المجاهد خليل الحية يزأر من طهران لرفع صوت المقاومة لتحرير كامل تراب فلسطين
تاريخ النشر: 23rd, February 2025 GMT
استمع الرأي العام الإسلامي والعربي والدولي للخطاب السياسي التاريخي المقاوم الذي وجهه احد انبل الشرفاء من قادة الحركة الإسلامية الفلسطينية ( حماس ) المجاهد / خليل الحيّة من طهران عاصمة الجمهورية الإسلامية الإيرانية ، وقال ما مضمونه بأن معركة طوفان الأقصى المبارك قد اختلط فيه دماء الشهداء الأحرار من امتنا الإسلامية الحرة المقاومة ، دماء الشهداء من فلسطين ، والعراق ، ولبنان ، واليمن ، وايران .
أعلنها بشموخ عال من احد الساحات وأمام حشود من الملايين الإيرانيين المحتفلين بالذكرى السنوية للثورة الإيرانية العظيمة بقيادة مرشد الثورة الإسلامية الإمام المجاهد / آية الله الخميني رحمة الله عليه.
هذه شهادة عظيمة من مجاهد بطل أطلقها من ارض حرة بطلة مقاومة ، تعتز بها الأمة الإسلامية كلها من جاكرتا عاصمة إندونيسيا شرقاً وحتى كازابلانكا العاصمة التجارية للمملكة المغربية غرباً ، كما قد أعلنها في وقت سابق الشهيد القائد المجاهد / إسماعيل هنية وكذلك الشهيد المجاهد البطل / يحيي السنوار رحمة الله على جميع شهداء الأمة العربية والإسلامية جميعا.
السؤال الكبير وربما هذا السؤال يتحول إلى إدانة دامغة موجهة ضد حكام الدول العربية الإسلامية ومعهم علمائهم ومثقفيهم وصحافييهم وكتابهم وعسسهم جميعاً من الأمتين الكبيرتين دون استثناء ، أين انتم يا هؤلاء القوم طيلة 15 شهراً في معركة طوفان الأقصى المبارك ؟ ، أين تضامنكم الفعلي ؟ أين مشاركتكم المباشرة في تلك المعركة التي كانت هي المعركة الفاصلة والحاسمة بين الحق الفلسطيني الواضح البين ، وبين الباطل اليهودي الصهيوني الإسرائيلي البواح ؟ ، ماذا ستقولون للأجيال القادمة عن مواقفكم المتخاذلة والمترددة والهزيلة ، وهنا نقصد بإشارتنا للدول العربية والإسلامية القادرة الغنية الثرية والمدججة بأحدث الأسلحة والتكنولوجيا العسكرية .
المؤكد في الأمر بأن حكام تلك الدول العربية والإسلامية كانت تشاهد ليل نهار ، وعبر القنوات التلفزيونية المقاومة والجهادية مثال ، قناة الميادين واليمن والعالم والمسيرة واليمن اليوم من صنعاء ، وحتى القنوات الأجنبية مثال RT الروسية ، وال BBC البريطانية ، فرنسا 24 ، وقناة الجزيرة القطرية التي تنقل أخبار مجاهدي المقاومة الفلسطينية وأخبار بطولات جيش العدو الإسرائيلي الصهيوني في ذات الوقت كي توازن بحيادية إعلامية نسبية ، وغيرها من وسائل الإعلام والشبكات والمواقع الإلكترونية التي أصبحت يملئ بها فضاؤنا العام ، كل تلك القنوات والمنصات تنقل وبشكل حي ومباشر جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي بحق أهلنا الفلسطينيين في قطاع غزه ، تنقل تلك القنوات الفضائية وبشكل مباشر معاناة وآلام ودموع الأطفال والنساء والشيوخ ، جراء إجرام العصابات الصهيونية بحق أهلنا الفلسطينيين.
ألا ينطبق على كل فرد عربي ومسلم لم يشعر بوخز الضمير ولا بالرعب والخوف والزلزال النفسي لكيانه الإنساني تجاه ما حدث من إجرام صهيوني إسرائيلي تجاه أهلنا الفلسطينيين لأزيد من عام وثلاثة اشهر ونيف ، هل بقيت في هؤلاء القادة العرب والمسلمين وبقية البشرية من بقايا أخلاق إنسانية ومسحة دينية وعروبية وهم يشاهدون كل تلك المشاهد المروعة لجرائم الصهاينة ! ! ! .
