يرتبط شهر رمضان المبارك بذكريات عظيمة لدي جميع المصريين ، لكن أعظمها علي الإطلاق شهر عبور الصائمين قناة السويس وتحقيق النصر علي العدو الاسرائيلي وتحطيم أسطورة الجيش الذي لا يقهر .

ففي  يوم العاشر من رمضان عام 1393 هـ، الموافق السادس من أكتوبر 1973، أحد أعظم الأيام في تاريخ الأمة العربية والإسلامية، تمكنت القوات المسلحة المصرية من تحقيق نصر عسكري استراتيجي على العدو الإسرائيلي في معركة أعادت للأمة كرامتها وعزتها.

كان هذا النصر بمثابة رد قوي على نكسة 1967، إذ استطاع الجيش المصري عبور قناة السويس وتدمير خط بارليف المنيع، محدثًا تحولًا جذريًا في موازين القوى في المنطقة.
بعد نكسة يونيو 1967، احتلت إسرائيل شبه جزيرة سيناء، مما شكل صدمة كبيرة للمصريين والعرب. ومع ذلك، لم يكن هذا الاحتلال نهاية المطاف، حيث بدأ الجيش المصري مباشرة في إعادة بناء قواته واستعادة قدراته العسكرية من خلال حرب الاستنزاف (1967-1970)، والتي استهدفت إنهاك العدو وإجباره على البقاء في حالة استنفار دائم.
في عام 1970، تولى الرئيس محمد أنور السادات قيادة مصر، وبدأ التخطيط لاستعادة الأراضي المحتلة. عملت القيادة المصرية على وضع استراتيجية دقيقة لتحقيق النصر، من خلال الإعداد الجيد للجيش، والتنسيق مع الحلفاء العرب، واستغلال عنصر المفاجأة.
جاء يوم العاشر من رمضان ليشهد أكبر عملية عسكرية في تاريخ الحروب العربية-الإسرائيلية. في تمام الساعة الثانية ظهرًا، انطلقت القوات المصرية نحو قناة السويس، مدعومة بسلاح الجو المصري الذي شن ضربات جوية مكثفة على مواقع العدو، مما أدى إلى إرباك القوات الإسرائيلية.
نجحت القوات المصرية في عبور القناة خلال وقت قياسي، مستخدمة خراطيم المياه الضخمة لهدم الساتر الترابي لخط بارليف، الذي كان يُعتبر من أقوى الخطوط الدفاعية في التاريخ العسكري. وبعد العبور، توغلت القوات المصرية داخل سيناء، مدمرة حصون العدو، مما شكل صدمة كبيرة للقيادة الإسرائيلية.
كان للقوات الجوية المصرية دور بارز في تحقيق النصر، حيث نفذت الطائرات المصرية غارات جوية ناجحة على مراكز القيادة والتحصينات الإسرائيلية، مما مهد الطريق أمام القوات البرية. كما لعبت قوات الدفاع الجوي دورًا حاسمًا في التصدي للطائرات الإسرائيلية، باستخدام صواريخ سام التي حرمت العدو من التفوق الجوي الذي اعتمد عليه في الحروب السابقة.
لم يكن هذا النصر مصريًا فقط، بل كان نصرًا عربيًا بامتياز، حيث قدمت العديد من الدول العربية دعمًا كبيرًا لمصر وسوريا. قامت المملكة العربية السعودية ودول الخليج بفرض حظر نفطي على الدول الداعمة لإسرائيل، مما أثر بشكل كبير على الاقتصاد الغربي. كما قدمت العراق، الجزائر، وليبيا مساعدات عسكرية ولوجستية لدعم الجبهتين المصرية والسورية.

أثبتت حرب العاشر من رمضان  أن الإرادة القوية والتخطيط السليم قادران على تحقيق المستحيل. فقد أعادت الحرب الثقة للأمة العربية، وأجبرت إسرائيل على الجلوس إلى طاولة المفاوضات، مما أدى لاحقًا إلى توقيع معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل عام 1979. كما عززت الحرب مكانة الجيش المصري كقوة عسكرية إقليمية لا يُستهان بها.
ليبقى يوم العاشر من رمضان يومًا خالدًا في تاريخ مصر، حيث جسد شجاعة وبسالة القوات المسلحة المصرية، وأكد أن النصر لا يتحقق إلا بالعزيمة والتخطيط السليم. إن هذا الانتصار العظيم ليس مجرد ذكرى، بل هو درس في الإرادة والتحدي يجب أن يستلهمه كل مصري وعربي في مواجهة التحديات المستقبلية .

