في تطور جديد يعيد إلى الواجهة واحدة من أكثر القضايا إثارة للجدل في الولايات المتحدة، تصاعد الجدل السياسي والإعلامي حول ملفات رجل الأعمال الراحل جيفري إبستين، المتهم بالاتجار الجنسي واستغلال القاصرات. صحيفة واشنطن بوست كشفت أن الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب يواجه ضغوطًا متزايدة بعد قرار إدارته عدم الإفصاح عن وثائق مرتبطة بالقضية، في وقت بدأت فيه أصوات داخل الكونغرس تطالب بالتحقيق وكشف المستور.

تصويت غير مسبوق في الكونجرس.. استدعاء الإدارة والملفات

في خطوة تُعد الأولى من نوعها، صوتت لجنة فرعية في مجلس النواب الأمريكي لصالح استدعاء إدارة ترامب بهدف الحصول على ملفات مرتبطة بإبستين.

 المفارقة أن هذا التحرك لم يأت فقط من الديمقراطيين، بل حظي بدعم ثلاثة نواب جمهوريين أيضًا، ما يعكس اتساع رقعة الانقسام داخل الحزب الجمهوري.

النائب الديمقراطي سومر لي كان صاحب المبادرة، إلا أن التحرك أصبح رسميًا بعد دعمه من قبل بعض الجمهوريين، وبموجب لوائح المجلس، ينتظر الآن أن تصدر اللجنة الكاملة بقيادة الجمهوري جيمس كومر قرارات الاستدعاء خلال الأيام المقبلة.

شخصيات سياسية بارزة على قائمة التحقيقات

لم يتوقف الأمر عند استدعاء ملفات ترامب، بل صوتت اللجنة أيضًا على استدعاء جميع الاتصالات المتعلقة بإبستين بين إدارة الرئيس السابق جو بايدن ومسؤولين آخرين، بالإضافة إلى عدد كبير من الشخصيات البارزة من الإدارات الجمهورية والديمقراطية المتعاقبة.

وتضم القائمة أسماء ثقيلة مثل الرئيس الأسبق بيل كلينتون وزوجته وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون، ومدراء مكتب التحقيقات الفيدرالي السابقين، إلى جانب وزراء عدل سابقين من إدارات مختلفة، بل حتى المدعي الخاص روبرت مولر.

شهادة ماكسويل المرتقبة.. محطة مفصلية

أصدر كومر، رئيس لجنة الرقابة، أمرًا باستدعاء جيسلين ماكسويل، الشريكة السابقة لإبستين والمدانة في قضايا جنسية، للإدلاء بشهادتها الشهر المقبل في جلسة استماع تعقد بولاية فلوريدا. شهادة ماكسويل قد تكون مفتاحًا لفك غموض ملفات إبستين، خاصة في ظل تسريبات بأن أسماءً من الوزن الثقيل قد ترد في تلك الوثائق.

انقسام جمهوري ورسائل الناخبين

واشنطن بوست رصدت انقسامًا آخذًا في التنامي داخل صفوف الجمهوريين، في وقت يستعد فيه النواب لقضاء عطلتهم البرلمانية التي تمتد لخمسة أسابيع، يستمعون خلالها إلى ناخبيهم الذين يبدون اهتمامًا كبيرًا بهذه القضية. ويبدو أن هناك مخاوف متزايدة لدى بعض الجمهوريين من أن تتوسع القضية لتشمل وجوهًا مؤثرة في الحزب.

ملفات إبستين.. عاصفة لم تهدأ

ما بين مطالبات بكشف المستور، واستدعاءات تطال رموزًا من مختلف الإدارات، يبدو أن قضية إبستين لم تُغلق بعد، بل تحولت إلى كرة نار تتدحرج في قلب المشهد السياسي الأمريكي. ومع تصدعات داخل الحزب الجمهوري وتنامي الضغوط الشعبية، قد تحمل الأسابيع القادمة تطورات مفصلية، ليس فقط في قضية إبستين، بل في مصير شخصيات كانت في قلب السلطة لعقود.

طباعة شارك الولايات المتحدة واشنطن ترامب الكونغرس دونالد ترامب إبستين

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الولايات المتحدة واشنطن ترامب الكونغرس دونالد ترامب إبستين

إقرأ أيضاً:

باول يواجه عاصفة ترامب .. صمود من أجل استقلالية الفيدرالي أم مواجهة تكسير عظام؟

كشف رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، جيروم باول، لمقربين وحلفاء، أنه لن يرضخ لدعوات الرئيس دونالد ترامب المتكررة للاستقالة، مؤكدًا عزمه الصمود في وجه حملة الضغط غير المسبوقة التي يشنّها الرئيس ضده بسبب رفضه خفض أسعار الفائدة.

