ما جيش تحرير بلوشستان الذي خطف القطار الدامي بباكستان؟
تاريخ النشر: 15th, March 2025 GMT
نشر موقع الجزيرة الإنجليزية تقريرا تعريفيا لما يُسمى جيش تحرير بلوشستان، باكستان. كتب التقرير عابد حسين.
هجوم القطار الأخير (اختطاف جعفر إكسبريس) الذي نفذه جيش بلوشستان هو أحدث هجوم في سلسلة من الهجمات الجريئة التي يشنها، والتي غالبا ما تستهدف قوات الأمن الباكستانية والمواطنين الصينيين.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2واشنطن بوست: على الولايات المتحدة رفع العقوبات عن سورياlist 2 of 2جامعة كولومبيا تطرد طلابا مؤيدين لفلسطين وتعلق دراستهمend of list لماذا توجد حركة انفصالية في بلوشستان؟تتمتع بلوشستان-أكبر أقاليم باكستان من حيث عدد السكان- بتاريخ طويل من التهميش.
ضمت باكستان مقاطعة بلوشستان في عام 1948، بعد 6 أشهر من انفصالها عن الهند في أغسطس/آب 1947، وشهدت العديد من الحركات الانفصالية منذ ذلك الحين.
تعد بلوشستان موطنا لحوالي 15 مليونا من سكان باكستان المقدر عددهم بـ240 مليون نسمة، وفقا لتعداد عام 2023، ولا تزال أفقر منطقة في البلاد على الرغم من كونها غنية بالموارد الطبيعية مثل الفحم، والذهب، والنحاس، والغاز. وتولّد هذه الموارد إيرادات كبيرة للحكومة الفدرالية.
كما تضم المقاطعة أحد موانئ باكستان الرئيسية في أعماق البحار في غوادر، وهو ممر تجاري مهم للممر الاقتصادي الصيني الباكستاني الذي تبلغ تكلفته 62 مليار دولار، والذي يهدف إلى ربط جنوب غرب الصين ببحر العرب عبر باكستان.
ومع ذلك، يزعم القوميون البلوش أن الدولة الباكستانية أهملت شعبها بينما كانت تستغل موارد المقاطعة، مما أدى إلى حركات انفصالية وتمردات مسلحة.
شهدت بلوشستان 5 انتفاضات انفصالية على الأقل منذ تأسيس باكستان عام 1947.
إعلانبدأت الموجة الأخيرة في أوائل عام 2000، وركزت في البداية على تأمين حصة أكبر من موارد المقاطعة لشعبها، ولكن سرعان ما تصاعدت إلى دعوات للاستقلال التام.
ومع تزايد الاستياء تجاه الدولة، ظهر جيش تحرير بلوشستان في أواخر 1990 وأوائل 2000. يقول المحللون الذين يدرسون حركات المقاومة البلوشية إن بلاش مري، نجل الزعيم القومي البلوشي المخضرم نواب خير بخش مري هو الذي قاد هذا الجيش في تلك الفترة.
اشتد التمرد في عام 2006 بعد أن قتلت الحكومة، بقيادة الحاكم العسكري برويز مشرف، الزعيم القومي البلوشي البارز نواب أكبر بوغتي.
كما قتل بالاش مري بعد عام، وحظرت الحكومة لاحقا جيش تحرير بلوشستان. وتوفي والد بلاش مري، نواب خير بكش مري، في ديسمبر/كانون الأول 2014.
على مر السنين، ميزت جيش بلوشستان نفسها كمجموعة ملتزمة باستقلال المقاطعة بأكملها عن باكستان.
وعلى عكس الجماعات القومية البلوشية المعتدلة التي تدعو إلى الحكم الذاتي الإقليمي، لم يسع هذا الجيش أبدا إلى حل وسط.
يقول مالك سراج أكبر، الباحث المتخصص في الحركة الانفصالية البلوشية، إنه في حين أن مطلب جيش بلوشستان الأساسي هو استقلال المنطقة، فقد تطورت قيادته وجغرافيته التشغيلية وإستراتيجياته بمرور الوقت.
