مسؤولة مغربية تدعو إلى مواكبة النقاش الدولي حول حماية الأطفال في الإنترنت ووضع إطار حمائي مغربي
تاريخ النشر: 18th, February 2025 GMT
دعت فاطمة بركان الكاتبة العامة للمندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان إلى الانخراط الكامل في الدينامية الدولية الرامية إلى التصدي لكل أشكال الاعتداءات على الأطفال، منها الاعتداءات التي تتم عبر الإنترنت، ومواكبة النقاش الدولي حول الظاهرة.
وشددت خلال افتتاح الندوة العلمية المنظمة بالرباط، اليوم الثلاثاء من طرف المعهد العالي للقضاء بشراكة مع مجلس أوربا تحت عنوان: « حماية الأطفال من الاستغلال والاعتداء الجنسي عبر الإنترنت »، على أهمية مواكبة النقاش الدولي حول التصدي للعنف بجميع أشكاله داخل الفضاء الرقمي وحماية الحياة الخاصة للأطفال مما يقتضي وضع إطار حمائي متكامل يرتكز على ستة عناصر أساسية:
أولا- تقوية الإطار القانوني الخاص بحماية الأطفال من الاستغلال الجنسي عبر الإنترنت وملائمته مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان؛
ثانيا- إشراك الأطفال في جميع المبادرات الرامية إلى مكافحة العنف الرقمي بوصفهم فاعلين أيضا في التوعية بمخاطر الفضاء الرقمي؛
ثالثا- تعزيز ونشر ثقافة الاستعمال الآمن للتكنولوجيات الرقمية لدى الناشئة، خاصة في الوسط المدرسي والفضاءات العامة خاصة وأن حوالي 76% من الأفراد بالمغرب لا يقومون بحماية أنفسهم ضد مخاطر الانترنت لعدم علمهم بالأدوات المتوفرة لهذا الغرض.
رابعا- إجراء دراسات وأبحاث وطنية لفهم آثار الفضاء الرقمي على حقوق الأطفال، ورصد تطور ظاهرة الاعتداء الجنسي الرقمي وتقييم فعالية التدابير المتخذة؛
خامسا- تقوية التنسيق مع القطاع الخاص المعني بالتكنولوجيا الرقمية وإشراكه في مشاريع الاستعمال الآمن للتكنولوجيا الرقمية؛
سادسا- تعزيز استعمال التقنيات الحديثة في التحقيق الجنائي والارتقاء بقدرات الفاعلين في مجال التصدي للجريمة الالكترونية ضد الأطفال ولا سيما فيما يتعلق بالرصد والتبليغ والتتبع والإثبات الجريمة.
واوضحت فاطمة بركان أن المغرب صادق على العديد من الاتفاقيات والصكوك الدولية، التي تعنى بشكل مباشر بحقوق الطفل.
وعلى رأس هذه الاتفاقيات هناك الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، وكذا البروتوكولين الإضافيين الملحقين بها، والتوقيع على البرتوكول الثالث الملحق بها، وكذا الانخراط في اتفاقيات مجلس أوربا ذات الصلة بحماية حقوق الطفل، و اتفاقية لانزروت الخاصة بحماية الأطفال من الاعتداء والاستغلال الجنسي، واتفاقية بودابست المتعلقة بالجريمة الإلكترونية، والبروتوكول الإضافي الثاني الملحق بهذه الاتفاقية، والمتعلق بتعزيز التعاون والكشف عن الأدلة الإلكترونية.
وقالت « من نفس المنطلق، تواصل المملكة تفاعلها الدائم مع الآليات الأممية لحقوق الإنسان خاصة لجنة حقوق الطفل ».
وأشارت الى تقديم المغرب لحد الآن أربعة تقارير، والتي كان آخرها التقرير الجامع للتقريرين الدوريين الثالث والرابع.
كما انفتح المغرب بشكل إيجابي على آلية الإجراءات الخاصة، حيث زارت المغرب 12 إجراء، تلامس ولاية العديد منهم قضايا الطفولة، على غرار زيارة المقررة الخاصة المعنية ببيع الأطفال واستغلالهم جنسياً، بما في ذلك استغلالهم في البغاء وفي المواد الإباحية وغيرها من مواد الاعتداء الجنسي على الأطفال سنة 2000، والمقرر الخاص المعني بمسألة الاتجار بالأشخاص لا سيما النساء والأطفال سنة 2013، والممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة المعنية بالعنف ضد الأطفال سنة 2022.
