الفني والثقافي للمجتمع.
سمات حضارية
وفي ملف العدد: نقرأ لخالد صالح ملكاوي "الفخار الإماراتي والسمات الحضارية عبر العصور"، وتكتب نجلاء الزعابي:"صناعة الفخار في الإمارات: حرفة تجسد الدهشة البصرية والبراعة الحرفية"، وتُسلط لولوة المنصوري الضوء على:"أفران الفخار في رأس الخيمة"، وتُناقشالدكتورة وضحى حمدان الغريبي عن: "الهوية الثقافية وأثرها على الخزافين الإماراتيين"، وجاءت مشاركة اماني ابراهيم ياسين بعنوان :"بلاطة القصيدة من تايلر جريجيسون إلى عمر بن ربيعة "الفخار الشعري..ثنائية تنطق بالفن والإبداع"، فيما توقف الأمير كمال فرج عند صورة الفخار في الشعر، وفي ذات السياق جاء مقال عادل نيل "الفخار وتشكيل الصورة الشعرية في بناء المعنى الإنساني"، واستعرضت عائشة الغيص:" حضور منتجات الفخار الإماراتي في التداولات الشعبية: الشعر والأمثال والأهازيج".
وفي الملف أيضاً: يكتب أحمد حسين حميدان عن: "الصناعة الفخارية الحاضرة من تربتها التراثية حتى اليوم"، وتُسلط مريم علي الزعابي الضوء على "المنتجات الفخارية الإماراتية إبداع وظيفي وجمال تراثي"، ونُطالع لمحمد نجيب قدوره:"الفخاريات في الإمارات صناعة الهوية والوجود"، ونقرأ لمروان محمد الفلاسي:"الفخار الإماراتي..مهارة وفن تعبيري عبر التاريخ".
الحكايات الشعبية
وفي موضوعات العدد: يستكمل محمد فاتح صالح زغل سلسلة مقالاته "بيدار اللهجة الإماراتية فيما طابق الفصيح"، ويواصل عبدالفتاح صبري حديثه عن: "الباب والنافذة.. أية علاقة"، وتقدم لنا نايلة الأحبابي قصيدة بعنوان"القضا" للشاعر سعيد بن راشد بن عتيج الهاملي، وتنشر المجلة قصيدة للدكتور شهاب غانم قصيدة جديدة بعنوان "سحر"، ونتابع لقتيبة أحمد المقطرن "معالم الحياة الاجتماعية والاقتصادية في شعر الإمارات قبل عصر النفط"، ويستعرض لنا خالد عمر بن ققه، كتاب "الحكاية الشعبية في الأدب الإماراتي"، ونعود لمحمد فاتح صالح زغل، في مقال بعنوان "من ذاكرة الطين: أسرار قلعة الغانكة العسكرية"، وتُسجل أماني محمد ناصر:"حياة البحر ومصطلحاتها كما يرويها البحار الإماراتي محمد عبد الله النقبي"
تخوم جَرَامْشِي العابرة
وفي موضوعات العدد أيضا: يكتب علي تهامي عن:"تُخوِّمُ جَرَامْشِي العَابِرَةُ: ترحال دائم وأحداث غريبة بين الجغرافيا والتاريخ"، وتُضيىء مريم النقبي على سيرة:"الشاعرة بشاير المقبل التميمي" وإسهاماته في إثراء الشعر العربي. وفي الصفحة الأخيرة تحكي لما عائشة علي الغيص عن :"مسعودة أطيب الخبر من غير منشودة".
يُذكر أن مجلة "تراث" هي مجلة تراثية ثقافية منوعة، تصدر عن هيئة أبوظبي للتراث، وترأس تحريرها شمسة حمد العبد الظاهري، والإشراف العام لفاطمة مسعود المنصوري، وموزة عويص وعلي الدرعي. والتصميم والتنفيذ لغادة حجاج، وشؤون الكتاب لسهى فرج خير، والتصوير لمصطفى شعبان.
وتُعد المجلة منصة إعلامية تختص بإبراز جماليات التراث الإماراتي والعربي الإسلامي، في إطار سعيها لأن تكون نزهة بصرية وفكرية، تلتقط من حدائق التراث الغنّاء ما يليق بمصافحة عيون القراء وعقولهم.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الإماراتيين الإماراتية الهوية الثقافية العاصمة الإماراتية أبوظبي الوطن دولة الامارات منتجات الفخار الفخار فی
إقرأ أيضاً:
خناجر الفضة .. تراث يلمع رغم غبار التحديات
رغم التحديات الاقتصادية وارتفاع أسعار المواد الخام، لا يزال الخنجر العُماني يحتفظ بمكانته في قلوب العمانيين، بوصفه رمزًا للهوية ومدعاة للاعتزاز والفخر، وتُظهر آراء عدد من أصحاب المتاجر والحرفيين المختصين أن وسائل التواصل الاجتماعي أسهمت في تعزيز الإقبال على اقتناء هذا الرمز التقليدي، خاصة في موسم الأعياد، فيما تظل العقبات ماثلة في طريق استدامة هذه الحرفة الأصيلة.
