على عكس ردود الأفعال المنفعلة لدى معظم النخب والقوى السياسية اليمنية تجاه الأحداث الأخيرة في المحافظات الشرقية، تميزت المواقف الصادرة من الساحل الغربي ومأرب بقراءة مختلفة ومن زاوية المعركة المصيرية ضد مليشيا الحوثي الإرهابية.

وشهدت المحافظات الشرقية (حضرموت – المهرة – شبوة) منذ مطلع الشهر الجاري تغيراً في المشهدين العسكري والأمني، ببسط القوات المسلحة الجنوبية التابعة للمجلس الانتقالي سيطرتها على كامل جغرافيا هذه المحافظات، في عملية أطلقت عليها اسم "المستقبل الواعد".

هذا المشهد الجديد كانت له ردود فعل متباينة من قبل القوى والأطراف السياسية والنخب على الساحة، سواء داخل معسكر الشرعية والمحسوبين عليه أو من طرف مليشيا الحوثي، التي هاجمت بشدة ما حدث وزعمت قيادات في المليشيا أنها "مؤامرة من التحالف لتقسيم اليمن".

ويتشابه موقف مليشيا الحوثي كثيراً مع موقف بعض القوى والنخب المحسوبة على الشرعية، وعلى رأسها جماعة الإخوان، التي وجدت في الأحداث فرصة لمهاجمة دور التحالف وتحديداً الإمارات، واتهامها بالعمل على "تقسيم اليمن بفرض انفصال الجنوب".

وكان لافتاً في المواقف الرافضة للتطورات في المحافظات الشرقية، خصوصاً من قبل جماعتي الإخوان والحوثي، محاولة التحريض والتجييش الشعبي والمناطقي، وخاصة في أوساط أبناء المحافظات الشمالية، للقتال حفاظاً على "الوحدة اليمنية"، مع تكرار اتهام التحالف العربي بتنفيذ مؤامرة لتقسيم اليمن.

وفي مقابل هذا التحريض والتجييش المناطقي، برزت مواقف لافتة صدرت من داخل جغرافيا الشمال المُحرر، أطلقها عضو مجلس القيادة الفريق الركن طارق صالح من المخا في الساحل الغربي، والشيخ سلطان العرادة من مدينة مأرب.

الفريق الركن طارق صالح، وفي حديث له خلال لقاء عقده السبت مع قيادات المقاومة الوطنية في محوري الحديدة والبرح، اعتبر ما حدث في المحافظات الشرقية بأنه "إعادة ترتيب لمسرح العمليات".

وأوضح قائد المقاومة الوطنية في حديثه أن مسرح العمليات من لحج حتى المهرة أصبح تحت إدارة واحدة، معتبراً أن ذلك يُسهل على قوات المقاومة الوطنية التعامل مع قوة رئيسية واحدة وحليف قوي في مسرح عمليات موحد.

وأكد أن ترتيب مسرح العمليات بهذا الشكل هو إعداد لمعركة قادمة ضد الحوثي، مُعيداً التذكير بموقف قوات المقاومة الوطنية ومعركتها الوحيدة ضد مليشيا الحوثي، ورفضها خوض أي معارك في المناطق المحررة تحت أي مبرر.

ويرى الفريق الركن طارق صالح أن الحل للخروج من النزاع والفشل في المناطق المحررة يبدأ بتحديد البوصلة نحو العدو الأول والرئيسي، وهو الحوثي، مؤكداً أن البلاد لن تستقر إلا باستعادة عاصمتها صنعاء.

وهو الموقف ذاته الذي عبر عنه عضو مجلس القيادة الرئاسي ومحافظ مأرب الشيخ سلطان العرادة خلال ترؤسه، الجمعة، اجتماعاً أمنياً وعسكرياً حضره رئيس أركان الجيش الفريق الركن صغير بن عزيز.

وترأس العرادة الاجتماع بعد يوم واحد من عودته إلى مدينة مأرب على إثر تطورات الأحداث في المحافظات الشرقية، التي أشار إليها ضمنياً بدعوته "الجميع إلى عدم الانشغال بالمشاكل الآنية والخلافات الجانبية أو إرث الماضي"، مؤكداً أن القضية الوطنية الكبرى هي استعادة الدولة وتحرير العاصمة صنعاء.

