أثارت حالة الصدام والتلاسن بين حكومة الوحدة في طرابلس برئاسة عبدالحميد الدبيبة ونظيرتها في شرق ليبيا بخصوص تأمين الحدود في الجنوب الليبي، وسط تساؤلات عن عودة الاقتتال بين قوات حفتر المتمركزة جنوبا وبين نظيرتها في غرب ليبيا.

وأكد الدبيبة خلال اجتماع أمني في طرابلس ضرورة تعزيز تأمين الحدود الجنوبية، واتخاذ إجراءات عاجلة تشمل تشديد الرقابة على مداخل المدن والطرق الرئيسية، مطالبا رئيس الاستخبارات العسكرية وآمر اللواء 444 اللواء محمود حمزة إلى الاستعداد للدفاع عن البلاد، في إشارة إلى احتمال تنفيذ عمل عسكري في المنطقة الحدودية الخاضعة لنفوذ قوات حفتر.




في حين أكد وزير الداخلية بحكومة الوحدة الليبية، عماد الطرابلسي، جاهزية الوزارة لتشكيل قوة أمنية متخصصة لحماية الحدود الجنوبية، وتنفيذ عمليات أمنية مكثفة لمكافحة الهجرة غير الشرعية، والتصدي لعصابات تهريب البشر، وتفكيك شبكاتهم.

"رفض حفتر"

في المقابل، رفض رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب الليبي، أسامة حماد هذه التهديدات من قبل الدبيبة والأولى له معالجة أوكار المهربين والمجرمين داخل العاصمة قبل التوجه إلى الجنوب، كون الواقع يشير إلى عدم سيطرة حكومته سوى على مقرها في طريق السكة داخل العاصمة طرابلس، وفق قوله.

وأكد رئيس الحكومة الموالية لحفتر أن "الادعاءات التي تروج لها حكومة الدبيبة حول ضرورة تنظيم وجود المهاجرين غير الشرعيين عبر إنشاء مناطق سكنية خاصة بهم خارج المدن ليست إلا الخطوة الأولى نحو عملية التوطين الفعلي، وهو ما يتناقض مع شعاراتها المعلنة ضد التوطين"، حسب قوله.
ما بين تهديدات الدبيبة ورفض حكومة حفتر.. هل يشهد الجنوب صداما مسلحا رغم وجود اتفاق وقف إطلاق النار؟

"فشل الدبيبة وضعف قواته"

من جهته قال رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب الليبي، طلال الميهوب إن "الدبيبة عندما يتحدث عن سيادة الدولة وإحكام السيطرة على الحدود كان من الأولى له إحكام السيطرة على أقرب المنافذ لمقر حكومته، وأن هذه التهديدات بإرسال قوة للجنوب سيجد مقابلها الفعل على أرض الواقع وليس حصد نقاط على شبكات التواصل الاجتماعي.

وأكد في تصريحات خاصة لـ"عربي21" أنه "لن يكون هناك قتال عسكري بين الشرق والغرب، كون الموجودون  في الغرب الليبي ما هم إلا مجموعات تشكل ميليشيات تسترزق على المال الليبي وليس لديهم عقيدة الجيوش النظامية التي يأتمر أفرادها بأمر واحد، وعليه فلن تذهب هذه الميليشيات في اتجاه محاربة جيش نظامي مدرب ومجهز بشكل ممتاز (جيش حفتر) وهم يعرفون ذلك جيدا"، وفق كلامه.




وأضاف: "هذه التصريحات من قبل الدبيبة ووزير داخليته والتحريضات التي يقومون بها هدفها فقط كسر موجة غضب الشارع الليبي ضد حكومتهم بسبب مساعيهم لتوطين الأفارقة والمهاجرين الغير شرعيين"، كما رأى.

"عودة الاقتتال واردة"

في حين قال الباحث من الجنوب الليبي والمتخصص في الشؤون الأمنية، محمد السنوسي إنه " في ظل الانقسام السياسي العمودي في الدولة، وحالة عدم اليقين، والتوجس التي تسيطر على طرفي الصراع في ليبيا فإن حركة القوات الأمنية والعسكرية بين شطري البلاد دون ضمانات كافية، هي عملية محفوفة بالمخاطر بالنسبة للطرفين".

وأشار خلال تصريحه لـ"عربي21" إلى أن "أحد أهم مكاسب خليفة حفتر ومصادر قوته التفاوضية في أي تسوية سياسية، هو سيطرته الخالصة على جنوب ليبيا، المنطقة الهامة جيوسياسيا، فليس من السهل أن يسمح حفتر بأي قوات تشاطره السيطرة ما لم تكن تتبعه مباشرة، وتأتمر بأمره، ولن تجرؤ أي قوة من غرب ليبيا على التوجه للجنوب دون موافقة حفتر"، حسب تقديراته.