قال حمير بن حمد العمري، مالك متجر "كنوز حرفية": إن الإقبال على الخناجر والفضيات خلال هذا العام كان أفضل مقارنة بالسنوات الماضية، مشيرًا إلى أن الإقبال كان أقل بقليل فقط مقارنة بفترة عيد الفطر، وأرجع هذا التحسن الملحوظ إلى التأثير الإيجابي لوسائل التواصل الاجتماعي، التي ساهمت في تعزيز حب الشباب للزي العُماني التقليدي وزيادة الاهتمام بالخناجر.
وأوضح العمري أن أكثر المنتجات طلبًا هي الخناجر، خصوصًا "الخنجر السعيدي"، التي تُفضَّل لكونها جذابة الشكل وسعرها متوسط ومناسب، مشيرًا إلى أن أسعار الخناجر تختلف حسب نوع المواد المستخدمة، حيث تتصدر خناجر "زراف الإفريقي (وحيد القرن)"، تليها خناجر "عاج الفيل" بسعر 700 ريال عماني، ثم الجاموس الهندي بسعر 500 ريال عماني، والصندل الأصلي بـ400 ريال عماني، والعتم العماني بـ380 ريالًا عمانيًا، بينما تتراوح أسعار الخناجر المصنوعة من الأخشاب الأخرى والفايبر حوالي 250 ريالًا عمانيًا، وأرخصها للأطفال فوق سن الثامنة وتبدأ من 70 ريالًا فقط.
وأشار العمري إلى أن الأوضاع الاقتصادية أثرت سلبًا على حجم المبيعات، بسبب ارتفاع أسعار الفضة عالميًا منذ أكتوبر 2023 بسبب الأوضاع الجيوسياسية ، فضلًا عن شح المواد الخام نتيجة عدم وجود مصفاة محلية للذهب والفضة والاعتماد الكامل على الاستيراد.
وتحدث العمري عن تحديات أخرى تواجه هذا القطاع، من بينها ارتفاع أسعار الفضة وصعوبة توفيرها، بالإضافة إلى قلة الحرفيين والنقاشين المتخصصين؛ لأن العمل في هذا المجال يتطلب جهدًا كبيرًا مقابل منفعة مادية بسيطة.
ويرفض العمري إدخال التصاميم الحديثة في منتجاته، مفضِّلًا النقوش التقليدية الأصيلة، مشيرًا إلى أنه محافظ للهوية الوطنية العُمانية، فجميع أعماله تحمل النقوش التقليدية المعروفة، وهناك إقبال جيد على هذا النوع من الخناجر.
وقال خلفان بن سالم الحبسي، صاحب متجر "الحبسي للخناجر والفضيات" أن حركة الإقبال على شراء وصيانة الخناجر في عام 2025 كانت أفضل خلال شهر رمضان وقبيل عيد الفطر، مقارنة بعيد الأضحى، وأوضح الحبسي أن مبيعات الخناجر تشهد ذروتها في شهر رمضان من كل عام، موضحًا أن هذا النوع من المنتجات ليس استهلاكيًا، وإنما من المقتنيات الدائمة، ما يجعل الطلب عليها موسميًا ومحدودًا في بعض الفترات.
تحديات صياغة الخناجر
وبيّن الحبسي أن أكثر المنتجات طلبًا خلال هذه الفترة هي الخناجر، سواء للشراء أو الصيانة، بالإضافة إلى العصي العُمانية التقليدية، مشيرًا إلى أن أعلى سعر خنجر معروض حاليًا في متجره يصل إلى 980 ريالًا عمانيًا، ويعود السبب في ذلك إلى جودة المادة المستخدمة، حيث يتكون رأس الخنجر من قرن الجاموس، وتختلف الأسعار تبعًا لكمية الفضة ونوع الصناعة والملحقات المصاحبة للخنجر، مثل الحزام الفضي الذي تتفاوت جودته بين الدرجة الممتازة والأولى والثانية.
وأشار الحبسي إلى أن الأوضاع الاقتصادية الراهنة أثرت سلبًا على المبيعات، حيث أصبح الإقبال أقل مقارنة بالسابق، وأرجع ذلك إلى ارتفاع أسعار الفضة بنسبة تصل إلى 70% خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، الأمر الذي انعكس بشكل مباشر على أسعار الخناجر وقلل من قدرة البعض على الشراء.
وأشار إلى أن من أبرز التحديات التي يواجهها قطاع صياغة الخناجر العُمانية حاليًا هي قلة الحرفيين المهرة، وارتفاع أسعار المواد الخام، خصوصًا الفضة، مؤكدًا أن هذه العوامل تساهم في رفع تكاليف الإنتاج.
