مسلسلات تبهر وبرامج تثري رمضان يزدان بمحتوى هيئة الإذاعة والتلفزيون
تاريخ النشر: 3rd, March 2025 GMT
الرياض
تتصدر الدراما الهادفة والكوميديا الاجتماعية والبرامج الثقافية والدينية الخارطة البرامجية التي أعدتها هيئة الإذاعة والتلفزيون لشهر رمضان المبارك، في توليفة تجمع بين الإبداع والمتعة، لتعكس ثراء المحتوى الإعلامي السعودي وتواكب اهتمامات المشاهدين خلال الشهر الفضيل.
وتتنوع الأعمال الدرامية هذا العام بين القصص المستوحاة من التراث والواقع الاجتماعي، حيث يأتي «ليالي الشميسي» في مقدمة المسلسلات المنتظرة، ليأخذ المشاهد في رحلة إلى سبعينيات القرن الماضي، مسلطًا الضوء على تفاصيل الحياة في حي الشميسي بمدينة الرياض، بما تحمله من تحولات إنسانية واجتماعية، أما مسلسل «الزافر» فيحكي قصة رجل بسيط يصارع تقلبات الحياة، في حبكة درامية تمزج بين الصراعات العائلية والقصص المشوقة، في حين يتناول مسلسل «ولد ليموت» الصراعات التي يفرضها الميراث على العلاقات العائلية، ويقدم جرعة من التشويق في قالب درامي قوي.
إلى جانب الدراما الاجتماعية والتاريخية؛ تحتل الكوميديا العائلية مكانها في خارطة البرامج الرمضانية، حيث يطل مسلسل «طقطق وأخو شما» في إطار كوميدي خفيف يعكس مواقف يومية بطابع ساخر.
وتعزيزًا للأجواء الرمضانية المميزة؛ تقدم الهيئة مجموعة من البرامج الترفيهية والتفاعلية من بينها برنامج «درايش» الذي يجمع بين المسابقات الثقافية والتراثية، ويعود في موسمه الجديد ليقدم جوائز يومية وأجواء من التحدي والتشويق.
كما يستمر برنامج «الكاش في الطريق» في موسمه الثالث، مقدمًا جوائز مالية تصل إلى 10,000 ريال يوميًا.
وفي سياق البرامج الدينية والثقافية؛ خصصت هيئة الإذاعة والتلفزيون مساحة واسعة لمحتوى يعزز القيم الإسلامية والاجتماعية، حيث يقدم برنامج «فتاوى رمضان» إضاءات فقهية من قبل نخبة من العلماء والمشايخ، كما تسلط الهيئة الضوء على الجهود التنموية والمبادرات الإنسانية من خلال برنامج «إعمار اليمن» الذي يوثق دعم المملكة للمشاريع الإغاثية والتنموية في اليمن، ويعرض على قناة SBC عند الساعة 4:00 مساءً ليعكس دور المملكة في تعزيز الاستقرار والتنمية في المنطقة.
وتعكس الخارطة البرامجية لهيئة الإذاعة والتلفزيون حرصها على تقديم محتوى متنوع يجمع بين القيم المجتمعية والترفيه الراقي، حيث تستهدف الدراما الاجتماعية شريحة واسعة من الجمهور، في حين توفر الكوميديا جرعة من المتعة العائلية، وتتكامل البرامج الثقافية والدينية لتقديم تجربة رمضانية تجمع بين الفائدة والمتعة، وبهذا التنوع يترقب المشاهدون موسمًا رمضانيًا حافلًا بالإبداع، يجمع أفراد العائلة حول الشاشة للاستمتاع بمحتوى يعكس ثقافة المجتمع، ويلبي اهتمامات جميع الفئات، ليجعل من رمضان هذا العام موسمًا إعلاميًا متميزًا.
المصدر: صحيفة صدى
كلمات دلالية: برامج رمضان شهر رمضان مسلسلات هيئة الإذاعة والتلفزيون الإذاعة والتلفزیون
إقرأ أيضاً:
المقاومة الثقافية في ظل الصراعات
تشكِّل المقاومة الثقافية أحد أنواع النضال التي تتخذها المجتمعات عندما تحتدم الصراعات السياسية أو الاقتصادية أو التقنية، وتسود الهيمنة الدخيلة التي تحاول طمس الثقافات الوطنية أو تشويهها أو حتى جرِّها إلى منعطفات بعيدة عن منطلقاتها ومبادئها ومرتكزاتها الحضارية والأخلاقية؛ فالمقاومة هنا فعل يرتبط بالقدرة على حماية تلك الثقافات من براثن الاستلاب.