وأوضح السنوسي أن "عملية تأمين الحدود ليست مجرد قوات تنتقل من غرب البلاد إلى جنوبها، فهي عملية أكثر تعقيد مما يعتقد وزير داخلية حكومة الدبيبة، خاصة وأن تضاريس المنطقة صعبة وقاسية. ناهيك عن ضعف البنية التحتية بالمنافذ. وصعوبة تتبع مسالك الهجرة والتهريب، فالصحراء شاسعة ومترامية الأطراف.، لذا عملية تأمين الحدود والسيطرة على مسالك الهجرة والتهريب تحتاج إدارة استراتيجية مستدامة وليست استجابات طارئة ومؤقتة".

"تواجد حيوي"

وتابع الباحث في شؤون الأمن القومي أيضا: "لكن في ذات الوقت لو كانت وزارة داخلية حكومة الوحدة جادة في مواجهة تهديدات الهجرة غير النظامية، تبدأ عملية أمنية تهدف إلى تفكيك شبكات الهجرة والتهريب وتجارة البشر. فإذا نجت في ذلك يمكن أن تضرب هذه العصابات في مقتل. خاصة وأن هذه العصابات لها تواجد حيوي ومهم في مدن الساحل. من زوارة غرباً حتى الخمس شرقاً، مروراً بصبراته والزاوية. وكل هذه المدن تقع ضمن مناطق سيطرة حكومة الوحدة، أما فيما يتعلق بعودة الاقتتال بين الشرق والغرب فهو دائماً وارد وليست الهجرة السبب الوحيد لها"، كما صرح لـ"عربي21".

"تشكيل قوة مشتركة"

الصحفي من جنوب ليبيا، موسى تيهوساي قال إن "أي قوة لتأمين الحدود الجنوبية الغربية لليبيا لن تكون فعالة ومفيدة غلا إذا كانت موحدة ومدعومة من جميع الأطراف الليبية بشكل قوي، كون الحدود الجنوبية شاسعة للغاية وصعبة التضاريس مع تمرس شبكات التهريب في التخفي لتجاوز النقاط الأمنية".



وأضاف: "يحتاج الأمر تشكيل قوة مشتركة بعض الوقت لكنه أمر ممكن في حال اتفقت القوى الأمنية والعسكرية في جميع أنحاء البلاد على ذلك وتجاوزوا الخلافات السياسية وصراع النفوذ والسيطرة على الأرض وأن تكون إدارة هذه القوة مهنية لا توظف هذه الجهود لأهداف سياسية لأي طرف بعينه.

وتابع لـ"عربي21": "أيضا هناك أهمية كبيرة جدا لدعم إقليمي ودولي لهذا لان ملف الهجرة لديه جوانب أخرى سياسية معقدة حيث أصبح ضمن أدوات الصراع الغربي الروسي وعملت موسكو على مدى السنوات الماضية على إغراق أوروبا بالمهاجرين من آسيا وأفريقيا انطلاقا من ليبيا وهذا لا يزال مستمرا والسلطات الليبية شرقا وغربا لا تستطيع  التعامل مع هذه المعادلة بشكل فعال،  لكن أيضا عدم فعل أي شيء وترك الوضع كما هو الآن سيكون أمرا كارثيا لليبيا"، وفق تعبيره.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية طرابلس الدبيبة ليبيا حفتر ليبيا طرابلس حفتر الدبيبة المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الحدود الجنوبیة حکومة الوحدة تأمین الحدود

إقرأ أيضاً:

برلماني: لقاء الرئيس السيسي وحفتر محطة محورية جديدة في مسار دعم استقرار ليبيا

أكد الدكتور أيمن محسب، وكيل لجنة الشئون العربية بمجلس النواب، أن اللقاء الذي جمع الرئيس عبد الفتاح السيسي بالمشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني الليبي، يمثل محطة محورية جديدة في مسار دعم مصر لاستقرار ليبيا، ويعكس ثبات الموقف المصري ووضوح رؤيته تجاه مستقبل الدولة الليبية ومؤسساتها الوطنية.


