من المعلوم أن التحزب والانقسام غير الموضوعي هما من الأسباب الأساسية التي ساهمت في تخلف السودان السياسي. فمنذ الاستقلال، لم تشهد البلاد بيئة سياسية مستقرة تؤسس لحكم ديمقراطي رشيد، بل ظلت تتأرجح بين النظم العسكرية والانقلابات، وبين الأحزاب المتصارعة التي لم تستطع تقديم رؤية متماسكة لخدمة الوطن والمواطنين.


إن الممارسة الديمقراطية الحقيقية تستند إلى تمثيل بعض المواطنين للكل عبر تنظيمات سياسية قوية تتبنى رؤى واضحة حول قضايا الحكم، بحيث يتمتع الجميع بالحرية والسلام والعدالة. غير أن المشهد السياسي السوداني ظل يعاني من تعددية حزبية مفرطة تفتقد للبرامج الواقعية، مما أدى إلى ضعف الأداء السياسي وعدم القدرة على تحقيق الاستقرار.
نحو هيكلة جديدة للحياة السياسية
تجارب الدول الكبرى أثبتت أن وجود حزبين رئيسيين يمثلان الاتجاهات الفكرية العامة في البلاد يحقق استقرارًا سياسيًا أفضل، في حين أن نظام الحزب الواحد قد يؤدي إلى تسلط السلطة وغياب المحاسبة، كما حدث في الاتحاد السوفيتي سابقًا. ورغم أن النموذج الصيني يقدم مثالًا على نجاح الحزب الواحد، إلا أن هذا النجاح مرتبط بعوامل ثقافية وسياسية خاصة بالصين، ولا يمكن استنساخه في السودان.

إن السودان اليوم في مفترق طرق خطير، وإذا استمر على نهجه الحالي فإنه قد يسير نحو مزيد من الفوضى والانهيار. لذا، تبرز الحاجة إلى إعادة صياغة المشهد السياسي عبر تأسيس نظام حزبي جديد يعتمد على:

تحديد عدد محدود من الأحزاب التي تستند إلى برامج سياسية واقتصادية واضحة، وليس على الولاءات القبلية أو العقائدية.

إعادة تعريف النخب السياسية بحيث يتم استبعاد الأجيال التي كانت جزءًا من الخراب السياسي، وإتاحة الفرصة للشباب القادرين على طرح رؤى جديدة ومتطورة.

وضع دستور واضح المعالم يحدد الإطار العام للممارسة السياسية ويمنع تعدد الأحزاب غير المنتج.
مقترح لنظام حزبي جديد
يمكن اقتراح نظام حزبي يتكون من حزبين رئيسيين:

حزب الاتحاد الفيدرالي (FUP): يقوم على مبدأ سيادة الدستور والقانون كأساس للحكم الرشيد.

حزب الاتحاد والتنمية (UDP): يركز على التخطيط الحديث، والتنمية المستدامة، والعدالة في توزيع السلطة والثروة.
قد توجد أحزاب صغيرة أخرى لإثراء الساحة السياسية، ولكن بشرط أن تقدم أفكارًا مبتكرة، لا أن تكون مجرد أدوات لانقلابات أو صراعات على السلطة.
إزالة الولاءات التقليدية
ينبغي أن يقوم هذا النظام الجديد على إنهاء هيمنة الطائفية والقبلية والوراثة السياسية، واستبدالها بمنظومة حديثة تعتمد على الكفاءة والقدرة على تحقيق تطلعات المواطنين. كما ينبغي استيعاب المجددين من مختلف الخلفيات الفكرية في هذه الأحزاب، شرط أن يكون تأثيرهم قائمًا على الإقناع الفكري لا على الإقصاء والهيمنة.
مستقبل السودان السياسي
من المتوقع أن تكون المنافسة بين الحزبين الرئيسيين قائمة على اختلاف الرؤى حول آليات التنمية وسياسات الحكم المحلي، ولكن ليس حول المبادئ الأساسية للحكم الرشيد. فبهذه الطريقة، يمكن أن تتحقق الديمقراطية الفاعلة التي تستند إلى اختيار القيادات على أساس الإنجاز والكفاءة وليس على أساس الولاءات الضيقة.
الخطوة التالية في هذا المشروع الطموح هي صياغة هذه المبادئ في دستور جديد وقوانين واضحة تنظم العمل الحزبي، بحيث يتم تجاوز أزمات الماضي والانطلاق نحو مستقبل سياسي مستقر ومزدهر.

zuhair.osman@aol.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

تنسيقية شباب الاحزاب تؤكد: نلتزم بمواصلة العمل الجاد والتطوير المستمر

أكدت تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين أنه منذ اللحظة الأولى لتأسيس التنسيقية كنا نموذجًا فريدًا في إدارة التنوع السياسي والفكري، حيث التقت الأصوات المختلفة على أرضية واحدة عنوانها "مصر أولاً"، فانطلقت منها رسالة واضحة: "هنا تُناقش كل الأصوات ما دامت غايتها الوطن".

