ملتقى الأزهر: تعزيز الوعي بوحدة المصير السبيل لمواجهة المخططات الغربية
تاريخ النشر: 4th, March 2025 GMT
عقد الجامع الأزهر مساء اليوم الاثنين عقب صلاة التراويح ملتقى الأزهر للقضايا الإسلامية تحت عنوان "الوحدة الإسلامية.. ضرورة حتمية"، بحضور نخبة من علماء الأزهر الشريف والباحثين والمصلين بالجامع الأزهر، وتحدث خلال الملتقى فضيلة الدكتور عباس شومان، الأمين العام لهيئة كبار العلماء ورئيس مجلس إدارة المنظمة العالمية لخريجي الأزهر، والدكتور محمود الهواري، رئيس الإدارة المركزية للدعوة والإعلام الديني بمجمع البحوث الإسلامية، فيما أدار الملتقى الدكتور هاني عودة، مدير عام الجامع الأزهر.
أكد الدكتور عباس شومان أن الوحدة الإسلامية ضرورة حتمية لا غنى عنها، مشيرًا إلى أن الأمة تمتلك كل مقومات القوة التي تؤهلها لتكون كيانًا عالميًا متماسكًا، غير أن تحقيق ذلك يتطلب التكامل بين الدول الإسلامية بدلاً من السعي إلى اندماج غير واقعي. وأوضح أن التعاون يمكن أن يتحقق عبر استثمار الموارد المالية للدول الغنية في الدول التي تمتلك ثروات طبيعية غير مستغلة، فضلًا عن دعم الدول ذات الكثافة السكانية الكبيرة للدول التي تحتاج إلى الأيدي العاملة، مما يؤدي إلى نهضة شاملة يستفيد منها الجميع.
وشدد الدكتور شومان على أن الأزهر الشريف كان وما زال رائدًا في تعزيز الحوار الإسلامي - الإسلامي، مستدلًا بالمؤتمر الذي عقد في البحرين تحت عنوان "الحوار الإسلامي.. الإسلام أمة واحدة ومصير مشترك"، حيث جمع علماء من مختلف المذاهب الإسلامية تحت راية واحدة، مؤكدًا أن هذا النوع من الحوارات ضروري لإزالة الخلافات المصطنعة التي تعيق وحدة الأمة. وأضاف أن فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر، كان سابقًا في هذا ودعا إلى هذه المؤتمر وهذه الوحدة من عامين، بل وقبل ذلك، وفضيلته يعمل على ترجمة هذه الرؤية إلى واقع عملي من خلال المؤتمرات الدولية واللقاءات الفكرية التي تهدف إلى توحيد الصف الإسلامي والتصدي لمحاولات بث الفرقة بين المسلمين.
وأشار وكيل الأزهر الأسبق إلى أن التحديات التي تواجهها الأمة اليوم غير مسبوقة، حيث لم يعد أعداؤها يخفون نواياهم في السعي للنيل من الحضارة الإسلامية، مما يستوجب على الدول الإسلامية إعادة النظر في سياساتها الاقتصادية والعسكرية، وتعزيز التعاون المشترك لمجابهة هذه التحديات، مشددًا على أن الوحدة ليست مجرد شعار، بل هي الحل الوحيد لضمان مستقبل قوي ومستقر للأمة الإسلامية.
من جانبه، أكد الدكتور محمود الهواري أن وحدة الأمة الإسلامية ليست مجرد فكرة نظرية، بل يجب أن تتحول إلى التزام عملي في واقع المسلمين وهو ما يسعى إليه الأزهر الشريف بكل جهوده العالمية، مشيرًا إلى أن أكبر تحدٍّ تواجهه الأمة اليوم ليس فقط في الجانب الاقتصادي أو السياسي، بل هو تحدٍّ فكري بالدرجة الأولى، حيث تحتاج الأمة إلى إعادة فهم أصول وحدتها في ضوء تعاليم الإسلام الصحيحة.
