5 مارس، 2025

بغداد/المسلة: أثار قرار شمول المدان بسرقة القرن، هيثم الجبوري، بالعفو العام في العراق جدلاً واسعاً، إذ اعتُبر دليلاً على أن القانون، الذي أُقر ضمن صفقة سياسية، يمنح الفاسدين فرصة للإفلات من العقاب. وتسببت الخطوة في موجة انتقادات، خصوصاً من نواب اعتبروا أن العفو شمل شخصيات متورطة بسرقة المال العام.

وأكد النائب محمد جاسم الخفاجي أن الجبوري واحد من عشرات الفاسدين الذين سيستفيدون من القانون، مبدياً استياءه من تمرير تشريع دون تحصينه ضد المتورطين في نهب ثروات البلاد.

وبينما تصرّ الحكومة على استمرار جهود مكافحة الفساد، تكشف التقارير الرسمية عن تزايد عمليات الفساد واستمرار إفلات بعض المتهمين من المحاسبة.

تفاصيل

أثار قرار شمول مدان بسرقة القرن في العراق بقانون العفو العام موجة جدل واسعة، إذ أعاد إلى الواجهة الانتقادات التي وُجّهت إلى القانون منذ تمريره في البرلمان.

وذكر مجلس القضاء، في وثيقة متداولة، أن رئيس محكمة جنايات مكافحة الفساد قرر شمول هيثم الجبوري، أحد الشخصيات البارزة في قضية سرقة التأمينات الضريبية، بالعفو العام. الجبوري، الذي شغل مناصب نيابية واقتصادية رفيعة، يعد من الأسماء التي ارتبطت بالملف الذي هزّ العراق في أكتوبر 2022، حين كُشف عن اختفاء 2.5 مليار دولار عبر سلسلة من عمليات الاحتيال المالي.

ورأت جهات سياسية وبرلمانية أن قانون العفو العام شمل مدانين بقضايا فساد كبرى، ما يثير تساؤلات عن جدوى مكافحته في ظل وجود تشريعات تتيح الإفلات من العقاب.

النائب محمد جاسم الخفاجي كتب عبر “فيسبوك” أن الجبوري واحد من عشرات المتهمين بسرقة المال العام الذين سيستفيدون من العفو، معبّراً عن إحباطه من عدم تحصين القانون ضد الفاسدين.

وسبق أن حذّر نواب، بينهم ياسر الحسيني، من أن القانون الجديد سيمكّن المتورطين بسرقة القرن وآخرين من الإفلات من العقاب، وهو ما بدأت ملامحه تتضح فعلياً مع صدور قرارات تشمل المدانين بقضايا مالية ضخمة.

وعلى الرغم من الأحكام التي صدرت سابقاً بحق شخصيات رئيسية في القضية، مثل نور زهير الذي حُكم بالسجن عشر سنوات، وهيثم الجبوري الذي نال حكماً بالسجن ثلاث سنوات، فإن الغموض لا يزال يلف مصير بعض المتهمين. وغادر نور زهير البلاد بعد إطلاق سراحه المشروط بإعادة الأموال المسروقة، لكن لم تُعرف بعد تفاصيل استعادتها أو ما إذا كان قد استفاد من العفو.

وبينما تتسارع تطورات هذا الملف، أعلنت هيئة النزاهة الاتحادية، في تقريرها لشهر يناير، أنها نفذت 95 عملية ضبط، وأصدرت 32 أمر قبض واستقدام بحق شخصيات بارزة، وأدانت 318 شخصاً في قضايا فساد مختلفة. كما كشفت الهيئة عن وجود 61 ملفاً لملاحقة الهاربين واستعادة الأموال المنهوبة، ما يعكس حجم التحديات التي تواجه جهود مكافحة الفساد في البلاد.

ويتجدد الجدل حول ما إذا كانت القوانين الجديدة ستساعد في ترسيخ العدالة، أم أنها ستُستخدم لإعادة ترتيب المشهد السياسي بما يخدم أطرافاً معينة.

وبينما يواصل البرلمان تشريعاته، تبقى الأسئلة مفتوحة بشأن مدى التزام السلطات بمكافحة الفساد بجدية، خصوصاً مع تصاعد الأصوات المعارضة التي ترى أن قانون العفو جاء ليمنح الفاسدين طوق نجاة جديد.

 

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

المصدر: المسلة

كلمات دلالية: العفو العام

إقرأ أيضاً:

تناقضات التعداد السكاني في محافظات إقليم شمال العراق

7 دجنبر، 2025

بغداد/المسلة:

علي مارد الأسدي

أعاد النشر المتأخر جدًا لبيانات التعداد العام للسكان لسنة 2024 فتح ملف بالغ الحساسية، لا يتعلق بمجموع السكان فحسب، بل بكيفية توزيعهم بين المحافظات، ولا سيما في محافظات الإقليم (أربيل، السليمانية، دهوك)، التي خالفت الدستور ولم تسمح لموظفي الحكومة الإتحادية المشاركة أو حتى الإشراف فقط على عملية التعداد (الصوري) فيها، حيث كشفت الأرقام المنشورة عن قفزات غير متناظرة مع المسار السكاني الطبيعي، وبانفصال واضح عن السلاسل الإحصائية التي كانت معتمدة رسميًا حتى عام 2023.

