ألقى فضيلة د. محمد الجندي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلاميَّة، صباح اليوم الاثنين، كلمةً في الجلسة الافتتاحيَّة للمؤتمر العِلمي الدَّولي الذي تنظِّمه الأكاديميَّة الصينيَّة للعلوم الاجتماعيَّة على مدار يومَي الاثنين والثلاثاء في معهد التاريخ الصِّيني، تحت عنوان: (التسامح الدِّيني ومناهضة التمييز في إطار مبادرة الحضارة العالميَّة)، بمشاركة نخبة مِنَ العلماء والباحثين من مختلِف دول العالم، وبحضور د.

عباس شومان الأمين العام لهيئة كبار العلماء بالأزهر، د. حسن خليل الأمين العام المساعد للثقافة الإسلامية بمجمع البحوث.

حكم صلاة الجنازة على الغريق المفقود.. مفتى الجمهورية يجيبفضل سقيا الماء في الحر الشديد.. الإفتاء تعدد ثوابها ومكانة فاعلها عند اللهدعاء الحر.. ردده الآن ليخفف الله عنك الموجة الحارةمفتي الجمهورية: الزواج المؤقت باطل شرعًا

تناول الدكتور محمد الجندي في كلمته عُمق العَلاقات التاريخيَّة والروابط الحضاريَّة بين مصر والأزهر الشريف ودولة الصِّين، مؤكِّدًا أنَّ هذه العَلاقات تمثِّل جسرًا متينًا للتسامح والسلام بين الشعوب، وأنَّ البعثاتِ العِلميَّةَ على مدار العقود كانت خيرَ شاهدٍ على متانتها وعُمقها.

واستعرض الأمين العام لمجمع البحوث الإسلاميَّة جذور هذه العَلاقة، مبيِّنًا أنَّ أول بعثة طلابيَّة صينيَّة جاءت إلى الأزهر الشريف كانت عام 1931م، لتبدأ مسيرةً عِلميَّةً وحضاريَّةً امتدَّت حتى اليوم، أُرسيت خلالها قواعد التعاون الأكاديمي، وتخرَّج فيها أجيال مِنَ العلماء الذين عادوا إلى بلادهم سفراء لقِيَم الوسطية والاعتدال، مؤكِّدًا أنَّ الأزهر الشريف كان -ولا يزال- بيتَ العِلم الذي يحتضن أبناء الصِّين وغيرهم من مختلِف دول العالم؛ ينهلون مِن علومه، ويتعلَّمون كيف يكون الدِّين مصدرًا للأمن والسلام.

وأوضح فضيلته أنَّ العَلاقاتِ المصريَّةَ-الصِّينيةَ ليست وليدة اليوم؛ بل هي امتدادٌ لقرون مِنَ التواصل الثقافي والتِّجاري، الذي كان الأزهر فيه منارة علميَّةً وثقافيَّة تُنير دروب المسافرين بين الشرق والغرب، مشيرًا إلى أنَّ هذا الإرث المشترك هو ما يدفع البلدين اليوم إلى مزيدٍ مِنَ التعاون في مجالات البحث العِلمي والحوار الثقافي والتبادل الأكاديمي.

وتابع أنَّ رسالة الأزهر الشريف بقيادة فضيلة الإمام الأكبر أ.د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر، تؤكِّد أنَّ تاريخ الحضارات الإنسانيَّة يكشف بوضوحٍ أنَّ النَّهضة الحقيقيَّة لم تُبنَ يومًا على العصبيَّة أو التمييز؛ بل قامت على الانفتاح والتسامح، وإتاحة مساحة حقيقيَّة للتعايش بين الأديان والثقافات، وأنَّ التسامح الدِّيني يُعدُّ حجرَ الأساسِ في بناء الحضارات، وليس مجرَّد تَرَفٍ أخلاقيٍّ يُذكَر في المناسبات، فهو ركيزةٌ لكلِّ أمَّة تحترم ذاتها وتسعى إلى البقاء، لافتًا إلى أن الإمام الأكبر أسهم بشكل كبير في دعم ثقافة التسامح والحوار بين الشعوب، كما بذل الكثير من الجهود عبر جولاته الخارجية في الشرق والغرب لدعم أواصر السلام بين الجميع ونبذ التمييز والعنصرية ومواجهة سياسات إراقة الدماء وإرهاب الشعوب.

وشدَّد الدكتور الجندي على أنَّ الأزهر الشريف كان دائمًا سدًّا منيعًا في وجه التطرُّف والانغلاق، متمسِّكًا بمنهج الوسطيَّة، ومحذِّرًا مِنَ الانزلاق إلى الصِّفات التي حذَّر منها القرآن الكريم، لافتًا إلى أنَّ المجتمعات التي تستسلم لهذه الصفات تهدم قِيَمها وتفقد هُويَّتها، بينما يحرص الإسلام على تهذيب النفوس وصيانة القِيَم.