وشدد العرادة على أن كل ما تعيشه البلاد هو نتيجة انقلاب مليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني، مؤكداً أن "كافة الإشكاليات ستتم معالجتها عندما يتم استعادة مؤسسات الدولة".

كما أكد عضو مجلس القيادة الرئاسي أن اليمن لن يستعيد مكانته وفاعليته إلا بالتخلص من مليشيات الحوثي الإيرانية، لافتاً إلى أن كافة التشكيلات العسكرية الوطنية رفاق درب وسلاح نحو هدف استعادة الدولة.

المصدر: نيوزيمن

كلمات دلالية: فی المحافظات الشرقیة المقاومة الوطنیة ملیشیا الحوثی الفریق الرکن

إقرأ أيضاً:

اليمن عند مفترق طرق: خارطة طريق معطلة وانقسامات داخلية تعمّق الأزمة

الدوحة– بعد تحول الأزمة اليمنية من صراع حول السلطة إلى معضلة إقليمية، كشف مسؤولون يمنيون وخبراء عن تعثر كامل لخارطة الطريق التي كان من المفترض أن تقود البلاد نحو السلام، في ظل انعدام شبه كامل للثقة بين الأطراف المتصارعة وتآكل الجهود الدولية لحل النزاع.

وأكد المتحدثون أن غياب شريك حقيقي للتفاوض، إلى جانب التعامل مع نتائج الأزمة بدلا من أسبابها البنيوية العميقة، يدفعان اليمن نحو مزيد من التعقيد والتشظي، خاصة مع التطورات الأخيرة في المناطق الشرقية من البلاد التي أظهرت تصدعات داخل معسكر الشرعية نفسه.

وحذروا من أن الانخراط الدولي الذي يركز فقط على البعد الأمني من دون فهم عميق لطبيعة الصراع اليمني لن يقود إلى حلول مستدامة، مشددين على أن أمن اليمن يشكل جزءا لا يتجزأ من أمن المنطقة بأسرها.

جاءت هذه التصريحات خلال جلسة متخصصة حول اليمن عقدها منتدى الدوحة في نسخته الـ23 بالشراكة مع مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية، تحت عنوان "اليمن عند مفترق طرق"، وشارك فيها وزير الخارجية وشؤون المغتربين اليمني شايع الزنداني، والمبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ، ورئيس مركز دراسات الخليج الدكتور عبد العزيز الصقر.

المتحدثون في الجلسة (من اليسار): شايع الزنداني وهانس غروندبرغ وعبد العزيز الصقر (الجزيرة)خارطة طريق دون شريك تفاوضي

ورغم مرور عامين على الحديث عن خارطة طريق للسلام في اليمن، فإن الواقع يكشف عن تعطل كامل لهذا المسار، في ظل غياب شريك حقيقي للتفاوض وفقا لما أكده وزير الخارجية اليمني، مبينا أن الحكومة وافقت على خارطة الطريق التي توصل إليها الوسطاء في السعودية وسلطنة عمان، مشيرا إلى أن "مجلس القيادة الرئاسي وافق عليها نتيجة جهود الأشقاء في المملكة وسلطنة عمان"، لكنه أضاف أن "المليشيات الحوثية لم تستفد من هذه الاتفاقية وقامت بالتصعيد".

إعلان

وشدد الزنداني على أن المشكلة الأساسية تكمن في طبيعة الطرف الآخر، متسائلا: هل الحوثيون لديهم استعداد للسلام؟ وما برنامجهم السياسي؟ وما رؤيتهم للدولة اليمنية؟" موضحا أن "كيفية التعامل مع جماعات تعتقد أن لها الحق الإلهي في الحكم وأن الله اصطفاهم على بقية أبناء الشعب اليمني لكي يديروهم بجانب أيديولوجي" تمثل تحديا جوهريا.

وأكد الوزير اليمني أن الحكومة شكلت فريق مفاوضات منذ سنتين أو ثلاث، مشددا على أن "الفريق موجود ولدينا القدرات والإمكانيات والكفاءات القادرة على التعامل مع كل الظروف المتعلقة بالتفاوض"، لكنه استدرك: "المشكلة أننا لا نجد شريكا أساسا للتفاوض".

