مدبولي: الحكومة تعمل على زيادة معدلات الاستثمار بمجال الرعاية الصحية
تاريخ النشر: 10th, February 2025 GMT
أكد الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، أن الحكومة تعمل على زيادة معدلات الاستثمار في مجال الرعاية الصحية لتقديم الخدمات الصحية، وتوسيع أوجه الشراكة مع القطاع الخاص في هذا الشأن، بما يؤدي إلى تحسين جودة الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين وفق المعايير العالمية الصحية، خاصةً ما يتعلق بتطوير عدد من المستشفيات الرئيسية بجميع المحافظات.
جاء ذلك خلال اجتماع الدكتور مصطفى مدبولي، اليوم الإثنين، مع الدكتور خالد عبد الغفار نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية البشرية وزير الصحة والسكان، لمتابعة الموقف التنفيذي لعدد من مشروعات الوزارة، وذلك بحضور الدكتور محمد الطيب نائب وزير الصحة والسكان للحوكمة والرقابة والمتابعة والتطوير المؤسسي.
وأشار رئيس الوزراء، إلى أن قطاع الصحة يحظى باهتمام كبير من الدولة المصرية باعتبار أن الحصول على الرعاية الصحية حق أساسي لكل مواطن، لافتا إلى أن الدولة لا تدخر جهداً لتفعيل التغطية الصحية الشاملة، لتشمل جميع المواطنين على مستوى الجمهورية.
وخلال اللقاء، قدم الدكتور خالد عبد الغفار، عرضًا تناول خلاله عددًا من محاور العمل وكذلك الموقف التنفيذي للمشروعات القومية بوزارة الصحة والسكان، فضلا عن موقف تطوير ورفع كفاءة المنشآت والخدمات الطبية بمختلف المحافظات، بجانب مستجدات استراتيجية التحول الرقمي بالقطاع الصحي.
واستهل نائب رئيس مجلس الوزراء عرضه بالموقف التنفيذي للمشروعات القومية بوزارة الصحة والسكان، موضحا أن هناك 1254 مشروعا موزعة على أقاليم الجمهورية خلال الفترة من 2014 إلى 2025، ومستعرضًا مشروعات البنية التحتية بالقطاع الصحي والتي تضم 20 مستشفى يتم الانتهاء منها بنهاية العام المالي 2024 /2025 بإجمالي 2649 سريرًا وعلى مستوى 11 محافظة، وقد بلغ التنفيذ نسب متقدمة للغاية تُشكل 100% لعدد 11 مستشفى، وما بين 90 - 99% لـ 5 مستشفيات، وما بين 80 - 89% لـ 4 مستشفيات.
وفي إطار استعراضه لمشروعات البنية التحتية أيضًا، نوه الوزير إلى موقف تنفيذ المستشفيات المتوقع الانتهاء منها في العام المالي (2025 - 2026) مشيرا إلى أنها تشمل 55 مشروعًا بعدد 11001 سرير لمختلف التخصصات الطبية والعلاجية، على مستوى 24 محافظة، وقد بلغت معدلات التنفيذ نسب متقدمة لعدد كبير منها.
وانتقل الدكتور خالد عبد الغفار لاستعراض مشروعات البنية التحتية بالقطاع الصحي بمحافظة القاهرة والموقف التنفيذي لها، ومنها مشروع تطوير مدينة النيل الطبية "معهد ناصر" الذي يتم على مساحة 37 فدانا، ومشروع مستشفى النيل للأطفال والخدمات الطبية المقرر تقديمها بها وتشمل مختلف التخصصات، بالإضافة إلى مشروع الإدارة المركزية للمعامل بمدينة بدر والذي بلغ نسب تنفيذ متقدمة، وكذا مشروع تطوير مستشفى أورام دار السلام "هرمل" ومشروع مستشفى هليوبوليس الجديدة "الهيئة العامة للتأمين الصحي" ومشروع مستشفى التأمين الصحي 2 بالعاصمة الإدارية الجديدة.