وشددت المسؤولة المغربية على أن المغرب اختار إرساء دعائم مجتمع المعلومات والحق في المعلومة، مع الوعي بتحديات الانفتاح المعلوماتي وبمخاطر الجريمة المعلوماتية التي تعرف تطورا متسارعا على المستويين الكمي والنوعي، نتيجة ارتفاع عدد مستعملي خدمات الانترنيت واتساع نطاق المعاملات الرقمية، وتطور أساليب ارتكاب الجرائم عبر الأنترنت، والتي يبقى الأطفال أحد ضحاياها الأكثر تضررا.
وينص الدستور المغربي على توفير الدولة الحماية القانونية المتساوية والاعتبار الاجتماعي والأخلاقي المتساوي لجميع الأطفال، بغض النظر عن وضعهم الأسري.
وفي هذا الصدد تقول فاطمة بركان، تم إرساء منظومة قانونية متكاملة توازن بين توسيعِ نطاق الخدمات والمعاملات الإلكترونية، وبين تحقيق الأمن المعلوماتي وزجر الجرائم والانتهاكات التي تمس الحقوق والحريات وتهدد سلامة الأشخاص والمنظومات، والتي نذكر منها الإطار التشريعي والمؤسساتي المعني بالتبادل الإلكتروني للمعطيات الشخصية، وبالبريد والمواصلات ومتعهدي شبكة المواصلات، بحماية حماية المستهلك.
هذا إضافة إلى ما تضمنه القانون الجنائي من مقتضيات توفر الحماية من كافة أشكال العنف، أو الأذى البدني، أو النفسي، أو الجنسي، بما في ذلك تلك التي تكتسي طابعا زجريا، يتقوى بظروف التشديد في حالات معينة ومن ضمنها حالة الأطفال.
المصدر: اليوم 24
كلمات دلالية: الإنترنت حمایة الأطفال الفضاء الرقمی
إقرأ أيضاً:
سمنة الأطفال.. الطريق إلى الأمراض المزمنة والوقاية تبدأ من المنزل
تشكّل السمنة أبرز المشكلات الصحية التي تواجه المجتمعات الحديثة، حيث أسهم التطور التكنولوجي السريع ونمط الحياة المعاصر في ارتفاع معدلات السمنة بين مختلف الفئات العمرية، لا سيما الأطفال والمراهقين، فالأسرة باعتبارها البيئة الأساسية التي يتشكل فيها وعي الطفل وسلوكياته الغذائية والحركية، تؤدي دورا جوهريا في تعزيز ثقافة الحياة الصحية أو العكس.
وأسهمت زيادة ساعات أمام الأجهزة الإلكترونية، والألعاب الرقمية، ومنصات التواصل الاجتماعي وسهولة وصول الوجبات السريعة عبر تطبيقات التوصيل الحديثة في تفاقم المشكلة.
ويحذر مختصون خطورة السمنة على صحة الأطفال حيث تزيد من خطر الإصابة بأمراض مزمنة مثل السكري، وارتفاع ضغط الدم، وأمراض القلب والشرايين، مؤكدين في استطلاع لـ "عمان" على أن الوقاية تبدأ من المنزل بالتوعية المستمرة، والتشجيع على الحركة اليومية المنتظمة، وتوفير بيئة غذائية صحية متكاملة.
فيما بيَّن عدد من أولياء الأمور أسباب انتشار السمنة بين الأطفال، وكيفية تعامل الأسرة مع هذه المشكلة من خلال توفير نمط حياة صحي والحد من تأثيرات التقنية الحديثة على صحة أطفالهم.
يقول حمود بن حمد الهوتي إن الحل الفعّال لمشكلة السمنة عند الأطفال يكمن في إدراج أطعمة صحية ومتوازنة ضمن نظامهم الغذائي، مثل الفواكه الطازجة والخضروات، ومنتجات الحليب قليلة الدسم أو الخالية من الدسم، إضافة إلى مصادر البروتين الصحية، مشددا على أهمية تقليل الوقت الذي يقضيه الأطفال أمام الهواتف والتلفاز، لأسباب متعددة، أولها تفادي مشاهدة الإعلانات التي تروّج للأطعمة غير الصحية، وثانيها أن الجلوس الطويل يؤدي بدوره إلى زيادة الوزن.
