نيوزويك: أكبر حليفين لترامب في الشرق الأوسط على مسار تصادمي في سوريا
تاريخ النشر: 6th, March 2025 GMT
سلط تقرير نشرته مجلة نيوزويك الضوء على تصاعد التوترات بين "حليفين مهمين للولايات المتحدة" وهما إسرائيل وتركيا في سوريا، محذرا من احتمال وقوع صراع بين الدولتين بسبب تناقض مصالحهما.
وأكد الكاتب توم أوكونور -المتخصص في مجال السياسة الخارجية ونائب رئيس التحرير- أنه بعد سقوط الرئيس المخلوع بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024، ازداد تدخل كل من إسرائيل وتركيا في سوريا، وتسعى كل منهما إلى تحقيق أهداف إستراتيجية متضاربة.
وعبَّر الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن إعجابه بكل من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، واعتبرهما طرفين محوريين في رؤيته الناشئة للشرق الأوسط، ولكن التقرير حذر من أن هناك تنافسا "خطيرا" يتشكل بينهما.
ولم يظهر ترامب اهتماما كبيرا بالتواصل مع القيادة السورية الجديدة، وفضل بدلا من ذلك التركيز على غزة والمحافظة على علاقات وثيقة مع نتنياهو، وفق التقرير.
الزاوية الإسرائيليةوتضمن التقرير رأي إيفرات أفيف -وهي باحثة وأستاذة مشاركة في جامعة بار إيلان الإسرائيلية- بأنه من المرجح وقوع مواجهة عسكرية بين إسرائيل وتركيا في المستقبل.
وتنسب أفيف التوتر الحالي إلى نفوذ تركيا المتنامي في سوريا، مدعوما باستثمارات تبلغ قيمتها مليارات الدولارات، وإلى توسع إسرائيل في الجنوب السوري.
إعلانوقال التقرير إن إسرائيل استغلت الفوضى التي عمّت سوريا في مرحلة ما بعد الأسد للاستيلاء على مزيد من الأراضي جنوبي البلاد خلف حدود أراضي الجولان المحتلة، وإقامة منطقة عازلة جديدة لتحميها من الحكومة الحالية التي تراها إسرائيل عدوة محتملة.
وترجح أفيف أن تطالب تركيا بموطئ قدم عسكري في سوريا، إذ إن الحكومة التركية ترى أن تصرفات إسرائيل تزعزع الاستقرار السوري، كما أشارت الباحثة إلى مخاوف إسرائيل من دعم تركيا حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ومن العلاقات التركية مع القيادة السورية الجديدة.
الزاوية التركيةوأشار مراد أصلان -وهو أستاذ مشارك في جامعة حسن كاليونجو- إلى أن تركيا ترى تحركات إسرائيل في سوريا على أنها "استفزازية"، خصوصا أن الذي يشرف عليها هو رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "المتطرف".
وقال أصلان إن حكومة نتنياهو تتبع إستراتيجية قد تؤدي إلى زعزعة استقرار المنطقة، محذرا من أن تركيا قد تنسق مع الحكومة الجديدة ردا عسكريا إذا استمرت إسرائيل في التصعيد.
وأكد أن أنقرة لا تفضل مواجهة عسكرية مع إسرائيل، غير أنه من الممكن أن تتبع أساليب دفاعية أخرى منخفضة التكلفة ويمكن تطبيقها بسهولة من أجل إبعاد إسرائيل.
وأضاف أن "إسرائيل رأت في الفجوة القيادية في سوريا فرصة لتدمير المخزون العسكري السوري وتوسيع رقعة الأراضي التي تسيطر عليها باتجاه الشرق، وتشجيع الدروز وحزب العمال الكردستاني على إنشاء كيان عميل موالٍ لإسرائيل".
وصرّح مسؤول في السفارة التركية لدى الولايات المتحدة لمجلة نيوزويك بأن تركيا تولي أهمية كبرى لأمن سوريا ووحدتها السياسية وسلامة أراضيها، مؤكدًا رفض أنقرة لأي محاولات تقوض سيادة الحكومة السورية.
