الخرطوم- بعد 5 أيام من خسارتها القصر الجمهوري، تراجعت قوات الدعم السريع بشكل سريع في ولاية الخرطوم، حتى وصلت مرحلة الانهيار والهروب الجماعي من العاصمة نحو غرب السودان.

ويعتقد مراقبون أن تركيبة الدعم السريع وقيادتها الأسرية وتدمير قوتها الصلبة وفشلها في تحقيق أي من أهدافها وراء انهيارها، ويرجحون انكماشها إلى إقليم دارفور وقيادة تمرد على الدولة من هناك، مثلما فعلت حركات مسلحة قبل نحو 22 عاما.

وتعرضت قوات الدعم السريع الفترة الأخيرة إلى انتكاسات متلاحقة دفعتها إلى الانسحاب من مناطق عدة في ولاية الخرطوم، وذلك بعد أن طردها الجيش من ولايتي الجزيرة وسنار ومناطق في ولاية شمال كردفان وشمال ولاية النيل الأبيض وجنوب غرب إقليم النيل الأزرق.

ومنذ الأحد الماضي، بدأت عناصر قوات الدعم السريع الانسحاب من أحياء بالعاصمة وتفكيك ارتكازاتها مخلفة وراءها أسلحة ومركبات. ولاحقت القوات المنسحبة اتهامات بارتكاب انتهاكات واسعة من قتل ونهب واغتصاب طالت مدنيين، كما ذكرت هيئة محامي الطوارئ بوقوع هذه الأفعال في منطقة الجريف غرب في شرق الخرطوم.

خريطة مناطق السيطرة في السودان (الجزيرة) عملية واسعة

وفي عملية برية واسعة اجتاح الجيش السوداني، الأربعاء الماضي، مطار الخرطوم الدولي ومواقع عسكرية ومدنية واسعة في شرق العاصمة وجنوبها، واستعادها من قوات الدعم السريع ليقترب أكثر من إعلان خلو ولاية الخرطوم من تلك القوات التي كانت تسيطر على غالبيتها منذ اندلاع الحرب قبل نحو عامين.

إعلان

وسجلت كاميرات التلفزة ومواقع التواصل هروبا جماعيا لعناصر الدعم السريع عبر جسر خزان جبل أولياء جنوبي الخرطوم، حيث ترك بعضهم سياراتهم وفروا راجلين، وذلك بعيد توغل الجيش في المنطقة التي تعد آخر معقل رئيسي للدعم السريع بالعاصمة.

كما بثت مواقع التواصل أفراح المواطنين في أحياء جنوب الخرطوم وشرقها التي انتشر فيها الجيش، حيث استقبله المواطنون بهتافات "جيش واحد شعب واحد"، وارتفعت أصوات الزغاريد وسالت دموع الفرح بعد خلاصهم من قوات الدعم السريع، وحكوا بألم ما ارتكبته بحقهم من تنكيل وتعذيب وتجويع.

وعلى صعيد المواقع العسكرية، استعاد الجيش مقار الدفاع الجوي والسلاح الكيميائي ومقر الخدمة الوطنية في منطقة العمارات بجنوب وسط الخرطوم، ومقر مجمع اليرموك للصناعات الدفاعية في جنوب العاصمة، ومقر قوات الاحتياطي المركزي التابع للشرطة، ومقر اللواء الأول "آلي" في الباقير بالمدخل الجنوبي للخرطوم المتاخم لولاية الجزيرة.

كما استولى الجيش على أكبر قاعدة عسكرية لقوات الدعم السريع في منطقة طيبة جنوب الخرطوم التي كانت مركزا لتمويل قواتها بالأسلحة والمعدات العسكرية والوقود، وفيها تحصينات تحت الأرض، وشارك في إنشائها خبراء أجانب.

وأوضح المتحدث باسم الجيش العميد نبيل عبد الله أن معسكر طيبة يُعد آخر معاقل ما سماها "مليشيا آل دقلو"، وسط البلاد وآخر معاقلها في الخرطوم، وما تبقى من وجود لقوات الدعم السريع هي مجرد جيوب قال إنه سيتم القضاء عليها عاجلا.

