هل حسمت واشنطن قرارها بإنهاء الجماعة الحوثية؟
تاريخ النشر: 18th, March 2025 GMT
لتجنب الغارات الجوية الأمريكية التي بدأت الولايات المتحدة شنها على صنعاء الأحد، لجأ كبار مسؤولي الحوثيين إلى المخابئ.
هل سيواجه الحوثيون حملة متواصلة مدفوعة بمعلومات استخباراتية واسعة النطاق تهدد أخيرًا قبضتهم على السلطة
ونقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن مصدر مطلع أن حافلات بنوافذ مظللة نقلت عائلات بعض قادة الحوثيين من حي الجراف، وهو حي في العاصمة صنعاء حيث يعيش الكثيرون منهم، في وقت متأخر من يوم الأحد، واتجهت شمالًا إلى مناطق جبلية تُعتبر أكثر أماناً.
وأضاف المصدر أن أعضاء الجماعة المكلفين بإدارة المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون اختفوا عن الأنظار في المدينة.
President Trump said he would hold Iran responsible for any future attacks by the Houthis in Yemen, threatening unspecified consequences against the Islamic Republic https://t.co/sLZUiqqxNm
— The Wall Street Journal (@WSJ) March 17, 2025ومنذ عام 2023، استهدف الحوثيون البحرية الأمريكية 174 مرة والسفن التجارية 145 مرة، وفقاً لما ذكره وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو يوم الأحد.
واستخدم الحوثيون الصواريخ والطائرات المسيرة في هجماتهم، مما أدى إلى إغراق سفينتين ومقتل 4 بحارة، كما زعموا مؤخراً إسقاط طائرة استطلاع أمريكية مسيّرة وإطلاق صاروخ على مقاتلة أمريكية.
وأعرب مسؤولون إيرانيون عن دعمهم لقضية الحوثيين، لكنهم نفوا المزاعم الأمريكية بتمويل وتسليح وتدريب عناصر الجماعة.
وتُوسّع الضربات الأمريكية نطاق جهود ترامب لوقف هجمات الحوثيين على السفن، مما قد يضع الولايات المتحدة في مواجهة مباشرة مع طهران.
ويثير هذا التهديد تساؤلات حول مدى سيطرة إيران على الحوثيين، وما إذا كان ترامب سيُخاطر بحرب أوسع في الشرق الأوسط بسبب تعطيل الجماعة اليمنية للتجارة العالمية.
وأمر ترامب بشن هجمات ضد الحوثيين في اليمن خلال عطلة نهاية الأسبوع، بعد وقت قصير من إعلان الجماعة، المُصنّفة إرهابياً في الولايات المتحدة، أنها ستستأنف هجماتها على السفن العابرة للبحر الأحمر.
وصرح مستشار الأمن القومي الأمريكي مايك والتز في مقابلات تلفزيونية يوم الأحد بأن العديد من قادة الحوثيين قُتلوا في الهجوم، مضيفاً أن الهدف الثانوي هو "تحميل إيران المسؤولية".
Trump's put Iran and the Houthis on NOTICE:
"Any further attack by the Houthis will be met with great force. Every shot fired will be looked upon as being a shot fired by Iran, and Iran will be held responsible and suffer the consequences, and those consequences will be dire." pic.twitter.com/2YwyI7NzlO
وأكدت الولايات المتحدة إنها استأنفت هجماتها الجوية مساء الاثنين لليوم الثالث، حيث ضربت مواقع تدريب ومرافق تخزين أسلحة وبنية تحتية عسكرية أخرى و"مجمعاً إرهابياً يؤوي العديد من كبار خبراء الطائرات بدون طيار الحوثيين".
وقد تؤدي الاستراتيجية الجديدة التي تركز على إيران لإنهاء عدوان الحوثيين إلى تصعيد التوترات مع طهران بشكل أكبر.
ورفضت إيران بالفعل مبادرات ترامب للتفاوض بشأن تفكيك برنامجها النووي، بما في ذلك رسالة بعث بها إلى المرشد الأعلى للبلاد.