وأوضح الدكتور الهواري أن القرآن الكريم أقرَّ في سورتي الأنبياء والمؤمنون بأن الأمة الإسلامية واحدة، مما يرسخ هذا المبدأ كحقيقة شرعية يجب العمل بها، وليس مجرد شعار يُرفع وقت الأزمات. وأضاف أن الوحدة الحقيقية لا تكون بالكلمات فقط، وإنما بالسلوك العملي، مستشهدًا بقوله تعالى: "إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ"، حيث جاءت هذه الآية بعد الحديث عن القتال بين طائفتين من المؤمنين، في إشارة واضحة إلى أن الأخوة الإسلامية يجب أن تبقى قائمة حتى في حال وقوع النزاع، فمن باب أولى أن تتحقق في أوقات السلم.
وأضاف أن النبي ﷺ لم يجعل وحدة الأمة مجرد خطاب نظري، بل جسّدها عمليًا، حيث لم يفرق بين قرشي وغير قرشي، ولا بين أنصاري ومهاجر، ولا بين عربي وأعجمي، بل جعل الجميع أمة واحدة، وهو ما ينبغي أن يكون نموذجًا يُحتذى به في واقعنا المعاصر. وأكد أن الانقسام بين المسلمين لا يخدم إلا أعداء الأمة، حيث تسعى بعض القوى الخارجية إلى تأجيج الخلافات الداخلية، مشيرًا إلى أن السبيل الوحيد لمواجهة هذه المخططات هو تعزيز الوعي بوحدة المصير الإسلامي والسعي إلى تطبيقه عمليًا.
وفي ختام الملتقى، أكد الدكتور هاني عودة أن شهر رمضان هو نموذج عملي لترسيخ مفهوم الوحدة الإسلامية، حيث يجتمع المسلمون على الصيام في وقت واحد، ويفطرون في وقت واحد، ويؤدون الصلاة جماعة، مما يعكس روح التكاتف التي يدعو إليها الإسلام، لافتًا إلى أن هذه الوحدة يجب ألا تقتصر على العبادات، بل تمتد إلى مختلف جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
وأضاف الدكتور عودة أن الدعوة إلى الوحدة ليست مجرد شعار يُرفع في المناسبات، بل هي ضرورة حتمية يجب أن يسعى الجميع إلى تحقيقها في ظل التحديات الراهنة، داعيًا إلى تعزيز التعاون بين الدول الإسلامية في المجالات الاقتصادية والعسكرية والثقافية، وتوحيد الجهود لمواجهة التحديات المشتركة. وشدد على أن الأزهر الشريف سيظل رائدًا في ترسيخ مفهوم الوحدة الإسلامية، من خلال مؤتمراته الدولية وبرامجه الحوارية التي تجمع بين علماء الأمة على اختلاف مذاهبهم وانتماءاتهم، إيمانًا منه بأن الوحدة الإسلامية هي حجر الأساس في مواجهة التحديات الراهنة وتحقيق النهضة المنشودة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: صلاة التراويح الحوار الإسلامي الجامع الأزهر علماء الأزهر ملتقى الأزهر للقضايا الإسلامية المزيد الوحدة الإسلامیة الأزهر الشریف أن الوحدة ا إلى أن
إقرأ أيضاً:
المفتي: جامعة سنغافورة للدراسات الإسلامية نموذج ناجح في الجمع بين الأصالة والمعاصرة
شارك الدكتور نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، في اجتماع اللجنة الاستشارية العليا لجامعة سنغافورة للدراسات الإسلامية، في إطار زيارته الرسمية إلى دولة سنغافورة، بحضور نخبة من العلماء والقيادات الدينية والأكاديمية من داخل سنغافورة وخارجها.
