بغداد اليوم -  بغداد

في ظل تزايد الحديث عن مستقبل فصائل المقاومة في العراق، تتباين الرؤى بين من يعتبرها عنصرًا أساسيًا في حماية البلاد من التهديدات الخارجية، وبين من يرى ضرورة تفكيكها لضمان استقرار العراق وإبعاده عن الصراعات الإقليمية. وبينما تؤكد مصادر مقربة من المقاومة أن ما ينشر في الإعلام الغربي والعربي حول تفكيكها غير دقيق، فإن الولايات المتحدة وحلفاءها الإقليميين يصرّون على أن استمرار هذه الفصائل يشكل عقبة أمام استقرار العراق، ويعزز نفوذ قوى خارجية داخل البلاد.


رؤية المقاومة: ثوابت لا تتغير

أكد مصدر مقرب من فصائل المقاومة، اليوم الثلاثاء (4 آذار 2025)، أنه "لا يوجد مبدأ لتفكيك المقاومة، وأن الكثير مما ينشر في الصحافة الغربية والعربية بعيد عن الحقائق". وأضاف أن "فصائل المقاومة في العراق واضحة في أهدافها، حيث تتعامل بموضوعية وشفافية عالية مع الرأي العام، وتحمل أهدافًا واضحة في مواجهة كل ما يهدد الأمة والبلاد".

وأشار المصدر إلى أن "المقاومة تعتمد مسارات ثابتة ومحددة في المواجهة، وبالتالي فإن الحديث عن تفكيك المقاومة في العراق أمر غير دقيق، لأن المقاومة هي فكر مستمد ومترسخ ضمن مبادئ ثابتة لا يمكن التخلي عنها". كما أكد أن "ما يحدث حاليًا هو محاولة للتوصل إلى صيغة تفاهم مع الحكومة وفق محددات تأخذ بعين الاعتبار المصلحة الوطنية للبلاد"، مشددًا على أن "فصائل المقاومة مع استقرار العراق وتعزيز لغة القانون والأمن، وهي تتعامل مع ثوابت واضحة".


الموقف الأمريكي: ضرورة إنهاء نفوذ الفصائل المسلحة

على الجانب الآخر، وبحسب التقارير الواردة من واشنطن، ترى الولايات المتحدة أن استمرار فصائل المقاومة يمثل تحديًا لسيادة الدولة العراقية، ويعرقل جهود تحقيق استقرار دائم. وتعتبر واشنطن أن وجود فصائل مسلحة خارج سيطرة الحكومة المركزية يحدّ من قدرة بغداد على تنفيذ سياسات مستقلة بعيدًا عن التأثيرات الإقليمية.

وتصرّ الإدارة الأمريكية على أن دمج الفصائل المسلحة ضمن المؤسسات الأمنية الرسمية أو حلّها بالكامل هو الطريق الأمثل لتعزيز سلطة الدولة العراقية، وإنهاء أي تهديدات قد تؤثر على المصالح الأمريكية وحلفائها في المنطقة. وقد عبّر مسؤولون أمريكيون في عدة مناسبات عن أن استمرار الفصائل يعرقل جهود بناء علاقات متوازنة بين العراق والدول الغربية، ويؤدي إلى تصعيد التوتر مع بعض الدول الخليجية التي ترى في هذه الفصائل تهديدًا مباشرًا لأمنها.


التحدي الإقليمي: صراع النفوذ في العراق

وبحسب مراقبين، المسألة لا تتعلق فقط بالموقف الأمريكي، بل تمتد إلى توازنات القوى في المنطقة، حيث ترى بعض الدول الإقليمية أن استمرار فصائل المقاومة يمنح قوى أخرى نفوذًا كبيرًا داخل العراق، مما يفاقم حالة الاستقطاب السياسي. في المقابل، تؤكد المقاومة أن "العراق يبقى في قلب التحديات داخل الشرق الأوسط في ظل وجود كيان محتل يحاول، بدعم غربي وخاصة من أمريكا، إضعافه، وبالتالي فإن المقاومة مستمرة في التصدي لهذه الأجندة الخبيثة وفق المسارات المبدئية".


بين التفكيك وإعادة التموضع: أي مستقبل للمقاومة؟

مع استمرار التوترات بين المقاومة والجهات المطالِبة بتفكيكها، يظهر خيار ثالث وهو إعادة التموضع، حيث قد تتجه بعض الفصائل إلى تعزيز نفوذها السياسي أو دمج عناصرها في المؤسسات الرسمية بطريقة تحافظ على وجودها لكنها تقلل من الضغوط الدولية.

واختتم المصدر حديثه بالتأكيد على أن "هناك بالفعل حوارات مع الحكومة في ملفات متعددة وتحرز تقدمًا، وأن فصائل المقاومة تحرص على أمن واستقرار العراق، وأي قرارات تتخذ سيتم الإعلان عنها للرأي العام ولجمهور المقاومة بشكل شفاف وموضوعي".

ويبقى مستقبل المقاومة العراقية مرتبطًا بمسار التفاهمات الداخلية والتوازنات الدولية، حيث تصرّ المقاومة على استمراريتها ضمن ثوابتها، فيما يضغط الأمريكيون وحلفاؤهم لإضعاف نفوذها. وبين المطالبات بالتفكيك وخيارات إعادة التموضع، يبقى العراق أمام مرحلة حساسة تحددها التطورات السياسية والأمنية في الفترة القادمة.


