لجريدة عمان:
2025-06-06@02:33:21 GMT

جوهر الواقع الاجتماعي في دراما المسلسلات

تاريخ النشر: 11th, March 2025 GMT

تنقسم الآراء حول مسلسلات رمضان منطلقة من موقعين متباينين لأنواع الكتّاب الذين يُسند إليهم كتابة المعالجة الدرامية للسيناريو؛ الأول هو السيناريست المخضرم صاحب التجربة الطويلة والنتاجات الدرامية الكثيرة المتميزة. والنوع الثاني هم الصحفـيون ومنتجو الورش الجماعية الذين يلتقطهم بعض المختصين بالدراما، فـيلتقون ويعقدون جلساتهم، ويوزعون أفكار العمل فـيما بينهم، أو غيرهم الذين يقرأون إعلانًا عن عقد ورشة فـي كتابة السيناريو عبر وسائط التواصل الافتراضي.

ويمكن أن يتصدر من بين هؤلاء بعض الصحفـيين وأنصاف الموهوبين وغيرهم. يُشغل هؤلاء «الكتبة» لتمييزهم عن الكتّاب والأدباء الموهوبين الجيدين، لتناول التأثيرات الاجتماعية والمتغيرات الاقتصادية التي تؤثر فـي أحوال الناس وتبدل مواقعهم. فـينشأ الصراع حول هذا المجتمع، إما لإعادة تعريفه، فمن يكون؟ وكيف كان؟ وإلى ماذا صار؟ أو يسعون إلى تثبيت رؤية أحادية الطرح وساذجة، ترى أنه ينبغي التعبير عنها والعزف على تشكلاتها الناشئة عليها. قليل من الأعمال الفنية التي ترقى إلى درجة المقبولية لاعتناء السيناريو فـيها بتحولات الزمان والمكان، يتضافر معها موقف نقدي وارتباط وجداني بالناس وطبقات المجتمع، بينما تتجه البقية المتبقية منها إلى الرفض والاستهجان.

لن يحتاج المشاهد المعاصر المزدحم بالقنوات وشاشات العرض والمنصّات إلى قدر كبير من الاجتهاد ليكتشف أن صورة الواقع الاجتماعي التي يقدمها هؤلاء الكتّاب أو «الكتبة» عبر ثلاثين حلقة يتخللها المط غير المبرر للحبكة الدرامية، أن الصورة المتصدرة عنه لا تشبهه، ولا تخصه، فإذا هي ليست جميلة تمامًا، أو متوهجة، أو منصفة، أو متمردة فهي أيضًا ليست عنيفة، ومبتذلة، ووقحة، ومنافقة إلى الحد الذي يشاهده. فما جوهر الواقع الاجتماعي؟ وهل أساليب المعالجة تتوخى تجليات الواقعية النقدية أم أنها غير ذلك؟

الواقع الاجتماعي فـي سيناريوهات مسلسلات الأعمال الرمضانية فـي هذه الدورة، ليس بالضرورة هو الواقع الذي نعيشه أو تعيشه الطبقات الاجتماعية بمختلف الشرائح، والطوائف، والأقليات، والانتماءات. إن أغلبها سيناريوهات فجة لا تتوخى تقديم لغة جديدة تبحث فـي أعماق الواقع. يثير الطرح حول جوهر الواقع الاجتماعي عودة إلى الواقعية النقدية، واهتمامها بالنزعة الإنسانية فـي المقام الأول.

لا يعي هؤلاء «الكتبة» أن الواقعية النقدية وتجلياتها ترفض الحشو الزائد للمشاهد وللشخصيات، وتستهجن إقحام ما حاجة إليه. فعلى السيناريو توخي عدم الإسراف والمبالغة فـي تصميم المشاهد و«الكادرات» وكذلك على الممثل الوعي بدرجات الانفعال التي يحتاجها الموقف الدرامي. فالنفور يزداد من شخصيات يرتفع صراخها بلا داع درامي، ومن شخصيات شريرة تعتقد أن الشرير يجب أن يفتح عينيه على اتساعهما، ويمط شفتيه بطريقة عفا عليها الزمن، فبدل أن يتأثر المشاهد ويخاف مثلا، فإذا به يضحك من مقدار الهبل، وأبسط مثال على ذلك، يمكن العودة إلى مشاهد الشخصيات الشريرة فـي بعض الأفلام التي تُظهر الشرير فـي هيئة أقرب إلى الساحر! ولا يقتصر الحال على ممثلي الصف الثاني، بل يمكن قياسه على أنواع الأبطال الذين تسعى المسلسلات إلى إظهارهم فـي قمة الفتوة والعنف والرومانسية والشجاعة بأجساد عارية تارة، وسلاسل فـي رقابهم وأساور فـي أيديهم! إزاء هؤلاء تغيب الشخصيات الطيبة، أو الصالحة فـي أحسن الأحوال، لكن السيناريو لا يتركها على حالها، بل يظل يركض وراءها حتى يقذف بها فـي وحل الآخرين وفسادهم ووحشيتهم، فلا يملك الإنسان الطيب إلا التحول القسري، فـيصير مجرما بالفعل!