تناول الاجتماع عددًا من المحاور العلمية والفكرية المهمة، التي تركز على سبل تطوير المناهج والبرامج التعليمية بالجامعة، وتعزيز آليات البحث العلمي في المجالات الشرعية والإنسانية، بما يواكب تطورات العصر ويحافظ على ثوابت الدين وهويته الحضارية، إلى جانب وضع برنامج محكم للجامعة، يعزز من جودة مخرجاتها التعليمية ويواكب حاجات المجتمعات المسلمة المعاصرة، كما ناقش المشاركون سبل دعم التعاون الأكاديمي بين الجامعة والمؤسسات الإسلامية المرموقة حول العالم، وفي مقدمتها الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية، بما يسهم في إعداد أجيال من العلماء المؤهلين القادرين على التواصل مع الواقع ومجابهة التحديات الفكرية المعاصرة.
وأكد مفتي الجمهورية، خلال الاجتماع، أهمية الدور الذي تضطلع به الجامعة في ترسيخ القيم الإسلامية السمحة، وتعزيز الوعي الديني الوسطي بين الشباب، مشيدًا بالمستوى الأكاديمي الراقي الذي وصلت إليه الجامعة، وبما تمثله من أنموذج ناجح في الجمع بين الأصالة والمعاصرة، وحرصها على الانفتاح على تجارب العالم الإسلامي وتبادل الخبرات العلمية مع كبريات المؤسسات الدينية العالمية،
وأشار المفتي، إلى دور المؤسسات الدينية والجامعات الإسلامية في إعداد القادة الدينيين؛ لمواجهة التحديات المستجدة، وكيف يمكن للتعليم الإسلامي، خاصة التعليم العالي، أن يظل ذا صلة بواقعنا المعاصر، وكيف يؤثر السياق الاجتماعي للمجتمعات المسلمة على محتوى التعليم الإسلامي ومناهجه التربوية، مضيفًا أن التحديات التي يواجهها الخطاب الديني اليوم، تتطلب تكاتف الجهود وتبادل الرؤى والخبرات بين العلماء والباحثين، مشددًا على أن المؤسسات الدينية، وعلى رأسها الجامعات والمراكز العلمية، تتحمّل مسؤولية كبرى في ترسيخ مفاهيم المواطنة والتعايش والتسامح، والتصدي للفكر المتطرف بكل أشكاله.
من جانبه استعرض الدكتور سلامة داوود، رئيس جامعة الأزهر، خلال الاجتماع، تجربة جامعة الأزهر العريقة باعتبارها من أقدم وأعرق الجامعات الإسلامية في العالم، مشيرًا إلى ما تملكه من رصيد علمي وتربوي يمكن أن يمثل مرجعية مهمة في بناء النموذج الأكاديمي لهذه الجامعة، مؤكدًا أهمية الاستفادة من هذه التجربة في وضع رؤية متكاملة لمناهج التعليم، تجمع بين علوم الشريعة واللغة والفكر، وبين العلوم الإنسانية والاجتماعية التي تعين الداعية أو المتخصص في الشأن الإسلامي على فهم الواقع والتعامل الواعي مع قضاياه المتجددة.
كما تناول أهم العلوم والمعارف التي ينبغي أن تتوافر في منسوبي هذه الجامعة؛ لضمان تكوين نخب علمية قادرة على قيادة العمل الدعوي والفكري في مجتمعاتها، بما يرسخ قيم الوسطية والاعتدال، ويحقق التوازن بين الثوابت والمتغيرات.
حضر الاجتماع، المشارك الدكتور، محمد فيصل إبراهيم، الوزير المسؤول عن شؤون المسلمين، والوزير الأول في وزارة الشؤون الداخلية، رئيس اللجنة الاستشارية، وسعادة الدكتور، ناظر الدين محمد ناصر، مفتي جمهورية سنغافورة، والأستاذ، تان تاي يونغ، رئيس جامعة سنغافورة للعلوم الاجتماعية، والدكتور، سلامة داوود، رئيس جامعة الأزهر، والأستاذ قطب مصطفى سانو، الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدولي، ولفيف من العلماء والقيادات الأكاديمية والدينية.