إن المقاومة الثقافية تقوم على إبداع وسائل أدبية وفنية تهدف إلى حماية الهُوية الوطنية والتصدي للقوى الدخيلة التي تلج المجتمعات في أشكال استعمارية مباشرة أو غير مباشرة؛ إذ تحدث على المستويات الأيديولوجية الفكرية، وتظهر في التحولات التقنية والاقتصادية والسياسية، التي لا تغيِّر الأنماط الثقافية للمجتمعات وحسب، بل أيضا تحاول التشكيك بمرتكزاتها القيمية والأخلاقية.
لذا فإن المقاومة باعتبارها أسلوب من أساليب (الرفض)، تستخدم التراث الثقافي والإبداعات الثقافية للتعبير عن ذلك الرفض، وفق معطيات تعكس الجوهر الحضاري للمجتمعات، وقدرتها على حماية مكتسباتها الثقافية والحضارية من ناحية، وتعزيز مجالات الصمود في وجه الهيمنة الثقافية الوافدة ومواجهتها، والقدرة على إنتاج أو إعادة إنتاج مجالات ثقافية تتناسب مع التطورات الحديثة وتواكب المتغيرات من ناحية، وتتوافق مع المرتكزات الحضارية والثقافة الوطنية من ناحية أخرى.
ولقد اتخذت الدول أساليب متعددة لمواجهة تلك الهيمنة التي أخذت تتطوَّر في أشكالها وأساليبها وتدخل إلى أنماط حياة الشعوب بطرائق ناعمة؛ حيث نجد المقاومة الثقافية في تلك الإنتاجات الأدبية مثل النصوص السردية والشعرية والنصوص المسرحية، وفنون التصوير والتشكيل، التي ظهرت في أنماط جديدة من التعبيرات البصرية بل وحتى السمعية، إضافة إلى ما يقدِّمه التراث الثقافي من تنوُّع على مستوى الإنتاجات التي عبَّرت عن قدرتها على إيجاد مواقف جديدة لحماية الهُويات الوطنية.
ولأن العالم بشكل عام والشرق الأوسط خاصة يعاني منذ عقود من تحديات أيديولوجية على المستوى السياسي والاقتصادي والتقني فإن هذه المعاناة تقابلها تلك الإمكانات الهائلة التي تقدمها مجتمعاتنا في سبيل الحفاظ على هُوياتها الوطنية، وإنتاج ثقافة جديدة تتناسب مع العمق الحضاري الذي تنتمي إليه، ولهذا فإن مقاومتها الثقافية تتخذ فلسفة نابعة من الوعي بالخطر الفكري الذي يحيط بالمجتمع إذا ما سُلب هُويته الحضارية وانقطع عن جوهر ثقافته وانبتَّ من أصوله.
إن هذا الخطر يزداد في ظل الصراعات والحروب السياسية المهيمنة، والأيديولوجيات التي تتخذ من الصراعات الاقتصادية والتقنية، وإرادة هيمنة القوى خاصة في مناطق الصراع التي تشتد وطأة في ظل عمليات القتل والتهجير والنفي والدمار الذي يطال المجتمعات، فإن الدفاع عن الهُويات الحضارية على المستويات الوطنية والقومية يزداد أهمية وإلحاحا في سبيل مجابهة تلك القوى والتعبير عن التمسُّك بالقيم الحضارية والمرتكزات القومية القائمة على المشتركات الإنسانية والتاريخية.
ولعل احتدام هذا الصراع خلال السنوات الأخيرة وامتداده إلى سوريا ولبنان واليمن ومؤخرا في إيران، يكشف عن التحولات الأيديولوجية للصراعات في الشرق الأوسط وحالات الاستلاب التي يصفها إدورد سعيد بـ (طبيعة الاستنساخ في بنية الخطاب الصهيوني)، الأمر الذي يصوِّر في المقابل ما يحدث من مقاومات ثقافية ليس على المستوى العربي وحسب بل على المستوى الشعبي العالمي، ذلك لأن خطاب التظليل والتزييف ومحاولات القضاء على الهُويات الثقافية الوطنية وإعادة تشكيلها وفق أجندات مسيَّسة بات مكشوفا وفاضحا.
