حذّرت صحيفة وول ستريت جورنال، في تقرير موسّع نشرته اليوم الجمعة، من موجة جديدة من الاضطراب في التجارة العالمية، وذلك على خلفية فرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب تعريفات جمركية غير مسبوقة على الواردات الصينية، بمتوسط بلغ نحو 70%، اعتبارًا من 9 أبريل/نيسان الجاري، في ما وصفه بـ"يوم التحرير التجاري".

التعريفات الجديدة تأتي ضمن حملة واسعة تستهدف الصين باعتبارها "الخصم الجيوسياسي الأول" بحسب وصف مقربين من ترامب.

ووفقًا للتقرير، فقد تراكمت هذه الرسوم بداية من 10% في فبراير/شباط، ثم 10% أخرى في مارس/آذار، مضافة إلى رسوم سابقة من عهد الرئيس جو بايدن، ما رفع المعدل العام إلى نحو 70%.

فيض البضائع الصينية

هذا التصعيد الأميركي من شأنه أن يدفع ما قيمته نحو 400 مليار دولار من البضائع الصينية المخصصة سابقًا للسوق الأميركي إلى البحث عن أسواق بديلة.

400 مليار دولار من البضائع الصينية المخصصة سابقًا للسوق الأميركي تبحث عن أسواق بديلة (غيتي)

ويُقدّر أن الولايات المتحدة استوردت في عام 2024 ما قيمته 440 مليار دولار من الصين، تشمل حصة ضخمة من الإلكترونيات، والألعاب، والأحذية، والصلب، والحديد، وحتى المظلات (91% من واردات المظلات الأميركية مصدرها الصين، بحسب بيانات مركز التجارة الدولية التابع للأمم المتحدة).

إعلان

ويقول الاقتصادي مايكل بيتيس، أستاذ التمويل في جامعة بكين، إن "الألعاب الحقيقية لم تبدأ بعد"، مشيرًا إلى أن التصعيد قد يؤدي إلى تفاعل متسلسل في الأسواق العالمية، حيث تبدأ الدول بإجراءات مضادة لحماية صناعاتها.

انعكاسات متوقعة

الصين من جهتها سارعت بإعلان عزمها اتخاذ "إجراءات مضادة حاسمة"، من دون أن توضح تفاصيلها، بينما أشارت وزارة التجارة الصينية في بيان إلى أن "التجربة أثبتت أن رفع الرسوم لن يحلّ مشكلات الولايات المتحدة، بل سيضر بمصالحها ويقوّض الاقتصاد العالمي".

ورغم أن واشنطن قد لا تتمكن من استبدال جميع المنتجات الصينية بسهولة، نظرًا لاعتماد شركاتها الصناعية على أجزاء ومكوّنات يصعب تأمينها من مصادر بديلة، فإن التقرير يُظهر أن تلك الرسوم ستؤدي إلى ركود في الواردات، ما سيدفع بالصادرات الصينية نحو أسواق أخرى، الأمر الذي سيضاعف التوترات التجارية مع الاقتصادات الكبرى الأخرى.

وأشارت بيانات "غلوبال تريد أليرت" إلى أن الصين أصبحت منذ 2018 هدفًا لنحو 500 تحقيق في قضايا مكافحة الإغراق، فيما واصلت بكين ضخ استثمارات في الصناعات المتقدمة لتقليص أثر تباطؤ الاستهلاك المحلي.

وتوقع الخبير الاقتصادي في "سيتي" يو شيانغرونغ أن تؤدي هذه الرسوم الجديدة إلى خفض النمو الصيني بنسبة تتراوح بين 0.5 و1% هذا العام ما لم تتخذ بكين إجراءات تحفيزية إضافية تشمل خفض الفائدة وزيادة الإنفاق الحكومي.

مخاوف من ركود عالمي

التقرير أشار إلى أن دولًا مثل البرازيل، والمكسيك، وكندا، والمملكة المتحدة، والاتحاد الأوروبي، قد بدأت بالفعل اتخاذ إجراءات لحماية صناعاتها من المنتجات الصينية منخفضة السعر، فيما فرض الاتحاد الأوروبي رسومًا على السيارات الكهربائية الصينية، وأوصت هيئة التجارة البريطانية بفرض رسوم تصل إلى 84% على الحفارات الصينية.

الصين سارعت بإعلان عزمها اتخاذ "إجراءات مضادة حاسمة" من دون أن توضح تفاصيلها (رويترز)

كما شملت الرسوم الأميركية الجديدة عددًا من الحلفاء مثل اليابان وكوريا الجنوبية وفيتنام. وأعلن ترامب عن فرض تعريفة موحدة بنسبة 10% على واردات جميع الدول غير المشمولة بتعريفات "متبادلة" اعتبارًا من 5 أبريل/نيسان.