"اليوم، يعمل جيش تحرير بلوشستان مع تأثير ضئيل أو معدوم من قبيلة ماري. وبدلا من ذلك، تحولت قيادته إلى شخصيات بلوشية متعلمة، كان الكثير منهم في يوم من الأيام جزءا من منظمة الطلاب البلوش غير العنيفة".
من القادة الرئيسيون لجيش تحرير بلوشستان؟
حمل هذا الجيش السلاح ضد الدولة الباكستانية بسبب ما اعتبره "المغامرات المستمرة" للحكومة الفدرالية، والتي زعم أنها قوضت التقدم السياسي والاجتماعي والاقتصادي الحقيقي في المقاطعة.
إعلانيلاحظ أكبر أن جيش بلوشستان كان في البداية منظمة سرية للغاية، ولكن حدث تحول كبير عندما انتقلت القيادة من رجال قبائل ماري إلى قادة البلوش من الطبقة الوسطى.
"أظهرت القيادة الجديدة ميلا أكبر لعرض قوتها وقدراتها في وسائل الإعلام. ومن بين أبرز الشخصيات أسلم بلوش، الذي قتل في وقت سابق عام 2018، ومؤخرا بشير ذيب، الزعيم الطلابي السابق في منظمة الطلاب البلوش".
يقول فهد نبيل، الذي يقود شركة الاستشارات البحثية الجيوسياسية في إسلام أباد، إن بشير ذيب بلوش هو الزعيم الحالي لجيش بلوشستان وكان على الأرجح وراء اختطاف جعفر إكسبريس.
ينتمي بشير ذيب (40 عاما)، إلى منطقة نوشكي في بلوشستان، التي تقع على بعد 150 كلم جنوب كويتا. حصل على دبلوم من كلية الفنون التطبيقية في كويتا.
وقال نبيل لقناة الجزيرة "بعد وفاة أسلم بلوش في هجوم بقنبلة في قندهار بأفغانستان، انتقلت قيادة الجماعة إلى بشير ذيب بلوش".
في عام 2010، أطلقت المجموعة فرقتها الانتحارية -لواء المجيد، الذي ظل خامدا لبضع سنوات، ثم برز في عام 2018 عندما أرسل أسلم بلوش ابنه لاستهداف المهندسين الصينيين العاملين في بلوشستان بمدينة دالبندين. وأدى الهجوم إلى إصابة 5 أشخاص، بينهم 3 صينيين، لكن لم تقع وفيات، باستثناء ابن أسلم.
وأثار ذلك اتجاها أوسع نطاقا لمهاجمة المواطنين والمنشآت الصينية في السنوات الأخيرة.
هجوم على قنصلية صينيةهاجمت المجموعة القنصلية الصينية في كراتشي في نوفمبر/تشرين الثاني 2018، قبل شهر من وفاة أسلم بلوش. وقتل 4 أشخاص بينهم شرطيان بينما بقي الموظفون الصينيون في أمان. وتمكنت قوات الأمن من صد الهجوم في غضون ساعة، مما أسفر عن مقتل المهاجمين الثلاثة.
ومع ذلك، يشير أكبر إلى أن لواء المجيد التابع لجيش بلوشستان اكتسب اهتماما عالميا حقا عندما استهدفت إحدى الانتحاريات، شاري بالوش، مواطنين صينيين في جامعة كراتشي في عام 2022.
إعلانوقتل 4 أشخاص على الأقل بينهم 3 صينيين بعد أن فجرت شاري (30 عاما) حافلة صغيرة خارج معهد كونفوشيوس بالجامعة وهو مركز صيني للغة والثقافة.
وقال نبيل" في الوقت الذي قدم فيه بشير ذيب مقاتلات، يشرف نائبه، حمال ريحان، على عمليات لواء المجيد".