هناك من يرى أن قضية المعالجة الدرامية غير مستقلة على وعي كاتب السيناريو وأهدافه وثقافته بمفرده، إذ بات رأس المال يتحكم فـي توجيه الفن والأخلاق معًا، مثلما صار اجتهاد الممثل على الشخصية التي سيلعبها يحتكم هو الآخر إلى المال نفسه! فـيغيب الإبداع ويتوارى وراء الشمس، ليشاهد المتفرج شخصيات ضعيفة فـي بنيتها الدرامية، ومهلهلة ومفككة ثقافـيا. وهذا يشير بوضوح كبير إلى تبعية عناصر العمل الدرامي كله إلى هيمنة رأس المال عليها. إن جوهر الواقع الاجتماعي يتطلّب أن يصف السيناريو المجتمع «بكل فصائله وفئاته، بكل جوانبه الرفـيعة والوضيعة، بتشابك مبادئه وتعقيدها، بمتطلباته واحتياجاته وتناقضاته»، لا الوقوف عند القشور وتهييج الغرائز والسخرية من عالم البسطاء والطاهرين.

خلاصة هذا الطرح، أن «الكتبة» يرون جوهر المجتمع كلّه من زاوية معينة تتصدرها شركة الإنتاج التي ستتولى تأمين الميزانية الضخمة لتوفـير المُخرج واختيار أماكن التصوير وشلة الأبطال التي ستجسّد العمل. إن الانطلاق فـي كتابة السيناريو من هذه النظرة القاصرة ستكتفـي بجعل رأس المال المحرّك الأول والأخير للحياة وللشخصيات ولمصائرها، سيكون رأس المال مقياس الأشياء جميعها، وبناء عليه ستصبح العوائل الكبيرة والأسر الصغيرة مشوهة فـي مشاعرها وعلاقاتها وناقمة، فكل ما يهمها الكسب السريع، وعندئذ سيتساوى لديها مبدأ «إن الغاية تبرر الوسيلة»، حيث الأشياء والأفكار والعلاقات والمشاعر تباع وتشترى!

الناظر إلى الحال يسأل نفسه عن الأسباب الواقفة وراء مستوى التردي والهوان والابتذال والعهر الذي تحرص الدراما العربية والخليجية فـي تقديمه وعرضه على قنوات شاشاتها، وعلى المنصات الرقمية. ويتضمن السؤال، البحث عن أنواع كتّاب السيناريو الذي يظهرون لنا فـي كل موسم، ومَن الذي يساندهم ويدعمهم! وهل وحده كاتب السيناريو يتحمل ما يقدمه من واقع المجتمعات؟ هناك من يرى أن كاتب السيناريو لا يتحمّل المسؤولية كاملة وحده؛ بوجود لجنة فنية للفحص، مهمتها مشاهدة العمل وتسجيل ملاحظاتها عليه بالتفصيل الكامل، وكتابة تقريرها إما المنع أو الموافقة بعد الأخذ بالملاحظات!

ويعلم العارفون بكواليس هذه القضايا ألا كاتب السيناريو سيعيد النظر فـي الملاحظات، ويعمل على تعديل الملاحظات، ولا الشركة المنتجة التي تصدت لإنتاج العمل ستتراجع هي الأخرى عن مشهد واحد يمكنه أن يؤجج حفـيظة المشاهدين! وقد نجحت الكثير من وسائل التلاعب والاحتيال، حيث تقوم الشركة المنتجة بتقديم سيناريو رديف غير السيناريو الأصلي إلى لجنة الفحص، فتوافق اللجنة عليه وتجيزه للعرض، ثم تكتشف فـي أثناء العرض على الشاشة أو المنصة أنها قد وقعت فـي الفخ، فإمّا أن تنشر بيانًا تعترض فـيه على مشاهد العمل أو أن تكتفـي بالصمت. وسلوك شركة الإنتاج بالطبع هو سلوك تعرفه دوائر الرقابة واللجان فـي الفن عموما. ما زال المتفرج العربي أمامه الكثير من القضايا الاستهلاكية اليومية، والمعارك غير الثقافـية، ولكنها معارك طاحنة، والمؤامرات وتبدد الأحلام، وفشل خطط الديمقراطية، وغياب العدالة الاجتماعية سواء كان هناك عدو حقيقي يقف وراء الأبواب، أو مجازي تحت الشمس، وإزاء هذا سيظل السؤال المشتبك مع الإبداع والنقد والدراما مستمرا: هل ما تعرضه المسلسلات هو جوهر الواقع الاجتماعي؟