وذكرت التنسيقية - في بيان في ذكرى مرور سبع سنوات على تأسيسها - أنه في هذه الأيام نحتفي بمرور سبع سنوات علي تأسيس تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين ، حيث انطلقت فكرة التنسيقية، حاملةً في طياتها آمال شباب مصر، ومعبرة عن طموحاتهم المشروعة، ومؤمنة بأن بناء الأوطان لا يتم إلا بتطلعات شبابها وجهد سواعدهم.

وفاة حسام حفني عضو تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيينانتخابات البرلمان.. توجيه مهم من القومي لحقوق الإنسان للأحزاب السياسية


وتابعت " نجحت التنسيقية في تقديم تجربة سياسية متميزة، تؤمن أن "الاختلاف في الرأي لا يُفسد للوطن قضية"، وأن مصر للجميع. واليوم، وحيث أن التنسيقية أول منصة حوارية تجمع ما يقرب من ٢٧ حزبًا سياسيًا من مختلف الاتجاهات  والأيديولوجيات، إلى جانب عددا من الشباب المستقلين، الذين عملوا معًا بإخلاص على مناقشة قضايا الوطن والعمل على المساهمة الفاعلة من أجل المستقبل .

وأعربت التنسيقية عن تقديرها العميق لإيمان الدولة وقيادتها السياسية الحكيمة بحلم تمكين الشباب، وهو ما تحقق بالفعل من خلال منح الفرص الحقيقية للمشاركة السياسية، وتجسد في تمثيل أعضائها في مناصب تنفيذية كنواب للمحافظين، وفي السلطة التشريعية عبر تكتلها النيابي في مجلسي النواب والشيوخ، حيث قدموا نموذجًا مشرفًا للقيادة الشبابية الواعية والمتنوعة والمؤثرة، ليقدموا نموذج برلماني جديد لأغلبية التأثير.

وأشارت إلى أنها حرصت أن  تكون فاعلًا رئيسيًا في تطوير الحياة السياسية، وتعزيز الوعي العام، ودعم جهود الدولة في التنمية، من خلال تقديم عدد كبير من مشروعات القوانين والدراسات التشريعية المتخصصة التي تستهدف تلبية احتياجات المجتمع واستخدام الأدوات الرقابية البرلمانية لتسليط الضوء على القضايا الملحة، والعمل على تحسين حياة المواطنين وتحقيق أهداف التنمية المستدامة وإطلاق العديد من المبادرات التي تستهدف رفع الوعي المجتمعي والتثقيف السياسي، خاصة بين الشباب


وأضافت " تم تنظيم حوارات مجتمعية واسعة تناولت مختلف القضايا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، سعيًا لإشراك المواطن في صناعة القرار و تنفيذ برامج تدريبية متخصصة لتأهيل كوادر الأحزاب السياسية وتمكينهم من أدوات العمل السياسي الفعّال وعقد الصالونات النقاشية والندوات والفعاليات النوعية التي فتحت مساحات للنقاش والتفاعل مع مختلف فئات المجتمع.


ولفتت إلى  توقيع بروتوكولات تعاون مع مؤسسات وهيئات وطنية لتبادل الخبرات وتعزيز التعاون في الملفات ذات الأولوية لتصبح بعد ٧ سنوات ركيزة أساسية من ركائز الجمهورية الجديدة.

وأكدت تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين التزامها الكامل بمواصلة العمل الجاد والتطوير المستمر، وأن تكون دائما داعمة لكل صوت يعمل من أجل مصر .

طباعة شارك تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين شباب الأحزاب والسياسيين التنسيقية تأسيس تنسيقية شباب الأحزاب

مقالات مشابهة

  • تيسير مطر: كل الدعم لمرشحات تحالف الأحزاب.. والمرأة جزء فاعل من العملية الانتخابية
  • تحالف الأحزاب يدفع بمجموعة من المرشحات في انتخابات النواب والشيوخ
  • «الاتحاد» ينظم ورشة عمل حول التحديات التي تواجه التأمين الطبي بالسوق المصري
  • (يمكن نتلاقى ويمكن لا)
  • مونيكا وليم تكتب: إعادة هندسة الشرق الأوسط.. بين هيمنة إسرائيل وممانعة إيران
  • تنسيقية شباب الاحزاب تؤكد: نلتزم بمواصلة العمل الجاد والتطوير المستمر
  • خبير: الأحزاب بدأت في عمل لقاءات مع المرشحين للانتخابات
  • كيكل: قواتنا تتقدم في كردفان وإلى دارفور وحتى آخر الحدود السودانية
  • الفوج الثاني من العودة الطوعية يغادر الأقصر إلى السودان برعاية شيخ الأزهر وبدعم القنصلية السودانية
  • مراجع غيث: الإصلاحات المنتظرة ينبغي أن تتركز على السياسة المالية أكثر من النقدية