وأكمل الجيش كذلك سيطرته على جسر سوبا الرابط بين شرق الخرطوم بجنوبها، علاوة على سيطرته على الجانب الغربي من جسر المنشية الرابط بين أحياء شرق النيل وسط الخرطوم بعد سيطرته في وقت سابق على المدخل الشرقي للجسر.

الاتجاه غربا

واستعاد الجيش أيضا السيطرة على أحياء سكنية في شرق الخرطوم من بري والرياض والطائف وأركويت والمعمورة والفردوس، وفي جنوب العاصمة من الصحافة وجبرة والأزهري وحتى الكلاكلة في محلية أجباء أولياء المتاخمة لولاية النيل الأبيض، ولم تبق سوى جيوب لقوات الدعم السريع في أحياء مايو والسلمة وجنوب الحزام.

إعلان

وعزا الخبير الأمني والعسكري عامر حسن عباس الانهيار المتسارع لقوات الدعم السريع في الخرطوم إلى تركيبتها القبلية الهشة وقيادتها الأسرية من "آل دقلو"، وتدمير الجيش عناصرها الصلبة في العاصمة وولايتي سنار والجزيرة، وفقدانها القيادة والسيطرة، مما أدى في النهاية إلى هروبها من العاصمة.

وتوقع الخبير في حديث للجزيرة نت أن تنقل قوات الدعم السريع عملياتها إلى إقليمي دارفور وكردفان.

وقال إن الجيش قادر على مواجهتها هناك لخبرته الطويلة في حروب التمرد خلال عقود، ولكنها لن تكون عملية سهلة لإصرار الجهات الأجنبية التي تدعم الدعم السريع على استمرار إمدادها بالأسلحة عبر الحدود، وثمة مؤشرات جديدة على استخدام أراضي جنوب السودان كذلك، وترمي تلك الجهات إلى إطالة أمد الحرب.

حرب جديدة

واسترد الجيش عافيته واستعاد مركز الدولة وبات جاهزا للتمدد غربا نحو كردفان ودارفور لملاحقة قوات الدعم السريع في فضاءات مفتوحة عكس حرب المدن التي كانت اختبارا قاسيا له، وفقا للخبير العسكري.

بدوره، يقول الكاتب ورئيس تحرير صحيفة "اليوم التالي" الطاهر ساتي إن الجيش بعد تحرير الخرطوم سيتوجه إلى كردفان ودارفور، وسيعزز ذلك متحركات "الصياد" الذي وصل إلى الأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان بجانب متحركات الصحراء والقوة المشتركة التي انطلقت من شمال البلاد مؤخرا.

وحسب حديث ساتي للجزيرة نت، فإن دارفور لن تكون ملاذا آمنا لقوات الدعم السريع بعد هروبها من العاصمة، وسيلاحقها الجيش والقوة المشتركة والمستنفرون هناك، وسيُطردون منها أيضا كما غادروا ولاية الخرطوم قسرا.

ويكشف الكاتب عن أن قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي" قاد العمليات الأخيرة لقواته من الخرطوم، وخرج منها ليلة سيطرة الجيش على القصر الجمهوري، الجمعة الماضي، وبرفقته ابن أخيه عادل دقلو مسؤول الإمداد، وإدريس حسن قائد قواته في الخرطوم بحري، وظهر في اليوم التالي بمنطقة حمرة الشيخ بشمال كردفان قبل أن يغادرها إلى جهة غير معلومة.

إعلان

أما الباحث السياسي محمد علاء الدين، فيتوقع أن يتجه الدعم السريع خلال المرحلة المقبلة إلى توسيع نطاق العمليات في دارفور وكردفان، واستخدام المسيرات الحديثة التي حصل عليها مؤخرا، لاستهداف محطات الطاقة والاتصالات والمرافق الحكومية لزعزعة الأمن وربما تنفيذ أعمال تخريبية عبر خلايا نائمة في الولايات الآمنة، وذلك لتعويض خسارتها العاصمة وولايات ووسط البلاد.