كما نوّه الدكتور خالد عبد الغفار، في الشأن ذاته، إلى مشروع إنشاء مدينة العاصمة الطبية للمستشفيات والمعاهد التعليمية للبحوث والتدريب الذي يُقام على مساحة 230 فدانا ويضم عدد أسرّة 4223 سريرا ويشمل معاهد متنوعة التخصصات، فضلا عن مشروع الجامعة الأهلية لعلوم الطب والتكنولوجيا الطبية.
وفي سياق متصل، استعرض نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية البشرية مشروعات البنية التحتية بالقطاع الصحي بالمحافظات الأخرى ومعدلات التنفيذ الخاصة بها، ومنها مشروعات محافظة الجيزة، وتضم مستشفى بولاق الدكرور، والتي بلغت نسب تنفيذها 84%، ومستشفى أم المصريين، فضلا عن مشروعات محافظة القليوبية، ووصلت معدلات التنفيذ بها إلى 92% وكذا مشروعات محافظتي كفر الشيخ، ودمياط، ومشروعات محافظة الإسماعيلية التي تضم 3 مستشفيات تم الانتهاء من تنفيذ اثنين ومنها وبلغ المشروع الثالث نسب متقدمة. وكذا مشروعات محافظة السويس، والدقهلية، والبحيرة، والشرقية.
ونوه الوزير إلى أن مشروعات المستشفيات بمحافظات الغربية وأسيوط والمنيا بلغت نسب متقدمة للغاية واقترب بعضها من الانتهاء.
وفيما يتعلق بمشروعات البنية التحتية بالقطاع الصحي بمحافظة سوهاج، أشار الدكتور خالد عبد الغفار إلى أن المحافظة تشهد عددا من المشروعات الجاري تنفيذها تتمثل في 3 مستشفيات بمعدلات إنجاز متقدمة.
كما تطرق الوزير إلى الحديث عن مشروعات البنية التحتية بالقطاع الصحي بمحافظة أسوان، حيث تم الانتهاء من كل من مستشفى السباعية، ومستشفى كوم أمبو بنسبة 100%، ومستشفى نصر النوبة بنسبة 99%، مشيرا إلى أن مشروعات البنية التحتية بالقطاع الصحي بمحافظة الأقصر تشمل مستشفيين بنسبة تنفيذ متقدمة للغاية، بينما تتضمن مشروعات البنية التحتية بالقطاع الصحي بمحافظة قنا تنفيذ 4 مستشفيات بنسب جيدة، فضلا عن مشروعات البنية التحتية بالقطاع الصحي بكل من محافظتي بني سويف التي تتضمن تنفيذ مستشفيين، والوادي الجديد تنفيذ مستشفيين بها، منوها أيضا إلى مشروعات قطاع الصحة في محافظات: شمال سيناء وجنوب سيناء والبحر الأحمر ومطروح، والفيوم.
وخلال اللقاء، تناول الدكتور خالد عبد الغفار ملف التحول الرقمي للمنظومة الصحية، بجانب شرح مقترح متكامل لمنظومة التحول الرقمي للنظام الصحي، تتمثل عناصره في البنية التحتية، والأجهزة، والبرمجيات، والاستضافة، بجانب شبكة اتصالات، مشيرا إلى أنه من المتوقع أن يتم تجهيز منظومة متكاملة العناصر بجميع المحافظات خلال بضع سنوات، من خلال الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص لتنفيذها.
كما تناول وزير الصحة والسكان مشروع رفع كفاءة المنشآت الصحية بمحافظة القاهرة، الذي يشمل 150 وحدة ومركز طب أسرة في 3 أشهر، و61 مستشفى في 9 أشهر، لافتا إلى أن محاور مشروع رفع كفاءة المنشآت الصحية بالمحافظة تتضمن تطوير البنية التحتية، وتحديث وتوحيد زي الفرق الطبية (الأطباء - التمريض)، بالإضافة إلى تدريب الكوادر الصحية، وتحسين خدمات الأمن والنظافة والصيانة، فضلا عن التحول الرقمي للمنشآت الصحية، واستخدام الذكاء الاصطناعي في الحوكمة والمتابعة لتعزيز اتخاذ القرار.
