سلطت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية الضوء على شخصية الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية أحمد الشرع، الذي كان جهاديا سابقا، والذي أثار الكثير من التساؤلات حول توجهاته وأهدافه، متسائلة: هل هو إسلامي متطرف أو شخص ذو رؤية جديدة؟

وقالت الصحيفة في تقرير ترجمته "عربي21"، أنه بالرغم من ماضيه الجهادي، فإن الشرع يظهر بذكاء شديد في سياسته، حيث يسعى لقيادة البلاد بعيدا عن التطرف، مع الحفاظ على القوة في يده، مظهرا اهتماما بتعزيز سياسات وطنية مع الانفتاح على الأقليات ودور المرأة في المؤسسات.



ورغم شعاراته الإصلاحية، إلا أن بعض التصرفات والممارسات التي تلت وصوله إلى السلطة تشير إلى وجود تباين في الاتجاهات داخل حكومته، حيث كانت في البداية، محاولات للتمويل والضغط من الجماعات الإسلامية المتشددة، كما لوحظت بعض الإجراءات المثيرة للقلق في المجتمع، مثل زيادة التوجهات الإسلامية في الأماكن العامة، وفقا للتقرير.


وأوضحت الصحيفة أن الشرع يسعى إلى الحفاظ على الاستقرار السياسي، مع ضرورة إصلاح الاقتصاد المدمر بسبب سنوات الحرب. إلا أن التحديات تبقى كبيرة، خاصة مع تزايد انعدام الثقة من بعض الأطراف الخارجية مثل الولايات المتحدة ودول الخليج التي تحفظت على تقديم دعم مالي كبير بسبب السياسة الإسلامية التي يتبناها.

وأشارت الصحيفة إلى أن الشرع الذي كان سابقا جهاديا متطرفا؛ يسعى اليوم لتحقيق استقرار طويل الأمد للبلاد رغم تحديات الحكم في ظل طموحات أكبر من مجرد مرحلة انتقالية.

"الشرع ذكي بشكل خطير"
وذكرت الصحيفة أن أحد المسؤولين السياسيين الذي التقى الشرع وصفه بأنه "ذكي بشكل خطير" وأكد على معلوماته الواسعة في الشؤون الدولية والإقليمية، رغم خلفيته الجهادية، مشيرا إلى أن الشرع يدعّي أنه ينحدر من عائلة ذات توجهات قومية عربية، لكنه لا يشاركها في مواقفها.

وركزت الصحيفة على تحول الشرع من شاب خجول إلى جهادي متطرف بعد الغزو الأمريكي للعراق؛ حيث انضم إلى صفوف المقاتلين ضد القوات الأمريكية في العراق إلى جانب تنظيم القاعدة. بعدها، أصبح شخصية محورية في الصراع السوري، وفي 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، قاد هجوما عسكريا ناجحا أدى إلى الإطاحة بنظام الأسد، وأعلن نفسه رئيسا مؤقتا لسوريا.

وبحسب الصحيفة؛ فإن الحكومة الجديدة توجه تحديات كبيرة في إعادة هيكلة الدولة وإدارة الاقتصاد المدمّر. ورغم محاولات إعادة بناء المؤسسات؛ فلا تزال هناك شكوك كبيرة حول قدرة الشرع على كسب ثقة المجتمع الدولي، خصوصا في ظل العقوبات المفروضة على سوريا.

ولفتت الصحيفة إلى أن الشرع الذي يعتبر السعودية قدوة له، يواجه ضغوطا كبيرة لتحقيق إصلاحات حقيقية في سوريا، خاصة في ما يتعلق بالاقتصاد والأمن.

وفي حديثه عن الديمقراطية، قال الشرع إن سوريا ستسير في اتجاه الديمقراطية ولكن على طريقتها الخاصة، وهو ما أثار المزيد من التساؤلات حول مستقبل النظام السياسي في البلاد؛ فبينما كان بعض المسلحين يواصلون السيطرة على دمشق، استمر الشرع في العمل على فرض سلطته في المنطقة، متطلعا إلى تحقيق استقرار سياسي داخل النظام الذي يقوده.

وعند سقوط بشار الأسد وهروبه إلى روسيا، تم تشكيل حكومة انتقالية برئاسة أحمد الشرع، الذي بدأ في استعادة النظام بطرق متناقضة، جمع فيها بين التطرف والجوانب الأكثر اعتدالاً في السياسة. إلا أن هناك بعض المعارضين الذين اعتقدوا أن هدفه كان تعزيز سلطته الشخصية أكثر من تقديم إشارات للمجتمع الدولي بأنه كان على استعداد للانتقال إلى حكومة أكثر ديمقراطية.

