بحضور 40 دولة.. القاهرة تستضيف المؤتمر السنوي الرابع لجمعية رجال الأعمال المصريين الأفارقة
تاريخ النشر: 20th, March 2025 GMT
استضافت القاهرة المؤتمر السنوي الرابع لجمعية رجال الأعمال المصريين الأفارقة والليلة الرمضانية الإفريقية، بمشاركة واسعة من كبار المسؤولين، والسفراء، ورجال المال والأعمال من 40 دولة إفريقية، وذلك في إطار تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بين مصر ودول القارة الأفريقية.
وأكد الدكتور يسري الشرقاوي، رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين الأفارقة، أن حضور ومشاركة الوزراء وكبار مسؤولي الجهات الحكومية، مثل وزارات الزراعة، الشباب والرياضة، المالية، الخارجية، التمثيل التجاري، وهيئة الرقابة على الصادرات والواردات، يعكس مدى اهتمام القيادة السياسية المصرية بتعزيز العلاقات الاقتصادية مع إفريقيا، ويؤكد التوجه الاستراتيجي لمصر نحو التكامل الاقتصادي الإفريقي.
وأشار الشرقاوي إلى أن الجمعية حققت 150% من خطتها الخمسية خلال السنوات الأربع الماضية، مما يدفعها إلى الاستمرار في تنظيم الفعاليات، تدشين الأنشطة، وتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية عبر إقامة المعارض، الأسابيع التجارية، الاقتصادية، والثقافية في مختلف الدول الإفريقية.
كما أكد أن الجمعية تسعى لتكون “الجسر بين دول القارة والجهة الأكثر تواجدًا وانتشارًا في إفريقيا”، من خلال تقديم الخدمات الاقتصادية المتطورة، توفير المعلومات اللازمة لرجال الأعمال، وتسهيل إقامة الشراكات بين الشركات المصرية والإفريقية.
وكشف الشرقاوي عن مبادرات جديدة تستهدف دعم مجتمع الأعمال الإفريقي، من بينها تعزيز التعاون في مجالات التنمية المستدامة، الصناعات الصغيرة والمتوسطة، ريادة الأعمال، البنية التحتية، إلى جانب تذليل العقبات التي تواجه المستثمرين وفتح آفاق جديدة أمام الشباب الإفريقي للمشاركة الفاعلة في التنمية الاقتصادية.
وفي كلمته، عبّر السفير محمدو لابارانج، عميد السلك الدبلوماسي الإفريقي وسفير جمهورية الكاميرون لدى مصر، عن عمق العلاقات التاريخية بين دول القارة الإفريقية، مشددًا على أهمية تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدان الإفريقية.
وأكد أن مصر تلعب دورًا محوريًا في دعم التكامل الاقتصادي بين دول القارة، مشيدًا بالمبادرات المصرية التي تهدف إلى تعزيز الشراكة الإفريقية. كما أشار إلى أن مثل هذه المؤتمرات تتيح فرصًا هائلة للتواصل وتبادل الخبرات بين رجال الأعمال والمستثمرين الأفارقة، ما يسهم في خلق مشاريع استثمارية جديدة وتطوير البنية التحتية في القارة.
من جانبه، شدد الدكتور أشرف صبحي، وزير الشباب والرياضة، على الدور الحيوي الذي تلعبه الرياضة في تعزيز العلاقات بين الشعوب الإفريقية، مؤكدًا أن الاستثمار في الشباب هو المفتاح لتحقيق التنمية المستدامة في القارة.
وأشار الوزير إلى أن مصر تؤمن بأن الشباب هم الركيزة الأساسية لمستقبل إفريقيا، وأن تمكينهم من خلال الرياضة والتعليم والتدريب المهني هو السبيل لتحقيق التقدم والازدهار. واستعرض الجهود التي تبذلها الوزارة لتعزيز التعاون الرياضي بين الدول الإفريقية، سواء عبر البطولات المشتركة أو برامج التبادل الشبابي والتدريب.
وأضاف أن الرياضة أصبحت صناعة واستثمارًا يحقق مكاسب اقتصادية كبيرة، داعيًا المستثمرين إلى زيادة الاهتمام بهذا القطاع الواعد، لما له من قدرة على دعم الاقتصادات المحلية وخلق فرص عمل جديدة للشباب الإفريقي.
وأكد الدكتور علاء فاروق، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، أن مصر تولي اهتمامًا كبيرًا بتعزيز التعاون الزراعي مع الدول الإفريقية، وذلك من خلال تبادل الخبرات، وتقديم الدعم الفني، والتوسع في برامج التدريب والتأهيل للعاملين في القطاع الزراعي.
