السوشيال ميديا أم قنبلة اليورانيوم.. أيّهما أشد فتكًا بالعالم؟
تاريخ النشر: 24th, March 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
رأيتُ النارَ تُذكيها الرياحُ
فقلتُ أهذا دَمعُ الأرضِ أمْ زَفَري؟
أبو القاسم الشابي
لم تكن النارُ يومًا مُجرَّد طاقةٍ تُؤجَّجُ للطهو أو الدفء، لقد كانت عبر العصور استعارةً للخراب والتطهير معًا، كأنها السيف الذي يقطع، ثم يُمهِّد لبدايةٍ أخرى، واليوم، في زمنٍ تتخفّى فيه القنابل خلف شاشاتٍ مضيئة، باتت السوشيال ميديا هي النار، لكنها نارٌ لا يُرى لهيبها، تُحيل العقول إلى رماد دون أن تلمسَ الجلد، إنها السلاحُ الذي لا يحتاج إلى فتيل، بل إلى تفاعل، «الحرب العالمية الثالثة» انطلقت فعلًا، لكن ميادينها ليست خنادق، بل صفحات، وأساليبها لا تقتلُ الأجساد، بل تُفجِّر المعنى من داخله.
التشويش الكوني.. كيف حوَّلت المنصاتُ الإنسانَ إلى "رقمٍ مُعلَّق" ؟
يُحكى أن الجنون لم يكن عيبًا في أساطير القدماء، بل مَلكة من يرى ما لا يراه الآخرون، واليوم، صرنا جميعًا مجانين من طرازٍ رقمي، نرى أنفسنا في مرايا مُتعددة، نُفكّك ذواتنا بين الفيسبوك والتيك توك والإنستجرام، ونُعيد بناءها من شظايا "إعجاب" و"تعليق"، الهوية انفجرت، وصار الإنسان رقمًا مُعلَّقًا في فضاءٍ يُشبه العدم.
كما يقول جان بودريار: "الواقع لم يعُد موجودًا.. هناك فقط الصورة" السوشيال ميديا اختزلت الوجود إلى محتوى، والعاطفة إلى إيموجي، والوعي إلى تريند، نحن الآن في استعمارٍ رقمي لا يقلّ عن استعمار الأرض، الاحتلال لا يحتاج جنودًا، بل يحتاج "مستخدمين نشطين" الهوية نفسها صارت سوقًا، تباع وتشترى، وتُستبدل كما تُستبدل الخلفيات والصور الرمزية.
في عام 2022، أعلنت منظمة "مراسلون بلا حدود" أن 60% من الأخبار المُتداولة خلال الأزمات كانت مزيفة، هل نُسمي هذا حريةً أم إرهابًا ناعمًا؟ حتى الأوهام صارت تُروَّج كحقائق، فلا تَعرفُ العقولُ الفرق، وتتماهى مع الزيف كما يذوبُ الثلج في النار.
وفي مقارنة باردة، تُشير إحصاءات منظمة الصحة العالمية لعام 2023 إلى أن أكثر من 3 ملايين شخص يموتون سنويًا بانتحارٍ مباشر أو بأمراضٍ نفسية فَجَّرَتْها العزلة الرقمية، هيروشيما سقطت بقنبلة، ونحن نسقط يوميًا بقنابل صامتة، تُدعى المنصات.
استراتيجيات الهجوم.. عندما تصير «الستوريز» رصاصاتٍ
"الحربُ أولُها كلام" — سوفوكليس
الحروب الحديثة لا تُطلِق صواريخ، بل تُغرِقُ العقول في "فوضى المعنى"، الستوريز اليومية التي نُشاهدها بريئةٌ في ظاهرها، لكنها رصاصات فكرية تُعيد تشكيلنا، تُغيّر أولوياتنا، تُشوِّه مفاهيمنا، السوشيال ميديا تحوّلت إلى سلاح هجومي، يتقن صناعة القتل البطيء.
كل «تحدٍّ» جديد، كل "فيديو قصير" يُسوّق نمطَ حياةٍ غربيًّا ناعمًا، يحفر في لاوعي الشباب مفهومًا واحدًا "استهلك، لا تفكّر"، وكما يُقال في المثل المصري: "اللي يتربى عالتلفزيون.. يبيع أبوه عالنت"
لم تَعُد البضائعُ تُباع في الأسواق، بل في القصص المُعلّقة على إنستجرام، الخوارزميات تُسيّر الذوق، وتتحكّم في الرغبات، كأنها إلهٌ خفي يُقرّر لنا ما نُريد دون أن نُدرك.
في عام 2020، كشفت تقارير أممية أن إسرائيل استخدمت تيك توك لترويج دعايات مضللة تجاه الشباب الفلسطيني، لم تعُد الحربُ على الأرض فقط، بل على الشاشات، وعلى الوعي.
فنون الدفاع.. هل نستعيد السيطرة على "العقل الرقمي"؟
"أعظم الانتصارات أن تنتصر على نفسك" — مثل بوذي
النجاة ليست مستحيلة، لكنها مشروطة بالوعي، لن نُطفئ نار السوشيال ميديا بالهرب، بل بالتحكُّم، أن تتحوّل المنصة من قيدٍ ناعم إلى أداةٍ نُعيد بها التفكير.
