المانغروف.. كنز بيئي نادر تتهدده المشاريع الساحلية
تاريخ النشر: 20th, March 2025 GMT
تعرف الأيكة الساحلية أو القرام أو المانغروف (Mangrove) بكونها نباتات تعيش في البيئات الشاطئية المالحة، التي لا تستطيع معظم الأشجار الصمود في مياهها، ورغم أهميتها البالغة للبيئة والمناخ، يزداد نسقها وإزالتها.
وتعد أشجار المانغروف من بين أكثر النظم البيئية التي يساء فهمها، إذ يُنظر إلى تلك الغابات الساحلية التي تشكلها، والتي تكون ضحلة غالبا- على أنها "مناطق "قذرة" أو "ميتة"، أو أراض مهدرة، ويمكن إزالتها لصالح الشواطئ الرملية وإنشاء المشاريع الساحلية.
وتستند هذه النظرة لأشجار المانغروف المنتشرة خاصة في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية، على طبيعة تلك الاشجار وكونها الوحيدة التي تزدهر في المياه المالحة، ويمكنها التنفس عبر جذور هوائية متخصصة ترتفع من الطين على الرغم من الرواسب الكثيفة المشبعة للمياه حيث تنمو. وتشكل حلقة وصل بين البيئات البحرية والبرية.
وتعد غابات المانغروف موائل حيوية، توفر حماية بالغة الأهمية للمجتمعات من خلال إضعاف طاقة الأمواج والعواصف، والتكيّف مع ارتفاع منسوب مياه البحر، وتثبيت الشواطئ من التآكل. كما تعتبر من أكثر النظم البيئية كفاءة في تخزين الكربون، بجانب فوائدها الاقتصادية للمجتمعات المحلية.
إعلانوحسب تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، تتميز غابات المانغروف بأنها نظم بيئية نادرة وخصبة، وهي تعد إحدى أهم الثروات الطبيعية.
وتعمل على امتصاص الكربون من الجو وتخزينه في أعماق تربتها لعقود أو قرون أو حتى آلاف السنين، كذلك بإمكانها تخزين 10 أضعاف كمية الكربون مقارنة بالغابات الأخرى.
كما تعتبر غابات المانغروف الشاطئية مناطق حضانة للأسماك والقشريات والرخويات، وهي تعزز الثروة السمكية وتسهم في حماية الشواطئ من التآكل، وتحافظ على جودة المياه عن طريق تصفية المغذيات والرواسب. كما يمكنها أن تخفف من موجات التسونامي، حيث تقلل من ارتفاع الأمواج بنسبة تتراوح بين 5% و35%.
وتعد أيضا ملاذا ومأوى للعديد من الطيور المهاجرة، إضافة إلى دورها الاقتصادي المهم للمجتمعات المحلية، حيث إنها (أشجار عاسلة) تنتج عسلا ذا قيمة غذائية عالية، وتدخل في صناعة الصبغات والمستحضرات، وأيضًا تعتبر مناطق جذب بيئي وسياحي وعلمي.
وعلى عكس مظهرها ومكان نموها فهي أشجار تعج بالحياة، ويعتمد أكثر من 1500 نوع من النباتات والحيوانات على المانغروف. ويشمل ذلك الأسماك والطيور التي تستخدم المياه الضحلة تحتها كمحاضن لها. وتشير الدراسات إلى أن غابات المانغروف مهمة أيضا للثدييات الكبيرة، مثل القرود وحيوان الكسلان والنمور والضباع والكلاب البرية الأفريقية.
مخاطر الأنشطة البشرية
تشكل أشجار المانغروف أقل من 1%من جميع الغابات الاستوائية، وأقل من 4% من الغابات العالمية، وتوجد عمليا في 123 دولة حول العالم، بما فيها دول الخليج العربي، لكن المساحات التي تغطيها تتراجع بنسبة تفوق بمقدار 3 إلى 5 مرات نسبة التراجع العام لمساحات الغابات العالمية الأخرى، ويقترن هذا التراجع بحدوث أضرار كبرى من النواحي البيئية والاجتماعية والاقتصادية.
وتشير الدراسات إلى إن المحرك الرئيسي لفقدان أشجار المانغروف هو التنمية الساحلية، عندما يتم إزالة غابات المانغروف لإفساح المجال للمباني والمشاريع الساحلية والمنتجعات ومزارع الأسماك.