بعد خسارة الفلسطينيين الأحرار ل قرابة سبعين الف شهيد و شهيدة ومفقود وأزيد من 110 الف جريح وجريحة جلّهم من الأطفال والنساء والشيوخ من كبار السن ، وتدمير ما يزيد عن ستين 60 % من البنية التحتية لقطاع غزة ، بعد كل تلك الجرائم ، ولازال جميع الحكام العرب المطبعين بمن فيهم السلطة اللا وطنية الفلسطينية في رام الله وأريحا والضفة الغربية لازالت تنسق امنياً ضد المقاومة الفلسطينية المجاهدة ، ولازال القادة العرب المطبعون يرفعون أعلام ورايات الكيان الإسرائيلي اليهودي الصهيوني في عواصم دولهم المطبعة ، ولازالت العلاقات الدبلوماسية الإسرائيلية العربية المطبعة قائمة وكان شيئاً لم يحدث .
انه عار اسود وخزي أزلي سيبقى يلطخ وجوه هؤلاء الحكام العرب الجبناء والمثقفين العربان المنخفضة إنسانيتهم وعروبتهم ودينهم إلى يوم الدين ، والله انه عار وخزي ما بعده خزي وعار سيسجله التاريخ بأحرف من الذلة والمهانة والهوان والسقوط الأخلاقي ، وستتحدث عنا الأمم الأجنبية بالشماتة والازدراء في قادم الأيام.
لقد حاصر الصهاينة الإسرائيليون أهلنا الفلسطينيين في قطاع غزة لأزيد من عام وثلاثة اشهر ، كما حاصر الحكام العرب أهلنا في القطاع ، لقد حاصروهم من الغذاء والدواء والملبس وحتى الخيام كون منازلهم قد دمرها العدو الإسرائيلي ، لكن وللعجب العجاب قد سمح حكام مشيخة الإمارات العربية ومملكة البحرين والمملكة السعودية والمملكة الأردنية الهاشمية جميعهم سهلوا للعدو الإسرائيلي نقل البضائع والإمدادات الغذائية الطازجة والجافة عبر الطريق البري الصحراوي ( العروبي ) لتوصيل البضائع إلى المدن الفلسطينية المحتلة أي إلى مدن يافا وحيفا وتل أبيب والقدس الغربية وصفد والجليل ، تعويضاً للنقص الحاد في المواد الاستهلاكية جراء حصار ميناء الرشراش من قبل الجيش اليمني الذي اغلق الميناء بقرار شجاع ومسؤول من قائد الثورة اليمنية الحبيب / عبدالملك بن بدر الدين الحوثي حفظه الله ورعاه.
ذلك السلوك الشاذ والمشين الذي سلكه حكام وملوك وشيوخ دول مجلس التعاون الخليجي المتصهين ، كان مثار استهجان وسخط واستنكار ونقد حاد من قبل الرأي العام العربي والإسلامي الحر ، وهناك عدد من حكام الدول العربية المطبعة استمروا في توجيه بلدانهم في مواصلة التصدير لاحتياجات العدو الإسرائيلي ، وهذه فضيحة أخلاقية ودينية تلطخ تاريخ هؤلاء الحكام العرب المتصهينين.
نعود إلى موضوع المجاهدين من قادة المقاومة الفلسطينية في قيادة حماس ، والجهاد الإسلامي ، والجبهة الشعبية ، ومجاهدي الأقصى الذين تقاطروا إلى عاصمة المقاومة الإسلامية إلى جمهورية ايران الإسلامية وعاصمتها طهران ، زاروها فرادى وجماعات لتقديم الشكر والعرفان للشعب الإيراني والى قيادته المجاهدة إلى شخص قائد الثورة الإيراني سماحة السيد ؟ آية الله خامنئي .
إذا ما هي دلالات ومعاني تلك الزيارات إلى طهران ؟ : ــــ
اولاً : مثلت جمهورية ايران الإسلامية رأس حربة لمحور المقاومة الجهادية الفلسطينية ضد الكيان الإسرائيلي الصهيوني .
ثانياً : لم تتجه أو تسافر قيادات محور المقاومة الفلسطينية إلا إلى العاصمة الإيرانية طهران ، كي يقدموا آيات الشكر والتبجيل والعرفان من قبل جميع العناصر القتالية المجاهدة في قطاع غزه وكل ارض فلسطين ، ومن جميع الأحرار المجاهدين الفلسطينيين المنتشرين في كل بقاع العالم.