وأضاف الوزير: تتضمن المحاور كذلك تحسين البيئة المحيطة بالوحدات من خلال تطوير الإنارة، التشجير، وإزالة المخلفات، مشيرا إلى أنه يتم رفع كفاءة البنية التحتية بالمناطق المحيطة بالوحدات والمستشفيات، وتشمل رصف الطرق، وأعمال الإنارة، والتشجير، بجانب توفير أماكن بديلة لتقديم الخدمة حال الاحتياج لإخلاء بعض المنشآت لرفع كفاءتها.
وفي هذا الإطار أيضا، أوضح الوزير أنه من خلال الشراكة والتنسيق بين كل من الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية، والهيئة العامة للتأمين الصحي الشامل، جار العمل على ضمان تحقيق معايير الجودة، وتهيئة المنشآت للانضمام لمنظومة التأمين الصحي الشامل.
اقرأ أيضاًمنها ضبط الأسعار.. «مدبولي» يُوجه تكليفات للمحافظين قبل رمضان
مدبولي: الدولة سخرت جميع الموارد المالية والبشرية لتنفيذ مشروع التأمين الصحي الشامل
مدبولي:متابعة جهود البترول لزيادة معدلات الإنتاج بالمواقع المختلفة
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الدكتور مصطفى مدبولي مدبولي رئيس مجلس الوزراء مجال الرعاية الصحية رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي توسيع الشراكة مع القطاع الخاص الدکتور خالد عبد الغفار رئیس مجلس الوزراء مشروعات محافظة الصحة والسکان التحول الرقمی مشیرا إلى أن الانتهاء من نسب متقدمة ا مشروعات عن مشروع فضلا عن مشروع ا
إقرأ أيضاً:
مصر وسنغافورة والتوأمة في مجال الرعاية الصحية
في حين تكررت الاجتماعات بين الإدارة المصرية الصحية ومثيلتها من سنغافورة حول التعاون الاستراتيجي في مجالات متنوعة والتي بدأت عام 2023 باجتماعات بين رئيس هيئة الرعاية الصحية بالتأمين الصحي الشامل وسفير سنغافورة بالقاهرة، وتكررت مرة أخرى عام 2024 بين نائب رئيس الوزراء للتنمية البشرية ووزير الصحة والسكان المصري وبين سفير سنغافورة بالقاهرة، فقد صدرت تصريحات ودراسات مهمة عن الخبراء تشمل وجود تقارب ملموس في قدرة النظام المصري على الاستفادة الفعلية من نجاح النموذج الصحي في سنغافورة والمرتكز على عدم تضخيم الانفاق العام مع الحفاظ على جودة الرعاية الصحية، ويشمل عدة نقاط أساسية مثل:
1 ـ إعادة هيكلة المستشفيات العامة.
2 ـ وجود عيادات متعددة التخصصات موزعة جغرافيا على جميع أنحاء البلاد.
3 ـ مستشفيات مجتمعية بسعة سريرية صغيرة.
4 ـ الاهتمام دور صندوق الادخار الصحي.
5 ـ التأمين الصحي الشامل على جميع المواطنين.
6 ـ تعظيم دور القطاع الخاص خاصة الداعم بدون هدف ربحية.
7 ـ توفير الدعم الصحي للفقراء وغير القادرين.
8 ـ استمرارية تقييم الجودة لتشمل الأطباء والمستشفيات.
9 ـ زيادة الاستثمار في التحول الرقمي، وذلك كله في إطار من الاستراتيجيات الاقتصادية الصحية الداعمة .
