د. ذياب بن سالم العبري
في عالم اليوم، أصبحت الأخلاق في القيادة قضية محورية تهم الأفراد والمجتمعات على حد سواء. فالقيادة ليست مجرد منصب أو نفوذ، بل هي سلوك وأسلوب حياة، تنعكس فيه القيم والمبادئ التي يؤمن بها الشخص. ولعلّ ما يميز المجتمعات الناجحة هو وجود أفراد يتحلون بالنزاهة، والعدل، والمسؤولية، وهي قيم أصيلة أكد عليها الإسلام، وتعززها العادات العُمانية المتوارثة، وتدعمها أحدث النظريات الإدارية الحديثة.
لم تكن القيادة الأخلاقية مفهومًا مستحدثًا، بل هي مبدأ متجذر في الإسلام، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته" (متفق عليه). ويعني ذلك أن القيادة لا تقتصر على أصحاب المناصب، بل يمارسها كل فرد في حياته اليومية، سواء في أسرته أو عمله أو مجتمعه. أما في المجتمع العُماني، فقد كانت الأخلاق ولا تزال حجر الزاوية في بناء الشخصية العُمانية، حيث ترسخت قيم النزاهة، والتسامح، واحترام الكبير، وحفظ العهد، وهي صفات انعكست في أنظمة المجتمع التقليدية مثل المجالس العُمانية التي تُعدّ منصة للحكمة والتشاور، ونظام الأفلاج الذي يعكس روح العدل والمسؤولية الجماعية.
وتشير الدراسات الإدارية الحديثة إلى أن القادة الأكثر نجاحًا هم أولئك الذين يلتزمون بقيم أخلاقية واضحة. ومن بين المبادئ الأساسية التي حددها علماء الإدارة مثل جون ماكسويل وستيفن كوفي نجد النزاهة والاستقامة، حيث يُتوقع من القائد أن يكون قدوة حسنة، تمامًا كما كان النبي صلى الله عليه وسلم نموذجًا لأصحابه بأفعاله قبل أقواله. كما تشمل القيادة الأخلاقية مبدأ تحمل المسؤولية والمساءلة، فالقيادة ليست امتيازًا؛ بل التزام، وهو ما يتوافق مع الحديث النبوي: "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملًا أن يتقنه" (رواه الطبراني). ومن الركائز الأخرى العدالة والشفافية، حيث إن بناء الثقة يتطلب وضوح الرؤية والتعامل بإنصاف مع الجميع، كما أمر الله تعالى في كتابه الكريم: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ﴾ (النساء: 58).
ولكي يكون الفرد قائدًا أخلاقيًا في حياته، فإن هناك عوامل أساسية تسهم في تعزيز هذه القيادة، أولها القدوة الحسنة، فالشخص الذي يلتزم بالقيم في أفعاله قبل أقواله يترك أثرًا إيجابيًا فيمن حوله، وهو ما يعزز بيئة أخلاقية قائمة على الاحترام والثقة. وثانيها التوازن بين المصالح الشخصية والعامة، حيث يجب على القائد الأخلاقي أن يتخذ قراراته بناءً على العدل والمصلحة العامة، وليس بدافع المنفعة الشخصية فقط، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" (رواه البخاري). أما ثالث العوامل فهو الشجاعة في اتخاذ القرارات الصائبة، فالأخلاق تتطلب أحيانًا مواجهة التحديات واتخاذ قرارات قد لا تكون سهلة ولكنها صحيحة، وهو ما يعكس مبدأ الثبات على الحق والاستقامة، كما قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ﴾ (فُصِّلَت: 30).
ومن العوامل المهمة أيضًا الالتزام بالوعود والعهود، فالقيادة الأخلاقية تقوم على الوفاء بالالتزامات، وهي صفة متجذرة في الثقافة العُمانية، حيث كان الأجداد يتعاملون بالكلمة الصادقة التي تُعتبر عهدًا لا يُنقض. بالإضافة إلى ذلك، فإن القدرة على التأثير الإيجابي تعد من أبرز عوامل القيادة الأخلاقية، حيث يسهم القائد في بناء بيئة تحفز الآخرين على الالتزام بالقيم، وهو ما نجده واضحًا في المجالس العُمانية التي تعزز الحوار والتوجيه القائم على الحكمة.
