العلمانية – غربال الدجل الديني والشعوذة السياسية
تاريخ النشر: 7th, March 2025 GMT
سألني أحد الأصدقاء عن انعكاسات الإشارة للعلمانية بشكل واضح وصريح في ميثاق التأسيس، وأثر ذلك على الشارع السوداني المستغل (بفتح الغين) من المنافقين المتدثرين برداء الدين مظهراً، والبعيدين عن تعاليمه السمحة قولاً وفعلاً، ومدى خطورة نثر سمومهم بين الأوساط الشعبية بخلط الأوراق وإساءة استغلال الفهم المغلوط للعلمانية والدين، واستغلال بساطة الناس وحسن نواياهم وصدق مقاصدهم، في إشعال نيران جدل مهووس وأحمق، يؤدي لاغتيال شخصيات روّاد التغيير المؤسسين الجدد، كان ردي على هذا الصديق الصدوق أن الحركة الإسلامية حكمت السودان ظلماً وجوراً، واستغلت العاطفة الدينية الفطرية المتأصلة في وجدان الناس، دون أن تعلم أنها قد مهدت بذلك لانطلاق ثورة وعي كبيرة لدى المجتمع، بعدها علم أن السبيل الوحيد للخلاص من سطوة الدجالين السياسيين، والتحرر من جبروت رجال الدين المشعوذين، الذين أهدروا دماء الأبرياء إرضاءً لأولياء نعمتهم من الحكام الظالمين، هو حماية الناس وأديانهم كما هو حاصل في كثير من البلدان العلمانية، المحكومة بأحزاب اتخذت من تعاليم الدين الحنيف منهاجا مثل تركيا، فالعلمانية في عصرنا هذا هي الضامن الأوحد لصون الأديان من الاستغلال، ونجد أن جميع المسلمين الذين أقاموا بدول (الكفر) كما يصفها المتطرفون، حقنوا دمائهم وحفظوا ذرياتهم من بطش مسلمين منهم تسلطوا عليهم فساموهم سوء العذاب باسم شرع الله.
للخلاص من براثن التخلف العلمي الذي أحال بلادنا إلى كومة من المؤسسات التعليمية الجوفاء، المحتفلة بنقاش وإجازة مشاريع رسائل الدكتوراه حول موضوعات ليست ذات جدوى مثل (كسر همزة إنّ) وما شاكلها، لابد من تنظيف المجال العام من المشعوذين والدجالين والزنادقة، الذين انتشروا نتشار الجراد في الزرع، في العهد الذي تولت فيه الحركة الإسلامية مقاليد الحكم، والتي كشفت عن الحقيقة الكامنة وراء نهضة العصور الوسطى، ألا وهي الخروج من مهزلة دجل رجال الدين المانحين والحارمين الناس صكوك الغفران، مثلما فعلت الحركة الإسلامية وزبانيتها بالسودان، بقيادة جماعة من المهووسين، من الذين وعدوا المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، برفع الأذان في البيت الأبيض، ودحر جيوش روسيا ومحو أساطيل أمريكا من الخارطة، فالغربال العلماني كفيل بتنقية حياة الناس من شوائب الكذب والغش باسم الرب، وفي الدول المتقدمة لا مجال لاستمالة الناس بتبني قداسة القرب من الذات الإلهية، الأمر الذي انخدع به كثير من أهلنا الطيبين فقدموا رقابهم رخيصة لمجموعة من كهنة الضلال (الضامنين) لهم جنات عرضها السماوات والأرض، كما درج الحركيون الإسلاميون على الاحتيال على حقوق المغيبين والمخدرين، بعقد قران الشباب بالحور العين، في أكبر عمليات للنصب والدجل التي شهدتها بلادنا في هذا الزمان الغيهب.
