المواجهة اليمنية – الأمريكية.. جردة حساب 48 ساعة
تاريخ النشر: 18th, March 2025 GMT
يمانيون/ تقارير
في السادس عشر من مارس الجاري بدأت الولايات المتحدة جولة جديدة من العدوان على اليمن، مستهدفة عدة محافظات من صنعاء إلى صعدة وحجة وذمار والبيضاء ومأرب والجوف، وذلك بغارات جوية وبحرية، مستخدمة حاملة الطائرات “هاري ترومان” ومجموعتها الحربية، فيما ردت القوات المسلحة اليمنية باستهداف الحاملة بعدد من الصواريخ البالستية والطائرات المسيّرة.
حملة التهويل والحرب النفسية
بعد ساعة أو أكثر قليلا من بدء العدوان الأمريكي بغارات على العاصمة صنعاء، أدلى الرئيس الأمريكي ترامب ببيان، أعلن من خلاله عن بدء العدوان، الذي قال إنه يأتي على خلفية خنق باب المندب ومنع الملاحة والتأثير على الاقتصاد العالمي. حد زعمه. لكنه ، وإن كان قد اعترف بفعالية العمليات اليمنية، وعدم تمكن أي سفينة أمريكية من العبور بأمان طوال عام الماضي، إلا أنه حاول أن يستخدم عبارات التهويل مثل الجحيم، والحسم، والوقت انتهى، وهجمات مميتة. وكلها تصب في خانة الحرب النفسية، والتهويل، ولم يقتصر الأمر على ترامب، فقد توالت التصريحات الأمريكية من البنتاغون، والخارجية والكونجرس، بالإضافة إلى مسؤولين أمريكيين، حتى وصلت التصريحيات حدا ربما أكثر من الغارات العدوانية، في مشهد يؤكد أن الحرب النفسية والتهويل تتجاوز مراحل الحرب العسكرية.
وقد قوبلت الحرب النفسية والتهويل من قبل اليمن، بما يشبه تنفيس تلك الانتفاشة الأمريكية، وجعلها بلا أي تأثير، فكانت إطلالة السيد عبدالملك الحوثي، مستندة إلى عمليات القوات المسلحة التي ردت بشكل مباشر على العدوان، واستهدفت حاملة الطائرات ترومان، والذي أكد في خطابه على أن الأهداف الأمريكية ستفشل، وأن القدرات اليمنية بخير، مشيرا إلى تثبيت معادلة التصعيد بالتصعيد، ومحذرا بخيارات أخرى، غير الرد على البحرية الأمريكية وفرض الحظر على سفنها.
الحرب النفسية الأمريكية كانت كلها رسائل وصلت إلى مسامع الشعب اليمني فلم يتأثر ولم يتراجع، وجاء اليوم الخروج المليوني في صنعاء والمحافظات ليؤكد فشل الحرب الإعلامية والتهويل، وسقوطها تحت أقدام اليمنيين.
عدوان بلا بنك أهداف
صحيح أن الطائرات الأمريكية شنت عشرات الغارات العدوانية المسجلة في عدة محافظات يمنية، على رأسها العاصمة صنعاء، لكن بالنظر إلى الأهداف، فهي منقسمة إلى قسمين:
الأول: أهداف مدنية بحتة، كما حصل في صنعاء حيث استهدف مبنى سكنيا، وفي صعدة أيضا، حيث استهدف المحطة التوليدية لكهرباء مدينة ضحيان بصعدة بعدة غارات أسفرت عن انقطاع التيار الكهربائي عن السكان، كما أسفرت عدد من الغارات عن دمار في مبنى السرطان الذي لا زال قيد الإنشاء بمركز المحافظة، وفي منطقة آل سبّاع بمديرية سحار أدى القصف إلى نفوق قرابة ثلاثمائة رأس من الأغنام في قصف طال البدو القاطنين هناك، كما ارتكب طيرانُ العدوِ جريمةً بحق المدنيين العزَّل في منطقة قحزة بأطراف مدينة صعدة مُوقعاً شهداء وجرحى بينهم نساءٌ وأطفالٌ. كذلك الأمر في الجوف، حيث استهدف العدو بأربع غارات المجمع الحكومي في مدينة الحزم، مخلفا شهداء وجرحى.
الثاني: أهداف قديمة، تم استهدافها أكثر من مرة، من قبل التحالف الأمريكي البريطاني إبان معركة إسناد غزة، كما استهدف عشرات المرات من قبل تحالف العدوان السعودي، على مدى أكثر من تسع سنوات مضت. كما هو الحال في عطان وجربان، وكذلك السوادية في البيضاء ، والأهداف في ذمار.