وفى الواقع فإن تلك النجاحات الصحية في سنغافورة يوجد منها نماذج مصرية بالفعل، ولكن يوجد تفاوت كبير في التعاطي مع تلك الخدمات الصحية بين البلدين، وفيما يلي عرض موجز لبعض الجوانب المهمة:
أولا ـ إعادة هيكلة المستشفيات الحكومية وهي تمثل حالة نجاح في مصر وسنغافورة مع اختلاف المآلات هنا وهناك:
في سنغافورة تمت إعادة هيكلة المستشفيات الحكومية ضمن خطة إصلاح شاملة للنظام الصحي بحيث أصبحت نموذجًا يُحتذى به عالميًا في الكفاءة والتنظيم، وهي جزء من نظام صحي حكومي متطور يركز على الجودة والفعالية، حيث تشرف على السياسات الصحية، والتمويل، والتخطيط الاستراتيجي وتضع المعايير وتراقب الأداء لضمان الجودة والعدالة في تقديم الخدمات. منح المستشفيات استقلالية شبه كاملة، حيث تم فصل الإدارة المباشرة عن الحكومة، وأصبحت المستشفيات تدير نفسها وفق استراتيجيات عامة تضعها الدولة، داخل بيئة تنافسية بين المستشفيات العامة والخاصة لتحسين جودة الخدمات وخفض التكاليف، وأصبحت المستشفيات تحصل على التمويل بناءً على جودة الخدمة وكفاءتها.
في سنغافورة تمت إعادة هيكلة المستشفيات الحكومية ضمن خطة إصلاح شاملة للنظام الصحي بحيث أصبحت نموذجًا يُحتذى به عالميًا في الكفاءة والتنظيم، وهي جزء من نظام صحي حكومي متطور يركز على الجودة والفعالية، حيث تشرف على السياسات الصحية، والتمويل، والتخطيط الاستراتيجي وتضع المعايير وتراقب الأداء لضمان الجودة والعدالة في تقديم الخدمات. ومن الجدير بالذكر أنه يوجد في مصر نظام مماثل لما تم في سنغافورة وهو نظام مستشفيات المؤسسة العلاجية؛ والذي بدأ في مصر منذ عام 1964 باعتبارها هيئة مستقلة تتبع وزارة الصحة، وتُمول نفسها ذاتيًا دون دعم مباشر من الدولة.
ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن؛ حيث يتم في مصر حاليا تخارج مستشفيات المؤسسة العلاجية الناجحة وتأجيرها للمستثمرين حسب القانون رقم 87 لسنة 2024 والمعروف إعلاميا باسم "قانون تأجير المستشفيات"، حيث قامت الحكومة بطرح سبعة مستشفيات للتأجير، وذلك على خلاف ما يحدث في سنغافورة.
ثانيا ـ مستشفيات التكامل الصحي في مصر تعتبر فرصة متاحة لتطبيق نظام المستشفيات المجتمعية والتي تُعد جزءًا من شبكة الرعاية الصحية المتكاملة في سنغافورة:
تلعب المستشفيات المجتمعية دورًا هاما في نظام الرعاية الصحية في سنغافورة، وتركز على إعادة التأهيل، والخدمات التمريضية، وتساعد في تقليل الضغط على المستشفيات العامة، وتساهم في تحسين جودة الحياة للمرضى كبار السن أو ذوي الأمراض المزمنة، حيث تهدف إلى دعم المرضى خلال مرحلة التعافي، وتوفير بيئة علاجية مريحة ومتكاملة، وخدماتها تشمل العلاج الطبيعي، والعلاج الوظيفي وتخفيف الألم وتحسين جودة الحياة، مع تقديم الدعم النفسي والاجتماعي للمرضى وعائلاتهم. خدمات التغذية والرعاية الاجتماعية، وتنسيق مع خدمات الرعاية المنزلية لضمان استمرارية العلاج.
