في عالم يعج بالمعلومات والأخبار، تقف وكالة “رويترز” كواحدة من أهم مصادر الأخبار في العالم، حيث تنقل الأحداث لحظة بلحظة إلى جميع أنحاء المعمورة. ولكن كيف بدأت هذه الوكالة؟ وكيف تحولت من فكرة بسيطة إلى إمبراطورية إعلامية عالمية؟ للإجابة على هذه الأسئلة، لا بد من العودة إلى مؤسسها، جوليوس رويتر، الرجل الذي أحدث ثورة في عالم الصحافة والإعلام.

البدايات: من ألمانيا إلى إنجلترا

وُلد جوليوس رويتر عام 1816 في ألمانيا باسم “إسرائيل بير يوسافات”، لكنه غيّر اسمه لاحقًا بعد اعتناقه المسيحية. بدأ حياته المهنية في مجال الطباعة والنشر، لكن شغفه بنقل الأخبار بسرعة وبدقة دفعه إلى البحث عن وسائل أكثر كفاءة من الصحف التقليدية التي كانت تعتمد على المراسلين اليدويين.

مع ظهور التلغراف في منتصف القرن التاسع عشر، أدرك رويتر أن هذه التكنولوجيا يمكن أن تُحدث تغييرًا جذريًا في عالم الأخبار. لكنه قبل ذلك، لجأ إلى وسيلة غير تقليدية آنذاك: الحمام الزاجل!

الابتكار الأول: الحمام الزاجل وسرعة نقل الأخبار

في عام 1850، أنشأ رويتر خدمة لنقل الأخبار الاقتصادية بين بروكسل وأخن (في ألمانيا) باستخدام الحمام الزاجل، مستغلًا سرعتها مقارنة بالبريد التقليدي. كان هذا الحل فعالًا لأنه سدّ الفجوة بين شبكتي التلغراف في فرنسا وألمانيا في ذلك الوقت. هذا الابتكار جعله مصدرًا موثوقًا لتجار البورصة، الذين كانوا بحاجة إلى معلومات سريعة لاتخاذ قراراتهم.

ثورة التلغراف وبداية “رويترز”

مع انتشار التلغراف الكهربائي، قرر رويتر الاستفادة من هذه التقنية الحديثة، وانتقل إلى لندن عام 1851 حيث أسس وكالته الإخبارية “رويترز”، مستغلًا موقع العاصمة البريطانية كمركز تجاري وسياسي عالمي. بدأ بتزويد الصحف بأخبار الأسواق المالية، ثم توسّع ليشمل الأخبار السياسية والعامة.

في عام 1858،وقع رويتر اتفاقية مع وكالة “هافاس” الفرنسية و”وولف” الألمانية لتبادل الأخبار، مما عزز موقع وكالته عالميًا.

التوسع والاعتراف العالمي

خلال العقود التالية، تمكنت “رويترز” من تحقيق نجاحات كبيرة، أبرزها:

• تغطية الحروب والصراعات الدولية، مثل الحرب الفرنسية-البروسية عام 1870.

• استخدام الكابلات البحرية لنقل الأخبار بسرعة فائقة عبر القارات.

• بناء شبكة مراسلين دولية جعلتها المصدر الأول للأخبار العالمية.

في عام 1878، حصل رويتر على لقب “بارون” تقديرًا لجهوده في تطوير الإعلام.

الإرث الذي تركه رويتر

توفي جوليوس رويتر عام 1899، لكنه ترك وراءه إرثًا إعلاميًا لا يزال قائمًا حتى اليوم. أصبحت “رويترز” واحدة من أكبر وكالات الأنباء في العالم، حيث توفر الأخبار لملايين الأشخاص يوميًا عبر مختلف المنصات. كما استمرت في التطور، معتمدة على التكنولوجيا الحديثة مثل الإنترنت والذكاء الاصطناعي.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: التلغراف رويترز الصحف الحمام الزاجل الأخبار السياسية المزيد

إقرأ أيضاً:

نقل الأتربة.. رويترز تكشف عن عملية سرية لطمس جرائم الأسد

نفذ نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد على مدى عامين قبل سقوطه عملية سرية لنقل آلاف الجثث من إحدى كبريات المقابر الجماعية المعروفة في سوريا إلى موقع سري يبعد أكثر من ساعة بالسيارة في الصحراء النائية، وفق تحقيق أجرته وكالة رويترز.