غير أن هذا لم يكن كافيا لتبديد المخاوف حول الاتجاهات المتطرفة التي قد تسيطر على الحكومات المحلية، فبعض المسؤولين الذين جادلوا قالوا بإن الشرع كان يحاول فرض مفهوم الإسلام السياسي على البلاد. في الوقت ذاته، كانت الأمور غير واضحة على المستوى الحكومي، حيث تم تعيين بعض المسؤولين السابقين من نظام "الأسد" في المناصب العليا.

وأفادت الصحيفة بأنه ورغم القلق الذي تثيره هذه التصريحات بشأن الديمقراطية، فإن الحكومة السورية الجديدة التي يقودها أحمد الشرع بدأت تظهر اهتماماً كبيراً بإعادة بناء البلاد، مع التركيز على الاقتصاد والأمن. لكن العديد من السوريين يشككون في قدرة السلطة الجديدة على معالجة الأزمات الاقتصادية والتدمير الناتج عن سنوات الحرب.

وأمام رجل أعمال سوري غني كان يستقبله؛ أجاب الشرع على السؤال الذي يطرحه الجميع: "جربنا الدولة الإسلامية، فشلت. جربنا دولة قومية عربية، وفشلت أيضاً. نريد بناء دولة مزدهرة بأيديولوجيا أقل".

كما يروي أحد المعارضين للأسد المقرب من رجل الأعمال، ويضيف: "الآن، هذه مجرد كلمات"، والأيديولوجيا الأساسية ستظل الإسلام السياسي المحافظ".

وبينت الصحيفة أن الرجل القوي الجديد في سوريا يمتلك على الأقل ثلاث صفات، كما يعترف محاوروه: براغماتية، والقدرة على الاستماع، والحساسية تجاه الضغوط. فهو لا يعلن عن رغبته في استعادة مرتفعات الجولان التي يحتلها الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1967، بل يسعى لتعزيز الإصلاحات الاقتصادية والسياسية بشكل تدريجي. كما وأنه رغم الضغوط من تركيا والسعودية، فقد أظهر مرونة في قبول معارضة بعض الفصائل السورية في المؤسسات الجديدة التي يتم تأسيسها.


وأوضحت الصحيفة أن هذا الرجل، الذي كان جهاديا سابقا في سوريا واحتجز معارضين في معقله بإدلب، لا يزال يواجه تحديات كبيرة. وأن سيطرته تقتصر على المدن الكبرى مثل حلب وحماة وحمص ودمشق، بينما تفلت مناطق أخرى مثل الشمال الشرقي الكردي وبعض المناطق الساحلية من قبضته. كما أن بعض المناطق التي يسيطر عليها الدروز في الجنوب ترفض نزع السلاح، والضغوط السياسية تبقى قائمة.

من ناحية أخرى؛ رغم بعض التغيرات التي طرأت في دمشق، مثل السماح بالحديث بحرية وظهور الدراجات النارية التي كانت محظورة في عهد الأسد، فإن النظام لا يزال يمارس بعض القيود على الحركات الصحفية والأنشطة الدولية.

كما يظهر الشرع براعته في التعامل مع الإعلام عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يعين مستشارين في مجال التواصل مثل شركة "إنتير ميديا" البريطانية، التي تساعده على تحسين صورته، وتستخدم جيشا إلكترونيا للتفاعل مع الانتقادات و نشر أخبار عن الأنشطة الحكومية.

وفي النهاية، اختتمت الصحيفة التقرير بأن النجاح المستقبلي لهذه القيادة يعتمد على قدرتها على توفير خدمات أساسية مثل الكهرباء ودفع الرواتب، بالإضافة إلى استعادة الاستثمارات السورية من الخارج.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية الشرع سوريا دمشق سوريا دمشق الشرع صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الصحیفة أن أن الشرع

إقرأ أيضاً:

صوفان: وجود شخصيات على غرار فادي صقر ضمن هذا المسار له دور في تفكيك العقد وحل المشكلات ومواجهة المخاطر التي تتعرض لها البلاد.. نحن نتفهم الألم والغضب الذي تشعر به عائلات الشهداء، لكننا في مرحلة السلم الأهلي مضطرون لاتخاذ قرارات لتأمين استقرار نسبي للمرحلة