ريحان أيضا في الـ40 ويعتقد أنه متعلم جيدا، ويتقن عدة لغات، بما في ذلك الإنجليزية والأردية والفارسية.
وفقا لنبيل، فإن المسؤول العسكري الباكستاني السابق، رحمن جول بالوش، قد عزز بشكل كبير قدرات المجموعة.
الرجل العسكري السابق في أوائل الـ40 من عمره، وهو أيضا من نوشكي. بعد تخرجه من جامعة بيشاور، انضم إلى الجيش الباكستاني في عام 2002، ولكن في غضون 8 سنوات، قرر الاستقالة والانضمام إلى جيش تحرير بلوشستان.
وقال نبيل إن رحمن جول بلوش ساعد التنظيم على تحسين "مهاراته القتالية، مما مكنه من الانتقال من هجمات الكر والفر إلى عمليات واسعة النطاق".
يقول المراقبون إن أعظم قوة لهذا الجيش هي قدرته على تجنيد شباب، متعلمين جيدا.
ويقول أكبر "لم يعد تجنيد المقاتلين الشباب المتعلمين تحديا، حيث تتمتع المجموعة بشعبية كبيرة بين الشباب البلوش، على الرغم من الطبيعة المثيرة للجدل لعملياتها".
ويضيف أنه على الرغم من مسؤولية الجماعة عن مقتل مدنيين، بمن فيهم مواطنون من البلوش، واستخدامها للمفجرات الانتحاريات، فإن مثل هذه التكتيكات لم تثر سوى انتقادات محدودة.
وأضاف "بدلا من ذلك، نمت جاذبيتها بين الشباب البلوش، الذين يعتقد الكثير منهم أن الكفاح المسلح هو الطريق الوحيد القابل للتطبيق لبقاء شعبهم".
وأضاف امتياز بلوش، الباحث في "يوميات خراسان"، وهي منصة تتبع الأمن الإقليمي، أن جيش بلوشستان تمكن من كسب التعاطف بين الناس جزئيا بسبب عدم كفاءة الدولة.
إعلانوقال للجزيرة "أصبحت سياسات الدولة المتسلطة، والحكم السيئ، وانعدام المساءلة، وحالات الاختفاء القسري محفزات للمسلحين لتجنيد المزيد من المتعاطفين والتأثير عليهم، بما في ذلك الأشخاص ذوو الخلفيات المتعلمة مثل خبراء تكنولوجيا المعلومات المحترفين ومحللي البيانات وغيرهم من المهنيين، وبالتالي توسيع نطاق وصولهم وتأثيرهم على وسائل التواصل الاجتماعي".
كيف يمول عملياته؟في حين لا تزال مصادر تمويل هذا الجيش غير واضحة، يشير المحللون إلى تدفق إيرادات متعددة، بما في ذلك الأنشطة غير المشروعة مثل الابتزاز والتهريب وتهريب المخدرات.
تزعم الحكومة الباكستانية أن الهند تمول جيش بلوشستان، لكن أكبر، الذي يقول إن معظم قيادة الجيش موجودة في باكستان بعد قضاء سنوات في أفغانستان، يقول إن هذه التأكيدات يصعب قبولها في ظاهرها.
وقال "بالنظر إلى ميل باكستان إلى إلقاء اللوم على الهند في كل قضية تقريبا، فإن مثل هذه الادعاءات يصعب قبولها دون أدلة قوية". "إذا قدمت الحكومة دليلا ملموسا على الدعم الهندي، عندها فقط ستكتسب اتهاماتها وزنا. ما هو واضح، مع ذلك، هو أن جيش بلوشستان لديه داعم جيد التمويل، ويتلقى مقاتلوه تدريبا احترافيا للغاية مصمما خصيصا للتمرد.
ومع ذلك، قال امتياز بلوش، المقيم في إسلام أباد، في يوميات خراسان، إن الدخل من مناجم الفحم الضخمة في إقليم بلوشستان هو مصدر اقتصادي رئيسي للمجموعة.