ويحث الآباء والأمهات على تشجيع أبنائهم على ممارسة الرياضة يوميا، وزيادة شرب الماء، وشرح فوائد إنقاص الوزن، ليس فقط لتحسين المظهر الخارجي، بل أيضًا للوقاية من الأمراض المرتبطة بالسمنة.
نمط الحياة
وترى ميساء بنت علي العجمية أن السمنة لدى الأطفال ناجمة إلى حد كبير عن نمط الحياة الذي يختاره الأهل لأطفالهم، سواء من حيث الغذاء أو قلة الحركة، وأن الأسر التي تتبع نظاما غذائيا صحيا ومتوازنا، بعيدا عن السكريات والوجبات السريعة، تعيش حياة أكثر صحة ونشاطا.
وتضيف العجمية أن الأطفال يميلون تلقائيا إلى ممارسة الرياضة إذا كان أحد الأبوين أو كلاهما نشطا رياضيا، وفيما يخص تأثير الإعلانات ترى العجمية أن دورها تقلّص مع تطور وسائل المشاهدة الفردية، حيث أصبح كل فرد يشاهد ما يريده على جهازه الشخصي، ما يقلل من تأثير الإعلانات الجماعية، وتنصح باتباع نظام حياة صحي يتضمن الغذاء المتوازن، والنشاط البدني اليومي، والنوم المنتظم، لضمان حياة طويلة وصحية خالية من الأمراض.
دور الأسرة
وتشير هبة المعمرية إلى أن الأسرة تؤدي دورا رئيسيا في مشكلة سمنة الأطفال، حيث ترى كأم أن الحرمان المباشر ليس الحل، بل تحاول تلبية طلبات أطفالها مع ضبط كميات الطعام، إلا أن الإعلانات تؤدي دورا قويا في جذب الأطفال عبر برمجة عقولهم على تفضيل وجبات معينة حتى لو كانت ضارة.
وتضيف هبة أن الطرق المناسبة للتعامل مع سمنة الأطفال تبدأ بتقليل كمية ونوعية الطعام تدريجيا، مع تجنب الحرمان القاسي، ومتابعة صحة الطفل عبر طبيب تغذية مرتين أسبوعيا، بالإضافة إلى إعداد جدول غذائي منظم لمراقبة الوزن.
تأثير البيئة
فوزية بنت يحى الكندية تقول إن السمنة بين الأطفال مشكلة متزايدة، وإن الأسرة ليست السبب الوحيد، بل هناك عوامل وراثية وهرمونية قد تؤدي إلى اختلافات في الوزن حتى بين الأطفال الذين يتناولون الكمية نفسها من الطعام.
وتشير إلى أن توعية الأسرة غذائيا ووضع جدول صحي متوازن، مع تشجيع الأطفال على ممارسة الرياضة واللعب في الهواء الطلق، هو أمر ضروري.
وترى الكندية أن الإعلانات التجارية لها تأثير كبير في تفشي السمنة، لذلك يجب توعية الأطفال بمخاطر ما يشاهدونه حتى يكوّنوا وعيهم الخاص، وتنصح الأسر التي لديها أطفال يعانون من السمنة بزيارة الطبيب أولا لاستبعاد أسباب صحية مثل الاضطرابات الهرمونية، وتعديل النظام الغذائي، وتشجيع النشاط البدني مثل المشي ولعب الكرة، مع مراعاة التقليل من وقت الجلوس أمام الأجهزة الإلكترونية، والجانب النفسي للطفل وتجنب السخرية منه للحفاظ على ثقته بنفسه.
تأثير وسائل التواصل
ويرى محمد بن ناصر المخيني أن مسؤولية مشكلة سمنة الأطفال لا تقع فقط على الأسرة، بل تمتد إلى تأثير مواقع التواصل الاجتماعي والمجتمع، وقوة التسويق التي تستخدمها المطاعم وشركات التوصيل وسهولة وصول الوجبات السريعة إلى الأطفال.