ثالثاً : وكما يقولون بان أهل مكة ادرى بشعابها ، فان صمود وثبات المقاتلين الفلسطينيين في قطاع غزة طيلة 15 شهراً ، يعيشون ويخططون للخطط العسكرية ضد المحتل الإسرائيلي في داخل الأنفاق العنكبوتية المتشعبة والعميقة ، ويحتفظون بالأسرى اليهود الصهاينة ، وينتجون الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة مع ذخائرها وعتادها ، كل ذلك بفضل من الله جل في علاه ، وبفضل الدعم المادي والتقني الإيراني المباشر .
رابعاً : لماذا لم يتجه القادة الفلسطينيون المقاومون المجاهدون إلى العواصم العربية أو الإسلامية الأخرى ، لأن المقاومين الفلسطينيين يدركون تمام الإدراك بأن الحكام العرب بالذات وحتي عدد من القادة المسلمين الآخرين أكانوا رؤساء أو ملوكاً هم اقرب في علاقاتهم للعدو الإسرائيلي ، ولديهم صلات تنسيقية أمنية وثيقة مع الكيان الإسرائيل الصهيوني .
خامساً : لقد اصبح من البديهيات والمسلمات في تحليل السياسات العامة في الوطن العربي وفي الشرق الأوسط كما يسمونه هكذا في الإعلام الغربي ، بان كيان العدو الإسرائيلي مسند و مدعوم كلياً من كيان الولايات المتحدة الأمريكية ، وقد قال رئيس أمريكا USA / جو بايدن بعد اندلاع حرب طوفان الأقصى المبارك بأيام فحسب ، وهو يترأس جلسة الحكومة الصهيونية العسكرية المصغرة بالقول [ إذا لم تكن هناك دولة اسمها إسرائيل في الشرق الأوسط فعلينا تأسيسها و خلقها من جديد ]. كان يردد أقواله بنفس صهيوني مقيت.
سادساً : في معركة طوفان الأقصى المبارك تحالفت قوى الشر الصهيونية في العالم وساندوا كيان العدو الإسرائيلي ، وقد مثل تحالف الصهاينة اليهود والأمريكان والأوربيين والحكام والعرب وبعض الحكام المسلمين مثال الجمهورية التركية و قطاع واسع من المثقفين والصحفيين العرب للأسف ، جميع هؤلاء شكلوا حلفاً عدوانياً قذراً لمساندة جيش الكيان الإسرائيل المحتل ، وضد الشعب الفلسطيني الأعزل في قطاع غزه الأبية .
سابعاً : لم يعد للمقاومين الفلسطينيين الأحرار من ملاذ ولا سند سوى محور المقاومة في الجمهورية اليمنية وعاصمتها صنعاء ، ولبنان والعراق وجمهورية ايران الإسلامية ، وجميع الأحرار في العالم ، هؤلاء وحدهم يشكلون الداعم المادي والمالي واللوجستي والمعنوي والسياسي للمجاهدين الفلسطينيين الأحرار ، أما الحكام العرب فهم قد باركوا للقضاء على المقاومة الفلسطينية الحرة مع تصفية القضية الفلسطينية بالتطبيع مع الكيان الصهيوني الإسرائيلي .
الخلاصة : طالما وهناك احتلال يهودي صهيوني لأرض فلسطين التاريخية ، ومدعوم بدعم غير محدود ولا مشروط من قبل حكومات الولايات المتحدة الأمريكية المتصهينة ، وكذلك الحكومات الأوربية المتصهينة وكذلك الحكام الأَعْرَاَبْ الصهاينة الخونة للقضية الفلسطينية ودماء الشهداء الأحرار ، طالما وهم كذلك ، فإن هناك محور مقاوم مجاهد قائم ، يتكون من اليمن العظيم ، والعراق المجاهد ، ولبنان البطل ، وايران الثورة المناصرة لمحور الجهاد والمقاومة ، هدفه الرئيس هو إفشال وإبطال المشاريع السياسية الأمريكية والأطلسية الصهيونية في عالمنا العربي ، وطرد المحتل الاستعماري الأجنبي من ارض فلسطين المقدسة.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
في جذور تخلي العرب عن فلسطين كما فضحته مقتلة ومجاعة غزة
يبدو أن آفة حارتنا ليست النسيان فقط كما قال نجيب محفوظ. في الحقيقة آفات حارتنا العربية عديدة لعل من أخطرها الكسل الفكري، والذي يمتد حتى في فهم الحوادث الكبرى شديدة الوطأة التي تجري وقائعها أمامنا على الهواء مباشرة مثل صمت، وتخاذل بل وتواطؤ العرب إزاء مقتلة ومجاعة غزة المهولة. إذ نكتفي بالتوصيفات البلاغية عن وهن الجسد العربي وموت النظام العربي بل ويصل البعض إلى استخدام التفسير الديني «في غير موضعه» عن أن هذا الخذلان سببه ترك الحكام والشعوب الدين وطاعة الله!!
