نيويورك تايمز: قمة بريكس تحظى باهتمام غير عادي وبوتين يسعى لحشد الدعم لصالحه
تاريخ النشر: 23rd, August 2023 GMT
ذكرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أن قمة مجموعة البريكس - التي تضم خمس دول هي البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا - بدأت اجتماعاتها أمس وحظت بمتابعة كبيرة لا سيما أنه يتم التركيز خلال هذه الاجتماعات على ما إذا كان ينبغي توسيع نطاق المجموعة وكيفية العمل لتصبح بمثابة ثقل يوازن القوى الغربية.
ولفتت الصحيفة إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يسعى في الوقت ذاته إلى حشد جهود الدول الأعضاء في مجموعة بريكس التي يشارك فيها عبر الفيديو، للوقوف إلى جانب موسكو.
وأفادت الصحيفة - في تقرير عبر موقعها الإلكتروني اليوم الأربعاء - بأنه في خطاب أمام زملائه من زعماء المجموعة، ألقى بوتين باللوم على الغرب في خروج روسيا من اتفاقية صادرات الحبوب الأوكرانية التي ساعدت في استقرار الإمدادات الغذائية العالمية وأسعارها، وهو أمر بالغ الأهمية ويثير قلق العديد من الدول النامية، بما في ذلك دول الكتلة.
وأشارت الصحيفة إلى أن الحرب واحتمال التوسع الكبير لمجموعة البريكس، فضلا عن التوترات المتزايدة بين الصين والولايات المتحدة، هي عوامل جذبت اهتماما غير عادي نحو القمة التي عقدت وسط الأبراج الزجاجية اللامعة في الحي التجاري في جوهانسبرج.
وينظر أعضاء البريكس، إلى المجموعة باعتبارها نواة لكتلة دبلوماسية واقتصادية لموازنة التحالفات التي يهيمن عليها الغرب مثل مجموعة السبع.. فيما تقدمت عشرات الدول الأخرى بطلبات للانضمام، تتصدرها مصر والمملكة العربية السعودية وإندونيسيا والأرجنتين، في الجزء العلوي من القائمة.
وأنشأت البريكس، بنك التنمية الجديد، ومقره في شنغهاي كبديل لمؤسسات مثل البنك الدولي لتوفير التمويل للدول النامية، كذلك ناقشت تبني عملة جديدة لتقليص اعتماد المجموعة على الدولار في التجارة الدولية.
وقالت نيويورك تايمز إنه رغم ذلك فإن الدول في المجموعة لديها مصالح مختلفة للغاية، مما يجعل من الصعوبة بمكان إيجاد أرضية مشتركة.. ففي حين تعرضت البرازيل والهند وجنوب إفريقيا لانتقادات في الغرب لعدم إدانتها الحرب الروسية، إلا أن جميعها ترغب في الإبقاء على علاقات جيدة مع الولايات المتحدة وأوروبا، وكذلك مع الصين وروسيا.
وألقى وزير التجارة الصيني، وانج وينتاو، خطاب الرئيس شي جين بينج، قائلا إن مجموعة البريكس "ليست ممارسة للانحياز إلى أحد الجانبين، وليست ممارسة لخلق مواجهة جماعية" "إنها بالأحرى مسعى لتوسيع بنيان السلام والتنمية".
وعملت الصين -مثل روسيا- على تنمية العلاقات مع الدول الإفريقية ودول أخرى خارج الهياكل الاقتصادية والأمنية الرئيسية التي تهيمن عليها الولايات المتحدة وأوروبا، بما في ذلك حلف شمال الأطلنطي ومجموعة السبع والاتحاد الأوروبي.. ويرغب شي في توسيع مجموعة البريكس.
ودعا الرئيس البرازيلي لويز إيناسيو لولا دا سيلفا في القمة، إلى تعزيز بنك التنمية الجديد، لافتا إلى أن إفريقيا -مثل البرازيل- تتحمل عبئا غير عادل نتيجة لتغير المناخ، ويمكنهما العمل معا لمكافحة آثاره، ولكن ليس بالشروط التي تمليها القوى الكبرى أو المؤسسات الدولية القائمة.
وقال "لا يمكننا أن نقبل الاستعمار الجديد الجشع الذي يفرض حواجز تجارية وإجراءات تمييزية تحت ستار حماية البيئة".
ووفقا للصحيفة الأمريكية فإن بوتين والحرب الروسية هما من تسلطت الأضواء عليهما خلال القمة.. فقد جدد بوتين تأكيده بأن الإجراءات الغربية ضد روسيا هي التي تسببت في خروج بلاده من اتفاقية الحبوب وعرض تقديم الغذاء المجاني للدول الفقيرة.
وأضاف: "يتم عرقلة روسيا عمدا في إمدادات الحبوب والأسمدة إلى الخارج، وفي الوقت نفسه يتم إلقاء اللوم علينا كذبا في الأزمة الحالية في السوق العالمية".
