الناتو يقايض أوكرانيا
من حيث أراد أو لم يرد أرسل الناتو رسالة واضحة بأن الكثير من رهاناته في هذه الحرب تعثرت، بل وسقطت.
تصريح مسؤول الناتو أثار غضباً شديداً في كييف، المستاءة أصلاً من تردد الغرب في ضمّها إلى الناتو رغم إلحاحها المتزايد على ذلك.
المدهش أن هذا الاقتراح أتى على لسان مسؤول كبير في «الناتو» الذي يسخر كل إمكانياته وقدراته في الدعم متعدد الأوجه لأوكرانيا في الحرب مع روسيا.
الاقتراح ليس من بنات أفكار فرد بل خُلاصة مناقشات في أوساط الناتو لإنهاء الحرب التي لم ترهق روسيا وأوكرانيا وحدهما، وإنما أرهقت واستنزفت كل دول الناتو.
"ناقش أعضاء الحلف كيفية إنهاء حرب أوكرانيا المستمرة منذ 18 شهراً وأن الحل يمكن أن يكون بتخلي أوكرانيا عن (بعض) أراضيها وحصولها بالمقابل على عضوية الناتو"!
* * *
سيكون مفهوماً، وربما منطقياً أيضاً، لو أن الاقتراح بأن تتخلى أوكرانيا عن جزء من أراضيها لروسيا مقابل حصولها على عضوية الحلف وإنهاء الحرب، أتى، مثلاً، على لسان نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، ديمتري ميدفيديف.
وهو الذي جعل من حسابه على «تليغرام» منصة لإرسال رسائل تصعيدية لكييف وللغرب، لا ترى موسكو أن تأتي على لسان بوتين شخصياً أو وزيري الدفاع والخارجية، ولكنها، مع ذلك، ترغب في قولها، على لسان ميدفيديف.
لكن المدهش أن هذا الاقتراح أتى على لسان مسؤول كبير في «الناتو» الذي يسخر كل إمكانياته وقدراته في الدعم متعدد الأوجه لأوكرانيا في الحرب مع روسيا.
مسؤول الناتو الكبير الذي أدلى بالتصريح، والذي لا ينطق عن الهوى، هو ستيان يينسين رئيس مكتب الأمين العام للناتو، خلال مشاركته في فعالية بالنرويج، قبل أيام.
فقد أشار إلى أن أعضاء الحلف يناقشون حالياً كيفية إنهاء الحرب في أوكرانيا المستمرة منذ 18 شهراً، وأن الحل يمكن أن يكون بتخلي أوكرانيا عن (بعض) أراضيها وحصولها بالمقابل على عضوية الناتو!
وهو بهذا يؤكد أن الاقتراح ليس من بنات أفكاره، وإنما هو إحدى خُلاصات مناقشات جارية في أروقة الناتو لإنهاء الحرب، التي لم ترهق روسيا وأوكرانيا وحدهما، وإنما أرهقت كل دول الناتو، واستنزفت من قدراتها الكثير.
على عادة ميدفيديف في رسائله التصعيدية الموجهة إلى الغرب، قال وهو يلتقط هذا الاقتراح، إنه يتعين على أوكرانيا أن تتخلى عن العاصمة كييف نفسها كي تنضم إلى الناتو!
وهو تصريح لا يُخفي على أية حال أن موسكو تجد في اقتراح مسؤول الناتو علامة على يأس الغرب من إمكانية قلب ميزان القوى في الحرب، وإدراكه التعثر الكبير الذي بلغه، حتى اللحظة على الأقل، ما عرف بالهجوم الأوكراني المضاد المدعوم بترسانة متطورة وفعالة من أحدث الأسلحة الغربية لاستعادة الأراضي التي بسطت روسيا سيطرتها عليها.
طبيعي أن تصريح مسؤول الناتو أثار غضباً شديداً في كييف، المستاءة أصلاً من تردد الغرب في ضمّها إلى الناتو رغم إلحاحها المتزايد على ذلك.
وقال ميخايلو بودولاك، كبير مستشاري الرئيس الأوكراني، إن «مبادلة الأراضي بمظلة الناتو تعدّ أمراً مثيراً للسخرية»، مضيفاً أن «هذا يعني اختيار هزيمة الديمقراطية عمداً، والحفاظ على النظام في موسكو، وتدمير القانون الدولي ونقل الحرب إلى أجيال أخرى».
من حيث أراد أو لم يرد أرسل الناتو رسالة واضحة بأن الكثير من رهاناته في هذه الحرب تعثرت، بل وسقطت.