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: کاتب السیناریو رأس المال

إقرأ أيضاً:

وزارة التربية والتعليم تكثف جهودها استعداداً للامتحانات العامة… وأكثر من 724 ألف طالب وطالبة سيتقدمون لها

دمشق-سانا

جهود مكثفة تبذلها وزارة التربية والتعليم لضمان سير امتحانات الشهادات العامة لهذا العام بالشكل الأمثل، من خلال التركيز على تسهيل مهمة الطلاب والمراقبين على حد سواء، والالتزام بالتعليمات الناظمة، وتهيئة أجواء امتحانية منضبطة لتحقيق أعلى درجات النجاح للطلاب.

مدير الامتحانات في الوزارة محمود حبوب أوضح في تصريح لمراسلة سانا اليوم، أن عدد المتقدمين إلى امتحانات الشهادات العامة بفروعها كافة لدورة عام 2025 بلغ 724216 طالباً وطالبةً، موزعين على 2145 مركزاً امتحانياً.

وأشار حبوب إلى أن عدد الطلاب المتقدمين إلى شهادة التعليم الأساسي العام بلغ 359282، والشرعي بلغ 10502، بينما بلغ عدد الطلاب المتقدمين للثانوية العامة الفرع العلمي 212217، والفرع الأدبي 115397، والشرعي 2152، والمهني 24666.

وعن التحضيرات والاستعدادات اللازمة لضمان إنجاز العملية الامتحانية، لفت حبوب إلى أن الوزارة تكثف جهودها لإنجاز كل التحضيرات على أكمل وجه، انطلاقاً من حرصها على مصلحة التلاميذ والطلاب، من خلال تحديد قوائم بأعداد الطلاب المتقدمين للامتحانات والمراكز الامتحانية، وتوزيع البطاقات الامتحانية للطلاب، مشدداً على ضرورة التزام المراقبين والمصححين بالمهام الموكلة إليهم لضمان سير الامتحانات بالشكل الأمثل، وتأمين الأجواء الهادئة لجميع الطلاب.

ومن المقرر أن تبدأ امتحانات شهادتي التعليم الأساسي العام والشرعي لدورة عام 2025 يوم السبت الواقع في ال14 من شهر حزيران الحالي، وتستمر حتى يوم ‏الأربعاء في الثاني من ‏شهر تموز القادم للتعليم الأساسي، وحتى يوم الخميس في الثالث ‏منه للشرعي، بينما تبدأ امتحانات ‏الشهادة ‏الثانوية العامة للفرعين العلمي والأدبي والثانوية الشرعية لدورة 2025 يوم ‏السبت ‏الواقع في الـ5 من شهر تموز القادم، وتنتهي يوم الخميس ‏الواقع في الـ24 ‏من ‏الشهر نفسه للفرع الأدبي، ويوم الأحد الواقع في الـ27 ‏منه للفرع العلمي، ‏بينما ‏تنتهي امتحانات الثانوية الشرعية يوم الإثنين الواقع ‏في الـ28 من شهر ‏تموز ‏القادم.‏

تابعوا أخبار سانا على 

مقالات مشابهة

  • امرأة تعيد تشكيل ذاتها في رواية عن الفقد والتحقق
  • الملك يثمن العمل المشترك الذي يقوم به الأردن والمملكة المتحدة
  • الوزير بدر يبحث مع مديري الزراعة في المحافظات واقع القطاع والصعوبات التي تواجه المزارعين في ظل أزمة الجفاف
  • نصائح عامة للطلاب والأهالي مع اقتراب موعد امتحانات شهادتي التعليم الأساسي والثانوية
  • الأردن تبنى سياسة الحوار الاجتماعي بين أطراف الإنتاج لتحقيق بيئة عمل آمنة
  • «نوباتيا.. ملحمة الحب والخيال».. دراما فرعونية بنكهة نوبية على مسرح أسوان
  • أهم العوامل التي تؤثر على استحقاق المستفيد في الضمان الاجتماعي
  • وزارة التربية والتعليم تكثف جهودها استعداداً للامتحانات العامة… وأكثر من 724 ألف طالب وطالبة سيتقدمون لها
  • التضامن الاجتماعي تمثل مصر في ورشة العمل الدولية لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة
  • اللهم لك الحمد.. ريهام حجاج تفاجئ جمهورها بصورة جديدة بالحجاب