وأضاف أن العمليات الأخيرة التي قامت بها الجماعات المسلحة البلوشية الانفصالية كانت فعالة للغاية، لأنها استخدمت العديد من الأسلحة الأميركية. وبعد انسحابهم من أفغانستان في عام 2021، كان من السهل شراء هؤلاء من الحدود التي يسهل اختراقها والتي تشترك فيها مع أفغانستان.
من ناحية أخرى، قال نبيل إنه يعتقد أن معظم قيادة جيش بلوشستان تعمل من إيران وأفغانستان. وجادل بأن المجموعة تولّد أموالا من أنشطة غير مشروعة متعددة تتراوح من تهريب المخدرات إلى اختطاف الأشخاص للحصول على فدية.
إعلانوقال "بعض الأفراد من الشتات البلوشي يقدمون أيضا الدعم المالي، يتم تدريبهم في إيران وأفغانستان وأجزاء معينة من بلوشستان، بينما يتم شراء الأسلحة من الأسواق السوداء العاملة في إيران وأفغانستان، إلى جانب الأسلحة الأميركية المتبقية".
كيف يقوم ببناء روايته؟
وقال أكبر إن فشل الحكم و"عدم الرضا" عن حكومة المقاطعة يساعدان جيش بلوشستان على زيادة نفوذه بين الجمهور المحبط.
وقال "يرى الكثيرون أن حكومة المقاطعة أكثر ولاء لإسلام أباد من شعب بلوشستان، خاصة لأنها ترفض اتخاذ موقف بشأن قضايا حرجة مثل الاختفاء القسري".
وقال محمد شعيب، الأكاديمي والمحلل الأمني في جامعة القائد الأعظم في إسلام أباد، إن المجموعة تمكنت من نشر رسالتها باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي.
"لقد تعلم جيش بلوشستان فن البقاء في الأخبار والحفاظ على عمل جهاز الدولة على جبهات متعددة. كمية الهجمات والجبهات تخبرنا أن تجنيد جيش بلوشستان يتزايد والآن يمكنه تخصيص المزيد من الموارد والأفراد للعمليات".
وقال نبيل إن هذا الجيش صقل جهوده الدعائية في السنوات الأخيرة، وأشار إلى أن وسائل الإعلام التابعة للتنظيم توفر تحديثات في الوقت المناسب عن أنشطة المتشددين وتنشر الأدب ومقاطع الفيديو القتالية لجذب المجندين المحتملين.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات رمضان ترجمات جیش تحریر بلوشستان جیش بلوشستان وقال نبیل هذا الجیش فی عام
إقرأ أيضاً:
ما مستقبل التجارة بين باكستان والهند في ظل التوترات بين البلدين؟
إسلام آباد – يلقي التوتر السياسي والعسكري بين باكستان والهند ظلاله على العلاقات التجارية بينهما، إذ أصبحت أحد مجالات التوتر بين البلدين، خاصة بعد أغسطس/آب 2019، عقب إلغاء الهند المادة 370 من الدستور الهندي، وتقضي بمنح حالة خاصة من الحكم الذاتي لإقليم جامو وكشمير المتنازع عليه مع باكستان.
ومنذ ذلك التاريخ توقفت التجارة الرسمية بين باكستان والهند، وبقيت معلقة حتى التوتر الأخير بين البلدين والذي بدأ فعليا في 22 أبريل/نيسان إثر هجوم باهلجام في الجزء الهندي من كشمير، حيث اتهمت الهند باكستان بالتورط فيه، وهو ما نفته الأخيرة.
وفي تصريح صحفي في مارس/آذار من العام الماضي، قالت الخارجية الباكستانية إن التجارة مع الجانب الهندي معلقة رسميا، وأنه لا يوجد تغير في موقف باكستان من هذا الأمر.