وبحسب مصادر مطلعة، يرى باول أن بقاءه في منصبه لا يتعلق باعتبارات شخصية فحسب، بل بمستقبل استقلالية الاحتياطي الفيدرالي ذاته، موضحًا أن استقالته في هذا التوقيت ستُفسَّر كخضوع للتدخل السياسي، ما من شأنه تقويض مبدأ استقلال البنك المركزي الأمريكي الذي يعود لعقود.

ترامب يقلّل من أهمية اعتراف فرنسا بدولة فلسطين: "تصريح بلا وزن ولن يغيّر شيئًا"ترامب: حماس لا تريد التوصل إلى اتفاق .. ويجب القضاء عليها

وقال السيناتور الجمهوري مايك راوندز من ساوث داكوتا، والذي ناقش الأمر شخصيًا مع باول: "إنه يشعر بقوة أن من واجبه الحفاظ على استقلالية الفيدرالي... سألته إذا ما كان يفكر في الاستقالة، فأجابني: لا، لأن ذلك سيضعف استقلال المؤسسة".

إصرار باول على إكمال ولايته حتى مايو 2026 يعني أنه سيظل هدفًا لهجمات البيت الأبيض، الذي صعّد من ضغطه على الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة. وقد زادت هذه الضغوط من التدقيق السياسي في قرارات المؤسسة، وأثارت مخاوف جديدة بشأن التدخل السياسي في السياسات النقدية.

وبصفته خبيرًا اقتصاديًا متمرسًا سبق أن خدم في إدارة جورج بوش الأب، اشتهر باول خلال أكثر من عقد قضاها في الاحتياطي الفيدرالي بأنه شخصية مستقلة غير منحازة، تتخذ قراراتها بناءً على معطيات اقتصادية دقيقة، وهو ما أكسبه دعمًا من الحزبين الجمهوري والديمقراطي عند تعيينه رئيسًا للفيدرالي في 2017.

لكن هذه الموضوعية التي جذبت ترامب في ولايته الأولى تحوّلت إلى مصدر توتر في المرحلة الحالية. فالرئيس ترامب عبّر مرارًا عن استيائه من رفض باول الاستجابة لدعواته المتكررة لخفض الفائدة، وذهب مؤخرًا إلى وصفه بـ"السيئ"، قائلًا: "إنه كأنك تتحدث إلى كرسي... بلا شخصية".

**"إما أن يقفز أو يغلي"**

في الأسابيع الأخيرة، صعّد ترامب من هجماته على باول، متمنيًا علنًا استقالته، ومتّهمًا إياه بمحاولة تقويض رئاسته، وواصفًا إياه يوميًا بأوصاف مثل "الأبله"، و"الغبي"، و"من أسوأ التعيينات التي قمت بها".

كما كثّف مساعدو ترامب وحلفاؤه من ترويج شائعات لا أساس لها عن استقالة وشيكة لباول، في حين فتح البيت الأبيض تحقيقات في تجاوزات مالية مزعومة في مشروع تجديد مقر الفيدرالي الذي تبلغ كلفته 2.5 مليار دولار، في محاولة لتقديمها كذريعة لإقالته.

وفي خطوة رمزية، زار ترامب الخميس مقر الفيدرالي لمعاينة مشروع التجديد، حيث رافقه باول بنفسه خلال الجولة. وأثناء الزيارة، كرر ترامب مطالبته بخفض الفائدة، وصفع باول على ظهره مازحًا: "أحب أن تقوم بخفضها".

وقال ترامب خلال الزيارة: "كل ما أريده هو شيء واحد... خفض أسعار الفائدة".

ورغم تصاعد الهجوم، شدد ترامب على أنه لا ينوي إقالة باول، استجابة لتحذيرات مستشاريه من أن ذلك قد يؤدي إلى انهيار الأسواق المالية وإحداث أزمة اقتصادية.

وبدلاً من ذلك، يواصل ترامب ممارسة أقصى ضغط ممكن على باول في محاولة لدفعه إلى الاستقالة، مستخدمًا مشروع التجديد كأداة ضغط دعائية، في ظل معاناة الأميركيين من تكاليف المعيشة وارتفاع أسعار الفائدة.

وقال أحد مستشاري ترامب: "كل يوم يقضيه جيروم باول في واشنطن هو هدية للرئيس... إما أن يقفز أو يغلي"، مشبّهًا الحملة بالأسلوب المعروف لغلي الضفدع ببطء حتى لا يشعر بالخطر.

وقد رفض متحدث باسم الفيدرالي التعليق، مكتفيًا بالإشارة إلى تصريحات باول السابقة التي أكد فيها التزامه بإكمال ولايته كاملة.