وقد يدفع الفشل في الانخراط في الدبلوماسية ترامب إلى التفكير في إعطاء الضوء الأخضر لشن ضربات إسرائيلية على إيران، أو حتى مشاركة القوات الأمريكية في عملية مشتركة.
وقال والتز يوم الأحد: "لا يمكن لإيران امتلاك سلاح نووي. جميع الخيارات مطروحة على الطاولة".
اختراق دبلوماسيولطالما لوّح ترامب بالقوة العسكرية لإجبار الخصوم على الجلوس إلى طاولة المفاوضات.
وقبل لقائه ثلاث مرات مع كيم جونغ أون، زعيم كوريا الشمالية، لمناقشة تفكيك البرنامج النووي - وهي جهودٌ فشلت في إقناع كيم بالتخلي عن أسلحته - هدد ترامب بإلقاء قنابل نووية أمريكية على الدولة المعزولة.
ولم تكن التهديدات الموجهة لإيران، التي لا تمتلك أسلحة نووية، صريحة بهذا القدر، لكنها تنسجم مع نهج الرئيس في الإدلاء بتصريحات متطرفة لإحداث اختراق دبلوماسي.
وصرح محمد الباشا، مؤسس شركة "باشا ريبورت" الاستشارية للأمن في الشرق الأوسط، ومقرها الولايات المتحدة، بأن كبار قادة الحوثيين التزموا الصمت منذ بدء الغارات الجوية في نهاية هذا الأسبوع. وأضاف أن لديهم على الأرجح مخابئ وخططاً احتياطية للتواصل دون استخدام الهواتف المحمولة، والتي يمكن للمراقبة الأمريكية رصدها.
واعتاد الحوثيون على الاختباء عند بدء سقوط القنابل، وتقول الصحيفة إن السؤال الآن هو هل سيخرج الحوثيون خلال أيام قليلة متحدين أم سيواجهون حملة متواصلة مدفوعة بمعلومات استخباراتية واسعة النطاق تهدد أخيراً قبضتهم على السلطة؟
وقال برنارد هدسون، الرئيس السابق لمكافحة الإرهاب في وكالة الاستخبارات المركزية: "لم يتعرض الحوثيون قط لحملة ضربات طويلة الأمد تستهدف قيادتهم"، مضيفاً أن الجماعة تمكنت من تجاوز الحملات السابقة، التي كانت محدودة وتكتيكية.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: وقف الأب رمضان 2025 عام المجتمع اتفاق غزة إيران وإسرائيل يوم زايد للعمل الإنساني غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الحوثيون ماركو روبيو أمريكية إيرانيون إيران اليمن برنامجها النووي إسرائيلية على إيران سلاح نووي الحوثيون الحوثي اليمن الولايات المتحدة ماركو روبيو إيران إيران وإسرائيل أسلحة نووية النووي الإيراني ترامب الولایات المتحدة یوم الأحد
إقرأ أيضاً:
العقوبات الأمريكية ..حين تفلس الإمبراطوريات
في مشهد يعيد إلى الأذهان تقاليد الإمبراطوريات الغابرة عندما كانت تعاقب الشعوب لا لأنها ارتكبت جرمًا، بل لأنها تجرأت على قول “لا”، أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية فرض عقوبات جديدة على ما أسمته “شبكة تهريب نفط مرتبطة بالحوثيين”، متحدثة عن كيانات وأفراد، وأموال، وشبكات، وحسابات، في نبرة درامية تُخفي خلفها ارتباكًا سياسيًا أكثر مما تُظهر صرامة مالية.
لكن لنتوقف لحظة؛ ما الذي يزعج واشنطن فعلًا؟
هل هو تهريب النفط؟ أم كسر الحصار الأمريكي المفروض على اليمن ودول محور المقاومة، وآخره النجاح الذي حققته صنعاء في إنقاذ العملة الوطنية؟
هل الأمر فعلًا متعلق بـ”غسل أموال”؟ أم أن الغسيل الحقيقي يجري في غرف عمليات السياسة الأمريكية الملطخة بدماء الشعوب؟
تصريحات وزارة الخزانة ومكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC) تبدو وكأنها نُسخت ولُصقت من أرشيف العقوبات القديمة. ذات العبارات: “شبكة مالية”، “شركات وهمية”، “غسل أموال”، “إيرادات مشبوهة”، و”التهديد للاستقرار الإقليمي”. كلمات تُستخدم كستار دخاني، لا لكشف فساد كما تدّعي، بل لحجب الحقيقة.