وتلك النوعية من الرعاية الطبية مهمة جدا في المجتمع المصري؛ ومن الجدير بالذكر أن مباني تلك النوعية من المستشفيات متوفرة في مصر بالفعل، ومنتشرة في جميع المحافظات تحت اسم "مستشفيات التكامل الصحي"؛ والتي بدا إنشاؤها في تسعينيات القرن الماضي لتكون حلقة وصل بين الوحدات الصحية بالريف وبين المستشفيات العامة والمركزية في الحضر، ويبلغ عددها 514 مستشفى، ولكنها تعرضت لنكبات توظيفية أفقدتها دورها التي بنيت من أجله، حيث صدر قرار وزاري عام 2009 بتحويلها جميعا إلى وحدات صحية ريفية ، وفى نهاية عام 2024 قال المتحدث باسم وزارة الصحة في تصريحات صحفية إن القانون الجديد رقم 87 لسنة 2024يتيح لوزارة الصحة طرح تطوير تلك المستشفيات على مستوى الجمهورية للقطاع الخاص، دون تحديد جدول زمني لطرحها.
وهنا الاقتراح العملي الواقعي في أن يتم تطوير وإعادة تأهيل وفرش وتجهيز الباقي من تلك المستشفيات بالتعاون مع خبرة سنغافورة، وتحويلها إلى مستشفيات مجتمعية تخدم المواطنين وتلبى احتياجاتهم، وتخفف العبء عن المستشفيات العامة والمركزية.
ثالثا ـ الاهتمام بالتأمين الصحي بحيث يشمل جميع المواطنين يعتبر هدفا مشتركا مع اختلاف الآليات في التنفيذ بين مصر وسنغافورة:
تصنف سنغافورة ت ضمن الدول الأولى عالميًا في فعالية النظام الصحي، حيث التكاليف منخفضة نسبيًا مقارنة بجودة الخدمات، وبنسبة تغطية تصل إلى 100 بالمئة من المواطنين، ويتكون النظام في سنغافورة من ثلاث ركائز رئيسية:
الأول ـ نظام تأمين صحي إلزامي لجميع المواطنين والمقيمين الدائمين ويغطي تكاليف العلاج في المستشفيات العامة وبعض العلاجات الخارجية، وتُدفع الأقساط من حسابات الادخار الطبي،
الثاني ـ حساب ادخار طبي إلزامي ضمن نظام الضمان الاجتماعي، ويُستخدم لدفع أقساط التأمين وتكاليف العلاج، ويُموّل من مساهمات الموظف وصاحب العمل.
الثالث ـ صندوق حكومي لمساعدة من لا يستطيعون دفع تكاليف العلاج حتى بعد الدعم، ويُستخدم كشبكة أمان اجتماعي للفئات الأكثر احتياجًا.
وبالنسبة لمصرفان نظام التأمين الصحي راسخ تاريخيا منذ ستينيات القرن الماضي ، ويشمل فئة موظفي الحكومة وأرباب المعاشات وطلبة المدارس وما قبل السن المدرسي ونسبة من فئة المرأة المعيلة ولكنه يعانى من صعوبات مالية وإدارية متنوعة وبنسبة تغطية أقل من 60 بالمئة من السكان، ووحدة التمويل هي الفرد منسبة من الدعم الحكومي، وتصحيحا للوضع فقد صدر قانون التأمين الصحي الشامل الجديد في يناير 2018، وترتكز فلسفته على آلية فصل التمويل عن جهة تقديم الخدمة، ووحدة التمويل فيه هي الأسرة كاملة باشتراك يشمل نسبة من دخل رب الأسرة ، إضافة إلى تحمل نسبة مساهمات مالية عن طلب الخدمة، إضافة إلى قروض خارجية بلغت 900 مليون دولار حسب تصريحات وزيرة التخطيط والتعاون الدولي، ومخطط له تغطية جميع المواطنين حسب جدول زمنى يشمل تقسيم محافظات الجمهورية على ستة مراحل تنتهى بحلول عام 2032، وهذا يعنى وجود اختلاف كبير عن نظيره في سنغافورة، ويشتركا فقط في وجود صندوق للتمويل بلغ رصيده في مصر 70 مليار جنيه حتى عام 2022 .