وأشار فاروق إلى أن القطاع الزراعي يمثل أحد المحاور الأساسية لتحقيق التنمية المستدامة في القارة الإفريقية، مؤكدًا أن مصر تمتلك خبرات كبيرة يمكن توظيفها لدعم الأشقاء الأفارقة في مجالات الزراعة الحديثة، والري، واستصلاح الأراضي، والتصنيع الزراعي.
ودعا الوزير رجال الأعمال المصريين والأفارقة إلى استكشاف الفرص الاستثمارية الواعدة في المجال الزراعي، مشددًا على أهمية تضافر الجهود بين الحكومات والقطاع الخاص لتحقيق الأمن الغذائي وتعزيز الإنتاج الزراعي داخل القارة.
وشهد الحدث مشاركة 40 دولة إفريقية، من بينها 14 سفيرًا إفريقيًا لدى مصر، تقدمهم السفير محمدو لابرانج، كما عرضت 11 دولة منتجاتها وفرصها الاستثمارية، بينما قدمت 5 شركات مصرية كبرى عروضًا لمشروعاتها في مجالات الصحة العامة، السياحة العلاجية، والمقاولات.
وفي إطار دعم التكامل الاقتصادي الإفريقي، شهد المؤتمر توقيع بروتوكول تعاون بين جمعية رجال الأعمال المصريين الأفارقة وجمعية مستثمري السادات، مما يعكس الاصطفاف الوطني لمجتمع المال والأعمال المصري نحو تعزيز العمل الإفريقي المشترك.
تقديم 5 تذاكر مجانية للقارة الإفريقية
كما قدمت شركة مصر للطيران دعمًا لهذا الحدث من خلال تقديم 5 تذاكر مجانية للقارة الإفريقية، وذلك في إطار بروتوكول التعاون الموقع بين الجمعية والناقل الوطني.
وفي ختام المؤتمر، أكد الدكتور يسري الشرقاوي أن إفريقيا هي المستقبل، وأن العمل المشترك بين الدول الإفريقية هو السبيل الوحيد لتحقيق نهضة اقتصادية مستدامة.
وأشار إلى أن الجمعية ستواصل العمل الجاد لتكون جزءًا فاعلًا في دفع عجلة التنمية داخل القارة الإفريقية، مشددًا على أن التعاون والتكامل بين الدول الإفريقية هو مفتاح تحقيق الازدهار لشعوب القارة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: التكامل الاقتصادي الإفريقي رجال الأعمال المصريين الأفارقة إفريقيا مصر المزيد رجال الأعمال المصریین الأفارقة القارة الإفریقیة الدول الإفریقیة تعزیز التعاون فی القارة من خلال أن مصر إلى أن
إقرأ أيضاً:
فؤاد باشا سراج الدين .. الرجل الذى علم المصريين معنى الكرامة
منذ يومين مرت الذكرى الرابعة والعشرون لرحيل رجل من أعظم رجال مصر فى القرن العشرين؛ رجل لم يكن مجرد سياسي أو صاحب منصب، بل كان مدرسة كاملة فى الوطنية والعناد الشريف والإصرار على أن تبقى مصر واقفة مهما حاولت قوى الاحتلال أن تكسر إرادتها.
أتحدث هنا عن فؤاد باشا سراج الدين، الرجل الذى ترك بصمة لا تمحى فى الوجدان المصرى، والذى رحل عن عالمنا فى التاسع من أغسطس عام 2000، لكنه لم يرحل يوما عن ذاكرة الوطن.
فى كل مرة تمر فيها ذكرى رحيله، أشعر أن مصر تعيد اكتشاف جزء من تاريخها؛ تاريخ لا يمكن فهمه دون الوقوف أمام شخصية بهذا الثقل وبهذه القدرة على الصمود.
ولد فؤاد باشا سراج الدين سنة 1910 فى كفر الجرايدة بمحافظة كفر الشيخ، وبدأ مشواره شابا يحمل حلم الوطن فى قلبه قبل أن يحمله على كتفيه.
تخرج فى كلية الحقوق، ودخل معترك الحياة العامة صغيرا فى السن، لكنه كبير فى العقل والبصيرة، وفى سن لم تكن تسمح لغيره سوى بأن يتدرب أو يتعلم، أصبح أصغر نائب فى تاريخ الحياة البرلمانية المصرية، ثم أصغر وزير فى حكوماتها المتعاقبة، فى زمن لم يكن الوصول فيه إلى المناصب بالأمر السهل ولا بالمجاملات.