المضحك أن من شملتهم العقوبات لا يشكلون تهديدًا ماليًا على الاقتصاد الأمريكي ولا على بورصة نيويورك؛ لكن العقاب هنا ليس اقتصاديًا بقدر ما هو انتقامي.
فعندما يقف اليمن اليوم، وسط الحصار، ويعلن بوضوح أن بوصلته غزة، وأن صواريخه وطائراته المسيرة موجهة ضد الكيان الصهيوني وداعميه، فهل ننتظر أن ترد عليه واشنطن بتحية؟
وحين يتحول اليمن من بلد منكوب إلى ركيزة إقليمية تعيد رسم قواعد الاشتباك، وتخترق المعادلات الدولية من باب البحر الأحمر، لا بد أن يُعاقب في القاموس الأمريكي!
إن كانت أمريكا تبحث عن شبكات تهريب حقيقية، فلتنظر إلى شبكات التهريب التي تمد الكيان الصهيوني بالصواريخ والقنابل، وتُمرَّر عبر صفقات سلاح سنوية تقدر بعشرات المليارات من الدولارات.
وإن كانت تبحث عن “تمويل للإرهاب”، فلتسأل عن ملايين الدولارات التي تُغدق على جرائم الحرب في غزة والضفة ولبنان وإيران وسوريا واليمن، وتُصرف من ضرائب المواطن الأمريكي لدعم كيان يرتكب أبشع المجازر في العصر الحديث.
التوقيت ليس صدفة؛ فالعقوبات الجديدة تأتي بعد فشل الضغوط الأمريكية في وقف العمليات اليمنية في البحر الأحمر وفي عمق الأراضي الفلسطينية المحتلة، وبعد أن أصبحت الضربات التي تنفذها القوات المسلحة اليمنية تشكّل تهديدًا استراتيجيًا لمصالح الغرب الداعم للكيان، لا سيما في خطوط الملاحة والطاقة.
كما تأتي بعد أن بات الموقف اليمني أكثر صلابة من كثير من الأنظمة المترنحة، وأصبحت صنعاء محورًا لا يمكن تجاوزه، لا في المعركة ولا في السياسة.
والمفارقة أن هذه العقوبات باتت، في نظر الشعوب، وسام شرف.
لأن كل من عاقبته واشنطن، إما أنه قاوم، أو دافع عن أرضه، أو أنه وقف مع فلسطين، أو لأنه كشف وجه أمريكا الحقيقي.
فالعقوبات اليوم أصبحت شهادة بأنك خارج دائرة التبعية، أنك لا تنتمي إلى حلف العملاء.
أنك لست من الذين يتسولون “الرضا الأمريكي”، بل من الذين يفرضون إرادتهم رغم الحصار.
فعندما تعجز أمريكا عن إيقاف مسيرة أو صاروخ أو موقف، تلجأ إلى العقوبات.
وعندما تفشل دبلوماسيتها في ليّ ذراع الدول الحرة، تلجأ إلى الخنق المالي.
لكن الأهم: حين تفقد قدرتها على التأثير في الميدان، تتحول إلى ضجيج فارغ على الورق، تمامًا كما تفعل الآن.
ليست هذه أول مرة تفرض فيها أمريكا عقوبات على اليمنيين، ولن تكون الأخيرة.
لكنها كل مرة تؤكد أن المسار صحيح، والاتجاه سليم، وأن الاستقلال له ثمن، لكن له أيضًا كرامة لا تُشترى.
فالعقوبات لا توقف إرادة الشعوب، ولا تحاصر الوعي، ولم ولا ولن تطفئ الشعلة التي أوقدها اليمنيون في وجه الظلم والطغيان.
فكلما عاقبتمونا.. زدنا يقينًا أننا على الطريق الصحيح.