غزاوي أفرجت عنه إسرائيل: إذا عادوا للقبض علي أفضل الموت
تاريخ النشر: 20th, February 2025 GMT
قالت صحيفة لوتان السويسرية إن أحد سكان غزة أفرجت عنه إسرائيل في إطار اتفاق وقف إطلاق النار، قدم لها شهادة نادرة قال فيها إنه لم يعد خائفا من الإسرائيليين لأنه لم يعد لديه ما يخسره، ولكنه أكد أنه لن يسمح لهم بأخذه حيا مرة أخرى، وإذا عادوا فهو يفضّل الموت على العودة إلى سجونهم ومعاناة المزيد من ظلمهم وتعذيبهم.
وأوضحت الصحيفة -في تقرير بقلم شارلوت غوتييه من القدس- أن بلال (30 عاما) من مخيم جباليا شمال قطاع غزة، وهو أب لـ4 أبناء، وكان قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول موسيقيا، ومعجبا بالمطربة المصرية الشهيرة أم كلثوم، ولكنه اليوم أصبح مجرد ظل لشخصيته السابقة.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2رجل عصابات أميركي: أنا الذي قتلت كينيديlist 2 of 2لوفيغارو: ترامب مرآة تعكس ضعف أوروبا وجبنها وأخطاءها الإستراتيجيةend of listبدأت مشاكل بلال، وفقا للصحيفة، منذ عام بالضبط عندما غادر جباليا مع عائلته بأوامر من جيش الاحتلال الإسرائيلي ولجأ إلى أحد مستشفيات الهلال الأحمر في خان يونس جنوب القطاع، وقد حاصر الإسرائيليون المدينة والمستشفى وبعد فترة من الوقت، "طلبوا منا مغادرة المستشفى -كما يقول- وعند مروري قالوا لي مرحبا. أنت الرجل ذو القميص الأحمر تعال هنا. وضعوني جانبا وجردوني من ملابسي. كنت تحت المطر في البرد. ضربوني. أهانوني. أذلوني. ثم اعتقلوني".
تجويع وتعذيب
نقل بلال من دون محاكمة -كما تقول الصحيفة- من سجن إلى سجن على مدى الأشهر التالية، وسجن في عدة قواعد عسكرية حول غزة، ثم في سجن بالقدس ثم في سجن عوفر" قرب رام الله، وكلها كانت "مراكز اعتقال عسكرية وليست سجونا تقليدية".
إعلانويقول: "خلال الشهرين الأولين بقيت معصوب العينين ومقيد اليدين طوال الوقت. كان علينا أن نجلس أو نركع 18 ساعة يوميا"، مشيرا إلى أنه عانى من الجوع لأنه لم يكن يحصل إلا على "قطعتين من الخبز" يوميا.
ويصف بلال رفض الإسرائيليين علاج السجناء قائلا "لقد أصبنا جميعا بالجرب، وكنا نخدش أنفسنا حتى تنزف الدماء. أصبحت جروحنا ملتهبة ومتقيحة"، ويصف أيضا العقوبة البدنية قائلا "كنا نتعرض للضرب 4 مرات يوميا. وهناك باب على كل سجين أن يخرج يديه من خلاله ليتلقى الضرب بالهراوات".
لم يحصل بلال خلال كل هذا الوقت على أخبار عما يحدث في الخارج، ولم تكن لديه أدنى معلومة عن مصيره، ويقول إنه لم يمثل أمام قاض قط، ولم توجه له أي تهمة، وإنما "أجروا مكالمة هاتفية أمامي ربما مع المحكمة وقالوا لي أنت عضو في منظمة إرهابية وعلى هذا الأساس سوف تبقى في السجن".
فرحة منغصةومن دون تفسير، تقول لوتان، تم نقل بلال مع زملائه من سجن عوفر إلى وجهة مجهولة، وفي الطريق "تعرضوا للضرب -كما يقول- ثم فجأة توقف الضرب ورأيت موظفي اللجنة الدولية للصليب الأحمر، فقلت لرفاقي سوف يعالجوننا"، ولم تكن لديه فكرة عن إطلاق سراحه، ولكن أحد عناصر المخابرات الإسرائيلية أبلغه بذلك.
ويضيف بلال "مررنا واحدا تلو الآخر أمام أحد الضباط. قال لي نحن نطلق سراحك، لذلك أحذرك لا تستأنف أنشطتك الإرهابية، ولا تنضم إلى أي جماعة مسلحة. مكثنا أسبوعا بعد ذلك قبل إطلاق سراحي السبت، الثامن من فبراير/شباط مع 111 أسيرا من سكان غزة".