المصدر: بغداد اليوم+ وكالات

المصدر: وكالة بغداد اليوم

كلمات دلالية: استقرار العراق فصائل المقاومة أن استمرار فی العراق على أن

إقرأ أيضاً:

منحة نفطية سعودية إماراتية بـ900 مليون دولار لتعزيز الاقتصاد وتثبيت سعر الصرف

كشف مصادر حكومية موثوقة، عن منحة نفطية مشتركة سعودية–إماراتية بقيمة 900 مليون دولار، ستُمنح للحكومة اليمنية في إطار دعم الإصلاحات الاقتصادية وتعزيز استقرار العملة الوطنية أمام العملات الأجنبية.

ونقل الصحفي الاقتصادي ماجد الداعري تسريبات حول المنحة في تدوينة على صفحته في فيسبوك. موضحًا إن هذه المنحة “دليل على عودة الثقة الدولية المفقودة بالشرعية ودعم إصلاحاتها الاقتصادية”، معتبرًا أنها “تمثل بشارة خير بعودة تدفق الدعم الدولي والمساعدات الخارجية، والإيفاء بتعهدات المانحين بدعم اليمن”. 

وأضاف: “المنحة، المهمة جدًا في توقيتها وطبيعتها، تحمل مؤشرات إيجابية على الطريق، من شأنها تعزيز الإصلاحات الاقتصادية وتثبيت المعالجات المصرفية لقيمة العملة الوطنية، وتحسين صرفها بشكل أكبر، وتخفيض الأسعار بشكل حقيقي يتناسب مع مستوى تحسن العملة”.

وتأتي هذه المنحة الضخمة في توقيت بالغ الأهمية، بالتزامن مع مغادرة محافظ البنك المركزي اليمني، أحمد غالب المعبقي، العاصمة عدن في أول جولة خارجية له منذ نجاح البنك في إحداث استقرار نسبي في سعر الصرف للأسبوع الثاني على التوالي.

ويُرجح أن يسعى المعبقي خلال جولته إلى استثمار هذا الزخم لجني ثمار الإجراءات المصرفية الأخيرة، التي شملت حملات ضبط ومساءلة بحق المضاربين، وإجراءات عقابية ضد الصرافيين المخالفين الذين كانوا محميين من جهات نافذة في الماضي، وهو ما ساعد على إنهاء فوضى سوق الصرف وإعادة بعض الانضباط إليه.

وبحسب المعلومات، فإن المنحة النفطية السعودية–الإماراتية لا تتضمن تحويل أموال نقدية مباشرة، بل توريد شحنات نفطية تُستخدم في تشغيل محطات الكهرباء والمرافق الحيوية، ما يوفر على الحكومة مليارات الريالات كانت تُستنزف شهريًا لاستيراد الوقود. هذه الآلية تضمن أن يذهب الدعم مباشرة إلى تخفيف أعباء الموازنة وتحسين الخدمات، بدلًا من أن يتسرب عبر قنوات الفساد أو المضاربة في سوق الصرف.

ويؤكد اقتصاديون أن هذا النوع من الدعم يمتلك تأثيرًا مزدوجًا: فهو يخفف الضغط على احتياطيات النقد الأجنبي من جهة، ويعزز القدرة الشرائية للمواطنين عبر استقرار الأسعار وخفض تكاليف الإنتاج والخدمات من جهة أخرى. مضيفين أن المنحة لا تحمل بعدًا اقتصاديًا فقط، بل تُجسد أيضًا رسالة سياسية قوية من الرياض وأبوظبي تؤكد استمرار التزامهما بدعم الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، وتمكينها من استكمال مسار الإصلاحات المالية والنقدية، في ظل بيئة إقليمية ودولية شديدة التعقيد.

ويشير الداعري إلى أن هذه الخطوة “تُعيد فتح الباب أمام تدفق المساعدات الدولية”، خصوصًا بعد فترة من الفتور في تعهدات المانحين نتيجة الشكوك حول قدرة الحكومة على ضبط الإنفاق وتحقيق إصلاحات حقيقية.

من المتوقع أن تُترجم هذه المنحة، إذا ما أُديرت بكفاءة، إلى تحسن أكبر في سعر صرف الريال اليمني، وانخفاض ملموس في أسعار السلع والخدمات، وهو ما سيعزز الثقة بالعملة الوطنية ويعيد بعض التوازن إلى السوق.

ويختم الداعري بالقول إن “البشائر الطيبة قادمة، شرط أن تُحسن الحكومة إدارة هذا الدعم الاستثنائي، وأن تواصل مسار الإصلاحات التي بدأت تؤتي ثمارها بعد سنوات من الانهيار والفوضى الاقتصادية”.

مقالات مشابهة

  • منحة نفطية سعودية إماراتية بـ900 مليون دولار لتعزيز الاقتصاد وتثبيت سعر الصرف
  • العراق وإيران يوقعان مذكرة تفاهم أمنية بشأن الحدود
  • لاريجاني في بغداد لإعادة ترتيب محور المقاومة وتشكيل الحكومة الجديدة
  • فصائل المقاومة الفلسطينية تنعي خمسة صحفيين ارتقوا بقصف صهيوني
  • فصائل المقاومة تنعى الصحفيين الستة وتُحمل الاحتلال كامل المسؤولية
  • دعوة السوداني.. هل تعيد تشكيل علاقة دولة العراق بالفصائل المسلحة؟
  • ائتلاف المالكي يحذر السوداني من التصعيد مع الفصائل: سينزلق العراق نحو الفوضى
  • تحذير دبلوماسي من رفض إيران لحل الحشد: الحكومة ستتصادم مع الفصائل
  • رداً على تدنيس المسجد الأقصى.. “سرايا القدس” تبث مشاهد لقصفها مغتصبة “نير عام”
  • إيران:حشدنا الشعبي أصبح أكثر قوة وتماسكا مع باقي فصائل المقاومة في المنطقة