ترامب يدمر قوة أميركا عبر ترك الجزرة واستخدام العصا
تاريخ النشر: 12th, February 2025 GMT
منذ عودته إلى البيت الأبيض قبل 3 أسابيع، يبدو أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يعمل على عكس سياسة "العصا والجزرة"، حيث حافظ على العصا وتخلى عن الجزرة.
وقالت وكالة الصحافة الفرنسية، في تحليل لها عن سياسات ترامب منذ تولى منصبه، إن ترامب من خلال برنامجه "أميركا أولا" ونهجه المبني على الصفقات، يتحدى تقليدا طويل الأمد يتمثل في "قوتها الناعمة" التي تعتمد عليها الولايات المتحدة في علاقاتها الدولية، الأمر الذي قد تستفيد منه الصين بشكل خاص.
ويعود مفهوم "القوة الناعمة" إلى نهاية الثمانينيات، عندما طرحه عالم السياسة الأميركي جوزيف ناي، ويشير هذا المصطلح إلى دبلوماسية التأثير أو الجذب مقابل سياسة الإكراه، ويشمل الاقتصاد والثقافة.
وفي مقال رأي نُشر مؤخرا في صحيفة "واشنطن بوست"، كتب ماكس بوت من مجلس العلاقات الخارجية، "لقد استغرق بناء القوة الناعمة الأميركية عقودا. ويبدو أن دونالد ترامب عازم على تفكيكها في غضون أسابيع".
ولجأ ترامب منذ اليوم الأول لرئاسته في 20 يناير/كانون الثاني إلى اعتماد نهج قوي، حيث هدد دولا حليفة بفرض رسوم جمركية، وأمر بتجميد المساعدات الخارجية الأميركية، والتهديد بضم مناطق والسيطرة على أخرى.
إعلانوأعقب ذلك بحل شبه كامل للوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) التي تعد التجسيد الأمثل لـ"القوة الناعمة" الأميركية في الخارج.
وكتبت رئيستها السابقة سامنثا باور مقالا بصحيفة "نيويورك تايمز"، قالت فيه "إنها واحد من أسوأ الأخطاء وأكثرها كلفة في السياسة الخارجية في التاريخ الأميركي"، مضيفة أن "القادة المتطرفين والاستبداديين يشعرون بالابتهاج" لهذا القرار.
وتدير الوكالة الأميركية للتنمية الدولية ميزانية مقدارها 42,8 مليار دولار، أي ما يمثل 42 في المئة من المساعدات الإنسانية الموزعة في كل أنحاء العالم.
فرصة للصينمن جهته، يقول مايكل شيفر وهو مسؤول سابق في USAID خلال رئاسة جو بايدن، "سنقف مكتوفي الأيدي، وفي غضون بضع سنوات سنجري محادثة بشأن مدى صدمتنا من أن الصين تموضعت كشريك مفضل في أميركا اللاتينية وأفريقيا وآسيا". ويضيف "في هذه اللحظة، ستكون اللعبة قد انتهت"، لا سيما أن بكين وواشنطن تتنافسان على النفوذ.
وبالفعل، بدأت الصين استغلال هذا الواقع، فعندما قام ترامب بتجميد المساعدات، اضطرت كمبوديا -مثلا- إلى تعليق أعمال إزالة الألغام ووفرت بكين التمويل اللازم لذلك.
وتؤكد إدارة ترامب أن الولايات المتحدة لا تقوم بـ"أعمال خيرية"، كما تشدد على أنها تريد سحب مليارات الدولارات المخصصة للمساعدات الخارجية، خصوصا لبرامج التنوع والإدماج وتغير المناخ، أي للقضايا التي سعى دونالد ترامب إلى مكافحتها.
وردا على سؤال عما إذا كانت الولايات المتحدة ستفقد نفوذها في العالم، أكد وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو أنه ليس هناك أي مجال لـ"التخلي" عن المساعدات الخارجية.
وقال في حديث لإذاعة SiriusXM، الاثنين، "سنشارك"، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن "إنفاق 40 إلى 60 مليار دولار على المساعدات، فكرة سخيفة".
مع ذلك، يبقى من الصعب التحدث عن انسحاب أميركي لأن ترامب أعلن أهدافه التوسعية في موازاة القرارات الآنفة الذكر التي اتخذها.