لكن ما يجعل الرجل يستحق التوقف أمامه ليس كثرة المناصب، بل طريقة أدائه فيها، فقد كان نموذجا للمسؤول الذى يعرف معنى الدولة، ويؤمن بأن خدمة الناس شرف لا يباع ولا يشترى.
ومن يعيش تفاصيل تاريخه يدرك أنه لم يكن مجرد جزء من الحياة السياسية، بل كان جزءا من الوعى العام للمصريين، وصوتا قويا فى مواجهة الاحتلال، وسندا لحركة الفدائيين فى القناة، وواحدا من الذين كتبوا بدموعهم وعرقهم تاريخ كفاح هذا الوطن.
ويكفى أن نذكر موقفه الأسطورى يوم 25 يناير 1952، حينما كان وزيرا للداخلية، ورفض الإنذار البريطانى الداعى لاستسلام رجال الشرطة فى الإسماعيلية.
وقتها لم يتردد لحظة، واختار الكرامة على السلامة، والوطن على الحسابات السياسية، ذلك اليوم لم يصنع فقط ملحمة بطولية، لكنه صنع وجدانا كاملا لأجيال من المصريين، وأصبح عيدا رسميا للشرطة تخليدا لشجاعة رجال رفضوا أن ينحنوا أمام الاحتلال، وهذه الروح لم تكن لتظهر لولا وزير آمن برجاله وبمصر أكثر مما آمن بنفسه.
كما لا يمكن نسيان دوره الحاسم فى إلغاء معاهدة 1936، ودعمه لحركة الكفاح المسلح ضد الإنجليز، ولا تمويله للفدائيين بالمال والسلاح، كان يعلم أن المستقبل لا يهدى، وإنما ينتزع انتزاعا، وأن السيادة لا تستعاد بالكلام، وإنما بالمواقف.
وفى الداخل، قدم سلسلة من القوانين التى شكلت تحولا اجتماعيا حقيقيا؛ فهو صاحب قانون الكسب غير المشروع، وصاحب قوانين تنظيم هيئات الشرطة، والنقابات العمالية، والضمان الاجتماعى، وعقد العمل الفردى، وقانون إنصاف الموظفين.
وهى تشريعات سبقت عصرها، وأثبتت أن الرجل يمتلك رؤية اجتماعية واقتصادية عميقة، وميلا دائما للعدل والمساواة، وفهما راقيا لطبيعة المجتمع المصرى.
ولم يكن خائفا من الاقتراب من الملفات الثقيلة؛ ففرض الضرائب التصاعدية على كبار ملاك الأراضى الزراعية حين كان وزيرا للمالية، وأمم البنك الأهلى الإنجليزى ليصبح بنكا مركزيا وطنيا، ونقل أرصدة الذهب إلى مصر للحفاظ على الأمن الاقتصادى للدولة، وكلها خطوات لا يقدم عليها إلا رجل يعرف معنى السيادة الحقيقية ويضع مصالح الوطن فوق كل اعتبار.
ورغم الصدامات المتتالية التى تعرض لها، والاعتقالات التى مر بها فى عهود متعددة، لم يتراجع ولم يساوم، ظل ثابتا فى المبدأ، مؤمنا بالوفد وبالحياة الحزبية، حتى أعاد إحياء حزب الوفد الجديد عام 1978، ليبقى رئيسا له حتى آخر يوم فى حياته، وقد كان ذلك الإحياء بمثابة إعادة الروح لمدرسة سياسية كاملة ترتبط بتاريخ النضال الوطنى الحديث.
إن استعادة ذكرى فؤاد باشا سراج الدين ليست مجرد استدعاء لصفحات من التاريخ، بل هى تذكير بأن مصر لم تبن بالكلام، وإنما صنعت رجالا مثل هذا الرجل، آمنوا أن الحرية حق، وأن الوطنية فعل، وأن الكرامة لا تقبل المساومة.
وفى زمن تكثر فيه الضوضاء وتختلط فيه الأصوات، يبقى صوت أمثال فؤاد باشا أكثر وضوحا، وأكثر قوة، لأنه صوت نابع من قلب مصر، من تربتها وأهلها ووجدانها.
رحل جسد الرجل، لكن أثره باق، وتاريخه شامخ، وسيرته تذكرنا دائما بأن الوطن لا ينسى أبناءه المخلصين وأن مصر، رغم كل ما تمر به، قادرة دائما على إنجاب رجال بحجم فؤاد باشا سراج الدين.