يُعتبر قرار تشكيل حكومة موازية الذي نتج عن مؤتمر قوى المعارضة بالعاصمة الكينية نيروبي تطورًا بالغ الأهمية في مسار الأزمة السودانية و خطوة غير مسبوقة في التاريخ السياسي السوداني الحديث. ذلك لأنه لم يُسجل في أي مرحلة من مراحل الصراع بين الحكومة المركزية والمعارضة السودانية ( قوى سياسية أو حركات الكفاح المسلح ) ان تم اتخاذ مثل هكذا قرار.

وكلنا يتذكر معارضة القوى السياسية لنظام الإنقاذ واحد والتي اتخذت أشكالًا متعددة، بدءًا من تأسيس التجمع الوطني الديمقراطي الذي كان مقره في إريتريا، وصولًا إلى تشكيل جيش لمواجهة حكومة الإنقاذ. كما نتذكر الهجمات الشهيرة مثل ضربة كسلا وهجمات جنوب طوكر وكسرة عقيق. ورغم كل تلك الأحداث التي أدت إلى قطيعة سياسية بين الحكومة والمعارضة، لم يدفع ذلك السياسيين في التجمع الوطني الديمقراطي آنذاك إلى إنشاء حكومة موازية في المناطق المحررة.
و يسجل التاريخ ان الجبهة الوطنية ضد نظام مايو، و التي اتخذت من ليبيا قاعدة لتدريب جيشها ومنطلقًا لشن هجومها على الخرطوم في الغزوة المشهورة بهجوم المرتزقة في سبعينات القرن الماضي. و بالرغم من معارضته العنيفة لنظام نميري الا انها لم تتبنى حينها خيار إنشاء حكومة منفى واظن مرد ذلك لتقدير السياسيين السودانيين في ذلك الوقت خطورة هكذا قرار على مستقبل السودان باعتباره مدخل لمشروع تقسيم الدولة السودانية.
كما أن تاريخ الصراع بين الحكومة المركزية وحركات الكفاح المسلح، منذ بداية الحرب الأهلية في الجنوب و مرورا بدارفور والنيل الأزرق وجبال النوبة وشرق السودان، لم يشهد ان اتجهت أي حركة مسلحة نحو إنشاء حكومة موازية في مناطق سيطرتها. وعلى الرغم من أن تلك المناطق ظلت لفترة طويلة خارج سيطرة الحكومة المركزية بشكل فعلي .
كان للانفصال تأثير عميق على السودان من الناحية التاريخية، حيث أسفر عن تداعيات كبيرة على الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية. من أبرزها تغيير الخريطة الجيوسياسية للبلاد، إذ فقدت الدولة المركزية السيطرة على مساحات شاسعة من أراضيها وسكانها وسلطتها السياسية.
كما أدى الانفصال إلى نزوح ملايين الأشخاص، سواء من الجنوب إلى الشمال أو بالعكس، مما خلق أزمة إنسانية كبيرة أثرت على العديد من العائلات التي كانت تعيش على جانبي الحدود.
علاوة على ذلك، ساهم الانفصال في إضعاف الهوية الوطنية في السودان، حيث تجدد الصراع المرتكز على جدل الهوية السودانية هل هي أفريقية أم عربية إسلامية و اطروحات المركز و الهامش و عدالة تقسيم الثروة والسلطة واستمرت النزاعات المسلحة في مناطق جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور وشرق السودان .
تستمر تجربة الانفصال بين الشمال والجنوب، التي عاشها السودانيون في كلا الدولتين، في التأثير بشكل كبير على الأبعاد السياسية والاجتماعية والاقتصادية في البلدين. و يبقى السؤال:
لماذا يفضل السياسيون في السودان تعقيد الحلول بدلاً من تبسيطها ؟ هذا التساؤل موجه لكلا الطرفين:
الجيش، الذي يمثل الإسلاميين الذين يستعدون للعودة إلى كراسي السلطة حاضنته الشرعية ،
والدعم السريع، الذي تمثل القوى الموقعة في نيروبي شرعيته الجديدة للحكم .

[email protected]  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

«سدايا» شريك استراتيجي لهاكاثون أبشر طويق من خلال تحكيم الحلول التقنية المقدّمة

شاركت الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي «سدايا» بصفتها شريكًا استراتيجيًا في أكبر هاكاثون في العالم «هاكثون أبشر طويق»، الذي أعلنت عنه وزارة الداخلية بالشراكة مع أكاديمية طويق.

جاء ذلك ضمن فعاليات مؤتمر أبشر 2025، المقام تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية، بمشاركة أكثر من 4 آلاف مواطن ومواطنة من مختلف أنحاء المملكة، خلال الفترة من 11 إلى 13 ديسمبر، في مركز واجهة الرياض للمعارض والمؤتمرات.

ويكمن دور "سدايا" في تحكيم وتقييم الحلول التقنية المقدمة في الهاكاثون ودعم الابتكار المرتبط بالبيانات والذكاء الاصطناعي، وذلك في إطار جهودها الوطنية بتمكين القدرات الوطنية، ودعم منظومة الابتكار التقني، وتعزيز توظيف الذكاء الاصطناعي والحلول الرقمية المتقدمة في تطوير الخدمات الحكومية.

#سدايا تشارك كمحكّم في #هاكاثون_أبشر_طويق، في إطار الشراكة الاستراتيجية، لفعاليات مؤتمر أبشر، دعمًا للابتكار التقني وتمكين الحلول القائمة على البيانات والذكاء الاصطناعي، وتعزيزًا لتطوير الخدمات الرقمية والأمنية. pic.twitter.com/72hjrV4PoU

— SDAIA (@SDAIA_SA) December 12, 2025 الذكاء الاصطناعيأخبار السعوديةابشر طويققد يعجبك أيضاًNo stories found.

مقالات مشابهة

  • في كلمته بمؤتمر «مستقبل أكثر استدامة».. محمد العلي: هندسة الحلول وصناعة الأثر الحقيقي
  • معكم حكومة بريطانيا.. المكالمة التي تلقتها الجنائية الدولية بشأن نتنياهو
  • عاجل- السيسي وماكرون يناقشان تطورات غزة والضفة الغربية ويؤكدان دعم الحلول السياسية العادلة
  • «سدايا» شريك استراتيجي لهاكاثون أبشر طويق من خلال تحكيم الحلول التقنية المقدّمة
  • مسيرة لقوات الدعم السريع تستهدف حي طيبة شرقي مدينة الأبيض السودانية
  • ما الدول التي يفضل «ترامب» استقبال المهاجرين منها؟
  • ترامب يكشف عن الدول التي يفضل استقبال المهاجرين منها
  • شراكة بين «آر آي كيو» و«سويس ري» لتعزيز الحلول القائمة على الذكاء الاصطناعي
  • الدويري: أخشى أن تنقسم الجغرافيا السودانية كما هو الحال في ليبيا
  • صلاح يفضل الاستمرار في أوروبا ويعرض نفسه على ثلاثة أندية كبرى