#سواليف

#أمريكا تطرد الحقيقة.. #إبراهيم_رسول #جريمة_دبلوماسية بلا عقاب!
بقلم: أ.د. محمد تركي بني سلامة

في عالم تدّعي فيه أمريكا أنها مهد الديمقراطية وعرّابة حقوق الإنسان، يظهر الواقع بشكل مغاير تمامًا عندما يتعلق الأمر بمن يجرؤ على قول الحقيقة، وخاصة إن كان مسلمًا لا يخضع لإملاءاتها. لقد قررت واشنطن، وبمنتهى “الشفافية الديمقراطية”، أن تطرد سفير جنوب أفريقيا في واشنطن، إبراهيم رسول، وتعتبره شخصًا غير مرغوب فيه.

لماذا؟ لأنه تجرأ على قول الحقيقة، ولأنه لم يرقص في حفلات التملق السياسي التي تعشقها الإدارات الأمريكية المتعاقبة، ولأنه لم يصفّق لجرائم الاحتلال الإسرائيلي، بل فضح انحياز أمريكا الأعمى للكيان الصهيوني.

إبراهيم رسول ليس دبلوماسيًا تقليديًا جاء من خلفية مترفة، بل هو مناضلٌ حقيقي ضد نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا. نشأ في بيئة مسلمة، وتعلم في جامعة كيب تاون، حيث بدأ مسيرته في مقاومة الظلم، غير آبهٍ بالاعتقالات والتضييق، مؤمنًا بأن الحق لا يُقهر حتى لو اجتمع العالم ضده. انضم رسول إلى “حركة الوعي الإسلامي” و”المؤتمر الوطني الأفريقي”، ولعب دورًا محوريًا في إسقاط نظام الأبارتهايد، وأثبت أن النضال الحقيقي لا تحدّه الجغرافيا، ولا يمكن إسكات أصحابه مهما طال الزمن. شغل عدة مناصب قيادية في جنوب أفريقيا، منها وزارة الصحة ورئاسة وزراء مقاطعة كيب الغربية، حيث عمل على تعزيز المساواة والعدالة الاجتماعية. وعندما عُيّن سفيرًا لبلاده في الولايات المتحدة بين عامي 2010 و2015، لم يكن مجرد دبلوماسي يمارس المجاملات السياسية، بل كان صوتًا للحق في قلب واشنطن، يواجه سياسات التمييز، وينتقد بشجاعة انحياز أمريكا الأعمى لإسرائيل، وهو ما لم تستطع الإدارة الأمريكية تحمله.

مقالات ذات صلة 5 شهداء بينهم صحفي بقصف إسرائيلي شمال قطاع غزة 2025/03/15

كم هو مثير للسخرية أن الولايات المتحدة، التي لا تملّ من بيع خطابات الديمقراطية، قررت فجأة أن هذا الرجل يشكّل “خطرًا” على أمنها القومي! هل كان رسول يدبّر لانقلاب في البيت الأبيض؟ هل كان يقود حركة تحرر داخل الكونغرس؟ لا، كل ما فعله أنه رفض المشاركة في مسرحية الصمت الدولي على جرائم الاحتلال الإسرائيلي. بل الأكثر سخرية أن التهم الموجهة إليه كانت “التحريض العرقي”، وكأن أمريكا – التي قامت على إبادة السكان الأصليين واستعباد الأفارقة – هي آخر من يحق له الحديث عن العنصرية!

إن هذا القرار ليس مفاجئًا، بل هو جزء من السياسة الأمريكية المعتادة التي تقوم على ازدواجية المعايير. فبينما تدّعي دعم الحريات، تمارس أشد أنواع القمع ضد كل من يجرؤ على تحدي هيمنتها، وخاصة إذا كان مسلمًا، أو ينتمي لدولة لا تسبح في فلكها السياسي. لقد دعمت أمريكا نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا حتى اللحظة الأخيرة، وها هي اليوم تطرد أحد أبطال النضال ضده، وكأنها لم تتغير إلا في خطاباتها الدعائية. كما أنها لا تزال تساند الأنظمة القمعية التي تخدم مصالحها، وتفرض عقوبات وحصارًا على الدول التي تحاول أن تكون مستقلة في قرارها السياسي.

