(1) ارتبط الجيش الأبيض مع دكتور رياك مشار (نائب رئيس الجمهورية بجنوب السودان ورئيس الحركة الشعبية ) ، فى مرات كثير نفى مشار علاقته بتكوين وحركة الجيش الأبيض ، إلا أن الأمر يرتبط به ، على كل حال..

فى عام 1991م أختلف د. مشار مع د. جون قرنق رئيس انانيا 2 ، وهاجم الجيش الأبيض مدينة بور بولاية جونقلي ، هنا برز الاسم للرأى العام لأول مرة.

.

مع أن بعض الروايات تشير إلى وجود تشكيلات سابقة لذلك ، فالجيش هو ضمن ترتيبات تعويذة الكجور (مون دينق) الذى تحدث عن مواجهة حاسمة بين الدينكا (أكبر القبائل النيلية فى القارة الافريقية) وبين النوير (أشرس البشر ، كما تقول بعض الوقائع)..

وفى مناسبتين اخريتين برز اسم الجيش الأبيض بعد الخلاف بين سلفاكير ومشار فى سبتمبر 2013م ، وفى يوليو 2016م ، وفى كل الحالات كان تحرك الجيش الأبيض صدى لخلافات سياسية ، وتكون ردة فعله عنيفة وغير متوقعة ومتصاعدة بسرعة ، وهذا ما حدث خلال الأيام الماضية ، فقد تأزم الوضع فى جنوب السودان بصورة دراماتيكية ومأساوية لأبعد الحدود..

(2)
هذه الصلة اشار اليها مايكل مكوي المتحدث بإسم الحكومة وقال (انا هنا احدثكم ان الحركة الشعبية المعارضة خرقت إتفاقية السلام ، وما حدث فى الناصر مرتب ومنسق) ، واضاف (قادة من الجيش طلبوا من قائد الناصر الاستسلام ولكنه رفض).. وهذه الافادة تفسر بعض الوقائع:
– الاعتقالات التى استهدفت قادة فى الجيش وابرزهم الفريق قبريال لام دوب (رئيس اركان قوات الحركة الشعبية ، ونائب رئيس هيئة العمليات بقوات دفاع السودان)
– فوت كانق تشو وزير البترول وتسعة آخرين..
وبث ماكوي بعض الطمأنينة ، لكن الأمر أبعد من ذلك كثيرا..

(3)
هجوم 3 مارس 2025م على مدينة الناصر من قبل الجيش الأبيض كان امتداد لسلسلة مناوشات فى مقاطعة لاونج بدات منذ 25 فبراير الماضى ، حيث هوجمت مناطق دوما ويتشار ، وحدثت تعبئة واسعة فى وسط النوير..

عززت قوات دفاع السودان انتشارها واستعانت ببعض السفن والمراكب التابعة لمجموعة تسمى (أجوليك) كانت فى عداء مع مجتمع النوير ، وزاد ذلك من الاحتقان..
وبدات الأمور تتصاعد لدرجة إخلاء قائد منطقة الناصر اللواء ماجوك داك بطائرة مستأجرة..

(4)
لا يمكن القول أن الأوضاع على ما يرام ، وتعزيزات مستمرة بين الطرفين ، وقد تمتد إلى مناطق اخرى وخاصة غرب النوير ومنطقة بانتيو الغنية بالنفط ، وتتحول الدولة المثقلة بالأزمات الاقتصادية إلى الفوضى ، مع غياب الحكماء وضعف المؤسسات..

قال المتحدث بإسم الحركة الشعبية المعارضة (تيار مشار) ، أن اتصالات جرت مع الشباب فى الميدان (قيادات الجيش الأبيض) وتمت دعوتهم لوفف التصعيد ، وجدد اتهامه للسلطة بخرق إتفاق السلام 2018م ودعا الضامنين للتدخل ، ومن بينهم السودان وكينيا..

الصمت الذى يلف المشهد هو حالة من الارتباك ، سيكون من الصعب (لملمة) متناثراته بعد حين..