وبين الحبسي أن متجره حرص على تقديم عروض وتخفيضات خاصة قبل العيد واستمرت حتى ما بعده، لتناسب مختلف الفئات، حيث تتراوح الأسعار من 100 ريال عماني إلى 900 ريال عماني، حسب جودة المواد والمكونات، مشيرًا إلى أن الزبون بإمكانه أن يختار خنجرًا بسعر 200 ريال عماني أو 800 ريال عماني، والفارق يكون في نوعية الفضة المستخدمة، وملحقات الخنجر، والصناعة الدقيقة.
وأكد الحبسي على أهمية الحفاظ على هذه الحرفة التقليدية، رغم التحديات التي تواجهها، مؤكدًا أن الخنجر العُماني سيظل رمزًا للهوية والكرامة والشموخ في الثقافة العُمانية.
الصيانة
وأشار جاسم بن محمد البلوشي، مالك متجر "جاسم البلوشي لصياغة الذهب والفضة"، إلى أن مهنته قائمة على إعادة تجديد وصيانة الخناجر العُمانية، وهي حرفة متجذرة توارثها عن والده وأجداده منذ الصغر، مؤكدًا أن هذه الحرفة اليدوية تحتاج إلى مهارة ودقة عالية للحفاظ على أصالة القطع التراثية الموجودة على الخنجر العُماني، الذي يمثل شعارًا لسلطنة عمان.
وأوضح البلوشي أن عملية الصيانة تمر بمراحل عدة تبدأ بالفحص المبدئي لتقييم حالة الخنجر وتحديد مدى حاجته للصيانة، مشيرًا إلى أن بعض الخناجر تحتاج إلى تلميع بسيط فقط، في حين يتطلب البعض الآخر منها أعمالًا أكثر تعقيدًا تشمل إصلاح الأجزاء الفضية أو استبدالها.
وبيّن البلوشي أن تقييم تكلفة الصيانة يتم بناءً على عدة عوامل، أبرزها كمية الفضة المستخدمة، وحجم العمل المطلوب، والوقت المتوقع لإنجاز المهمة، موضحًا أن مدة الصيانة قد تتراوح بين يوم إلى يومين للتلميع البسيط، وقد تمتد إلى أسبوع أو أسبوعين في حال الحاجة إلى أعمال ترميم شاملة أو في حال تأخر توفر المواد.
وأوضح البلوشي أن العمل يعتمد على أدوات تقليدية متعددة مثل المطارق بمقاسات مختلفة، والسندان، والمقص الخاص بالفضة، ومشعل النار، ولوازم لحام الفضة، بالإضافة إلى إبر دقيقة خاصة بصياغة الفضة، موضحا أن دقة العمل تتطلب أدوات متخصصة وعناية فنية عالية.
وقال البلوشي أن فترة ما قبل الأعياد لديه تشهد عادة ضغطًا كبيرًا في العمل، بسبب استعداد الزبائن للمناسبات، خاصة في عيد الفطر وعيد الأضحى والمناسبات الوطنية، بينما يقل الضغط في الأيام العادية، موضحًا أن أكثر ما يطلبه الزبائن قبيل عيد الأضحى غالبًا هو تلميع الخناجر، وليس الإصلاح، نظرًا لأن الاستخدام الفعلي للخنجر في الحياة اليومية قليل، مما يقلل الأعطال، لكن التلميع يبقى مطلوبًا سواء تم استخدام الخنجر أم لا.
أفاد البلوشي أن الخناجر التراثية تتطلب عناية خاصة جدًا أثناء الصيانة والتلميع؛ لتفادي إلحاق الضرر بها أو إحداث خدوش؛ لأنها قطع نادرة تحمل قيمة تاريخية، بينما الخناجر الحديثة تتحمل تعاملًا أقوى لأنها جديدة وقوية بطبيعتها.
وعبّر البلوشي عن أسفه لقلة إقبال الشباب على تعلم هذه المهنة، رغم أهميتها الثقافية والاقتصادية، مؤكدًا أن من أبرز التحديات التي يواجهها القطاع حاليًا هي قلة الطلب، وصعوبة توفير المواد الخام، إضافة إلى ندرة الأيدي العاملة العُمانية، وتمنى البلوشي أن تكون الأيدي العاملة في هذا القطاع عُمانية 100%، وغير مشجع للاستعانة بالأيدي الخارجية.
وعن رؤيته لمستقبل هذه الحرفة، تفاءل البلوشي، فبين فترة وأخرى يلاحظ اهتمامًا متجددًا من الشباب بالتراث العُماني، وهذا يعطيني الأمل أن الحرفة ستبقى حيّة.
ودعا البلوشي الجهات المعنية إلى تقديم الدعم من خلال ثلاث محاور أساسية متمثلة في تنظيم الدورات التدريبية لتعليم المهارات الفنية، وتقديم الدعم الحكومي للحرفيين من خلال مبادرات واستراتيجيات، وتعزيز التسويق المحلي والدولي للخناجر العُمانية، مؤكدًا أن هذه الجوانب الثلاثة ضرورية جدًا إذا أردنا أن نحافظ على الحرفة وننقلها للأجيال القادمة.