تمر العلاقات بين باكستان والهند بمراحل من الصعود والهبوط، ويلقي ذلك ظلاله على حجم التبادلات التجارية بين البلدين، فقد توترت العلاقات بين البلدين عقب حرب كارجيل عام 1999، وأثر ذلك تأثيرا كبيرا على التجارة بين البلدين، ثم عادت العلاقات تدريجياً بعد اتفاق وقف إطلاق النار عام 2003، إذ شهد حجم التجارة بين البلدين تطوراً ملحوظاً استمر حتى عام 2019.
ووفقاً لبيانات المفوضية الهندية العليا في إسلام آباد، فإن إجمالي التجارة في السنة المالية 2003-2004 وصل إلى 344.68 مليون دولار، بزيادة وصلت إلى 79.87% عن العام السابق.
ووفقاً للبيانات نفسها، التي ترصد تسلسل حجم التجارة بين البلدين لجميع الأعوام منذ 2003-2004 حتى عام 2018-2019، حيث بلغ الحجم الكلي للتجارة 2561.44 مليون دولار.
إعلانوبعد الإجراء الهندي عام 2019، انقطعت التجارة الرسمية بين البلدين، وهو ما يعني عدم وجود تبادل تجاري رسمي بينهما، إلا أن بعض التبادلات التجارية الخاصة ظلت مستمرة، لكن بنسب ضئيلة جداً مقارنة بالأعوام السابقة.
وفقاً لبيانات مجلس الأعمال الباكستاني، فإن عام 2018 هو آخر عام يشهد تبادلات تجارية بين البلدين طبيعيا، بالرغم من بعض القيود، حيث انخفض حجم التجارة انخفاضا حادا عام 2019، ووفقاً لبيانات المجلس، في عام 2018، بلغت قيمة واردات الهند من باكستان 549.3 مليون دولار، وبلغت صادرات الهند إلى باكستان 2.35 مليار دولار. وفي عام 2019، بلغت الصادرات الباكستانية 67.3 مليون دولار، بينما الواردات من الهند بلغت 1.2 مليار دولار.
وقد استمرت في الانخفاض حتى وصلت عام 2022، إلى 20 مليون دولار حجم الصادرات الباكستانية إلى الهند، مقابل 629.5 مليون دولار حجم الواردات من الهند.
وفي تطورات المشهد خلال التوتر الأخير، أصدرت وزارة التجارة الباكستانية في 4 مايو/أيار الماضي، إشعاراً رسمياً قالت فيه إنها "تحظر واردات السلع ذات المنشأ الهندي أو المستوردة من الهند من دول ثالثة عبر البحر والبر والجو، مروراً بباكستان، أو صادرات دول أخرى إلى الهند عبر البحر والبر والجو، مروراً بباكستان".
التوترات الجيوسياسية
كانت التجارة مجالا يُنظر إليها على أنها من المجالات التي يمكن أن تخفف من التوترات بين البلدين، وهي توترات مستمرة منذ إنشاء باكستان عام 1947.
وفي هذا السياق يقول الباحث المختص في الشأن الاقتصادي في معهد الدراسات الإستراتيجية في إسلام آباد أحمد سالك، إن التجارة، التي كانت تُعدّ جسرًا بين البلدين قد طغت عليها النزاعات السياسية العالقة، لا سيما بشأن كشمير، فكل مواجهة دبلوماسية أو مناوشة عسكرية، سواءً كانت أزمة بولواما-بالاكوت عام 2019 أم التصعيدات الأحدث بعد باهالجام، جلبت معها انفصالاً اقتصادياً، بما فيه تعليق التجارة الثنائية.
إعلانوأضاف سالك في حديث للجزيرة نت، بأن الأمر الأكثر إحباطًا هو القرارات السياسية التي تُتخذ أحياناً كرد فعل على ضغوط داخلية، وكان لها عواقب اقتصادية طويلة الأمد.
ويتابع سالك حديثه، "فمع إغلاق الحدود وتوقف طرق التجارة، ازدهرت التجارة غير الرسمية والتهريب، وعانت الأعمال التجارية المشروعة على كلا الجانبين".