الواقع الدولى مشغول ، والجوار بلا حيلة والمؤسسات الاقليمية مشلولة ، وتداعيات ما يجري في الجنوب ستلقي بظلالها على الجميع.. فأنتبهوا..

د.ابراهيم الصديق على

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: الحرکة الشعبیة الجیش الأبیض

إقرأ أيضاً:

إبراهيم شقلاوي يكتب: تحديات الأمن المائي في ضوء خطة رئيس الوزراء

تُعد إدارة الموارد المائية أحد أعمدة الاستقرار والتنمية المستدامة في السودان، لا سيما في مرحلة ما بعد الحرب، التي تتطلب إعادة هيكلة شاملة لمؤسسات الخدمة العامة والبنية التحتية، وفقًا لخطاب التكليف الواعد الذي ألقاه رئيس مجلس الوزراء د. كامل إدريس.

يرتبط الأمن المائي ارتباطًا وثيقًا بالصحة العامة، والزراعة والطاقة كما يشكّل عاملًا حاسمًا في الوقاية من النزاعات المجتمعية والصراعات الإقليمية. ومع ذلك يواجه السودان تحديات متجددة في هذا القطاع، من أبرزها: الاستخدام غير المستدام للمياه الجوفية، وتدهور البنية التحتية، وتناقص معدلات الأمطار بسبب تغير المناخ “برنامج الأمم المتحدة للبيئة، 2021” . يكشف هذا الواقع عن هشاشة المنظومة المائية، ويؤكد الحاجة إلى رؤية وطنية شاملة تتكامل فيها الأبعاد البيئية التنموية والاقتصادية.

الأزمة الأخيرة التي شهدتها ولاية الخرطوم بعد قصف منشآت الكهرباء بواسطة مليشيا الدعم السريع وتوقف محطة مياه المنارة، كشفت عن ضعف القدرة على إدارة الأزمات المائية، خاصة في سياق النزاعات المسلحة. فقد اضطر المواطنون للجوء إلى مصادر مياه غير آمنة، كالنيل مباشرة أو الآبار الجوفية ، مما أسهم في تفشي أمراض وبائية مثل الكوليرا “وزارة الصحة السودانية، 2025” . ولا تقتصر المخاطر على الصحة وحدها، بل تمتد إلى تهديد السلم الاجتماعي، خاصة في دارفور وكردفان، حيث تتحول نقاط المياه الموسمية إلى بؤر توتر بين المزارعين والرعاة برغم مشروعات حصاد المياه “وحدة تنفيذ السدود 2019 ” .

تشير البيانات المتاحة إلى أن السودان يمتلك نحو 85 مليار متر مكعب من الموارد المائية المتجددة سنويًا، أغلبها من نهر النيل، إضافة إلى مخزون جوفي يُقدّر بـ30 مليار متر مكعب، جزء كبير منه غير متجدد “وزارة الري السودانية، 2022؛ UNEP، 2021”. ومع تجاوز عدد السكان 48 مليون نسمة ومعدل نمو يفوق 2.5% سنويًا، تتزايد الضغوط على هذه الموارد بوتيرة مقلقة “البنك الدولي، 2023” ويستهلك قطاع الزراعة وحده قرابة 80% من إجمالي المياه “FAO، 2023” ما يبرز الحاجة الماسة لتحسين الكفاءة والحوكمة في إدارة الطلب.

هذا في وقت لا تتجاوز فيه نسبة السكان الذين يحصلون على مياه شرب آمنة 65% في المدن، وأقل من 40% في المناطق الريفية “البنك الدولي، 2023” هذا الواقع يستوجب مجهود عاجل من الجهات المعنية لإدارة هذه الموارد وفقا لخطة وسياسات قومية شاملة، تمكن البلاد في الاستفادة منها وادارتها بصورة آمنة.