وعلى الرغم من عدم تحيزه لأي طرف في الحرب، دعا سيريل رامافوسا إلى استئناف صفقة الحبوب وإعادة الأطفال الذين أخذتهم روسيا إلى أوكرانيا، وهي إحدى التهم التي وجهتها المحكمة الدولية ضد بوتين.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: قمة البريكس بريكس مجموعة البریکس
إقرأ أيضاً:
“مجموعة لاهاي” تفضح المشاركة العربية في إبادة غزة
مع وصول الوضع في غزة إلى الحد الأقصى من الجرم التاريخي الذي لم يشهد مثله التاريخ الحديث، شهدت الأيام القليلة الماضية ثلاثة بيانات كاشفة بجلاء تام عن حقيقة المواقف، رغم اتفاق البيانات في العناوين، بينما اختلفت جذريًّا في المضامين.
وهذه البيانات -وفقًا للترتيب الزمني- صدرت من مجموعة لاهاي، ثم بيان موقع باسم 28 دولة، ثم بيان صادر عن مجلس جامعة الدول العربية.
وفيما اشتمل بيان مجموعة لاهاي على خطة من ست نقاط تحمل إجراءات عملية لمحاسبة الكيان المجرم وكبح جماحه، كان البيانان الآخران كالعادة إنشائيين وأجوفين.
واللافت هنا أن الأنظمة العربية تجاهلت مجموعة لاهاي والانضمام إليها واكتفت بحضور رمزي في مؤتمرها الطارئ الأول، ورفض الحاضرون من العرب أن يوقعوا على خطتها باستثناء ثلاث دول، ثم أصدر العرب بيانًا إنشائيًّا من 12 بندًا، وخصصوا منها بندًا للإشادة بالبيان الأجوف الزميل لبيان الدول الأوروبية.
هنا نحن أمام وقفة تحليلية لازمة وكاشفة لحقيقة الموقف العربي، والذي حاول الكثيرون أن يصفوه بالعجز، بينما جميع الشواهد والأدلة تقود إلى وصفه بالتواطؤ الحقيقي، بل والمشاركة في العدوان، وشكلت البيانات الأخيرة محطة فاضحة، وقدمت أدلة عديدة على ذلك، ويمكن استعراض هذه الأدلة تاليًا:
1- في الوقت الذي بدأت فيه “إسرائيل” حرب الإبادة بشكل معلن منذ أكثر من عام وتسعة أشهر، اجتمع العرب على مستوى وزراء الخارجية فقط بعد خمسة أيام من انطلاق المجازر الصهيونية ليعلنوا بيانًا هزيلًا ومريبًا يكاد يساوي بين المقاومة والكيان، وقد تحفظ على البيان النظام السوري السابق ورئيسه بشار الأسد، ثم انتظر العرب ليجتمعوا بعد 34 يومًا من العدوان في قمة وصفت زورًا بالطارئة، وصدر عنها بيانات تطالب وتشجب ولا تقدم حلًّا عمليًّا ولا تستخدم ورقة واحدة من أوراق الضغط.
ووسط اكتفاء العرب بموقفهم المشبوه، قدمت جنوب افريقيا في ديسمبر 2023م، دعوى قضائية أمام محكمة العدل الدولية تتهم فيها “إسرائيل” بارتكاب إبادة جماعية، وكان لهذه الدعوى القضائيّة التي قدّمتها جنوب افريقيا انعكاس على تحركّات عدد من الدول ضد “إسرائيل”، حيث قرّرت حكومتا المكسيك وتشيلي في 18 يناير 2024م اللجوء إلى المحكمة الجنائيّة الدوليّة لمحاسبة “إسرائيل” على انتهاكاتها بحق الفلسطينيين، مشيرتين إلى أن التقارير العديدة من الأمم المتحدة قد تُعد جرائم تقع ضمن اختصاص تلك المحكمة، وهو ما فتح الباب لتصدي المدعي العام للجنائية الدولية للتدخل وإصدار أحكام باعتقال مجرم الحرب نتنياهو ووزير حربه جالانت.
ووسط اكتفاء العرب بالمشاهدة، تأسّست “مجموعة لاهاي” في 31 يناير2025م بهدف ضمان تنفيذ القرارات التي اتخذتها محكمة العدل الدولية بالتدابير الملزمة لوقف العدوان، وتألفت المجموعة من تسع دول مؤسسة، هي: جنوب إفريقيا، ماليزيا، ناميبيا، كولومبيا، بوليفيا، تشيلي، السنغال، هندوراس، وبليز.
والسؤال الأبرز هنا هو لماذا لم يشارك العرب بهذه المجموعة إن كانت فرصة الانضمام للدعوى الجنائية قد فاتتهم؟
2- شارك بعض العرب رمزيا في المؤتمر الطارئ لمجموعة لاهاي، في العاصمة الكولومبية بوغوتا، بمشاركة ممثلين عن 30 دولة، ومن بين الدول الثلاثين المشاركة، لم توقّع سوى 12 دولة على الخطة التي تشمل إجراءات عملية فاعلة، وهذه الدول هي: بوليفيا، كولومبيا، كوبا، إندونيسيا، العراق، ليبيا، ماليزيا، نامبيا، نيكاراغوا، عُمان، سانت فنسنت والغرينادين، وجنوب إفريقيا.