وبحسب التحقيق، نقل الجيش في عهد الأسد بين عامي 2019 و2021 آلاف الجثث لمعتقلين قضوا تحت التعذيب من مقبرة جماعية في القطيفة وحفر ثانية ضخمة في الصحراء خارج بلدة الضمير.

وأُطلق على عملية نقل الجثث من القطيفة إلى موقع آخر سري على بُعد عشرات الكيلومترات اسم "عملية نقل الأتربة".

وقال الشهود إن الهدف من العملية كان التستر على جرائم حكومة الأسد والمساعدة في تحسين صورتها.

ولم تفصح رويترز في تحقيقها عن موقع المقبرة الدقيق لتقليل احتمال عبث المتسللين بها، قائلة إنها ستصدر قريبا تقريرا خاصا يشرح بالتفصيل كيفية تنفيذ حكومة الأسد العملية السرية وكيف كشف الصحفيون عنها.

خندق غير مكتمل حُفر لنقل جثث القتلى إلى مقبرة جماعية في الصحراء قرب بلدة الضمير بشرقي سوريا (رويترز)مقبرة واسعة

واكتشفت رويترز أن المقبرة الجماعية الواقعة في صحراء الضمير تضم ما لا يقل عن 34 خندقا بطول كيلومترين لتكون من أوسع المقابر الجماعية التي حُفرت خلال سنوات الثورة السورية ومواجهة النظام لها بالقمع.

وتشير روايات الشهود وأبعاد الموقع الجديد إلى احتمال دفن عشرات الآلاف من الأشخاص هناك.

وبدأت حكومة الأسد دفن القتلى بالقطيفة في عام 2012 تقريبا، مع اندلاع المواجهات المسلحة بين النظام والمعارضين.

وقال الشهود لوكالة رويترز إن المقبرة الجماعية ضمت جثث جنود وسجناء لقوا حتفهم في سجون الأسد ومستشفياته العسكرية.

أعوام من النقل

ونشر ناشط سوري في مجال حقوق الإنسان صورا لوسائل إعلام محلية عام 2014 كشفت عن وجود مقبرة القطيفة وموقعها العام على مشارف دمشق. وقد تحدد موقعها الدقيق بعد بضع سنوات من خلال شهادات في المحاكم وتقارير إعلامية أخرى.

إعلان

وقال شهود شاركوا في العملية إنه في الفترة من فبراير/شباط 2019 إلى أبريل/نيسان 2021، كانت تتحرك من القطيفة إلى موقع الضمير في الصحراء من ست إلى ثماني شاحنات محملة بالتراب والرفات البشري وذلك على مدى أربع ليال تقريبا كل أسبوع.

ولم تتمكن رويترز من تأكيد ما إذا كانت جثث من أماكن أخرى قد وصلت أيضا إلى الموقع السري، ولم تعثر على أي وثائق تشير إلى عملية "نقل الأتربة" أو المقابر الجماعية بشكل عام.

وقال جميع من شاركوا بشكل مباشر في العملية إنهم يتذكرون الرائحة الكريهة بوضوح، ومن بينهم سائقان وثلاثة من فنيي إصلاح السيارات وسائق جرافة وضابط سابق من الحرس الجمهوري التابع للأسد شاركوا فيها منذ بدايتها.

صورة التقطتها طائرة مسيرة لآثار جرافات على التربة التي تغطي خندق دفن في مقبرة جماعية قرب بلدة الضمير (رويترز)إخفاء الأدلة

وقال الضابط السابق من الحرس الجمهوري إن فكرة نقل آلاف الجثث وردت في أواخر 2018 عندما اعتقد الأسد أنه اقترب من تحقيق النصر في الحرب السورية.

وأضاف الضابط أن الأسد كان يأمل في استعادة الاعتراف الدولي بعد تهميشه لسنوات جراء العقوبات واتهامات بالوحشية.