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: العاشر من رمضان شهر رمضان يوم العاشر من رمضان المزيد العاشر من رمضان

إقرأ أيضاً:

هل الخيار المتطرف الذي تبحثه إسرائيل في غزة قابل للتنفيذ؟

تدرس المؤسسة الأمنية الإسرائيلية خيارات عدة بعد انتهاء عملية "عربات جدعون"، التي لم تنجح في إحداث تحول في قضية الأسرى المحتجزين في قطاع غزة، وفق هيئة البث الإسرائيلية، ومن هذه البدائل ما وصفته بـ"خيار متطرف" إلى جانب ضم أراضٍ أو الحكم العسكري.

وأوضحت الهيئة، أن الخيار المتطرف هو فرض حصار على التجمعات السكانية في غزة، ومنع دخول أي مساعدات أو طعام أو ماء، سواء عبر الشاحنات برا أو بالإسقاط جوا، وذلك لإجبار الفلسطينيين على التوجه جنوبا.

وحسب هيئة البث، فإن من يغادر المناطق المحاصرة سيحصل على مساعدات دون قيود.

وفي هذا السياق، يرى المحلل العسكري العميد حسن جوني، أن المؤسسة الأمنية تبحث هذه الخيارات مع المستوى السياسي، لكن "لا يعني بالضرورة أن تكون فكرة المستوى العسكري".

ووصف جوني -في حديثه للجزيرة- هذه البدائل بأنها جرائم حرب وليست خيارات عسكرية، معربا عن قناعته بأن التهجير القسري والتغيير الديموغرافي "غير قابل للتنفيذ عمليا في غزة"، في ظل وجود دور للمقاومة واستمرار تحركاتها وعملياتها وكمائنها المركبة.

وحسب جوني، فإن جزءا من أهداف عملية "عربات جدعون" كان تهجير سكان شمالي القطاع بشكل كامل للتعامل مع المقاومين في المنطقة بشكل ساحق، في وقت لا تزال فيه المقاومة تفرض نفسها في الميدان ومنها مناطق أقصى الشمال.

وشدد الخبير العسكري على أن المستوى العسكري في إسرائيل يبحث خيارات عسكرية "قابلة للتنفيذ"، خاصة أن أهداف الحرب متضاربة، وهو ما أظهر خللا كبيرا في التخطيط الإستراتيجي في بداية الحرب.

ووفق جوني، فإن جيش الاحتلال أخذ 22 شهرا لتنفيذ عملية عسكرية في غزة أهدافها متضاربة، مما أدى إلى سقوط خسائر بشرية أكبر.

وبناء على هذا المشهد الميداني، فإن جيش الاحتلال وصل إلى نقطة الذروة، وهو ما يدركه رئيس الأركان إيال زامير، الذي صار يدعو إلى حل سياسي في قطاع غزة، بعدما "لم يعد بمقدور الجيش تحقيق أشياء إضافية".

إعلان

وأشار الخبير العسكري إلى أن جيش الاحتلال لم يحقق أهداف الحرب طيلة المدة التي تمتع فيها بالطاقة القصوى لقدراته، لافتا إلى أنه يستحيل عليه حاليا تحقيق هذه الأهداف بعدما تناقصت هذه القدرات العسكرية بشكل كبير.

ومنذ بداية الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، قُتل 898 عسكريا إسرائيليا، وفق إحصائيات جيش الاحتلال المعلنة، في وقت تؤكد فيه فصائل المقاومة أن الأرقام المعلنة أقل بكثير من الخسائر الحقيقية.

مقالات مشابهة

  • قائد الجيش بمناسبة الأول من آب: مستعدون للتضحية وسط التحديات القائمة بخاصة الانتهاكات الإسرائيلية
  • النصر مع رونالدو من لمسة محلية إلى هيمنة برتغالية… فهل انتهت أسطورة ماجد؟
  • “رونالدو… نجم النصر الذي لا يبتسم للإعلام النصراوي”
  • قائد أنصار الله: مليار دولار قدمتها أمريكا في العدوان على قطاع غزة من التريليونات العربية
  • محمد رمضان يدمج العربية بالبرتغالية في عمله الجديد افتكروني مجنون
  • هل الخيار المتطرف الذي تبحثه إسرائيل في غزة قابل للتنفيذ؟
  • الزُبيدي: النصر في معركتنا ضد الحوثي قرار لا رجعة عنه
  • تألق ريهام عبد الحكيم ونجوم الموسيقي العربية بحفلات صيف الأوبرا
  • هآرتس: الطبقة السياسية في إسرائيل تسير خلف نتنياهو نحو الهاوية
  • عمليات نوعية للمقاومة ضد القوات الإسرائيلية في قطاع غزة