فرح بلال فرحا عظيما، ويقول: "اتصلت بزوجتي وفرحت كثيرا حين أخبرتني أنها على قيد الحياة هي وأولادنا وأمي وإخوتي وأخواتي"، وبالفعل التقى بلال عائلته وعاد إلى منزله في مخيم جباليا شمال قطاع غزة، لكن قسوة الواقع سرعان ما أذهبت فرحته.
يقول بلال إنه يشعر "بالاكتئاب" في هذا المخيم المدمر بالكامل، إذ لم يبق من مبنى عائلته سوى الهيكل فقط، و"يحاول أخي أن يجد لي بعض الأغطية البلاستيكية لنضعها مكان الجدران لحمايتنا قليلا من البرد"، كما يوضح هذا الأب بصوت متعب.
إعلانالمصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
بلال قنديل يكتب: حياة بلا عنوان
ليس أصعب على الانسان من ان يستيقظ كل صباح وهو لا يعرف لماذا يفعل ما يفعل.
يمضي يومه بين العمل والمهام العادية وكأن الحياة مجرد واجب روتيني لا روح فيه.
حين نفتقد الغاية الحقيقية يصبح كل ما نعيشه مجرد خطوات ميكانيكية بلا شعور، ونكتشف بعد مرور سنوات اننا لم نتقدم حقا، بل كنا ندور في دائرة مغلقة.
كثيرون يعيشون حياة بلا عنوان حين ينغمسون في الروتين اليومي من عمل وضغوط واحتياجات مادية دون ان يسألوا انفسهم لماذا يفعلون ذلك. تمر الايام وتتشابه الصباحات والليالي حتى يصبح العمر سلسلة من التكرار الخالي من الروح.
يصبح النجاح مجرد ارقام في حساب مصرفي او ترقيات وظيفية لا تعني شيئا للقلب.
الحياة بلا عنوان تشبه سفينة بلا وجهة. قد تتحرك بسرعة وقد تبحر في محيط واسع لكنها في النهاية تظل عالقة بين الامواج بلا ميناء. وفي لحظة ما حين يتوقف المرء ليتأمل ما مضى يدرك انه عاش كثيرا لكنه لم يعش حقا. عاش ليناسب توقعات الاخرين او ليتفادى الخسارات لكنه لم يمنح نفسه فرصة لاختيار الطريق الذي يؤمن به.
لكي نخرج من هذه الدائرة نحتاج الى لحظة صدق مع الذات. لحظة نسأل فيها بجرأة: ما الذي يجعل حياتي ذات قيمة حقيقية. قد يكون الهدف هو السعي نحو العلم او خدمة الاخرين او بناء اسرة صالحة او تطوير المجتمع او حتى اكتشاف الذات. المهم ان نجد خيطا واضحا يربط بين كل ما نفعل ويمنح الاحداث المتفرقة انسجاما ومعنى.
لا احد يولد ومعه عنوان جاهز للحياة. العنوان يتشكل من التجارب والاخطاء والقرارات الصغيرة التي نأخذها كل يوم.
يتشكل حين نتعلم كيف ننهض بعد السقوط وحين نتمسك بما نؤمن به رغم الصعاب. العنوان الحقيقي لا يمنح لنا من الخارج بل ينبع من الداخل من رغبتنا في ان نترك اثرا طيبا في هذا العالم.
من يعيش بلا عنوان يظل مشتتا بين رغبات متغيرة واهداف سطحية. اما من يضع لحياته عنوانا فيعرف متى يقول نعم ومتى يقول لا.
يعرف ما يستحق التضحية وما يمكن تجاوزه. العنوان يجعل الانسان اكثر تماسكا وثباتا امام تقلبات الايام.
قد يظن البعض ان العنوان يجب ان يكون عظيما وضخما مثل انقاذ العالم او تحقيق انجازات خارقة. لكن الحقيقة ان العنوان قد يكون بسيطا مثل ان تكون انسانا صالحا يسعى لنشر الخير في محيطه الصغير. البساطة لا تقلل من القيمة بل تمنحها صدقا وواقعية.
في النهاية تبقى الحياة بلا عنوان حياة ناقصة مهما كانت مليئة بالاحداث. والاحداث مهما تنوعت تبقى مجرد فصول متفرقة ان لم يجمعها هدف واضح وروح تسعى الى معنى اكبر. العنوان ليس ترفا فكريا بل هو حاجة انسانية تمنحنا القوة على الاستمرار وتجعلنا نعيش بدلا من ان نمضي فقط.