*د. حسن مدن كاتب صحفي من البحرين
المصدر | الخليجالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: الناتو الغرب روسيا أوكرانيا ميدفيديف حرب أوكرانيا الهجوم الأوكراني المضاد مسؤول الناتو على لسان
إقرأ أيضاً:
الناتو يعزز الجبهة الشرقية ويدعم برنامجا لتزويد أوكرانيا بالسلاح
اتفق وزراء دفاع حلف شمال الأطلسي (الناتو) خلال اجتماعهم أمس الأربعاء في بروكسل على تعزيز كفاءة الحلف في الجبهة الشرقية، وإمداد أوكرانيا بأسلحة أميركية بتمويل أوروبي.
وقال الأمين العام لحلف الناتو مارك روته إن الحلف سيعزز قدراته الحالية وسيطورها لمواجهة تهديدات الطائرات المسيرة التي ازدادت في الآونة الأخيرة.
وبشأن أوكرانيا، أكد روته، على هامش اجتماع وزراء دفاع الناتو في بروكسل، أن الحلفاء الأوروبيين سيمولون مزيدا من شحنات الأسلحة الأميركية لأوكرانيا، في إطار الجهود المستمرة لدعم كييف.
وأضاف أن بعض الدول تعهدت بالفعل بتقديم ملياري يورو عبر ما يطلق عليه "مبادرة قائمة المتطلبات الأوكرانية ذات الأولوية (بورل)" التي تم إطلاقها في أغسطس/آب الماضي.
وتهدف مبادرة "بورل" إلى توفير ذخيرة أميركية الصنع وأسلحة يشتريها الحلفاء الأوروبيون وكندا ثم يسلمونها لأوكرانيا.
من جانبه، قال وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس إن بلاده ستنشر مقاتلات من طراز "يورو فايتر" في قاعدة "مالبورك" العسكرية البولندية لحماية الجناح الشرقي للحلف.
في السياق نفسه قال وزير الدفاع الروماني أنجيل تيلفار للجزيرة إن الجناح الشرقي لحلف الناتو يواجه العديد من الاستفزازات من قبل الجانب الروسي.
وأكد أن الحلف تحرك بسرعة لتعزيز الأمن عبر بعثات وأنظمة مضادة للطائرات المسيرة، وقيادة موحدة. كما أشار إلى أن بلاده غيرت من قوانينها للرد السريع على أي استفزازات مستقبلية.
تعجل أوكراني ورفض روسي
من جانبه، قال وزير الدفاع الأوكراني دينيس شميهال إن معظم صواريخ وأنظمة الدفاع الجوي الأوروبية يتم الحصول عليها من الولايات المتحدة، ولذلك لا خيار سوى العمل عبر برنامج بورل.
وأكد شميهال أن بلاده تستعد لـ"شتاء قاسٍ وصعب للغاية"، وأن أوروبا من خلال تمويل الأسلحة والمعدات الأميركية في إطار برنامج بورل تضمن بقاء أوكرانيا على قيد الحياة.
إعلانولفت إلى أن أوكرانيا تركّز على الطائرات المسيّرة الاعتراضية، والطائرات المسيّرة من نوع "إف بي في"، والذخائر المدفعية بعيدة المدى.
كما دعا شميهال، شركاء أوكرانيا إلى مراجعة مخزوناتهم استعدادا لمثل هذه الظروف، وذكر أنه قدم للدول المعنية إحاطة عن الوضع الميداني على الجبهة، وأن الاجتماع كان ناجحا للغاية.
في المقابل قالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا إن موسكو ترفض بشكل قاطع الاتهامات بالتورط في حوادث الطائرات المسيرة في أوروبا.
وأضافت زاخاروفا في مؤتمر صحفي أن اللجوء إلى التهديدات الإرهابية أو التحدث مع روسيا من موقع قوة غير مقبول.
واتهمت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ما سمته بـ"نظام كييف" بأنه لا يخفي استعداده لشن هجمات "إرهابية" ضد روسيا، في إشارة إلى احتمال حصول أوكرانيا على صواريخ توماهوك، معتبرة دعم مسؤولة العلاقات الخارجية بالاتحاد الأوروبي لنقل صواريخ توماهوك إلى أوكرانيا دليلا على غياب الرغبة في السلام لدى الغرب.
وتشن روسيا هجوما عسكريا على جارتها أوكرانيا منذ 24 فبراير/ شباط 2022، وتشترط لإنهائه تخلي كييف عن الانضمام لكيانات عسكرية غربية، وترى كييف في هذا الشرط تدخلا في شؤونها.