الحقيقة أن الجريمة العربية متكاملة الأركان إزاء ترك مليونين من الفلسطينيين يبادون بالقنابل الأمريكية أو يموتون جوعا بالحصار الصهيوني ما يقرب من سنتين كاملتين ليست إلا جزءا من سياق جريمة أكبر هي تخلي العرب عن فلسطين نفسها قضية وشعبا ومقاومة. فأداء بعض النظم العربية القائمة على رداءته الشديدة ليس إلا امتدادًا لأداء رديء للنظم السابقة عليها يؤرخ له المفكر الفلسطيني المعروف منير شفيق بعام ١٩٧٤ وأميل أنا إلي تأريخه بعام ١٩٧٠. أما الأخطاء الفلسطينية التي استغلها الحكام العرب كذريعة إضافية للهروب من سكة فلسطين المليئة بالتضحيات فيعود إلي ستينيات القرن الماضي. المصيبة الأكبر أن هذه الأخطاء الفلسطينية التي توفر مزيدا من الذرائع لعرب أمريكا في ترك فلسطين وشعبها العزل ما زالت قائمة حتى الآن.
هذه قراءة في سياق التخلي العربي عن فلسطين الذي قاد أمتنا إلى أكبر عار قومي وأخلاقي وإنساني في تاريخها الحديث إزاء حرب الإبادة والتجويع غير المسبوقين في التاريخ المعاصر.
غياب عبدالناصر: في حالة عبد الناصر وفلسطين على وجه الخصوص يمكن دون مجازفة القول إن وجود هذا القائد على رأس أكبر دولة عربية لعب دورا حاسما في ربط القضية الفلسطينية بالعالم العربي وجعل إعادة حقوق شعبها المشروعة المسؤولية الأولى للنظام الإقليمي العربي وجعل الشعوب التي كانت تصدقه وتتبعه من المحيط إلى الخليج في مسألة الالتزام بالمواجهة مع إسرائيل معيار المحاسبة الصارم لشرعية أو عدم شرعية أي نظام عربي. يعترف باحثون عرب بأن عبد الناصر في الخمسينيات والستينيات جعل من فلسطين نجمة العرب وربط بين حركة التحرر العربي وحركة التحرر الفلسطيني. وجعل المهمة الأولى لحركة النضال العربية هي بناء القوة للجيوش النظامية العربية لتفكيك المشروع الإحلالي الوظيفي والمهمة الثانية هي دعم حركة التحرر الفلسطينية وبالتحديد مقاومته المسلحة بالسلاح والتدريب والتمويل وبناء المكانة الدولية.
بغياب عبد الناصر عقد السادات معاهدة كامب ديفيد وأخرج مصر من المواجهة العسكرية مع إسرائيل لكن قبلها كان السادات وحلف واشنطن العربي الذي بدأ في التجرؤ على صدارة المشهد العربي بعد وفاة عبدالناصر قد ساهموا في قرار يعتبره المفكر الفلسطيني البارز منير شفيق بداية التخلي المصري والعربي عن فلسطين، هذا القرار هو الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية في مؤتمر الرباط ١٩٧٤ ممثلا شرعيا للشعب الفلسطيني وهو قرار ظاهره الرحمة وباطنه العذاب، إذ إن الدوافع الحقيقية لدى المعسكر المحافظ الذي تنفس الصعداء ورفع رأسه بعد وفاة عبد الناصر كانت إلقاء العبء على الفلسطينيين والتخفف من حمولة المواجهة والكفاح وتركهم بمفردهم. نتائج قرار الرباط لم تنتظر سوى ست سنوات فقط حتى يتضح مغزاها الحقيقي وهو رفع العرب يدهم عن الفلسطينيين وحشرهم في الزاوية بمفردهم أمام آلة الحرب الإسرائيلية في غزو لبنان ١٩٨٢. لم يتحرك أحد لإنقاذ المقاومة الفلسطينية كما أنقذها عبد الناصر وحمى سلاحها في لبنان ٦٩ والأردن ٧٠. في ١٩٨٢ أجبرت منظمة التحرير على التخلي عن سلاحها والانسحاب لتونس وهذا التخلي الذي دفع في اتجاهه هذا المعسكر المحافظ لم يكن له نهاية إلا اتفاق سلام مجحف آخر هو اتفاق أوسلو ٩٣.