إن الخطابات المظللة التي تحاول إعادة تشكيل الهُويات، وتأسيسها بناء على أيديولوجيات سياسية تتجاوز المبادئ الإنسانية والأخلاقية نحو رأسمالية متعالية، تظهر في تمثيلات تحاول الاستحواذ على الذاكرة والتاريخ بل وحتى الإنسان، لتجرِّده من هُويته الوطنية وانتماءاته الحضارية، بُغية السيطرة على وعيه وقدرته على الدفاع عن وطنه ومكتسباته، لتصبح المجتمعات تحت وطأة الاستعمار السياسي والاقتصادي والاجتماعي الأخلاقي.
لذا فإن المقاومة الثقافية اليوم تتصدَّر المشهد المضاد لتلك الصراعات؛ فما تشهده وسائل التواصل الاجتماعي من خطابات وتداولات وما يقدمه الشعراء والكُتَّاب من آداب، وما يبدعه المصورون والفنانون التشكيليون من لوحات وجداريات معبِّرة عن الرفض تارة، وساعية إلى حماية هُوية المجتمعات تارة أخرى،إضافة إلى ما يقدمه المسرح بأشكاله ومدارسه المختلفة، ذلك وغيره يقدِّم في ظل التطورات التقنية والإعلامية الجديدة صورا مقاوِمة للاستعمار والحروب والصراعات، وحامية للهُوية الثقافية والمكتسبات الحضارية للشعوب.
إن هذا الوعي الشعبي الذي يؤمن بأهمية المقاومة الثقافية باعتبارها أساسا جوهريا للأمم، لا يتجسَّد في الأنواع الأدبية والفنية وحسب، بل إن ما نقدمه وما نعبِّر عنه في المنصات الإلكترونية يجب أن يكتسب حالة الوعي نفسها، فالهدف الرئيس لتلك المشاركة لا يتجلى في الغضب والرفض والمجادلات التي تثير التعصب، بل في ذلك التمثيل الحقيقي للثقافة الوطنية القائمة على المرتكزات الإنسانية الداعية إلى السلام والحوار والمنتجة للإبداع والفكر الذي يحمي الهُوية ويعزِّز الصمود ويقدِّم الإنتاج الثقافي الهادف والمعبِّر عن مقاومته ورفضه للحروب والدمار والقتل.
ولأننا لسنا بعيدين عن دائرة الصراعات والحروب، فإن علينا واجبا فيما ننتجه وما نبدعه ثقافيا وما يمكن أن نقدِّمه في سبيل الدعوة إلى السلام ونبذ الحروب والدمار والخراب للمجتمعات؛ فالمثقف اليوم يحمل رسالة إنسانية وأمانة عليه أن يؤديها لأمته خاصة للشباب والناشئة، فما يبدعه شعرا ونثرا وفنا وأداء يعبِّر عن فكره وقدرته على حماية مجتمعه وثقافته، ويؤسِّس لمسار الرأي العام الذي يمثِّله، لذا فإن حكمته وقدرته على الصمود في وجه المتغيرات ورفضه المساس بمجتمعه الوطني والقومي والقبض على القيم والأخلاق سيكون المعوَّل عليه لتلك الحماية المجتمعية.
إن المشاركة الواعية والإنتاج المبدع لفعل المقاومة الثقافية سيمثِّل أداة مهمة للتطوُّر المعرفي والفكري لفهم متطلبات المرحلة المصيرية المهمة التي تمر بها المنطقة، والتي تشهد تحولات ليس على المستوى السياسي واحتدام الصراعات فقط، بل أيضا على المستوى الأيديولوجي والثقافي الذي يسعى إلى تفريق المجتمعيات وزعزعتها من الداخل، ولهذا علينا الحذر وحماية مجتمعنا وأفكار شبابنا من مغبة الانزلاق في متاهات هذه الصراعات والانشقاقات.
فالمقاومة الثقافية تقوم على الوعي الذي يوازن بين متطلبات المرحلة ومتغيراتها، وبين حماية هُوية المجتمع ومكتسباته الحضارية، لإنتاج أنماط جديدة من الثقافة الإبداعية التي تتجلى في الآداب والمسرح والفنون والكتابات الفكرية وغيرها، والتي تثري الثقافة الوطنية وتعبِّر عن فكرها المنفتح.
عائشة الدرمكية باحثة متخصصة فـي مجال السيميائيات وعضوة مجلس الدولة