وهكذا يظهر أنه لا توجد لدى هذا العدو أي أهداف عسكرية ذات ثقل عسكري ولا حتى معنوي، وإن كان لا يزال يدعي أنه استهدف بعض القيادات، وهي ادعاءات تفتقر إلى الكثير من المصداقية، وغالبيتها منقولة من مواقع التواصل عن صفحات مشبوهة، تعمل على إثارة الشائعات ليس أكثر.
الردع والاستنزافطوال حرب الإسناد اليمني لغزة طوال 15 شهرا، ظهرت التقارير الأمريكية وهي تتحدث عن فشل البحرية الأكبر في العالم في إعادة الردع وعن تعرض السفن الحربية الأمريكية لثغرات في الذخيرة، وفجوات في الدفاعات الجوية، ولم يقتصر الأمر على البحرية الأمريكية، ولكن أيضا البحرية الأوروبية وعلى راسها البريطانية.
الجولة الجديدة من العدوان لن تكون مختلفة عن سابقتها، وإن كان ترامب قد حاول أن يظهر أنه يمكن أن يقدم شيئا مختلفا، لكن الخبراء يؤكدون إن ما كان متاحا لبايدن، فهو ذاته الأمر المتاح لترامب، مع فارق أن بايدن لم يسمّ ما كان يقوم به من عدوان تحت عنوان الحرب، في حين ترامب يريد أن يوسع المفهوم، ليشمل حربا، وهو ما تعترضه عقبات قانونية، وقد تعالت أصوات في واشنطن والكونجرس الأمريكي تعيب على ترامب اتخاذ قرار الحرب من غير إذن الكونجرس، وهذا ليس موضوعنا الآن، إلا لناحية أن قرار الحرب يعني الحاجة إلى مزيد من التذخير والدعم اللوجستي للسفن الحربية الأمريكية، ما يعني أن الأساطيل الأمريكية ستدخل في حرب استنزاف فعلية، ولا سيما أن القوات المسلحة اليمنية، لديها التجربة الراسخة في خوض حرب الاستنزاف، بالتالي فإن الردع المطلوب أمريكيا، لن يتحقق.
وهذا الأمر يعتبر محل إجماع إلى حد كبير بين الخبراء والمسؤولين الأمريكيين السابقين، وقد نشر المجلس الأطلسي، عن دانيال موتون، المسؤول السابق في مجلس الأمن القومي الأمريكي، انه “من غير المرجح أن تردعهم الجولة الحالية من الغارات الجوية”، لافتاً إلى أن “الولايات المتحدة ستحتاج إلى توظيف موارد أكبر من غارات السبت”.وارجع موتون استنتاجه إلى التجربة اليمنية في التصدي للتحالف السعودي الأمريكي: “ما بين مارس 2015، ومارس 2022، قام التحالف بقيادة السعودية بتشغيل طائرات أمريكية وأوروبية حديثة، وأطلق ذخائر موجهة بدقة، وتلقى دعماً عسكرياً أمريكياً غير مباشر، وفشلت سبع سنوات من الغارات الجوية عبر الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون في تثبيط قدرتهم على شن ضربات مضادة ضد البنية التحتية للطاقة والطيران والبنية التحتية المدنية الأخرى في المملكة العربية السعودية “.
وفي التقرير الذي نشره المجلس الأطلسي عزا أليكس بليتساس الرئيس السابق لأنشطة العمليات الخاصة ومكافحة الإرهاب في مكتب وزير الدفاع، التعقيد في استهداف القدرات اليمنية، إلى حد أن تكون أمراً صعب المنال ، إلى انتشار الأسلحة عبر تضاريس اليمن الوعرة، ونقص المعلومات الاستخباراتية العملية، إلى جانب القدرة على التكيف.
القوات المسلحة اليمنية.. من الدفاع إلى الهجوم
أظهرت القوات المسلحة اليمنية جهوزية عالية من خلال السرعة في الرد على العدوان، وكذلك من خلال كثافة النيران التي أطلقت نحو حاملة الطائرات الأمريكية هاري ترومان، فلم تمض ساعات حتى كانت الصواريخ البالستية والمجنحة والطائرات المسيرة، قد أمطرت البحرية الأمريكية بوابلها، في أول عملية رد، لتأتي الثانية بعد أقل من 24 ساعة، بعدد آخر من الصواريخ والطائرات المسيرة، اعترفت الولايات المتحدة باثنتي عشرة طائرة، تدعي أنها تصدت لها، وإن كانت العملية الأولى ردا على العدوان فقد كانت الثانية هجوما استباقيا، أفشل تحضيرات لعدوان أوسع على البلاد، ما يشكل نجاحا تكتيكيا جديدا للقوات المسلحة اليمنية، يضاف إلى النجاحات السابقة، خلال معركة الإسناد، حيث شنت القوات المسلحة اليمنية عدة هجمات استباقية على حاملات الطائرات الأمريكية في البحر العربي وخليج عدن وكذلك في البحر الأحمر.