أولًا: قفزات سكانية مفاجئة لا يفسرها المنطق الديموغرافي
وبحسب التعداد:
* دهوك، المشكوك أصلًا في وجود تضخيم سياسي مفتعل لعدد سكانها، نلاحظ وجود قفزة غير منطقية فيها، إذ ارتفع عدد سكانها من نحو 1.47 مليون في تقديرات 2023 إلى قرابة 1.60 مليون في تعداد 2024، أي زيادة تقارب 9% خلال عام واحد.
* أربيل انتقلت من تقدير يقارب 2.35 مليون إلى أكثر من 2.51 مليون، بزيادة تفوق 7%.
* السليمانية سجلت بدورها نموًا يتجاوز 5% مقارنة بتقديرات قريبة زمنيًا.

هذه القفزات الكبيرة لا يمكن أبدًا تفسيرها بعوامل النمو الطبيعي (الخصوبة والوفيات) التي لا تتجاوز في العراق عمومًا 2–3% سنويًا، ولا بالهجرة الداخلية التي كانت محدودة الاتجاه نحو الإقليم، خصوصًا بعد 2017 مقارنة بسنوات النزوح الأولى.

ثانيًا: مفارقة نينوى – الإقليم
يبرز التناقض أوضح ما يكون عند مقارنة محافظات الإقليم بمحافظة نينوى المجاورة:
* نينوى، التي تعد إحدى أكثر المحافظات كثافة سكانية، سجلت نموًا لا يتجاوز 0.5% بين تقديرات 2023 والتعداد.
* في المقابل، سجلت دهوك وأربيل قفزات تتراوح بين 7–9% في الفترة نفسها.
هذا التباين الحاد بين محافظات متجاورة، وتحت ظروف ديموغرافية متقاربة، يثير سؤالًا جوهريًا:
هل جرى التعامل مع ملف النازحين ومكان الإقامة الفعلية للأُسر بالمعايير نفسها داخل الإقليم وخارجه؟
ثالثًا: إشكالية النازحين ومكان التسجيل
أحد أكثر التفسيرات تداولًا لهذه القفزات يتمثل في:
* تسجيل نازحين أو مقيمين مؤقتين كسكان دائمين في محافظات الإقليم.
* أو اعتماد مكان البطاقة التموينية أو الإقامة الإدارية بدل الإقامة الفعلية الطويلة الأمد.
إن صح ذلك، فنحن أمام توسيع إحصائي صامت لقاعدة سكان الإقليم، لم يواكبه توضيح منهجي علني يشرح:
* من دخل في العد الدائم؟
* ومن اعتُبر مقيمًا مؤقتًا ولماذا؟
* وكيف عولجت حالات الإقامة المزدوجة بين الإقليم وبقية المحافظات؟

رابعًا: لماذا تُعد هذه التناقضات خطيرة؟
لأن أرقام السكان ليست «بيانات محايدة»، بل تمثل الأساس في:
* توزيع مقاعد البرلمان، وهي هنا ستكون لصالح الكرد السنة على حساب الشيعة والعرب السنة.
* حصة المحافظات من الموازنة الاتحادية.
* المشاريع والخدمات والدرجات الوظيفية.
أي تضخيم غير مبرر في عدد سكان محافظة ما، يقابله عمليًا انتقاص غير معلن من حصة محافظات أخرى، خصوصًا الجنوبية والوسطى التي لم تسجل قفزات مماثلة.

إن أرقام التعداد في محافظات إقليم شمال العراق تكشف عند مقارنتها بالبيانات السابقة انقطاع واضح في السلسلة السكانية وقفزات لا يفسرها المنطق الديموغرافي وحده.
وإن تجاهل هذه الفجوة، أو تمريرها بصمت، يعني تحويل التعداد من أداة معرفة إلى أداة إعادة توزيع سياسي ومالي مقنعة بالأرقام المزيفة.

وعليه، فإن الحد الأدنى من المهنية والإنصاف يقتضي:
* نشر المنهج التفصيلي لعد السكان في الإقليم.
* وتوضيح كيفية احتساب النازحين والإقامات المزدوجة.
* وربط أي استخدام سياسي أو مالي للأرقام الجديدة بمراجعة مستقلة شفافة.
من دون ذلك، ستبقى أرقام الإقليم مثار شك، لا في بعدها الإحصائي فقط، بل في وظيفتها داخل معادلة الدولة العراقية نفسها.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

مقالات مشابهة

  • المالكي وطالباني يناقشان ملف المناصب الرئاسية الثلاثة
  • العراق يعلن استرداد أكثر من 17 مليون دولار من عائدات الفساد
  • العراق يسترد نحو 17 مليون دولار من عائدات الفساد
  • نتنياهو يتحدث عن العراق: استهدفنا الميليشيات التي تحركت ضدنا
  • نجم الجبوري حول قرار استبعاده: لم أُبلَّغ رسمياً
  • النزاهة: اعتبار التجاوزات البيئية “جرائم فساد” وشمولها بأولويات التحقيق
  • تناقضات التعداد السكاني في محافظات إقليم شمال العراق
  • تجربة ملهمة في البناء والإعمار
  • وزيرة التربية تعليقًا على المدارس التي ستُقفل: اتخذت قرارًا بمنحها فرصة هذا العام
  • العراق يعتزم بناء متحف لعرض آثار “لم ترَ النور”