رابعا ـ الاستراتيجيات الصحية والمالية الدعمة لخدمات الرعاية الصحية:
الفروق بين الاستراتيجية الصحية في مصر والاستراتيجية الصحية في سنغافورة جوهرية، نظرًا لاختلاف مستوى الدخل، البنية السكانية، نظم التمويل الصحي، وأولويات السياسات. سنغافورة تركز على الوقاية، الكفاءة، والابتكار مع نظام تمويلي مستدام يعتمد على الادخار الفردي والدعم الانتقائي لغير القادرين ماديا، وفى مصر تسعى الدولة لتغطية صحية شاملة بحلول 2030، لكن تواجه تحديات في التمويل، البنية التحتية، وتوزيع الموارد البشرية، مع تركيز أكبر على العلاج بدل الوقاية. ومن ناحية الملاءة المالية فإن بيانات الحكومة السنغافورية الرسمية (عام 2022) تُظهر أن الإنفاق الصحي الحكومي بلغ حوالي 2.77% من الناتج المحلي الإجمالي في ذلك العام، وفى مصر وبحسب البنك الدولي، فإن الإنفاق الصحي الحكومي بلغ حوالي 1.8% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2022، وهنا تجدر الإشارة إلى أن دستور 2014 في مصر ينص في مادة رقم 18 على أن يكون الحد الأدنى للإنفاق الحكومي على الصحة لا يقل عن 3 % من إجمالي الناتج المحلى ويزيد تدريجيا ليصل الى النسبة العالمية ، وهذا لم يتحقق حتى العام الحالي والرغم من مرور أكثر من عشر سنوات على إصدار الدستور المشار إليه.
وجد في مصر نظام مماثل لما تم في سنغافورة وهو نظام مستشفيات المؤسسة العلاجية؛ والذي بدأ في مصر منذ عام 1964 باعتبارها هيئة مستقلة تتبع وزارة الصحة، وتُمول نفسها ذاتيًا دون دعم مباشر من الدولة. ومن الجدير بالذكر أن فكرة التخطيط الاستراتيجي للصحة بالنسبة إلى مصر في السنوات العشر الماضية قد مرت بثلاثة مراحل واضحة ، المرحلة الأولى عام 2014 ، كانت بعرض وزارة الصحة للخطة المستقبلية تحت مسمى "ورقة بيضاء"، وذلك بناء على طموحات معينة ووعود سياسية ، ولكن تم إهمالها ، لتبدأ بعدها المرحلة الثانية وتشمل المبادرات الرئاسية عام 2018 ، وكانت لتلك المبادرات تعتمد على القروض الخارجية في الأساس ، ومن المعروف أن مصطلح المبادرات يعنى عدم وجود استراتيجيات، كما أن الاعتماد على القروض والمنح الخارجية يعنى أنه لا توجد ديمومة ولا استمرارية في تقديم تلك الخدمات الصحية القائمة على القروض حتى وأن تم تحقيق حالة نجاح سريعة ظاهريا .
وأخيرا وفى أكتوبر عام 2024؛ بدأت المرحلة الثالثة بأن أصدرت وزارة الصحة والسكان الإستراتيجية الوطنية للصحة 20/2030؛ وتمت الإشارة في المقدمة أنها بمثابة خارطة طريق واضحة المعالم تمشيا مع رؤية مصر 2030 وأهداف الأمم المتحدة الإنمائية. وتم التركيز فيها على تعزيز الابتكار الصحي الرقمي من أجل التغطية الصحية الشاملة والرفاه، وهو هدف هام وله أولوية، وهنا تبرز أهمية التوأمة مع سنغافورة في هذا المجال، لتبادل الخبرات وتدريب القوى البشرية وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، وعمل توأمة لتبادل الخبرات الطبية والعلمية مع المستشفيات الرائدة في القطاع الطبي بسنغافورة.