أوقف موجات الاستهلاك المفرط، وابدأ باختيار ما تراه، لا ما يُقدَّم إليك، لا تمنح بياناتك مجانًا، ولا تَنسَ أن كل ضغطة زر تُغذّي آلةً تُحاول أن تسرق وقتك ووعيك.
نحتاج جيلًا يُفكّك الصور، يُشكّك في الظاهر، ويُعيد بناء المعرفة، كما قال ابن خلدون: "التمييز بين الظاهر والباطن هو أساس العقل".
فرض قوانين تُجبر الشركات على الشفافية، كما فعل الاتحاد الأوروبي في "قانون الخدمات الرقمية" عام 2024، حيث صار للناس الحق في معرفة كيف تُصاغ المحتويات التي تُسيطر على أذهانهم.
مابعد الانفجار.. هل نُطفئ النار أم نتعلم الرقص ضمن لهبها؟
الحل لا يكمن في إغلاق الحسابات أو الانسحاب، بل في تحويل المنصات إلى ساحات وعي، الفن، الكلمة، التأمّل، هي أسلحتنا القادمة.
الفن كسلاح.. أن نصنع محتوى لا يُفرِّغ العقول، بل يملؤها، أن نحكي قصصنا لا قصص الآخرين، كما حوَّل نجيب محفوظ الحارة إلى أسطورة، يمكننا أن نحول الشاشة إلى مسرح وعي.
لا تدَعْ عدد المتابعين يحدّد قيمتك. "الثقافةُ مقاومةٌ.. والمقاومةُ ثقافة"، فلنقاوم، لا بالصراخ، بل بالإبداع، بالتفكير، بالحب.
"السوشيال ميديا كالبحر.. مَنْ لا يعرف السباحة يغرق، ومَنْ يعرفها يصل إلى عالمٍ لا يُشبهنا"
لكن البحر نفسه قد يكون سرابًا، ما نراه موجةً قد يكون ظلًّا لشيءٍ مخيف وأكثر فتكا ورعبا، فلنُدرك، قبل فوات الأوان، أن السوشيال ميديا ليست مرآةً صادقة، بل كائنٌ يُعيد تشكيلنا على صورته، وكما قال أدونيس: "الضوءُ يحتاج إلى عينين تُحبّان الضوء"، فلنُطهِّر أعيننا من هذا الزيف، لنرى العالم كما هو، لا كما يُراد لنا أن نراه.
لعلّ النجاة تبدأ بسؤال من يملُكُ وعيك؟
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: السوشيال ميديا محمد الجوهري السوشیال میدیا
إقرأ أيضاً:
دموع الفرح ورقص هستيري.. جمهور السوشيال ميديا يتفاعل مع حفل زفاف ابنة محمد هنيدي
تصدر الفنان محمد هنيدي، اهتمام جمهوره ومحبيه خلال الساعات القليلة الماضية، وذلك بعدما احتفل بزفاف ابنته فريدة، في أجواء عائلية وفنية مميزة، حضرها عدد كبير من نجوم الفن والإعلام، حيث تفاعل جمهوره مع دموع الفرح ورقصه الهستيري.
وتفاعل جمهور محمد هنيدي مع احتضانه لابنته وتقبيله يديها قبل تسليمها لعريسها، بينما عبّرت فريدة عن حبها وامتنانها لوالدها بطريقة مؤثرة، في مشهد جمع بين الفرح والدموع، وجعل كل الحاضرين يصفقون بحرارة.
كما رقص هنيدي مع ابنته على أغنية «بنت أبويا»، حيث امتزجت دموع الفرح مع الضحك، وأظهر المشهد العلاقة القوية بين الأب وابنته، وتفاعل الحضور مع الرقصة بالتصفيق والتشجيع، ما جعلها من أبرز اللحظات التي لفتت الأنظار خلال الحفل.
محمد هنيدي يغني «مين حبيب بابا»
وعقب انتهاء محمد هنيدي من رقصه مع ابنته، قرر غناء أغنيته الشهيرة «مين حبيب بابا» لابنته وسط أجواء مليئة بالمرح والبهجة، مستعيدًا ذكريات فيلمه «عندليب الدقي»، وشارك الحضور الغناء والرقص معه، ليصبح الحفل أكثر حيوية وتميزًا.
أحمد السقا يشعل حفل زفاف ابنة محمد هنيديوحضر عدد كبير من نجوم الفن حفل الزفاف، وكان في مقدمتهم أحمد السقا، الذي أضفى أجواءً احتفالية خاصة، حيث استعار طبلة وشارك في العزف والرقص مع الحضور، في لقطة عفوية وممتعة أظهرت مدى سعادته بمشاركة صديقه «هنيدي» فرحة ابنته، كما حرص باقي الفنانين على تهنئة هنيدي وفريدة، والمشاركة بالرقص والتقاط الصور التذكارية.
اقرأ أيضاًأحمد السقا يشعل السوشيال ميديا بـ«رقصة» في حفل زفاف ابنة محمد هنيدي
محمد هنيدي يتصدر التريند بسبب فرح ابنته «صور»