لم يكن سفير جنوب أفريقيا في واشنطن دبلوماسيًا “مدجّنًا” كما تحب واشنطن، بل كان مناضلًا حقيقيًا ضد الفصل العنصري، رجلًا لم يعرف سوى طريق النضال، منذ أن كان شابًا يكافح ضد الأبارتهايد في جنوب أفريقيا، وحتى أصبح سياسيًا بارزًا حمل راية العدل والمساواة. شغل مناصب وزارية، ورأس حكومة مقاطعة كيب الغربية، ثم أصبح سفيرًا لبلاده في الولايات المتحدة. لم يكن ذلك السفير الذي يجيد الابتسامات الدبلوماسية الفارغة، بل كان صوتًا حيًا ضد الظلم، وهذا ما لم تستطع واشنطن تحمله.

الرسالة التي توجهها واشنطن من خلال هذه الفضيحة الدبلوماسية واضحة تمامًا: “نحن نؤمن بحرية التعبير، لكن فقط إن كنتم تعبرون عما نريده. نحن نؤمن بحقوق الإنسان، لكن فقط إن كان هذا الإنسان ليس فلسطينيًا أو مسلمًا أو مناضلًا ضد الاحتلال”. أما من يجرؤ على تحدي هذه القواعد، فمصيره الطرد، العزل، والتشهير، وربما لاحقًا “العقوبات”.

لكن إن كانت أمريكا تعتقد أنها بقرارها هذا أسقطت إبراهيم رسول، فهي لم تفعل سوى أنها أسقطت القناع عن وجهها الحقيقي. لقد كشفت مرة أخرى أنها ليست سوى دولة بوليسية على نطاق عالمي، تتحدث عن الحريات بينما تمارس القمع، تدّعي أنها ضد العنصرية بينما تطرد دبلوماسيًا فقط لأنه مسلم، وترفع راية الديمقراطية بينما تدعم الاحتلال والاستعمار بكل أشكاله.

سفير جنوب أفريقيا في واشنطن قد يكون قد غادر منصبه، لكن الحقيقة التي نطق بها لن تغادر، وصوته الذي أزعج أمريكا لن يُخمده قرار طرد. ربما لم تعد واشنطن ترغب في سماع هذا الصوت، لكنها لا تستطيع محو أثره، ولا تستطيع خداع العالم إلى الأبد. أما إبراهيم رسول، فقد خرج من هذه المواجهة أكثر شرفًا، وأكثر صدقًا، وأكثر احترامًا، بينما بقيت أمريكا مجرد إمبراطورية كاذبة، تخشى كلمة الحق أكثر مما تخشى أي شيء آخر.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: سواليف إبراهيم رسول فی جنوب أفریقیا إبراهیم رسول

إقرأ أيضاً:

