هذا الصباح البارد، ذو الأنفاس المنعشة، يُشعرني بالأمل، يبدو ما حولي مبتسما، ومتفائلا، أغسل وجهي من غبش الليل، أنظر من النافذة على مشهد الشمس وهي تتوارى خلف الحجب، أشعر بطاقة إيجابية غير عادية تلفني، إنه يوم مثالي لإنجاز معاملتي التي انتظرتها منذ زمن، وما زلتُ أنتظر فصل الخطاب من مدير الدائرة، لذلك سأتحرك الآن فـي هذا الجو المشبع بالجمال، والمليء بالطاقة الإيجابية، وسأذهب إلى الوزارة لأتابع ما بدأته قبل سنة، ولسوء الحظ ـ أو ربما لسوء التنسيق ـ ما زالت المعاملة عالقة بين دائرتين لا يفصل بينهما سوى طابق واحد.
طاقتي الإيجابية فـي أقصى درجاتها، أركب السيارة، وأسير بنشوة وهدوء، وصوت «فـيروز» يغرّد بأغنية «عصفور طل من الشبّاك..»، الطريق مزدحم ككل صباحات مسقط، تأتي سيارة من الخلف تتجاوز الجميع من الخط الأصفر، لتتخطى طابور السيارات، مشهد يثير الاستفزاز، ولكن لا بأس الشرطة ستقوم بواجبها، صوت أبواق السيارات تتعالى حين تتأخر الإشارة الضوئية عن التغيير من الأحمر، حادث بسيط أمامي، يقف الشارع، يخرج السائقان ليتبادلا «المعلومات» حول المتسبب بالحادث، يطول طابور السيارات، وتبدأ فوضى خروج المركبات عن خط مسارها، لتتجاوز مكان الحادث، لا أحد يتيح لي فرصة الدخول أمامه، إلى أن تأتي الشرطة، وينتهي المشهد، أواصل القيادة إلى الوزارة المعنية، أصل متأخرا عن موعدي بساعة كاملة، استنفدت فـيها بعض طاقتي الإيجابية فـي الطريق، ولكن ما زلتُ أحتفظ بالكثير منها.
أبحث عن موقف لسيارتي فـي المواقف الخارجية، ألفّ، وأدور عدة مرات إلى أن أجد مكانا أركن فـيه، «أضبّط» العمامة، وأضع اللمسات الأخيرة قبل الدخول على المدير، أصطف فـي طابور آخر أمام البوابة الداخلية للوزارة، يسألني حارس الأمن عن وجهتي، وسبب زيارتي، وهل لدي موعد مسبق؟، أجيبه بـ«نعم»، يرفع سماعة الهاتف، ويتصل بمكتب المدير ليتأكد، لا أحد يرد، يطلب مني حارس الأمن «الانتظار دقيقة»، أمتثل للأمر، تمر الدقائق بطيئة، أكثر من نصف ساعة وأنا أنتظر الرد الحاسم، أخيرا، يأتي الفرج، أتحرك إلى مكتب المدير، يقابلني المنسق، بوجه عبوس، «انتظر..المدير فـي اجتماع»، أنتظر فـي الغرفة المجاورة، أنظر إلى الساعة وهي تمر ببلادة غريبة، وطاقتي الإيجابية تبدأ فـي النزول قليلا، قليلا.
ساعتان، أو أكثر، وأنا أنتظر، أخيرا، انتهى الاجتماع، أذهب إلى المنسق ليأذن لي بالدخول، يخبرني أن هناك مواعيد أخرى سبقتني، وأن عليّ الانتظار، أعود إلى الغرفة، يدخل أحدهم على المدير، ساعة أخرى كاملة وأنا أقاوم الغضب، يخرجون بعدها وهم يبتسمون، موعد الدوام يشارف على الانتهاء، وما زلتُ على دكّة الانتظار، لم يبق غيري فـي المكتب، ذهبتُ إلى المنسق ليأذن لي بالدخول، أخبرني أن «معاليه» اتصل بالمدير، وخرج على عجل، وقد يعود، وقد يتأخر، وقد لا يعود.
«ومعاملتي؟!!» أسأل المنسق، يجيبني: «لما يرجع المدير»، «ومتى يرجع؟»..» لا أعلم، ولكنه سيعود بعد شهرين لأن إجازته تبدأ غدًا»!!..
نفدت الطاقة الإيجابية التي شحنتُ بها نفسي منذ الصباح، وعدتُ مملوءًا بالغضب، وخيبة الأمل، ومشحونا بطاقات من السلبية التي حاولتُ التخلص منها، ولو مؤقتا، وستظل المعاملة فـي درج المدير إلى ما شاء الله ـ، تنتظر «التوقيع»، والإفراج.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
المدير الإقليمي للبنك الأوروبي: نستهدف التعاون والشراكة مع مصر
قال المدير الإقليمي للبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية لمنطقة جنوب وشرق المتوسط: " المنطقة في خضم نزاعات مما يزيد من التوترات على صعيد الاقتصاد الكلي خلال الأسبوع الأخير".
وأضاف خلال كلمته بانطلاق فعاليات مؤتمر التمويل الإنمائي لتمكين القطاع الخاص، بحضور رئيس الوزراء: "الاتفاقيات بين البنك الأوروبي وبين مصر من أجل التعاون والشراكة بين القطاعين الخاص والعام، أمر هام للغاية بالنسبة للحيز المالي".
قال الدكتور مصطفي مدبولي، رئيس مجلس الوزراء: "إن اجتماعنا اليوم يجسد اقتناعا راسخا أن القطاع الخاص ليس مجرد شريك، بل هو محرك رئيسي لمسيرة النمو الاقتصادي فى مصر، فقد أثبت القطاع الخاص قدرته على تمويل أكثر من 80% من فرص العمل، ويمثل اليوم نحو 70% من الناتج المحلي الإجمالي ليصبح العمود الفقري لاقتصادنا الوطني".
وأضاف أن الدولة قامت خلال السنوات الماضية بدور حيوي يتمثل فى تنفيذ استثمارات ضخمة فى البنية التحتية، شهدت تطوير الطرق والسكك الحديدية وتوسيع شبكات الطاقة والمطارات، وكانت هذه الاستثمارات خطورة استراتيجية لتهيئة بيئة داعمة ينطلق منها القطاع الخاص.