الغربال العلماني (الناعم) قادر على فرز الفرث والدم، عن اللبن الذي حُرِم منه أفراد بلد عظيم مثل السودان، لقد نهبت الثروات البترولية الضخمة وتم تجنيب أموال المؤسسات الاقتصادية الكبرى، بإصدار الفتاوى التي يهندسها ويخرجها شيوخ الفتنة والضلال، وانتهكت الأعراض في الشهر الفضيل من رجال ملتحين ومقصرين للشوارب والجلابيب، حتى الحرب التي أشعلها مرشد الحركة الإسلامية – علي كرتي، اختار لها الشهر الفضيل من بين الأشهر، وقبلها مجزرة القيادة العامة التي ارتكبتها ذات الحركة بحق المدنيين المعتصمين أمام باب الجيش، كانت في آخر ليلة من ليالي رمضان، ومع بزوغ أول فجر ليوم عيد الفطر، لقد سلّط الله على الشعب السوداني الحركة الإسلامية حتى يريه الفرق بين غواية الدجال وكرامة المسيح، وما بين خطيئة مريم المجدلية وطهارة مريم العذراء، فمنذ أزمنة الصالحين كانت الجريمة السياسية تتخذ من محراب المسجد مصدراً، ومن مذابح الكنائس منطلقاً، لذا وجب اتخاذ المنهج الذي أخرج شعوب العصور الوسطى من ظلمات صكوك الغفران، إلى ساحات الدين السمح الذي جعل المسلم واليهودي يعيشان في مدينة الرسول الكريم، تحت ظلال العدالة الاجتماعية والمواطنة الحقّة، وبينما عالم اليوم يشرئب لمعانقة الثورات الصناعية الكبرى من الصين إلى البرازيل، تزحف شعوبنا بصعوبة من أجل التحرر، تحت وقع سياط جلاد دجال مشعوذ يتاجر بالدين لإطالة أمد بقائه على الكرسي، أما آن الأوان لإخراج الناس من ظلام الدولة الظالمة إلى نور دولة الحقيقة؟
اسما عيل عبد الله
ismeel1@hotmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الحرکة الإسلامیة
إقرأ أيضاً:
انعقاد الجولة السادسة من المشاورات السياسية بين الإمارات والاتحاد السويسري
أبوظبي (وام)
أخبار ذات صلةعُقدت في العاصمة أبوظبي الجولة السادسة من المشاورات السياسية بين دولة الإمارات والاتحاد السويسري، برئاسة معالي لانا زكي نسيبة مساعدة وزير الخارجية للشؤون السياسية، ومونيكا شموتز كيرغوز مساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الاتحاد السويسري.
وشكّلت هذه المشاورات فرصة مهمة ومثمرة لتسليط الضوء على العلاقات الثنائية الوطيدة والمتنامية بين دولة الإمارات والاتحاد السويسري، حيث استعرض الجانبان أهم الإنجازات، وشدّدا على التزامهما بمواصلة توطيد التعاون ضمن عدد من المجالات الحيوية، بما في ذلك قطاع الأعمال، والعلوم والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، والطاقة المتجددة، والمياه، والرعاية الصحية، فضلاً عن تعزيز العلاقات بين الشعبين.
كما تم التركيز على سُبل توطيد التعاون في مجالي التجارة والاستثمار، إذ رحّب الجانبان بالنمو الملحوظ في معدلات التبادل التجاري غير النفطي، والذي شهد ارتفاعاً بما يزيد على 40% خلال عام 2023. كما تضمنت المشاورات كيفية الاستفادة من الإمكانات الواعدة للذكاء الاصطناعي في القطاع التجاري، مع تأكيد الحرص على تطوير هذه التقنية على نحو مسؤول وآمن وأخلاقي.
وجدّد الجانبان التأكيد على دعمهما للمنظمات الدولية، ومن ضمنها الأمم المتحدة، ولجهود الوساطة وحفظ السلام، وتقديم المساعدات الإنسانية ودعم برامج التنمية وغيرها من المهام.
وشدد الجانبان على أهمية احترام القانون الدولي الإنساني واستعرضا جهودهما المبذولة في هذا الإطار، إضافةً إلى بحث تعاونهما لضمان تحقيق نتائج ملموسة وبنّاءة خلال مؤتمر المياه 2026 الذي ستستضيفه دولة الإمارات بالشراكة مع السنغال.
علاوةً على ذلك، ناقش الجانبان المستجدات الإقليمية والدولية، ولا سيما الأوضاع المتعلقة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وكذلك في أوروبا، إذ أكدا على أهمية دعم الحوار، وخفض التصعيد وتغليب الحلول الدبلوماسية.
كما تبادل الطرفان وجهات النظر بشأن التداعيات المدمرة لخطاب الكراهية والتطرف على المجتمعات في مختلف أنحاء العالم، بما فيها أوروبا ومنطقة الشرق الأوسط، وناقشا طرق التصدي لمروجي هذه الأيديولوجيات الهدّامة.
وشارك في جولة المشاورات عمران شرف مساعد وزير الخارجية لشؤون العلوم والتكنولوجيا المتقدمة، والدكتورة حصة عبدالله العتيبة سفيرة دولة الإمارات لدى الاتحاد السويسري. ومن جانب الاتحاد السويسري، آرثر ماتلي سفير الاتحاد لدى دولة الإمارات.