ممثلة حكومة الإقليم في واشنطن:الإقليم أكثر حلفاء أمريكا موثوقية

آخر تحديث: 6 دجنبر 2025 - 10:26 ص بغداد/ شبكة أخبار العراق- أكدت ممثلة حكومة إقليم كوردستان في واشنطن، تريفا عزيز، امس الجمعة، أن مكانة الإقليم في العاصمة الأميركية “تبقى قوية واستثنائية”، وأن العلاقة بين الجانبين “متجذرة واستراتيجية وتمتد لعقود”.يأتي ذلك، في ظل لحظة إقليمية معقدة، تتزايد فيها التوترات الأمنية، وتبحث فيها واشنطن عن إعادة صياغة دورها في منطقة الشرق الأوسط.وفي مقابلة صحفي، شددت عزيز، على أن أولويات إدارة الرئيس دونالد ترمب في الشرق الأوسط—وخاصة الأمن والطاقة والاستقرار—تتوافق تماماً مع رؤية حكومة الإقليم.وأضافت: “شراكتنا مع الولايات المتحدة عمرها عقود، وهي شراكة مبنية على الثقة.. واشنطن ترى في إقليم كوردستان شريكاً موثوقاً وطويل الأمد في لحظة أصبحت فيها الطاقة والأمن أهم من أي وقت مضى.”ورأت أن افتتاح أكبر قنصلية أميركية في العالم في أربيل يعكس هذا الإدراك الأميركي الواضح، معتبرة، أن افتتاح القنصلية هو تصويت صريح بالثقة في مستقبل الإقليم واستقراره”.وتابعت ممثلة حكومة إقليم كوردستان في واشنطن: “هذا المبنى ليس منشأة دبلوماسية فقط، بل مركز عمليات استراتيجي للولايات المتحدة في العراق والشرق الأوسط”.ونبهت إلى أن “تعيين سافايا يؤكد أن الإدارة الأميركية تولي أولوية للعلاقة مع بغداد وأربيل”، واصفة تصريحاته حول حصر السلاح بيد الدولة والإصلاحات بأنها “متناغمة مع مصالح الإقليم”.ووفق عزيز، فإن هذه النقاط تتوافق مع رؤية إقليم كوردستان “نريد عراقاً مستقراً وسلاحاً تحت سلطة الدولة فقط”، متوقعة أن يكون لمارك سافايا “دوراً سياسياً وأمنياً فعّالاً”.وزادت بالقول: “نتطلع لأن يساعدنا المبعوث الجديد في تسريع وصول منظومات الدفاع الجوي، خصوصاً أن الإقليم يحتاج بشكل عاجل إلى أنظمة مضادة للطائرات المسيّرة.”وعلّقت عزيز، على الهجوم الأخير الذي استهدف منشأة خورمور، أحد أهم المراكز الغازية في العراق، بالقول:“الهجوم على خورمور كان ضربة مباشرة لأمن الطاقة، ليس في كوردستان فقط، بل للعراق كله. هذه المنشأة تُغذّي ملايين المواطنين بالكهرباء”.وأضافت محذّرة: “نقدّر الإدانة الأميركية، لكنها غير كافية. نحتاج إلى إجراءات عملية لحماية البنى التحتية الحيوية. المستفيد من هذه الهجمات هم فقط من يريدون زعزعة العراق وتقويض المصالح الأميركية”.ولم تُخف، ممثلة حكومة إقليم كوردستان في واشنطن، خشيتها من تحول هذه الهجمات إلى أداة ابتزاز سياسي، مردفة: “للأسف تم استهداف حقول النفط والغاز مراراً. إذا لم تُحمَ هذه المواقع فستُستخدم للضغط على أربيل وعلى واشنطن وعلى الشركات الأميركية العاملة في الإقليم”.في هذا الصدد، تحدثت عزيز، عن العقود التي وُقّعت مؤخراً مع شركات أميركية عملاقة، والتي تتراوح قيمتها بين 100 و110 مليارات دولار، قائلة: “هذه العقود حجر أساس لشراكتنا الاقتصادية مع الولايات المتحدة. هي رسالة واضحة أن الشركات الأميركية ترى في الإقليم سوقاً مستقرة وواعدة.”وأكدت أن مكتب الإقليم في واشنطن لا يكتفي بإدارة اللقاءات والزيارات، بل يعمل على رؤية اقتصادية واضحة للسنوات المقبلة، قائلة: “لدينا خارطة اقتصادية للسنوات الثلاث القادمة تركّز على الاستثمار النوعي، ونقيس النجاح بجودة المشاريع وليس حجمها فقط—بالشراكات طويلة الأمد ونقل التكنولوجيا وتطوير القطاعات الحيوية مثل الطاقة والزراعة والتحول الرقمي.”وعندما طُلب منها تلخيص رسالة الإقليم لصناع القرار الأميركيين بجملة واحدة، قالت بحزم: “إقليم كوردستان، بوصفه أكثر حلفاء الولايات المتحدة موثوقية، يحتاج دعماً سياسياً وأمنياً ثابتاً لحماية شعبه وتثبيت اقتصاده والبقاء شريكاً فاعلاً في بيئة تتسم بخطورة متزايدة.”ورغم التحديات الداخلية والإقليمية، عبّرت عزيز عن رؤية مستقبلية إيجابية، وأبدت تفاؤلها بالقول: “نحن متفائلون باستمرار الشراكة مع الولايات المتحدة، وتطوير القدرات الدفاعية، وتوسيع الاستثمارات، إذ يمكن للإقليم أن يدخل مرحلة من الاستقرار والنمو، ورغم أن التحديات حقيقية، لكن الفرص أكبر”.

مقالات مشابهة

  • إبراهيم حسن: محمد صلاح سيعود أقوى.. وسيصنع التاريخ في بطولة أمم أفريقيا
  • ترامب في أفريقيا: تحركاتٌ دبلوماسية أم مطامعٌ على الموارد؟
  • وزير الصحة: ليست جريمة أن نقول الحقيقة.. ولا نخفي أي فيروس عن المواطنين
  • أمريكا:العراق المنفذ الاقتصادي والمالي لإيران وقد قرب يوم الحساب
  • المشروع العراقي:أمريكا تتحمل مسؤولية النفوذ الإيراني في العراق
  • رغم الانتقادات التي تضمنتها «الوثيقة الأمريكية».. واشنطن الحليف الأكبر لأوروبا
  • مقتل 11 شخصا بإطلاق نار في جنوب أفريقيا
  • جريمة عشوائية تهز جنوب أفريقيا..مقتل وإصابة العشرات بهجوم دموي في فندق
  • 11 قتيلاً بينهم طفل بهجوم مسلح على فندق جنوب أفريقيا
  • ممثلة حكومة الإقليم في واشنطن:الإقليم أكثر حلفاء أمريكا موثوقية