أي أن العرب المشاركين رمزيًا، باستثناء العراق وليبيا وسلطنة عمان، رفضوا التوقيع، كما رفضت تركيا، وهو ما يوجه للعرب نفس الاتهام الذي وجهته المعارضة التركية رسميا لاردوغان، حيث اتهمت المعارضة التركية الحكومة بالاكتفاء بردود فعل خطابية تجاه “إسرائيل”، والامتناع عن اتخاذ خطوات ملموسة خشية إثارة غضب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وهنا لا بد من رصد نقاط خطة مجموعة لاهاي لبيان الفوارق بينها وبين البيانات الخطابية للعرب، حيث تضمنت الخطة النقاط التالية:
– حظراً تاماً على إرسال الأسلحة والذخيرة والوقود المستخدم عسكرياً والمواد ذات الاستخدام المزدوج التي (يمكن استخدامها مدنياً أو عسكرياً) إلى “إسرائيل”.
– منع دخول أي سفن تحمل أسلحة أو ذخائر إلى الموانئ، مهما كانت رايتها، وعدم تزويدها بالوقود أو أي خدمات.
– التزام الدول الموقعة بعدم السماح لسفنها بنقل مواد عسكرية أو وقود أو مواد مزدوجة الاستخدام إلى “إسرائيل”، مع إلغاء علم أي سفينة تخالف ذلك.
– مراجعة جميع الاتفاقيات الحكومية السارية مع “إسرائيل”، وإلغاءها عند الضرورة.
– الامتثال التام لقرارات العقوبات والإجراءات المتخذة بحق “إسرائيل” من قبل الهيئات القانونية الدولية.
– تعديل الأنظمة القضائية الوطنية للدول الموقعة بحيث تسمح بمحاكمة مرتكبي الجرائم في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وهو ما يعني مباشرة أن الدول الرافضة للتوقيع لا تريد الالتزام ببنود الخطة، أي أنها تقوم عمليًّا بأفعال تعاكس هذه البنود مثل تزويد الكيان بالوقود المستخدم في العدوان وكذلك بالخدمات ولا تريد الالتزام بالعقوبات الدولية القليلة التي اتخذت ضد الكيان، كما لا تريد مراجعة اتفاقياتها مع الكيان ولا المشاركة العملية في محاسبة مجرميه.
3- الجامعة العربية أصدرت بيانًا إنشائيًّا جديدًا، يضم 12 بندًا، أي ضعف عدد بنود بيان مجموعة لاهاي، إلا أنه لم يحتوِ على بند واحد عملي، واللافت أن أحد بنود بيان الجامعة العربية، أشاد بالبيان الصادر عن (28) دولة من بينها (21) دولة أعضاء في الاتحاد الأوروبي وكل من المملكة المتحدة وكندا وأستراليا وسويسرا واليابان والنرويج ونيوزيلاندا، وهو بيان مشابه تماما لبيانات الجامعة العربية من حيث المطالبات والإدانات الفارغة.
4- صدرت خطابات قوية غاضبة من جبهات المقاومة، حيث صدرت بشكل طارئ خطابات للإمام السيد علي الخامنئي والسيد عبدالملك الحوثي والأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم، وخرج بيان تاريخي غاضب للمقاومة الفلسطينية على لسان الناطق باسم حركة “حماس” أبي عبيدة، وكلها تصب في أن الوضع المأساوي لغزة لم يعد قابلاً للصمت وسط مشاهد الجوع القاتل والقتل الممنهج لمنتظري المساعدات والمشردين بالخيام، وهو ما قوبل بصمت القبور من النظام الرسمي العربي.
كما صدر بيان للأزهر بشكل استثنائي، وتم حذفه بعد دقائق من نشره، لمجرد أنه انطوى على تلميح بضرورة التحرك العملي، وهو غير مقبول في القاموس العربي الذي لا يعترف إلا بالتحرك اللفظي.
هنا يتشكل يقين بأن الموقف العربي ليس موقفا عاجزا ولا متخاذلا، وأنه موقف متواطئ ومشارك، وبينما امتلكت المعارضة التركية الشجاعة لتتهم اردوغان وحكومته بالادعاءات اللفظية الفارغة بينما يستمر تعاونه مع الكيان وامداده بنفط اذربيجان عبر خط أنابيب باكو-تبليسي-جيهان، لم نر معارضات عربية تلمح لتعاون دول عربية مع الكيان وإسناده ومكافأة أمريكا بتريليونات الدولارات رغم القيادة الأمريكية لحرب الإبادة.
كاتب مصري