وهم أن المقاومة الفلسطينية بديل عن الحاضنة العربية وبديل عن انخراط العرب في المواجهة العسكرية مع إسرائيل، هذا هو السبب الثاني الذي استغله عرب أمريكا لتعزيز مخطط الفرار من عبء فلسطين، فبعد هزيمة ٦٧ نشأت أوهام وهي أن الكيانية الفلسطينية يمكن أن تحل محل مسؤولية العرب ككل عن فلسطين وبدأت أقلام في التنظير لـ «كيانية فلسطينية» مستقلة عن الهوية العربية للصراع مع إسرائيل، بل إن البعض وصل إلى حد القول إنهم سيصبحون البديل لعبد الناصر في قيادة الأمة وشن حرب شعبية تحل محل الجيوش النظامية. هذه الفكرة سرعان ما تلقفها النظام العربي بعد عام ١٩٧٠والذي كان انتقل من معاداة الإمبريالية إلى الخضوع لها لكي يعزز تنصله من مسؤوليات مالية وعسكرية كانت حركة التحرر العربي تفرضها عليهم. ووضعوا هذه الذريعة تحت شعار مراوغ آخر هو «نقبل ما يقبل به الفلسطينيون». يقول باحثون: إنه شعار لم يتم صكه إلا بعد أن تأكد هؤلاء من أن قيادة م.ت.ف. بدأت السير في طريق التنازلات.
الانقسام الفلسطيني سبب ثالث: بغض النظر عن رواية الانقلاب على الديمقراطية التي فسرت به حماس ورواية الانقلاب على الشرعية التي فسرت بها فتح انقسام ٢٠٠٧ وانفصال غزة فإن النتيجة كانت إضافة سهم مسموم آخر في جعبة جماعات كوبنهاجن وأوسلو ووادي عربة واتفاقات ابراهام للخروج من معطف فلسطين الذي سبق وأن دثرت به حركة التحرر العربي في الخمسينيات والستينيات روح وجسد الأمة حربا ودبلوماسية وفنا وأدبا وشعرا ونثرا، غناء وسينما ومسرح حتى استحوذت على القلوب والعقول العربية. زعم هنا بعض العرب ولماذا ندعم شعب بات هدف قادته الصراع على السلطة.
لابد من الاعتراف بأن الدول الكبيرة في الإقليم مصر والعراق وسوريا التي كانت تشكل مع الأردن ولبنان الطوق أو النطاق المحاصر للكيان الإسرائيلي والمرتبطين مباشرة بالجغرافيا والتاريخ والأمن الوطني بفلسطين تراجعت أدوارهم في التفاعلات الإقليمية، هذا التراجع تم لصالح بعض دول الخليج الغنية الراغبة في أدوار إقليمية طموحة. هذه الدول لا تعتبر نفسها جغرافيا أو وجدانيا مرتبطة الصراع، وتم تصميم هندسة نظام البتر ودولار وفكرة الحماية الأمريكية للمنطقة بصورة لا تجعل هذه الدول عندما تتصدر المشهد السياسي العربي راغبة في الحروب مع إسرائيل لأن في ذلك إغضاب ومواجهة مع الولايات المتحدة ولهذا كان سهلا على بعضها التوقيع على مسار التطبيع الإبراهيمي.
سبب رابع ساهم في التخلي العربي عن فلسطين ألا وهو التغيير الذي طرأ على هيكل الطبقات الاجتماعية في العالم العربي بعد إشارة البدء للعهد الرأسمالي للمنطقة الذي أطلقه - كما أطلق مشوار الصلح مع إسرائيل - انتهاج مصر الدولة الكبرى لسياسة الانفتاح الاقتصادي. هذا التغيير والذي ازداد شراسة مع انفلات الرأسمالية المالية من عقالها وسيطرتها على النظام الرأسمالي العالمي وظهور النيو ليبرالية أدي لنشأة طبقة رأسمالية عربية غير منتجة مرتبطة بالرأسمال العالمي بدأت في احتكار الثروة وزاوجت في عدد من البلدان بين الثروة والسلطة، هذه الطبقات تعرف أن حماية الرأسمالية العالمية لمصالحها ورضا صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وغيرها من المؤسسات المالية الدولية مرتبط برفضها لفكرة المقاومة وبتخليها الفعلي عن فلسطين وعن فكرة الصراع مع إسرائيل.