وتظل القيادة الأخلاقية ممارسة يومية تحتاج إلى التزام فردي ومجتمعي. ولكي يكون الفرد قائدًا أخلاقيًا في حياته، عليه أن يضع القيم أساسًا لقراراته، فيسأل نفسه: هل يعكس قراري الصدق والأمانة والعدل؟ كما يحتاج إلى التحلي بالحكمة في التعاملات اليومية، مستلهمًا ذلك من تعاليم الإسلام والمجالس العُمانية التي تركز على التفكير قبل التصرف. وتحمل المسؤولية عنصر مهم في القيادة الأخلاقية، فالإنسان مسؤول عن أفعاله وتأثيرها على الآخرين، كما أن الالتزام بالمبادئ هو ما يصنع الفارق الحقيقي، حيث قال الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ﴾ (النحل: 90). أما الإحسان والإتقان في العمل فهما من صفات القائد الحقيقي، إذ إن كل وظيفة أو مسؤولية، مهما كانت صغيرة، تؤدي دورًا في بناء مجتمع قوي ومتوازن.
القيادة الأخلاقية ليست رفاهية؛ بل هي جوهر نجاح الأفراد والمجتمعات. وبينما تواجه البشرية اليوم تحديات متعددة، يبقى الالتزام بالقيم والمبادئ الأخلاقية هو البوصلة التي توجهنا نحو مستقبل أكثر إشراقًا. فمن يتمسك بروح الإسلام، ويحافظ على أصالة العادات العُمانية، ويطبق أفضل ممارسات القيادة الحديثة، يكون بلا شك نموذجًا يُحتذى به في بناء مجتمع مزدهر يقوم على العدل والنزاهة والتسامح.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
القيادة تتلقى التهاني بنجاح موسم الحج
هنأ صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، أخاه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ـ حفظه الله ـ، بمناسبة نجاح موسم الحج لهذا العام 1446هـ.
وأعرب سموه في برقية بعثها لخادم الحرمين الشريفين، عن خالص التهاني بالنجاح الكبير لموسم الحج لهذا العام، الذي تحقق بفضل من الله تعالى ثم بفضل العناية الكريمة التي أولاها خادم الحرمين الشريفين وحكومته الرشيدة ومؤسساتها لخدمة ضيوف الرحمن ليؤدوا مناسكهم بطمأنينة وأمان.
أخبار متعلقة ضيوف خادم الحرمين الشريفين يثمِّنون جهود المملكة والقيادة الرشيدةالكشافة السعودية تجسد القيم الإسلامية وتكتب أنصع صور التطوع في موسم الحجضيوف خادم الحرمين يحطّون رحالهم في مشعر منى لرمي جمرة العقبة .article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } موسم الحج - واس
كما هنأ صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وسمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس دولة الإمارات نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس ديوان الرئاسة، في برقيتين مماثلتين، خادم الحرمين الشريفين، بهذه المناسبة.نجاح موسم الحجهنأ صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، أمير دولة الكويت، أخاه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ـ حفظه الله ـ، بمناسبة نجاح موسم الحج لهذا العام 1446هـ.
وأعرب سموه في برقية بعثها لخادم الحرمين الشريفين، عن خالص تهانيه بالنجاح الكبير الذي تحقق بفضل الله تعالى ثم بفضل العناية الكريمة التي أولاها خادم الحرمين الشريفين وحكومته الرشيدة ممثلة في الوزارات والقطاعات كافة التي أسهمت بكل إخلاص وتفانٍ في إنجاحه.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } موسم الحج - واس
وأشاد سمو أمير دولة الكويت باستمرار ومتابعة أعمال التوسعة وازدهارها التي يشهدها بيت الله الحرام واستحداث الخدمات والتقنيات الذكية الحديثة المنتشرة في المشاعر كافة التي تلبي احتياجات الحجاج وتعود عليهم بالنفع وتيسير أداء المناسك، وهي محل إشادة وتقدير وثناء الجميع.تنفيذ خطة الحجوقدّر سموه الدور الكبير لصاحب السمو الملكي الأمير خالد بن فيصل بن عبدالعزيز مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة رئيس اللجنة الدائمة للحج والعمرة، ولصاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية رئيس لجنة الحج العليا، لما أولياه من اهتمام معهود وجهود مقدرة من خلال التنسيق والتكامل بين القطاعات المعنية بتنفيذ خطة الحج على أفضل وجه.