كما شدد المسؤول على دعم تركيا للمعارضة السورية، ورغبتها في إعادة تأهيل الحكومة الجديدة في دمشق دوليا، لافتا إلى استضافة تركيا نحو 3 ملايين لاجئ سوري، وأكد أن أنقرة وقفت إلى جانب الشعب السوري على مدار 14 عاما، وهي مستعدة لدعم تحقيق السلام والازدهار في سوريا.
وأضاف أن تركيا تعطي الأولوية للتواصل مع الإدارة السورية الجديدة، وتشجع المجتمع الدولي على رفع العقوبات والمساهمة في إعادة الإعمار، وتمهيد الطريق لعودة ملايين النازحين.
إعلان الزاوية السوريةوقال بسام بربندي لمجلة نيوزويك -وهو دبلوماسي سوري سابق يعمل الآن محررا في مجلة "أخبار سوريا"- إن "تركيا ليست مستعدة ولا قادرة على حماية سوريا من التحركات الإسرائيلية"، كما أن إسرائيل لم تظهر أي التزام نحو السلام حتى الآن.
وشكك في أن يكون أي من الجانبين جادا بشأن الدخول في مواجهة مباشرة، ولكنه حذر أيضا من التكاليف المرتبطة بقرار كهذا، إذ إن "السوريين لا يريدون هذا الصراع ولا هم قادرون على تحمله، فبلدنا مدمر بالفعل".
ولتجنب ذلك، حث بربندي الولايات المتحدة على الإشراف على المفاوضات بين إسرائيل وسوريا، وأكد أنه "من وجهة نظر السوريين، فإننا لا نرغب في أن نرى بلدنا يتحول إلى ساحة معركة للقوى الإقليمية المتنافسة".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات رمضان ترجمات فی سوریا أن ترکیا
إقرأ أيضاً:
الصين تستعد لتقديم المساهمة في تخفيف التوترات بين إسرائيل وإيران
تشو شيوان **
كثيرٌ من المتابعين العرب ينظرون متسائلين أين هو الموقف الصيني تجاه الصراع بين إسرائيل وإيران؟ وإلى أين تتجه بكين في هذا الصراع؟ خصوصًا الآن بعد دخول قرار وقف إطلاق النار بين الطرفين حيز التنفيذ، لذا أردت من خلال هذا الطرح أن أتناول معكم تحليلًا شاملًا يتناول الموقف الصيني من عدة جوانب وزوايا.
في ظل التصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران الذي شهدناه على مدار 12 يومًا وبعد استهداف القوات الأمريكية لمواقع نووية إيرانية، تبنّت الصين موقفًا دقيقًا ومتزنًا يجمع بين دعمها لإيران من جهة والدعم هنا يمكننا تسميته بالدعم العقلاني الذي يضمن عدم تصعيد الأمور، وسعيها للحفاظ على الاستقرار الإقليمي من جهة مع الترويج لحلول دبلوماسية كبديل عن المواجهات العسكرية، وأجد أن الصين يمكنها أن تلعب أدوارًا كبرى أهمها صيانة قرار وقف إطلاق النار وضمان سريانه، خصوصًا وأن علاقتها بطهران تسمح لها بأن تلعب هذا الدور.
وبالعودة لبداية الصراع نجد أن التصريحات الرسمية الصينية أدانت بشكل صريح الضربات الأمريكية ومن قبلها الضربات الإسرائيلية، وقد حذرت الصين من أن هذه المسألة لها تبعات غير مضمونة على المنطقة والعالم، كما حذرت من عواقب التدخل العسكري الأمريكي، فمثل هذه التدخلات من دولة بحجم الولايات المتحدة والتي من المفترض بها أن ترى الأمور من زاوية الدول العظمى التي يقع على عاتقها حفظ الأمن والاستقرار العالمي بدلًا من استخدام قوتها واستعراض لهيمنتها الدولية، وهذا ما تراه الصين ففي اتصال هاتفي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أكد الرئيس الصيني شي جين بينغ أن "القوى الكبرى ذات النفوذ يجب أن تعمل على تهدئة الوضع لا تصعيده"، ولكن ربما هذا الأمر لا يجيده المسؤولين في واشنطن فالقوة العسكرية التي لديهم هم أكثر ما يتذكرونه في مثل هذه المواقف الصعبة.