إعلانوهدد باستعادة السيطرة على قناة بنما، وشراء منطقة غرينلاند المستقلة الشاسعة والخاضعة للسيادة الدنماركية، و"السيطرة" على قطاع غزة لتحويله إلى "ريفييرا الشرق الأوسط". أما كندا، فقال ترامب إنها ستصبح الولاية الأميركية رقم 51.
وفي مقابلة مع صحيفة الغارديان البريطانية، الجمعة، حذر وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي من أن "التنمية تبقى أداة بالغة الأهمية للتأثير". وقال "سأشعر بقلق بالغ إذا تدخلت الصين أو أي دولة أخرى لاستغلال هذه الثغرة".
وتشكك سامنثا كاستر المسؤولة في مركز "إيد داتا" (AidData) للأبحاث بجامعة وليام وماري في أن الصين "ستزيد مساعداتها الإنمائية بشكل استثنائي"، مشيرة إلى أن بكين تقدم في الغالب قروضا، وتواجه صعوبات اقتصادية.
لكنها تضيف أن "الصين يمكنها أن تنتصر من خلال عدم القيام بشيء" إذا تخلت الولايات المتحدة عن دورها كشريك موثوق.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
التضخم السنوي في الصين يتراجع 0.3%
واصلت أسعار السلع الاستهلاكية في الصين تراجعها الشهر الماضي، فيما تسلّط الأرقام الرسمية الضوء على المعركة التي يواجهها القادة في مسعاهم لإعادة إطلاق الإنفاق المحلي في ثاني أكبر قوة اقتصادية في العالم، على وقع الحرب التجارية مع الولايات المتحدة.
وقضت بكين السنوات الأخيرة وهي تحاول التعامل مع مجموعة من القضايا التي خيّمت على النمو والنشاط الاستهلاكي، بما في ذلك التراجع الذي تشهده سوق العقارات وارتفاع معدلات البطالة في أوساط الشباب.
وفاقم ذلك الخلاف مع واشنطن منذ تولى دونالد ترامب الرئاسة في الولايات المتحدة وأطلق حرب رسوم جمركية على العالم، تركّزت تحديدًا على بكين، ما دفع المستهلكين الصينيين إلى ترشيد نفقاتهم وسط ضبابية متزايدة.
وأظهرت بيانات الأربعاء أن مؤشر أسعار المستهلك، الذي يُعد مقياسًا رئيسيًا للتضخم، تراجع بنسبة 0.3% على أساس سنوي في سبتمبر/ أيلول، وشكّل الرقم الصادر عن المكتب الوطني للإحصاءات تحسنًا طفيفًا عن أغسطس/ آب، لكنه جاء أسوأ من نسبة 0.2% التي توقعها استطلاع أجرته "بلومبرغ".
تقرير صندوق النقد الدولي الأخير بشأن توقعات الاقتصاد العالمي
ويأتي ذلك بعد يوم واحد من تقرير صندوق النقد الدولي الأخير بشأن توقعات الاقتصاد العالمي، والذي أشار إلى "ضعف في الطلب المحلي" في الصين، في انعكاس للتوقعات الأوسع في آسيا في ظل الحرب التجارية الأميركية. وأضاف الصندوق أن "إعادة التوازن" للاقتصاد الصيني عبر إجراءات مالية تستهدف الإنفاق الاجتماعي وقطاع العقارات قد تساعد في مكافحة الضغوط الانكماشية.
ورغم أن المستهلكين قد ينظرون بإيجابية إلى انكماش الأسعار، إلا أن استمرار هذا الاتجاه يهدد الاقتصاد الأوسع، إذ تميل العائلات إلى تأجيل عمليات الشراء على أمل مزيد من التراجع في الأسعار، مما يضغط على الاستهلاك، بحسب الاسواق العربية.
وأظهرت أرقام المكتب الوطني للإحصاءات أن مؤشر أسعار المنتجين، الذي يقيس تكاليف المنتجات قبل دخولها مرحلة البيع بالجملة أو التجزئة، تراجع بنسبة 2.3% الشهر الماضي، بما يتوافق مع توقعات "بلومبرغ"، وتحسنًا عن أرقام أغسطس/ آب.