ونقلت رويترز عن سائقين قولهما إن القادة العسكريين أبلغوهما أن مغزى عملية النقل هو تطهير مقبرة القطيفة الجماعية وإخفاء أدلة على عمليات قتل جماعي.

وأفاد سائقون وفنيو إصلاح سيارات وغيرهم ممن شاركوا في عملية نقل الجثث بأن إفشاء أمر العملية السرية كان يعني موتا حتميا.

وشدد أحد السائقين على أنه "لا أحد يقدر يخالف الأوامر، وإلا أنت نفسك تنتهي في الحفر".

وبحلول الوقت الذي سقط فيه نظام الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول الماضي، كانت كل الخنادق الـ16 التي وثقتها رويترز سابقا في القطيفة قد أخليت.

مصير مجهول للآلاف

وقالت منظمات حقوقية سورية إن ما يربو على 160 ألف شخص اختفوا في ظل جهاز الأمن الضخم للرئيس السوري المخلوع، ويُعتقد أنهم مدفونون في عشرات المقابر الجماعية التي أمر بحفرها.

ويمكن أن يقدم التنقيب المنظم وتحليل الحمض النووي تفاصيل عما تعرض له هؤلاء الأشخاص، مما يخفف من وطأة أحد أكثر الأحداث إيلاما في تاريخ سوريا.

ولكن في ظل نقص الموارد في سوريا، فإنه حتى المقابر الجماعية المعروفة غالبا ما تكون غير محمية ولم ينقب عنها أحد.

ولم يصدر قادة البلاد الجدد حتى الآن أي وثائق تتعلق بالأفراد المدفونين هناك، رغم المطالبات المستمرة من عائلات المفقودين.

حاجة للتأهيل

من جهته، قال رئيس الهيئة الوطنية للمفقودين (حكومية) محمد رضا جلخي إن التحدي هو التعامل مع عدد كبير من المفقودين قد يصل إلى عشرات الآلاف.

وتابع أن "الحاجة اليوم إلى تأهيل كوادر متخصصة لأننا نتعامل مع ملف علمي يحتاج إلى كوادر متخصصة في الطب الشرعي والبصمة الوراثية، وهذا يحتاج إلى وقت لبناء هذه الكوادر".

وتعليقا على نتائج تقرير رويترز، قال محمد العبد الله المدير التنفيذي للمركز السوري للعدالة والمساءلة، وهي منظمة سورية معنية بتتبع المفقودين والتحقيق في جرائم الحرب، إن وقع نقل الجثث عشوائيا مثل ما حدث من القطيفة إلى الضمير كان كارثيا على عائلات القتلى.

إعلان

وأضاف العبد الله أن "تجميع هذه الجثث معا حتى يتسنى إرجاع الرفات كاملا إلى العائلات سيكون أمرا معقدا للغاية"، ووصف إنشاء لجنة المفقودين بأنه خطوة إيجابية من الحكومة الجديدة.

واستطرد أن اللجنة تحظى بدعم سياسي، لكنها لا تزال بحاجة إلى الموارد والخبراء.

مقالات مشابهة

  • رويترز: توقعات بإعادة فتح معبر رفح أمام المسافرين غدا
  • رويترز: توقعات بمعاودة فتح معبر رفح بين مصر وغزة أمام المسافرين غدا
  • الفاتيكان يعتزم إرسال 5 آلاف جرعة مضاد حيوي لأطفال غزة
  • نقل الأتربة.. رويترز تكشف عن عملية سرية لطمس جرائم الأسد
  • خالد أبو بكر: شرم الشيخ كانت محط أنظار العالم بتغطية إعلامية غير مسبوقة
  • رويترز: حماس أبلغت الوسطاء ببدء نقل 4 محتجزين متوفين لإسرائيل في العاشرة مساء
  • مصرع 14 شخصا في فنزويلا جراء انهيار منجم شرقي البلاد
  • بو عاصي: حزب عاجز عن المواجهة لكنه قادر على توريط لبنان
  • “حماس”: انتهينا من الترتيبات اللازمة لتسليم أسرى الاحتلال لكنه يتلكأ
  • “يديعوت أحرونوت”: نتنياهو يسوّق اتفاق غزة كإنجاز لكنه لم يهزم حماس!