إعلان

وفي ظل محدودية الأسواق القادرة على استيعاب فائض القدرة الصناعية الصينية، يرى الخبير براد سيتسر من مجلس العلاقات الخارجية أن العالم "لن يتمكن بسهولة من امتصاص الصدمة المقبلة"، محذرًا من تداعيات واسعة على سلاسل الإمداد والنمو الاقتصادي العالمي.

وتخلص وول ستريت جورنال إلى أن الاقتصاد العالمي يقف أمام اختبار صعب، والمواجهة التجارية بين واشنطن وبكين تتخذ أبعادًا أكثر عمقًا مما شهده العالم منذ عقود.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات رمضان البضائع الصینیة ملیار دولار من إلى أن

إقرأ أيضاً:

الحرب التجارية: فرنسا تدعو إلى خفض التصعيد بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة

دعت فرنسا أمس الجمعة إلى خفض التصعيد بشأن الرسوم الجمركية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، عقب تهديدات الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بفرض رسوم إضافية بنسبة 50% على المنتجات الأوروبية، مؤكدةً في الوقت نفسه أن الاتحاد الأوروبي مستعد "للرد" على هذه القرارات.

وكتب الوزير الفرنسي المكلف بشؤون التجارة الخارجية، لوران سان مارتين، عبر منصة “إكس” للتواصل الاجتماعي، أن تهديدات ترامب الجديدة بزيادة الرسوم الجمركية لا تُجدي نفعًا خلال فترة المفاوضات بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. 

وأضاف "نحافظ على النهج نفسه؛ ألا وهو خفض التصعيد، لكننا مستعدون للرد" في ذات الوقت.

وعاد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الجمعة الماضية إلى شن الحرب التجارية العالمية، بتهديد الاتحاد الأوروبي بفرض رسوم جمركية إضافية، مستهدفًا أيضًا شركة أبل لأول مرة. 

وقد أدت تصريحات ترامب عبر شبكة “تروث سوشيال” إلى هبوط أسواق الأسهم الأوروبية على الفور، ولاسيما أسهم السلع الفاخرة والسيارات في باريس.

وفي رسالته، أعرب الرئيس الأمريكي عن نفاد صبره إزاء المفاوضات التجارية الحالية مع الاتحاد الأوروبي، والتي قال إنها "لا تفض إلى أي شيء". 

ورفضت المفوضية الأوروبية التعليق في هذا الصدد، وأشار متحدث باسمها إلى أنه كان من المقرر إجراء محادثة هاتفية أمس الجمعة بين مفوض التجارة بالاتحاد الأوروبي، ماروس سيفكوفيتش، وممثل التجارة للبيت الأبيض، جيميسون جرير، قبل تصريحات دونالد ترامب.

وكان البيت الأبيض يعتزم في البداية فرض رسوم جمركية بنسبة 20% على المنتجات الأوروبية، لكنه قرر بتعليق تطبيقها لمدة 90 يومًا لإتاحة الوقت لإجراء المفاوضات. 

ومن المفترض نظريًا أن تنتهي مهلة تعليق هذه التعريفات في مطلع يوليو المقبل. 

وكان سيفكوفيتش قد أجرى عدة محادثات مع مسؤولين أمريكيين، بما في ذلك وزير الخزانة، سكوت بيسنت، ووزير التجارة هوارد لوتنيك، لكن دون إحراز تقدم حقيقي حتى الآن.

طباعة شارك فرنسا الرسوم الجمركية الاتحاد الأوروبي الولايات المتحدة

مقالات مشابهة

  • الرسوم الجمركية وتأثيرها على التجارة العالمية
  • ترامب يحاول إقناع الاتحاد الأوروبي بفرض رسوم على الواردات الصينية
  • الحرب التجارية: فرنسا تدعو إلى خفض التصعيد بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة
  • الاتحاد الأوروبي يطلب توضيحا بشأن تهديد ترامب بفرض رسوم بنسبة 50%
  • ترامب يصدم الأسواق العالمية مجدداً بتهديد آبل والاتحاد الأوروبي
  • ترامب يهدد الاتحاد الأوروبي بـ50% من الرسوم الجمركية
  • بنسبة 50%.. ترامب يوصي بفرض رسوم جمركية على الاتحاد الأوروبي
  • ترامب يوصي بفرض رسوم جمركية 50% على الاتحاد الأوروبي واليورو يتأرجح
  • ترامب يوجه تهديدات جديدة إلى الاتحاد الأوروبي
  • ترامب يضغط على أوروبا لخفض الرسوم تحت تهديد تعريفات إضافية