ويشير إلى أن دور الأسرة يكمن في التحكم وتقليل الطلب على وجبات المطاعم، خاصة السريعة منها، حيث تستخدم الشركات إعلانات مكثفة، بما في ذلك التعاون مع المؤثرين عبر الإنترنت لجذب الأطفال من خلال صور مغرية للوجبات.
ويقترح المخيني على الأسر تغيير نمط استهلاكهم الخارجي من خلال تحضير وجبات صحية ومتنوعة في المنزل يوميا لتجنب ملل الأطفال من الطعام المنزلي، ويشدد على أهمية تعليم الأطفال الطبخ باستخدام الوصفات المتوفرة على الإنترنت لتوفير طعام صحي بجودة أفضل.
التحفيز
ترى مناهل الفاتح محمد أن الأسرة تؤدي دورا محوريا في تفشي السمنة لدى الأطفال، حيث إن تهاون بعض الأسر في تحديد ساعات استخدام أبنائهم للأجهزة الإلكترونية لا يؤدي إلى الإدمان فقط، بل إلى تناول كميات كبيرة من الطعام دون وعي؛ نتيجة قلة الحركة وكثرة الجلوس.
وتلفت مناهل إلى أن الإعلانات التجارية للأطعمة غير الصحية تسهم بشكل كبير في انتشار السمنة، عبر تزيين العروض وسرعة الوصول إليها لذا تؤكد يجب نشر الوعي بين الطلبة ومكافحة التنمر ضد ممن يعانون من السمنة؛ لأن التنمر قد يؤدي إلى الاكتئاب وزيادة الإقبال على الطعام، كما يجب تنظيم ساعات النوم، فالنوم المبكر والاستيقاظ المبكر يدعم توازن هرمونات النمو والعقل، إضافة إلى وضع برنامج رياضي منتظم للطفل مثل السباحة والكاراتيه وكرة القدم لتحسين الدورة الدموية والنمو الذهني، وتشجع مناهل على مشاركة الأسرة في المشي في الأماكن العامة مثل الحدائق، ومتابعة الوزن بشكل دوري باستخدام ميزان إلكتروني، مع التحفيز المستمر للوصول إلى الوزن المثالي.
المشاركة الأسرية
يقول سعود بن سيف الوردي: على الأسر الإدراك أن الهدف من التعامل مع السمنة لا يقتصر على إنقاص الوزن فقط، بل على بناء علاقة صحية بين الطفل وجسده والطعام والحركة، وأن النجاح الحقيقي يكمن في شعور الطفل بالحب والثقة، مع توضيح أن الوزن لا يحدد قيمة الطفل أو شخصيته. وينصح الوردي بحماية الطفل من السخرية وتحسين العادات الغذائية لجميع أفراد الأسرة وليس فقط للطفل السمين وتعزيز النشاط البدني بشكل ممتع عبر اختيار الأنشطة التي يحبها الطفل مثل المشي، السباحة، ولعب الكرة، وجعلها جزءا من الروتين اليومي، إلى جانب تحديد وقت استخدام الأجهزة الإلكترونية وتنظيم النوم، مع ضرورة زيارة أخصائي تغذية في حال لم ينخفض الوزن رغم المحاولات، وطلب دعم نفسي متخصص إذا لاحظت الأسرة تأثيرات نفسية سلبية مثل التنمر أو القلق.
الإعلانات التجارية
توضح حليمة بنت غريب النوافلية أن بعض الأسر تعتقد أن توفير كل ما يطلبه الطفل من أطعمة هو دليل على توفير حياة كريمة له، بغض النظر عن مدى صحة هذه الأطعمة.
وتشير إلى أن الأطفال الذين يشاهدون إعلانات تجارية على وسائل التواصل الاجتماعي قد يطالبون بالحصول على هذه الوجبات غير الصحية، وغالبا ما تُلبى طلباتهم رغم علم الأسرة بأنها ضارة.
وترى حليمة أن توعية الأطفال بمضار الأطعمة غير الصحية مثل الوجبات السريعة، الحلويات، والسكريات، ومنع إدخالها إلى المنزل تعد من الإجراءات المهمة للوقاية من السمنة.