وانتقد الزنداني التعامل الدولي مع الأزمة اليمنية، مؤكدا أن "العالم حتى الآن لم يفهم اليمن بما يكفي ولم يشخص جوهر المشكلة الموجودة"، مشيرا إلى أن قرارات مجلس الأمن الدولي، خاصة القرار 2216، لم تُنفذ بالشكل المطلوب".

تآكل الثقة وضرورة الانخراط الدولي الشامل

وفي تشخيص دقيق للواقع اليمني الراهن، أقر المبعوث الأممي هانس غروندبرغ بأن "أكبر ضرر شهدناه خلال العامين ونصف الماضيين هو تآكل كامل للثقة"، مضيفا أن "مستوى الثقة داخل اليمن، وأيضا من المنطقة ومن المجتمع الدولي، قد انخفض إلى أدنى مستوى على الإطلاق لأي حل للصراع".

وشدد غروندبرغ على ضرورة بناء أي تسوية مستقبلية على "حلول قابلة للقياس والتحقق"، وأضاف أن "الوضع الحالي وكيفية الحلول يجب تعريفها بطريقة مختلفة قليلا عن تلك التي كانت في سبتمبر/أيلول 2023، حيث كان هناك مستوى أكبر من الأمل".

ودعا المبعوث الأممي المجتمع الدولي إلى "التأكد من البقاء منخرطا في الشأن اليمني"، محذرا من أن "الانخراط يجب ألا يركز فقط على المنظور الأمني"، مؤكدا أن "اليمن بحاجة إلى نهج شامل يتطلب انخراطا جادا من المجتمع الدولي، ويتجاوز بكثير مجرد مفهوم الحرب بالوكالة أو الإرهاب أو انعدام الأمن في البحر الأحمر".

وأكد غروندبرغ ضرورة فهم اليمن بعمق قبل تقديم الحلول، قائلا "عليك أن تفهم اليمن، وهذا ليس بالأمر السهل. أي شخص هنا يعرف اليمن أو يتابع شؤونه يعرف أن اليمن بلد غني ومعقد، وقد عانى من صراعات منذ فترة طويلة حتى قبل أن تبدأ الحروب". ووصل إلى خلاصة مفادها "في النهاية، لا يمكن حل أزمة اليمن إلا بواسطة اليمنيين أنفسهم، وهذه هي القاعدة الأساسية".

التدخلات الخارجية والمصالح الخاصة

من جانبه، قدم رئيس مركز دراسات الخليج عبد العزيز الصقر قراءة نقدية للتدخلات الدولية في الملف اليمني، مشككا في فعالية تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية من قبل الولايات المتحدة. وقال "الولايات المتحدة وضعت الحوثيين في قائمة الإرهاب في المرة الأولى، ثم جاء رئيس آخر وأزالها"، مضيفا أن "العمليات العسكرية سواء الأميركية أو البريطانية أو الإسرائيلية كانت لها أهداف محددة لديها، ولم تكن لأهداف تغيير النظام في اليمن".

وأشار الصقر إلى تباين المواقف الإقليمية تجاه الأزمة اليمنية، موضحا أنه "حينما تطغى المصلحة الوطنية أو القُطرية على المصلحة الإقليمية ربما يختلف القرار هنا". وأضاف أن المملكة العربية السعودية "حرصت على ألا يكون هنالك تصعيد عسكري وأن يظل الحوار السياسي بين الفصائل"، موضحا أن "أي تصعيد عسكري سوف يدفع ثمنه اليمن".

إعلان

وشدد الصقر على أن "الدور الخارجي لن يؤثر في تغيير الوضع في اليمن، لا سيما البريطاني والإسرائيلي والأميركي"، مؤكدا أن "ما سوف يغير في اليمن هو إما من الداخل أو القوى الإقليمية". وحذر من أن "الجماعات المسلحة غير الحكومية خطورتها في الوطن العربي كبيرة، ورأيناها في العراق وفي أماكن أخرى".