ويقول الباحث للجزيرة نت إن قوات الدعم السريع ستسعى لإثبات وجودها وستعمل للسيطرة على دارفور وإقامة حكومتها على غرار النموذج الليبي للمساومة بها من أجل العودة إلى الخرطوم سياسيا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات رمضان قوات الدعم السریع فی لقوات الدعم السریع ولایة الخرطوم

إقرأ أيضاً:

جدول مدروس!!

أطياف

صباح محمد الحسن

جدول مدروس!!

طيف أول:

طبول تدفع في ظلام المتاهة

كل خلايا النُهى التي سيّجت معاني الحقيقة.. ولكن!!

ويقول جان بول سارتر: “نحن لسنا ما نقول، بل نحن ما نفعله”، وليت رئيس مجلس الوزراء في الحكومة الانقلابية د. كامل ادريس بصفته مؤلف وقارئ أن يدرك أن القيمة في العمل وليست في القول، الإدراك الذي يجب أن يسبق إعلانه عن رغبة الحكومة في بدء عملية الانتقال التدريجي للوزرات والمؤسسات الحكومية الى العاصمة القومية الخرطوم.

والخبر في عنوانه يكشف عن خطوة عملية ممتازة لرئيس الوزراء الجديد تكشف عن وضع أسس وقواعد لبداية عمل الحكومة على أرض الواقع

إلا أن كامل قال إن هذه الخطوة ستتم وفقا لجدول زمني مدروس (يراعي الجوانب الفنية والإدارية والبشرية ويضمن استمرارية تقديم الخدمات دون انقطاع بجانب دعم خطط إعادة تأهيل البنية التحتية للعاصمة)

ما يعني أن الحكومة لن تنتقل، ولكنها تتلاعب بالتصريحات فالجدول المدروس لابد أن يضمن استمرارية تقديم الخدمات دون انقطاع أي أن العاصمة الخرطوم يجب أن يتم فيها إعادة إعمار تبدأ مثلا اولا بمحطات الكهرباء فهل يعلم رئيس الوزراء أن خسائر محطة كهرباء قري فقط قدرت بـ 700 مليون دولار، وتم تدمير أكثر من 11 ألف عمود كهرباء، والشبكة العامة خسرت محطة تنتج حوالي 300 ميغاواط/ساعة، قبل اندلاع الحرب بساعات!!

ويقول خبراء الطاقة إنه لا يمكن استعادة محطة كهرباء قري بالخرطوم بحري إن لم تحصل الحكومة على تمويل ضخم لاستيراد المعدات والآليات التالفة التي تعرضت إلى أضرار كبيرة بسبب الحرب لأكثر من عامين

وكان الباحث في مجال الطاقة حسن عبد الغفار، في حديث سابق له لشبكة “عاين” قال إن خسائر محطة بحري الحرارية تحتاج الى حوالي 300 مليون دولار لاستعادتها حتى مراحل التشغيل وضخ 400 ميغاواط/ساعة إلى الشبكة العامة، وهذه التكلفة لا تتوفر للقطاع الحكومي، حتى لو توقفت الحرب ما يعني الحاجة إلى استقطاب قروض من المؤسسات الدولية بواسطة حكومة معترف بها دوليا).

فهذا قطاع الكهرباء فقط اما عن ما ذكره ادريس ووضعه ضمن جدول العودة وهو (إعادة تأهيل البنية التحتية للعاصمة) فتكلفة إعادة إعمار البنية التحتية في السودان (بما في ذلك الخرطوم) قد تصل إلى 300 مليار دولار، وقد تزيد على ذلك) وبما أن كامل ادريس رئيس مجلس وزراء السودان وليس الخرطوم فبعد ان ينتقل الى العاصمة الخرطوم فهو مطالب بتوفير إعادة تعمير بقية الولايات التي  تشير التقديرات إلى ان تكلفتها تبلغ 700 مليار دولار.