التأثير النفسي
وتحدثت سهير بنت سعيد العامرية، أخصائية نفسية ومدربة دولية من وزارة التربية والتعليم أن للسمنة آثارا نفسية على الأطفال، فتعرض الأطفال المصابون بالسمنة للتنمر أو السخرية شائع جدا، سواء من زملائهم في المدرسة، أو أحيانا من الكبار، وحتى من بعض الأهل والأقران، وهذا النوع من الإساءة النفسية يؤدي إلى انخفاض تقدير الذات، وزيادة القلق والاكتئاب، ويضعف الحافز للمشاركة في الأنشطة المدرسية والاجتماعية، وقد يؤثر سلبا على الأداء التعليمي، بالإضافة إلى ظهور اضطرابات في الأكل مثل الإفراط في الأكل العاطفي، ومشكلات صحية وجسدية أخرى.
وتضيف: إن السمنة قد تسبب عزلة اجتماعية عند الأطفال؛ نتيجة خوفهم من التعليقات السلبية أو السخرية، والشعور بالخجل من مظهرهم، والصعوبات في التواصل مع الأقران والمشاركة في الأنشطة البدنية أو الاجتماعية، هذا الانسحاب الاجتماعي قد يعمّق المشكلات النفسية مثل الاكتئاب والقلق، ويقلل فرص تطوير المهارات الاجتماعية والثقة بالنفس.
وتؤدي الأسرة دورا أساسيا في دعم الطفل نفسيا من خلال عدة ممارسات مهمة، منها التقبّل غير المشروط، كأن يشعر الطفل أن قيمته لا ترتبط بوزنه أو مظهره، وأن الحب والدعم مستمران بغض النظر عن ذلك، والتواصل الإيجابي من خلال التحدث مع الطفل بلغة دعم وتحفيز، والابتعاد عن الانتقاد والتوبيخ، حيث يكون الأهل قدوة في اتخاذ القرارات الصحية، والنموذج الحي، من خلال تبنّي نمط حياة صحي ومتوازن من قبل الأسرة ككل، ودعم المشاركة الاجتماعية، وتشجيع الطفل على تكوين صداقات والمشاركة في أنشطة متنوعة لا تركز فقط على المظهر الخارجي أو الأداء البدني، والاستعانة بالمختصين من حيث اللجوء إلى أخصائي نفسي أو تغذية عند الحاجة لتقديم الدعم اللازم دون وصمة.
وأوضحت العامرية أن هناك عدة أساليب نفسية فعالة يمكن تطبيقها لدعم الطفل، منها العلاج المعرفي السلوكي (CBT)، حيث يساعد الطفل على تغيير الأفكار السلبية عن نفسه وتعزيز ثقته الذاتية، وتعليم مهارات التكيف مثل التعبير عن المشاعر، والتعامل مع الضغط، والرد على التنمر بشكل صحي، وتعزيز المهارات الاجتماعية لمساعدة الطفل على بناء علاقات صحية ومتينة مع الآخرين، ودعم وتدريب الأهل لتوفير بيئة منزلية داعمة ومتفهمة، وتشجيع الحوار الأسري الفعّال، والتركيز على نقاط القوة لدعم الطفل لاكتشاف هواياته ومواهبه لتعزيز شعوره بالإنجاز، مع الابتعاد عن المقارنات والتنمّر.
مشكلة السمنة
وتوضح الدكتورة إيمان بنت عبدالله الهنائية، رئيسة قسم التغذية العلاجية بالمديرية العامة لمستشفى خولة ورئيسة الرابطة العمانية للتغذية والتغذية العلاجي أن السمنة هي زيادة غير طبيعية في دهون جسم الطفل تتجاوز الحدود الصحية بناءً على العمر والطول، وتعود أسباب الإصابة إلى عدة عوامل، منها الخمول البدني الناتج عن نقص النشاط الحركي الذي لا يتجاوز 60 دقيقة من النشاط المعتدل إلى الشديد يوميا، بالإضافة إلى استهلاك سعرات حرارية تزيد عن احتياجات النمو اليومية.
وأضافت أن العوامل البيئية تؤدي دورا مهما، مثل توافر الأطعمة عالية الطاقة والسكر، وقلة تشجيع ممارسة الرياضة في المدارس والمجتمع، كما أن للعامل الوراثي نصيبا كبيرا يتراوح بين 25% إلى 40% من التباين في الوزن، حيث تؤثر الجينات على الشهية وكمية الأيض.