وفي قمة آسيا الوسطى في أستانا، حذَّر الرئيس الصيني شي جين بينغ من أن "العملية العسكرية الإسرائيلية ضد إيران فاقمت التوترات بشكل حاد"، مؤكدًا أن "النزاعات العسكرية ليست حلًا للخلافات"، وهو ما يتماشى مع موقف الصين التاريخي المستند على موقف دبلوماسي قائم على الحلول السياسية، وتاريخيا تبنت بكين سياسة عدم التدخل، لكنها في الوقت ذاته رفضت بشدة سياسة "الضغوط القصوى" التي تمارسها واشنطن على طهران، وفي تصريحات رسمية لوزارة الخارجية الصينية في أبريل الماضي، دعت بكين الولايات المتحدة إلى "وقف التهديد باستخدام القوة" و"الامتناع عن فرض العقوبات الأحادية"، مشددة على أن المسار الدبلوماسي هو الخيار الوحيد لحل الملف النووي الإيراني.
وخلال السنوات الماضية أظهرت الصين رغبتها في القيام بدورها البناء في حل الخلافات في منطقة الشرق الأوسط، كما نعرف أنها قد نجحت في تحقيق استئناف العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران في عام 2023، كما نجحت في تحقيق الوساطة بين الفصائل الفلسطينية في العام الماضي، كما أعربت الصين عن استعدادها في لعب دور الوسيط في الصراع بين إسرائيل وإيران في وقت سابق، وقد يتجدد هذا الأمر بشكل أكبر في الأيام القادمة، وأيضًا تسعى الصين لحماية منظومة عدم الانتشار النووي، وهذا يوضح الموقف الصيني من الأزمة الإسرائيلية الإيرانية والتي قد تدفع التطورات الصين نحو إعادة تعريف دورها كقوة وسيطة فاعلة، خاصة إذا استمرت أمريكا في سياسة "الضغط الأقصى" التي تهدد المصالح العالمية، ويبقى التحدي الأكبر هو تحويل الخطاب الدبلوماسي إلى آلية فعالة لمنع انزلاق المنطقة إلى حرب لا تحقق سوى مزيدًا من الدمار وعدم الاستقرار.
في النهاية.. وفي منطقة تتصاعد فيها التوترات وتتشابك فيها المصالح، تتمثل السياسة الصينية تجاه الصراع الإسرائيلي الإيراني في تطبيق مبادرة التنمية العالمية ومبادرة الأمن العالمي، فهي تعمل على التوازن بين تحقيق الوسيط الدولي، والحفاظ على أمن الطاقة، من دون الدخول في صراع أو الانحياز الصريح لطرف على حساب آخر، وهذا الموقف يعكس سعي الصين الدائم إلى بناء علاقات هادئة في الشرق الأوسط، مما يؤهلها في المستقبل للعب دور أكبر في صياغة معادلات التوازن الإقليمي، خصوصًا مع تكرار نفس الأخطاء الأمريكية في المنطقة، وسعيها الدائم لاستخدام القوة بدلًا من الحوار والذي بسببه أدخل الشرق الأوسط في مشاكل لا حصر لها، ولهذا تجد الصين أنه من الواجب تغيير الأسلوب والوجهة وتلقي بنموذجها الجديد القائم على الانفتاح والحوار لأن فيه نجاة الجميع وعدم هدر المزيد من الفرص لإحلال السلام في المنطقة والعالم.
** صحفي في مجموعة الصين للإعلام، متخصص بالشؤون الصينية وبقضايا الشرق الأوسط والعلاقات الصينية- العربية
رابط مختصر