وسأل سموه، الباري جل وعلا أن يتقبل من الجميع خالص الدعاء وصالح الأعمال في هذه الأيام المباركة، وأن ينعم على المملكة العربية السعودية وشعبها الكريم بالمزيد من التقدم والازدهار تحت ظل القيادة الحكيمة.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } موسم الحج - واس
كما هنأ سمو الشيخ صباح خالد الحمد الصباح، ولي عهد دولة الكويت، خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ـ حفظه الله ـ، بمناسبة نجاح موسم الحج لهذا العام.
وأعرب سموه في برقية بعثها لخادم الحرمين الشريفين، عن خالص تهانيه بالنجاح الذي تحقق بفضل الله تعالى ثم بفضل العناية الكريمة التي أولاها خادم الحرمين الشريفين، وحكومته الرشيدة ممثلة في الوزارات والقطاعات كافة التي أسهمت بكل إخلاص وتفانٍ في إنجاحه.
وثمن سموه استمرار ومتابعة أعمال التوسعة وازدهارها التي يشهدها بيت الله الحرام واستحداث الخدمات والتقنيات الذكية الحديثة المنتشرة في المشاعر كافة التي تلبي احتياجات الحجاج وتعود عليهم بالنفع وتيسير أداء المناسك.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } موسم الحج - واس
وقدر سمو ولي عهد دولة الكويت، الدور الكبير لصاحب السمو الملكي الأمير خالد بن فيصل بن عبدالعزيز مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة رئيس اللجنة الدائمة للحج والعمرة، وصاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف بن عبدالعزيز، وزير الداخلية رئيس لجنة الحج العليا، لما أولياه من اهتمام معهود وجهود مقدرة من خلال التنسيق والتكامل القطاعات المعنية بتنفيذ خطة الحج على أفضل وجه.
وسأل سموه، الباري جل وعلا أن يتقبل من الجميع خالص الدعاء وصالح الأعمال في هذه الأيام المباركة، وأن ينعم على المملكة العربية السعودية وشعبها الكريم بالمزيد من التقدم والازدهار تحت ظل القيادة الحكيمة.
وهنأ سمو الشيخ أحمد عبدالله الأحمد الصباح، رئيس مجلس الوزراء بدولة الكويت، في برقية مماثلة، خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ـ حفظه الله ـ، بمناسبة نجاح موسم الحج لهذا العام 1446هـقيادة مملكة البحرينهنأ جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين، أخاه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- بمناسبة النجاح الكبير والتنظيم الدقيق والمميز لموسم حج هذا العام 1446هـ.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } موسم الحج - واس
وأعرب جلالته في برقية بعثها لخادم الحرمين الشريفين عن أخلص تهانيه بالنجاح الذي تحقق بفضل من المولى -سبحانه تعالى-، ثم الجهود الكبيرة والرعاية الكريمة التي يوليها خادم الحرمين الشريفين -رعاه الله- وحكومته الرشيدة التي وفرت جُلَّ جهودها وطاقاتها على مدار الساعة بتنظيم شعيرة الحج وإنجاحها وخدمة حجاج بيت الله الحرام والسهر على راحتهم؛ ما أسهم في تأدية مناسك حجهم بكل يسر وسهولة وأمان وطمأنينة في أجواء مفعمة بالسكينة والإيمان.
وأشاد جلالته بما هيأته المملكة العربية السعودية من إمكانات، وما تم استحداثه من خدمات مميزة حديثة ومتطورة في جميع المنافذ والمرافق والمشاعر المقدسة التي تلبي احتياجات الحجاج، وتعود عليهم بالنفع وتيسير أداء مناسكهم، وهي محل إشادة وثناء وتقدير الجميع.
وسأل جلالة ملك البحرين الله -تبارك وتعالى- أن يتقبل من ضيوف الرحمن حجهم وطاعاتهم، وأن يحفظ خادم الحرمين الشريفين ويمتعه بدوام الصحة، وأن ينعم على المملكة العربية السعودية وشعبها بمزيد من التقدم والازدهار، وأن يعيد هذه المناسبة على الأمتين العربية والإسلامية بالخير واليمن والبركات.
كما هنأ صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء بمملكة البحرين، في برقيتين، خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظهما الله- بمناسبة النجاح الكبير والتنظيم الدقيق والمميز لموسم حج هذا العام 1446هـ.