تؤكد الإحصاءات أيضا أن ما يقرب من 50% من أشجار المانغروف في العالم أزيلت منذ سبعينيات القرن الماضي بسبب النشاط البشري كما تشير تقديرات نشرها الصندوق العالمي للطبيعة إلى أن غطاء المانغروف سينتهي خلال 100 عام فقط، إذا لم يتم التحرك منذ الآن لحمايته. ويعمل الصندوق العالمي للطبيعة على استعادة 20% من أشجار المانغروف التي فقدت وذلك بحلول عام 2030.
ويتعاون الصندوق العالمي للطبيعة في هذا السياق مع التحالف العالمي للمانغروف لدعم المشاريع التي تُعوِّض عن الفقدان المستمر لهذا النوع المهم من الأشجار ذات الأهمية الحاسمة بيئيا ومناخيا واقتصاديا، عبر إصلاح السياسات والتقنيات الجديدة، وتحسين إدارة استخدام الأراضي، والاستثمار في الحفاظ على أشجار المانغروف واستعادتها واستخدامها المستدام.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات رمضان بيئي أشجار المانغروف
إقرأ أيضاً:
عُمان تحتفل باليوم العالمي لمكافحة التصحر
مسقط- العُمانية
تشارك سلطنة عُمان ممثلة بهيئة البيئة في الاحتفال باليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف، الذي يُوافق 17 يونيو من كل عام، وذلك تحت شعار "استعادة الأرض.. إطلاق العنان للفرص".
وتأتي مشاركة سلطنة عُمان ضمن الجهود الدولية الرامية إلى رفع الوعي بالتحديات البيئية، وتحفيز المجتمعات على تبني ممارسات صديقة للبيئة، وتعزيز السياسات المحلية والدولية لحماية الموارد الطبيعية، إلى جانب تعزيز التعاون العالمي لمواجهة التصحر وتدهور الأراضي. ويُسلط الاحتفال الضوء على دور إصلاح النظم البيئية في توفير فرص العمل وتعزيز الأمن الغذائي والمائي ودعم الجهود المناخية وبناء الاقتصادات المستدامة.
وتقوم هيئة البيئة بمجموعة من المبادرات والمشروعات والاستراتيجيات التي تهدف إلى زيادة الرقعة الخضراء، وحماية التنوع الأحيائي، وتعزيز الاستدامة البيئية، ومن أبرز هذه الجهود: "المبادرة الوطنية لزراعة 10 ملايين شجرة"، وتم إطلاق هذه المبادرة في 8 يناير 2020 بهدف زيادة المساحات الخضراء ومكافحة التصحر واستعادة الأراضي المتدهورة، ومشروع المسح الوطني للغطاء الشجري والذي يعمل على حصر أعداد الأشجار وتطبيق أحدث نظم الاستشعار عن بعد ونظم المعلومات الجغرافية والذكاء الاصطناعي لتوفير قائمة بيانات مسح الغطاء الشجري على مستوى سلطنة عُمان بالإضافة إلى مشروعات "استزراع أشجار القرم" حيث تعد أشجار القرم (المانجروف) من أهم النظم البيئية الساحلية في سلطنة عُمان، وتمتد على مساحة 1,030 هكتار.
وتنفذ الهيئة مشروعًا لاستزراع مليون شتلة من أشجار القرم بالتعاون مع الوكالة اليابانية للتعاون الدولي (جايكا)، بهدف حماية التنوع البحري وامتصاص ثاني أكسيد الكربون وتعزيز السياحة البيئية، بالإضافة إلى إعداد "الخطة الوطنية لمكافحة التصحر" والتي يتم تحديثها كل 10 سنوات بالتعاون مع المنظمة العربية للتنمية الزراعية، فضلًا عن المشاركة الدولية والمبادرات المجتمعية مثل مشاركة سلطنة عُمان في المؤتمرات العالمية كمؤتمر الأطراف (COP16) لمكافحة التصحر، حيث تعرض تجاربها في هذا المجال وتنظم حملات توعوية وتوزيع شتلات مجانية على الأفراد والمؤسسات لتشجيع التشجير.