ويقول ادريس في تصريحاته: (يأتي قرار الانتقال للعاصمة الخرطوم لتنفيذ الرؤية القومية لتعزيز الحوكمة وتحقيق التنمية المتوزانة انسجاما مع الخطة الاستراتيجية الرامية الى تفعيل دور العاصمة القومية كمركز إداري متكامل)

ولو أعاد القارئ معي العبارات بين “الهلالين” سيجد كلمات إنشائية مطاطية تكشف أن رئيس الوزراء دخل مربع الخديعة القائم على التلاعب بالكلمات لخدعة الشعب السوداني ليوهمه أن بلاده آمنة، فالرجل يريد فقط أن يشغل الناس بعملية عودة الحكومة للخرطوم بحديث للإعلام لا أكثر، على ذات النهج الذي مارسته الحكومة على المواطن بدعوتها الزائفة للمواطنين بالعودة الى عاصمة تفتقر لأبسط مقومات الحياة وعلى رأسها مياه الشرب حتى نال المواطن كفايته من تلوث الماء والهواء ومات بالجملة!!

وكامل ادريس ليبدأ اولا بخطة توفير الخدمات للمواطن الذي ظل يتواجد في العاصمة لأكثر من سنتين او ليقرر نقل حكومته الى الخرطوم بحالتها الراهنة ليقاسم المواطن معاناته ويبدأ في تنفيذ إعادة الخدمات من كهرباء ومياه شرب حتى يحقق كل الاهداف التي تشملها خطته

ولكن دون ذلك تظل هذه وعود وأحلام سرمدية لا علاقة لها بأرض الواقع، فبداية الإعمار للخرطوم لا تبدأ من الداخل لأن رئيس وزراء الحرب يعلم أن العاصمة ما هي إلا “اكوام من الأنقاض” بلا مصانع وبلا مؤسسات وان ايرادات الدولة في بورتسودان يتم تقسيمها على 7 اشخاص تذهب الى حساباتهم الخاصة

لذلك سيجد إدريس نفسه يدور في نفق مظلم يتأبط شهاداته الأكاديمية ومعها خطة احلامه الوردية التي لا سبيل لتطبيقها على ارض الواقع دون أن يستطيع ان يوفر لحكومته دعما وقروضا مالية عبر شبكة علاقات دولية فالباحث نفسه اشترط في تحليله “حكومة معترف بها دوليا” وهذا ما لم يكن من نصيب إدريس فعلاقاته الدولية سطحية متواضعة لن تمكنه من تحقيق اهدافه، وسيجد نفسه كان فريسة في “وادي الذئاب” عندها لن يفيده الندم ولو حدث نفسه بأربع لغات!!.

طيف أخير:

#لا_للحرب

رغم البدء العنيف  من إسرائيل والرد الضعيف من إيران فإن الأخيرة ستكون مجبرة لمواصلة الحوار بسبب ضائقتها الاقتصادية وإن علقت مفاوضاتها بسبب الهجمات فستعود قريبا للطاولة.

الوسومإعادة الإعمار البنية التحتية المدنية الخرطوم السودان بورتسودان حكومة الانقلاب رئيس الوزراء صباح محمد الحسن كامل إدريس محطة بحري الحرارية محطة كهرباء قري

مقالات مشابهة

  • جدول مدروس!!
  • والي ولاية الخرطوم يتفقد وحدات محلية أمبدة ومباني إذاعة وتلفزيون الخرطوم
  • حكومة كامل إدريس تقرر الانتقال التدريجي إلى العاصمة الخرطوم
  • الجيش السوداني والدعم السريع يتنازعان السيطرة على منطقة المثلث الاستراتيجية
  • وزارة الصحة تعلن تنفيذ حملة تطعيم ضد الكوليرا في باقي محليات ولاية الخرطوم
  • ما تداعيات سيطرة الدعم السريع على المثلث الحدودي بمساعدة حفتر؟
  • مثلث العوينات في السودان... ما أهمية سيطرة الدعم السريع على المنطقة؟
  • الدعم السريع تعلن فتح معبر المثلث الحدودي لعبور المساعدات وتخصيص قوات لتأمينه
  • الشمالية: سنتصدى لتوغل حفتر والدعم السريع في المثلث بكل قوة
  • التجمع الاتحادي: سيطرة الدعم السريع على المثلث الحدودي «تطور خطير»