وقال «محسب» إن الرسائل التي حملها اللقاء تتجاوز البعد الثنائي التقليدي، وتمتد لتشكل إطارا متكاملا للأمن الإقليمي، خاصة في ظل التعقيدات المحيطة بالمنطقة وإعادة رسم خرائط النفوذ الدولي في الإقليم، موضحا أن تأكيد الرئيس السيسي خلال اللقاء على دعم مصر الكامل لوحدة ليبيا وسيادتها وسلامة أراضيها، وتجديد موقفه الرافض لأي تدخلات خارجية، يعكس إدراكا مصريا واضحا لخطر تفكك مؤسسات الدولة الليبية، وما قد يحمله ذلك من تهديد مباشر للأمن القومي المصري.

برلمانية: لقاء الرئيس السيسي مع الفريق حفتر رسالة حاسمة لحماية الأمن القومي المصري وصون استقرار ليبياحجازي: الرئيس السيسي خلال لقائه بالمشير خليفة حفتر أكد على أهمية توحيد المؤسسات بالدولة الليبية

وأضاف عضو مجلس النواب، أن إشادة الرئيس بالدور المحوري للقيادة العامة للجيش الليبي تعكس دعم القاهرة للقوى الوطنية التي تعمل على استعادة تماسك الدولة، بعيدا عن الميليشيات أو القوى المدعومة خارجيا، مشيرا إلى أن تأكيد الرئيس على ضرورة إخراج القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا يأتي متسقا مع موقف مصري ثابت يعتبر أن أي تسوية سياسية لن تنجح ما لم تُستعاد السيطرة الوطنية الكاملة على الأرض الليبية، قائلا: “وهذا الموقف يتقاطع مع رغبة الشارع الليبي ومؤسساته الوطنية، ويمثل ركيزة أساسية لإعادة بناء الدولة.”

وثمن وكيل لجنة الشئون العربية، إشادة المشير حفتر بالدور المصري، معتبرا ذلك تعبير عن ثقة حقيقية في قدرة القاهرة على قيادة مسار دعم الحل السياسي، مضيفا أن حرص حفتر على استمرار التنسيق مع الرئيس السيسي يعكس مكانة مصر كضامن رئيسي للاستقرار، وصاحبة دور متقدم في حماية الأمن القومي العربي.

وأكد «محسب» أن تجديد الرئيس السيسي دعم مصر لكل المبادرات الداعية لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بشكل متزامن، يعكس رغبة صادقة في الدفع نحو حل نهائي يضع ليبيا على مسار الشرعية الكاملة، لافتا إلى أن هذا الطرح المصري هو الأكثر انسجاما مع الواقع الليبي، لأنه ينهي حالة الانقسام ويمنع نشوء مؤسسات متعارضة الشرعية، مشيرا  إلى أهمية مناقشة ملف ترسيم الحدود البحرية بين البلدين.

وأكد أن توافق الجانبين على مواصلة العمل بشكل مشترك وفق القانون الدولي يثبت نضج العلاقات بين القاهرة والقيادة الليبية، ويؤسس لمرحلة جديدة من التعاون الاستراتيجي الذي يحمي الحقوق ويمنع أي توترات مستقبلية، مشيرا إلى أن مصر تتحرك بمنهج استباقي، يوازن بين دعم الحلول السياسية وترسيخ الأمن الإقليمي، ويعيد بناء شبكة توازنات تمنع الانزلاق نحو الفوضى. 

وقال :" القاهرة ستظل الطرف الأكثر قدرة على حماية المصالح العربية وتحصين الجوار المباشر من أي تهديدات خارجية أو ميليشياوية."

طباعة شارك السيسي الرئيس السيسي حفتر خليفة حفتر البرلمان

مقالات مشابهة

  • القوات التايلاندية تطلق عملية بحرية – جوية واسعة قرب الحدود الكمبودية مع تصاعد التوتر
  • ليبيا تواصل ترحيل المهاجرين «غير الشرعيين»
  • تايلاند تطلق عملية عسكرية واسعة قرب الحدود مع كمبوديا
  • برلماني: لقاء الرئيس السيسي وحفتر محطة محورية جديدة في مسار دعم استقرار ليبيا
  • الدبيبة يشهد فعاليات إحياء اليوم العالمي لمكافحة الفساد
  • مصر: ضرورة العمل على إخراج جميع القوات الأجنبية من ليبيا
  • رئيس مجموعة العمل الوطني الليبي: مصر رسمت خطوطاً حمراء أنقذت ليبيا من السقوط الكامل
  • «الـفجـر» تنشر أبرز تصريحات الرئيس السيسي مع المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني الليبي
  • السيسي يستقبل المشير حفتر ويؤكد دعم مصر لسيادة ليبيا ووحدة أراضيها
  • مباحثات ليبية أوروبية لمكافحة الهجرة غير الشرعية