2025-06-10najwaسابق صوفان: هذه الإجراءات ليست بديلاً عن العدالة الانتقالية والتي بدأت بالفعل، وهذه مهمة اللجنة الوطنية للعدالة الانتقالية التي شكلت بمرسوم رئاسيالتالي صوفان: نقولها وبكل صدق لا وطن دون عدالة ولا عدالة دون إنصاف ولا إنصاف دون شجاعة بقول الحقيقة، ونعدكم أن نكون شفافين فيما هو قادم وأن نعمل لعدالة حقيقية تنصف الضحايا وتحاسب الجناة انظر ايضاًصوفان: فيما يخص الوضع الراهن لدينا مساران متوازيان والأسبقية هي لمسار السلم الأهلي كونه يوفر الأرضية الصلبة لهذه الإجراءات الإستراتيجية

آخر الأخبار 2025-06-10عضو لجنة السلم الأهلي السيد حسن صوفان خلال المؤتمر الصحفي المنعقد في وزارة الإعلام بدمشق: الضباط الذين تم إطلاق سراحهم “ضباط عاملون” منذ عام 2021 وسلّموا أنفسهم طوعاً على الحدود العراقية ومنطقة السخنة ضمن ما يعرف بحالة “الاستئمان” 2025-06-10بدء المؤتمر الصحفي لعضو اللجنة العليا للحفاظ على السلم الأهلي السيد حسن صوفان، للحديث عن التطورات الأخيرة المتعلقة بعمل اللجنة 2025-06-10سلام: لبنان يعمل والمجتمع الدولي لضمان عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم 2025-06-10أجواء حارة بشكل عام وسديمية في المناطق الشرقية والبادية 2025-06-09كلية طب الأسنان في جامعة دمشق تحصل على الاعتماد الأوروبي ضمن ‏برنامج ‏Leader‏ الذي تقدمه الجمعية الأوروبية لطب الأسنان ‏ 2025-06-09“الوفاء والصمود” فعالية جماهيرية بحمص في ذكرى رحيل الشهيد الساروت وحصار حمص 2025-06-09وزير التربية والتعليم لـ سانا: التعليم ركيزة أساسية للتنمية وبناء سوريا الجديدة ‏ 2025-06-09وفاة طفلة غرقاً في بحيرة بريف عفرين شمال غرب حلب 2025-06-09ذبح 894 أضحية في مسلخ دمشق الفني خلال أيام عيد الأضحى 2025-06-09بمناسبة حلول عيد الأضحى.. الرئيس الشرع يستقبل وزير الداخلية وعدداً من مسؤولي الوزارة

صور من سورية منوعات تقرير علمي: ذوبان الأنهار الجليدية يغير وجه العالم ويهدّد حياة الملايين 2025-06-08 حلويات العيد: صناعة عريقة وطقوس ينتظرها السوريون من عيد لآخر 2025-06-03فرص عمل وزارة التجارة الداخلية تنظم مسابقة لاختيار مشرفي مخابز في اللاذقية 2025-02-12 جامعة حلب تعلن عن حاجتها لمحاضرين من حملة الإجازات الجامعية بأنواعها كافة 2025-01-23
مواقع صديقة أسعار العملات رسائل سانا هيئة التحرير اتصل بنا للإعلان على موقعنا
Powered by sana | Designed by team to develop the softwarethemetf © Copyright 2025, All Rights Reserved

مقالات مشابهة

  • صوفان: وجود شخصيات على غرار فادي صقر ضمن هذا المسار له دور في تفكيك العقد وحل المشكلات ومواجهة المخاطر التي تتعرض لها البلاد.. نحن نتفهم الألم والغضب الذي تشعر به عائلات الشهداء، لكننا في مرحلة السلم الأهلي مضطرون لاتخاذ قرارات لتأمين استقرار نسبي للمرحلة
  • الرئيس الشرع يستقبل المبعوث الخاص لرئيس الوزراء العراقي إلى سوريا
  • رئيس الجمهورية العربية السورية السيد أحمد الشرع يستقبل في قصر الشعب بدمشق المبعوث الخاص لرئيس الوزراء العراقي إلى سوريا السيد عزت الشابندر
  • بن حبتور: التحديات التي تواجه اليمن جعلت اليمنيين يقفون خلف قائد الثورة
  • توقيف عشريني للاشتباه في تورطه في ارتكاب حادثة سير مع جنحة الفرار والسياقة بشكل خطير بطنجة
  • موقع عبري ينشر تقريرا عن معركة إسرائيل المقبلة مع سوريا الشرع وعن دور ملتبس لبلدين أحدهما عربي
  • أصغر متحدث رسمي في سوريا.. من هو الطفل الذي عينته وزارة الاتصالات؟
  • زيزو: انتقلت للأهلي بشكل قانوني.. وما حدث في الزمالك خطير |كواليس صادمة
  • طاقم عراقي يقود مباراة سوريا وأفغانستان في تصفيات كأس آسيا 2027
  • ماهي أهداف:احتواء المقاتلين الاجانب في سوريا؟..حذاري من الالغام !