وختم الصقر بالتأكيد على أن "أمن اليمن جزء لا يتجزأ من أمن المنطقة، ومن دون وجود يمن آمن مستقر سواء على الحدود البرية للسعودية أو عمان أو الحدود البحرية، بالتأكيد تأثيره يكون بشكل كبير على كل المنطقة".

مبعوث الأمم المتحدة لليمن (الثاني يمين): مستوى الثقة بين الأطراف اليمنية انخفض لأدني مستوى له (الجزيرة)العليمي: الحكومة قادرة على تجاوز الاهتزازات الداخلية

وفي مداخلة ضمن الجلسة نفسها، قال عضو المجلس الرئاسي اليمني عبد الله العليمي إن الحكومة الشرعية "تعرضت لمحطات واهتزازات معينة"، مشيرا إلى أحداث 2018 و2019 و2020، وما حصل بعد تشكيل مجلس القيادة الرئاسي بنحو 4 أشهر في شبوة، وصولا إلى الأحداث الأخيرة في حضرموت في ديسمبر/كانون الأول 2025.

وأكد العليمي أن "هناك قاسما مشتركا للجميع هو أنهم يقفون على أرضية واحدة في الموقف فيما يتعلق بالحوثي"، موضحا أن "كل المكونات السياسية تقف على أرضية صلبة فيما يتعلق بالموقف من الحوثي" باعتباره "تهديدا وجوديا حقيقيا للدولة".

وأضاف أن "هذا الفهم هو واحد من العوامل التي تساعد على حلحلة بعض النتوءات أو التجنحات التي حصلت في مسيرة الشرعية".

وشدد عضو المجلس الرئاسي على أن "المبدأ الذي لدينا لا يمكن أن ندعم أو نقف مع أي طرف من أطراف الشرعية يريد أن يستولي بالقوة أو يحتكم إلى لغة السلاح في فرض توسع في أي مكان"، مؤكدا أن "الأشقاء في المملكة العربية السعودية بذلوا جهود كبيرة جدا وهم اليوم لا زالوا داخل حضرموت يعملون على ترميم ما تم"، كما أن "الأشقاء في الإمارات أيضا هناك تواصُل ودور إيجابي في المرحلة هذه".

يُذكر أن منتدى الدوحة يُعقد في نسخته الـ23 تحت شعار "ترسيخ العدالة: من الوعود إلى الواقع الملموس"، ويحتضن فندق شيراتون الدوحة على مدار يومي السبت والأحد جلسات المنتدى بمشاركة زعماء ومسؤولين من عدد من الدول.

ويشارك في المنتدى أكثر من 6 آلاف شخص، و471 متحدثا من نحو 160 دولة، لمناقشة قضايا محورية تشمل الأمن الغذائي والطاقة والتغير المناخي والذكاء الاصطناعي والنزاعات الإقليمية، في إطار سعي المنتدى لتحويل النقاشات النظرية إلى حلول عملية قابلة للتطبيق.

ويُعد المنتدى منصة عالمية رفيعة المستوى تجمع قادة العالم وصناع القرار والخبراء لمناقشة أبرز التحديات التي تواجه المجتمع الدولي.

مقالات مشابهة

  • العرادة يترأس اجتماعاً لتنفيذي مأرب ويشدد على تسهيل معاملات المواطنين
  • في اجتماع استثنائي.. مؤتمر مأرب الجامع يدعو إلى توحيد الصفوف ودعم القيادة في معركة استعادة الدولة ويشدد على الإصلاحات العاجلة
  • من حوران إلى قلب دمشق كواليس معركة سقوط نظام الأسد
  • العرادة: وحدة الصف الوطني هي الركيزة الأساسية لعبور اليمن إلى بر الأمان
  • العرادة يوجه برفع الجاهزية ويؤكد أنه لا يمكن لأي قوة أن تنال من عزيمة الجيش والمقاومة
  • اليمن عند مفترق طرق: خارطة طريق معطلة وانقسامات داخلية تعمّق الأزمة
  • وزير الإسكان يختتم جولته بمتابعة موقف تنفيذ المشروعات التنموية بالعلمين الجديدة والساحل الشمالي الغربي
  • رئيس اليمن الأسبق يتحدث عن عام العواصف في الجنوب
  • مليشيا الحوثي تدفع بتعزيزات إلى محيط مدينة تعز