وأردف أنَّ القرآن الكريم والسُّنة النبويَّة المطهَّرة وضعَا أُسسًا واضحةً للتعامل مع غير المسلمين، مستشهدًا بقول الله تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ}، موضِّحًا أنَّ هذه النَّص القرآني يحمل خطابًا إنسانيًّا عالميًّا يرسِّخ لبرِّ الآخرين والتعامل معهم بالعدل والإحسان، كما استشهد بحديث النبي ﷺ: «لَا فَضْلَ لعربيٍّ على عجميٍّ، ولا لعجميٍّ على عربيٍّ، ولا لأبيضَ على أسودَ، ولا لأسودَ على أبيضَ إلَّا بالتَّقوَى، النَّاسُ من آدمَ، وآدمُ من تراب»؛ ليؤكِّد أنَّ رسالة الإسلام تنبذ التمييز العنصري وتدعو إلى وَحدة الأسرة الإنسانيَّة.

واختتم الدكتور محمد الجندي كلمته بتأكيد أنَّ العالَم في حاجة ماسَّة إلى إحياء هذه القِيَم المستمدَّة مِنَ التعاليم السماويَّة؛ لمواجهة ما يهدِّد الإنسانيَّة مِن صراعات وحروب، وأنَّ الأزهر الشريف سيظلُّ قائمًا بدَوره التاريخي في نَشْر السلام، وصيانة الأخوَّة الإنسانيَّة، والتواصل مع مختلِف الثقافات على أساسٍ مِنَ الاحترام المتبادل، والقِيَم الإنسانيَّة المشتركة.

طباعة شارك التسامح الدِّيني ومناهضة التمييز الإسلام الأزهر التسامح الدِّيني الدكتور محمد الجندي الأزهر الشريف

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الإسلام الأزهر الدكتور محمد الجندي الأزهر الشريف الأزهر الشریف الأمین العام محمد الجندی

إقرأ أيضاً:

أصغر إمام فى محراب الأزهر| الطالب محمد أحمد حسن يؤم المصلين بمدينة البعوث الإسلامية

في أجواء روحانية عامرة بالإيمان، حضر الطالب الشيخ محمد أحمد حسن -أصغر إمام فى محراب الجامع الأزهر- إلى مدينة البعوث الإسلامية، حيث أمَّ المصلين في صلاتي المغرب والعشاء.

منى الشاعر: تجربة المدينة المنورة بالعهد النبوي نموذجاً في النهوض بالأمةمفتي الجمهورية يشكر الرئيس السيسي على رعايته للمؤتمر العالمي لدار الإفتاءوزير الأوقاف: مساعي الاحتلال المفضوحة نحو القتل والتهجير غير خافية على أحدأذكار الصباح كاملة.. لا تتكاسل عنها واغتنم فضلها

وكان في استقباله عصام القاضي، رئيس قطاع مدن البعوث الإسلامية، و محمد سليمان، رئيس الإدارة المركزية للشئون المالية والإدارية، اللذان رحّبا بقدومه وأعربا عن تقديرهما لمشاركته الفعّالة في دعم الأنشطة الدينية بالمدينة.

وقد عبّر الطلاب الوافدون عن سعادتهم البالغة وتشرفهم بحضوره بينهم، مؤكدين أن هذه الزيارة تعكس حرص علماء الأزهر الشريف على التواصل المباشر مع الطلاب ودعمهم علميًا وروحيًا، بما يعزز دور الأزهر في نشر الوسطية والاعتدال .

طباعة شارك محمد أحمد حسن الأزهر أصغر إمام فى محراب الجامع الأزهر مدينة البعوث الإسلامية الأنشطة الدينية

مقالات مشابهة

  • الأزهر يعلن موعد اختبارات وعاظ إحياء ليالي رمضان
  • علي عزت بيغوفيتش.. جسر التسامح بين الإسلام والغرب ونموذج القيادة الإنسانية
  • أمين البحوث الإسلامية يلتقي السفير المصري ببكين ويؤكد دعم المبعوثين والطلاب الوافدين
  • أصغر إمام فى محراب الأزهر| الطالب محمد أحمد حسن يؤم المصلين بمدينة البعوث الإسلامية
  • ما شروط طاعة الزوجة لزوجها؟.. أمين الفتوى يجيب
  • خالد الجندي يذيع فيديو للشيخ الشعراوي عن قانون الإيجار القديم.. فيديو
  • وسط إشادة بدور مصر والأزهر.. استقبال حافل لـ أمين (البحوث الإسلامية) في مؤتمر علمي بالصين
  • المالكي: المنظمة تؤكد على التزامها الكامل بالمبادئ الإنسانية والحيادية، وأي استهداف لفرق الهلال الأحمر يُعد انتهاكاً للقوانين الدولية وحرمات العمل الإنساني.
  • بـ 5 ندوات.. البحوث الإسلامية يختتم أسبوع الدعوة التاسع بالجامع الأزهر