أما عن تأثير السمنة على صحة الطفل، فقالت إنها تزيد من خطر الإصابة بأمراض مزمنة مثل السكري، وارتفاع ضغط الدم، وأمراض القلب، فضلا عن الأضرار النفسية مثل ضعف الثقة بالنفس والانعزال الاجتماعي، وأوضحت أن من أبرز الأسباب الغذائية المساهمة في السمنة الإفراط في تناول الأطعمة عالية الطاقة كالوجبات السريعة، والرقائق، والمعجنات، إلى جانب المشروبات المحلاة كالعصائر المعلبة والمشروبات الغازية، كما يسهم قلة تناول الألياف الناتجة عن انخفاض استهلاك الخضروات والفواكه والحبوب الكاملة، إلى جانب الوجبات غير المنظمة بتناول الوجبات الخفيفة المتكررة دون ضبط الحصص، في تفاقم المشكلة.
وأكدت الدكتورة إيمان أن الوراثة تؤثر في سمنة الأطفال لكنها تتفاعل دائما مع نمط الحياة والعادات الغذائية، مشيرة إلى أن الطفل يقلد الأهل، فإذا كانت العادات المنزلية غير صحية، يزداد احتمال إصابته بالسمنة. كذلك، فإن الإفراط في استخدام الأجهزة الإلكترونية يقلل من النشاط البدني ويزيد من فرص تناول الطعام أثناء الجلوس لفترات طويلة.
وأكدت على أهمية اتخاذ الأسرة خطوات فاعلة عند ملاحظة زيادة مفرطة في وزن طفلها، منها التقييم الطبي والتغذوي الذي يشمل قياس الطول والوزن، وتحليل دهون الجسم، وفحص علامات مقاومة الأنسولين، بالإضافة إلى وضع خطة غذائية شخصية بمتابعة أخصائي تغذية، مع ضبط السعرات وتوزيع المغذيات، مشيرة إلى أهمية زيادة النشاط البدني اليومي ليصل إلى 60 دقيقة تشمل اللعب الحر أو الرياضات المنظمة، مع ضرورة تقديم الدعم النفسي للطفل لتعزيز صورته الذاتية وتحفيزه دون لوم أو انتقاد.
وحول إشراك الطفل في خطة علاجية دون التأثير سلبًا على حالته النفسية، أكدت الدكتورة إيمان الهنائية على أهمية استخدام لغة إيجابية تركز على صحة الطفل وليس فقط على الوزن، مشددة على ضرورة إشراك الطفل في اختيار الأطعمة والنشاطات التي يفضلها، مما يعزز من التزامه ويحفز استمراريته في الخطة العلاجية.
وفيما يتعلق بالمدة الزمنية التي يحتاجها الطفل لبدء ملاحظة تحسن في وزنه عند اتباع الخطة الغذائية، أوضحت أن التحسن التدريجي يمكن أن يُرى عادةً خلال فترة تتراوح بين شهر إلى ثلاثة أشهر، وهذا يعتمد بشكل كبير على عمر الطفل ودرجة التزامه بالخطة الموضوعة.
أما عن النصائح الغذائية التي تحمي الطفل من السمنة، فقد أشارت إلى أهمية تناول الوجبات في أوقات منتظمة، وتقليل كمية السكريات، بالإضافة إلى الإكثار من الخضروات والفواكه الطازجة، والحد من تناول الوجبات السريعة التي تحتوي على سعرات عالية وقيمة غذائية منخفضة.
ولفتت الدكتورة الهنائية إلى أهمية التوعية المبكرة حول التغذية الصحية لدى الأطفال، مؤكدة أن تبني العادات الصحية في مراحل الطفولة المبكرة يقي من الإصابة بالسمنة، ويساهم في ترسيخ سلوك غذائي سليم يستمر معهم مدى الحياة، محذرة سمنة الطفولة لا تقتصر أضرارها على الوقت الحاضر فقط، بل تؤثر بشكل كبير على الوزن والصحة في المستقبل، حيث تزيد من خطر الإصابة بأمراض مزمنة مثل السكري، وارتفاع ضغط الدم، وأمراض القلب والشرايين. ولهذا، فإن الوقاية تبدأ من المنزل بالتوعية المستمرة، والتشجيع على الحركة اليومية المنتظمة، وتوفير بيئة غذائية صحية داخل المنزل والمدرسة.