في المقابل، أطلقت إثيوبيا مؤخرًا سياسة وطنية شاملة للمياه والطاقة تمتد لعشرين عامًا، تقوم على مبادئ العدالة، والشراكة مع القطاع الخاص، والحوكمة الرشيدة. وتعكس هذه الخطوة تحولًا استراتيجيًا في فهم الدولة لدور المياه كمورد سيادي وتنموي “وزارة المياه والطاقة الإثيوبية، 2025” . وقد أُعدّت هذه السياسة بمشاركة واسعة من المجتمع المدني والقطاع الخاص والجهات الحكومية، في نموذج يمكن الاستفادة منه مع مراعاة خصوصية السودان المؤسسية والاجتماعية.

أما في السودان، وفي ظل غياب استراتيجية وطنية متكاملة للمياه، فإن البلاد تظل عرضة لتفاقم الأزمة، خاصة مع التأثيرات المتوقعة لمشروعات دول حوض النيل، وعلى رأسها سد النهضة، الذي يمثل تحديًا مباشرًا لتدفق المياه. فمع غياب التنسيق الإقليمي الفاعل، وتعطل المفاوضات بين السودان وإثيوبيا ومصر، يبقى الموقف السوداني ضعيفًا، في ظل عدم التوصل إلى رؤية مشتركة حول إدارة وتشغيل السد والاستفادة المتكاملة منه.

المرحلة الراهنة تفرض على الحكومة السودانية ضرورة صياغة سياسة وطنية استراتيجية للمياه، تقوم على تقييم دقيق لموقف الموارد المتاحة، ودراسة متعمقة لواقع العرض والطلب، مع تعزيز الفوائد وتأهيل البنية التحتية من خلال الجهات ذات الصلة. كما ينبغي دمج هذه السياسة ضمن برامج النهضة والسلام والتعافي التي يقودها السيد رئيس الوزراء، بما يضمن أن يصبح الأمن المائي دعامة للاستقرار، من خلال تبني سياسات متكاملة لإدارة الموارد المائية وفقًا للتغيرات المناخية. ويُعد موسم الأمطار الحالي مؤشرًا على تلك التغيرات، إذ تُظهر البيانات أن السودان من أكثر الدول تأثرًا بالمناخ “الهيئة العامة للأرصاد الجوية” .

وبحسب ما نراه من #وجه_الحقيقة، فإن تحقيق الأمن المائي في السودان لا يمكن فصله عن مشروع الحكومة، ولا عن منظومة السلم الاجتماعي والإقليمي. وإذا لم تُبنَ سياسات المياه على أسس استراتيجية متكاملة تستشرف التحديات وتستفيد من تجارب الجوار، فستظل البلاد رهينة أزمات متكررة تقوّض جهود التنمية وتُعيد إنتاج الأزمات. فالمياه اليوم لم تعد مجرد مورد، بل أصبحت بوابة أساسية نحو الاستقرار وإعادة البناء والتنمية.

دمتم بخير وعافية.

إبراهيم شقلاوي
الثلاثاء 3 يونيو 2025م Shglawi55@gmail.com

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • “بوليتيكو”: رئيس الصين تجنب لقاء ترامب بعد التلاسن مع زيلينسكي في البيت الأبيض
  • إبراهيم شقلاوي يكتب: تحديات الأمن المائي في ضوء خطة رئيس الوزراء
  • كشف حقيقة إحالة رئيس أركان الجيش العراقي الفريق يارالله إلى التقاعد
  • نزوح أكثر من 165 ألف شخص بسبب الحرب في جنوب السودان
  • نائب رئيس مجلس السيادة يلتقي رئيس مجلس الوزراء
  • السودان: توقعات بارتفاع طفيف في درجات الحرارة وأمطار خفيفة في جنوب كردفان ودارفور
  • شبكة أطباء السودان: قصف الدعم السريع يؤدي لمقتل 3 أطفال وامرأة جنوب الفاشر
  • اغتيال عقيد في الجيش اليمني شمال شرق اليمن
  • العدل والمساواة تنفي وجود اتفاق مسبق مع رئيس مجلس السيادة الانتقالي يمنح الحركة مناصب تنفيذية مقابل القتال
  • الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال عنصر ثانٍ من حزب الله في جنوب لبنان