**بين الصلابة والمصالحات المؤقتة**

ورغم العاصفة السياسية، أكد باول لمقربين أنه مستمر في التركيز على عمله، رافضًا إدخال السياسة في قراراته المتعلقة بالسياسة النقدية.

وأثمر هذا النهج هدوءًا نسبيًا في نبرة ترامب الخميس، بعد محادثة وصفها بـ"البناءة" خلال زيارته لمقر الفيدرالي، حتى أنه امتنع عن تكرار انتقاداته لمشروع التجديد.

وقال ترامب بعد الزيارة: "لا أريد أن أكون ذلك الشخص الذي ينتقد بأثر رجعي... المشروع خرج عن السيطرة، وهذا يحدث أحيانًا".

لكن هذه الهدنة قد لا تدوم طويلاً، إذ من المتوقع أن يُبقي الفيدرالي على أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماعه الأسبوع المقبل، على أن يؤجل أي تخفيضات محتملة إلى الخريف — قرار قد يغضب ترامب، الذي يعتبر خفض الفائدة أداة لدفع عجلة الاقتصاد قبل انتخابات منتصف الولاية المقبلة.

ويُصر باول في العلن والسر على أن القرارات يجب أن تبقى مستندة إلى الاعتبارات الاقتصادية وحدها، بعيدًا عن الأهواء السياسية.

وقال بيل إنجلش، أستاذ الاقتصاد في جامعة ييل والمدير السابق لقسم الشؤون النقدية بالفيدرالي: "أفضل وسيلة دفاع للفيدرالي هي اتخاذ السياسات الصحيحة... أشعر بالأسف على باول، لكن أفضل ما يمكنه فعله هو الصمود والمضي قدمًا في السياسة النقدية السليمة".

**دعم ديمقراطي متجدد**

وخارج دائرة ترامب، نال باول إشادة من الديمقراطيين، رغم الانتقادات التي وُجهت إليه خلال فترة إدارة بايدن، بسبب رفعه المستمر للفائدة لمواجهة التضخم، وهو ما أثار مخاوف من إدخال الاقتصاد في ركود.

لكن كثيرًا من المسؤولين السابقين في إدارة بايدن باتوا الآن يرون في باول درعًا يحمي استقلالية الفيدرالي، محذرين من العواقب إذا ما استقال تحت الضغط.

وقال جاريد برنستين، الرئيس السابق لمجلس المستشارين الاقتصاديين في إدارة بايدن: "إنه يضع مصلحة المؤسسة فوق مصلحته الشخصية... لو كنت مكانه، وأنا في الثانية والسبعين، وأتعرّض للإهانة اليومية من الرئيس، لبدت لي فكرة التقاعد مغرية. لكنني أؤمن حقًا أن باول يحمي المؤسسة".

أما الجمهوريون، فقد دعت بعض أصواتهم البيت الأبيض إلى التخفيف من حدة الهجوم على باول، محذّرين من أن استمراره قد يُضعف مصداقية الفيدرالي، كما أن خفض الفائدة سيكون أكثر فاعلية إذا لم يكن محاطًا بشبهات الضغط السياسي.

وقال السيناتور مايك راوندز: "غالبية أعضاء مجلس الشيوخ يدركون تمامًا حساسية الأسواق لأي تلميح بتعرّض الفيدرالي للضغط... باول في الموقع الصحيح. إنه موقع صعب، لكنني أكن له الاحترام على موقفه".
 

طباعة شارك جيروم باول مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي جورج بوش الأب

مقالات مشابهة

  • ترامب يهرب من جدل إبستين في واشنطن إلى رحلة مليئة بالغولف في اسكتلندا
  • باول يواجه عاصفة ترامب .. صمود من أجل استقلالية الفيدرالي أم مواجهة تكسير عظام؟
  • فضيحة إبستين تعصف بواشنطن.. صمت الضحايا وتحوّلات عميقة | تقرير
  • صحفي: ترامب لا يشعر بالارتياح تجاه اللوبي الداعم لإثيوبيا داخل واشنطن
  • الغارديان: ترامب موجود في ملفات وزارة العدل عن تاجر الجنس إبستين
  • واشنطن تلوّح بعقوبات على مسؤولين من جنوب أفريقيا
  • إتجار بالبشر وتحـ.رش بالأطفال... ترامب يواجه ضغوطًا جمة بسبب إبستين
  • استدعاء كلينتون ومسؤولين للتحقيق في قضية إبستين وماكسويل
  • مصادر لـCNN: وزيرة العدل الأمريكية أبلغت ترامب بوجود اسمه في ملفات جيفري إبستين