اليقين بالنصرلا يمكن لأي قوة في العالم أن تخوض الحرب دون أن تكون لها تقديرات عالية بتحقيق النصر الناجز على الخصم والعدو، وفي المسألة اليمنية في مواجهة البحرية الأمريكية الأكبر والأضخم في العالم، فإن اليقين بالنصر ليس معتمدا على السلاح المادي، بقدر ما يعتمد على نصر الله تعالى ووعده، وفي حديث بالأمس أكد السيد القائد عبدالملك الحوثي يحفظه الله، على هذه الحقيقية بالتذكير بقول الله تعالى “وما النصر إلا من عند الله”، وقوله: “إن تنصروا الله ينصركم”، وانطلاقا من هذه الآيات الكريمات والإيمان بها والتوكل على الله، فإن النصر قريب، والعدو موعود بالخسران المبين.
نقلا عن موقع أنصار الله
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: القوات المسلحة الیمنیة البحریة الأمریکیة الحرب النفسیة من الغارات وإن کان
إقرأ أيضاً:
طرح أفكار جديدة لتعديل المقترح الأمريكي بشأن إنهاء الحرب في غزة
قدم الوسيط الفلسطيني الأمريكي بشارة بحبح مقترحًا معدلاً لمبادرة المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، يتضمن ضمانات أكثر وضوحًا - وإن لم تكن حاسمة - لإنهاء الحرب في غزة، وذلك في محاولة جديدة لإحياء المفاوضات المتعثرة بين الاحتلال الإسرائيلي وحركة حماس، وفق ما أوردته القناة 12 العبرية.
وينص المقترح الجديد، الذي يعد نسخة محدثة من خطة ويتكوف، على إطلاق نصف الأسرى – الأحياء منهم والأموات – كمرحلة أولى، تتبعها هدنة مؤقتة لمدة 60 يومًا، وتعقد خلال هذه الهدنة مفاوضات مكثفة تهدف إلى التوصل لاتفاق دائم ينهي الحرب، وفي حال الفشل، يملك الاحتلال الإسرائيلي حرية استئناف العمليات أو تمديد المفاوضات مقابل إطلاق دفعات جديدة من الأسري.
لكن الخطة تواجه عراقيل، ليس فقط من قبل الأطراف، بل أيضًا بين المبعوثين نفسيهما، إذ ذكرت القناة العبرية أن خلافًا بين بحبح وويتكوف يعطل تقدم المقترح، ما يضعف من احتمالات تحقيق اختراق قريب، وفقًا لتقديرات إسرائيلية رسمية.
وحسب القناة فإن حركة حماس ترفض عدة بنود رئيسية في الخطة، أبرزها الإفراج عن عشرة أسرى إسرائيليين خلال أسبوع، وتطالب الحركة بتمديد عملية الإفراج لتتم على مدار 70 يومًا، بالإضافة إلى ضمانات أمريكية مكتوبة لإنهاء الحرب وانسحاب إسرائيلي من مناطق لا تعتزم تل أبيب الخروج منها.
كما تطالب بالإفراج عن 20 أسيرًا كحد أدنى في المرحلة الأولى، وتؤكد أن مطلبها الأساسي لم يتغير: وقف دائم لإطلاق النار.
وفي المقابل، تتزايد الضغوط الداخلية في إسرائيل، حيث صرح مسؤول كبير لعائلات الرهائن بأن "عربة التفاوض عالقة في الوحل"، بينما قال المبعوث الأمريكي للعائلات: "لن أستسلم، لن أتوقف عن المحاولة".
وتنص الخطة المعدلة على إفراج الاحتلال الإسرائيلي عن 125 أسيرًا فلسطينيًا محكومًا بالمؤبد، إضافة إلى 1111 معتقلًا من غزة تم احتجازهم بعد 7 أكتوبر، وتسليم جثامين 180 فلسطينيًا على مرحلتين. كما ستقدم حماس تقارير طبية مفصلة عن جميع الرهائن في اليوم العاشر من الاتفاق.
كما يتضمن المقترح استئناف المساعدات الإنسانية بإشراف الأمم المتحدة والمنظمات الدولية إلى قطاع غزة، كمكوّن أساسي لدعم الاستقرار الإنساني خلال الهدنة.