من جهته يقول الخبير الاقتصادي شاهد محمود، إن السبب الرئيسي في تراجع التجارة المتبادلة بين باكستان والهند، هو الخلافات الجيوسياسية بين البلدين، وتعنت الهند في التعامل التجاري مع باكستان.
ويضيف شاهد محمود للجزيرة نت، بأن الهند تُنهي، من جانب واحد وفجأة، العديد من الاتفاقيات بين البلدين، سواء في المجال الرياضي أم التجاري. وهذا يُثير حالةً من عدم اليقين بشأن التجارة الثنائية بين البلدين.
وتابع "إن تجارة الهند الكبيرة مع الدول الأخرى تُمكّنها من تجاوز التجارة مع باكستان دون عواقب تُذكر على اقتصادها أو أعمالها".
ويضرب محمود مثالاً بالتجارة المتبادلة بين الهند والصين إذ يقول إنه من المثير للاهتمام أن الصين غائبة عن هذا النوع من التعامل الانتقائي من جانب الهند، حيث خاضت عدة مناوشات مع الهند -بما فيها مناوشات تسببت بخسائر في الأرواح- ورغم هذه الخسائر، استمرت التجارة بين الصين والهند في الازدياد. وهذا يُظهر نهج الهند الانتقائي.
مستقبل محفوف بالمخاطرفي ظل الوضع الراهن تبدو التجارة المتبادلة بين الطرفين غامضة، خاصة في ظل تعليق الهند لاتفاقية مياه نهر السند، وإغلاق باكستان مجالها الجوي أمام الطيران الهندي، وإغلاق الهند بعض المعابر المشتركة بين البلدين.
ويقول أحمد سالك، إنه بالنظر إلى الوضع الراهن، وخاصةً بعد التصعيد العسكري الأخير في مطلع الشهر الماضي، لا يزال مستقبل التجارة بين باكستان والهند محفوفًا بالمخاطر. فهناك تجميدٌ للعلاقات الدبلوماسية، مع محدودية كبيرة لقنوات الاتصال.
إعلانويعتقد سالك، أنه في هذا المناخ، تبدو حتى فكرة تطبيع التجارة حساسةً سياسياً وغير مرغوبة شعبياً. حيث إن الثقة هشة، ومع الانتخابات والخطابات الوطنية التي غالباً ما تُشكّلها القومية المفرطة، فإن أي تحرك نحو إعادة الارتباط الاقتصادي يُخاطر بأن يُؤطّر على أنه استرضاء.
ومع ذلك يرى أحمد سالك، أنه لا ينبغي استبعاد آفاق التجارة بين باكستان والهند تماماً حيث إن هناك مجالا للتفاؤل الحذر، خاصة إذا تم النظر إلى التجارة ليس فقط كنشاط اقتصادي، بل كأداةٍ محتملة للسلام والاستقرار الإقليمي.
ويضيف، أنه للمضي قدمًا، يحتاج كلا الجانبين إلى فصل التجارة عن السياسات العليا إلى حد ما بدءاً بتدابير بناء ثقة صغيرة خاصة بقطاعات محددة، مثل استئناف التجارة الزراعية أو الطبية المحدودة.
ويعتقد أنه يمكن لدبلوماسية المسار الثاني (Track II diplomacy) والتفاعلات بين الشركات أن تساعد في إعادة بناء الثقة تدريجياً. وعلى المدى البعيد، يجب إعادة تصور التكامل الإقليمي -من خلال منصات مثل رابطة جنوب آسيا للتعاون الإقليمي أو حتى الممرات الاقتصادية غير الرسمية- كهدف مشترك.
من جهته يرى شاهد محمود، أن الآفاق قاتمة للغاية، بالنظر إلى المناوشات الأخيرة وتزايد احتمالات وقوع المزيد من المناوشات في المستقبل.
ويرى أن الطريقة الوحيدة للتحسين، هي التوصل إلى اتفاق بين البلدين، والذي يضمن الالتزام الطويل الأمد بحل القضايا من خلال الحوار.