لبنان يلبي نداء غزة.. إضراب وتضامن شعبي ضد الإبادة
تاريخ النشر: 7th, April 2025 GMT
بيروت- شهد لبنان، اليوم الاثنين، تفاعلا واسعا مع الإضراب العالمي الداعم لغزة، في خطوة كرست مشهد التضامن الشعبي والوطني مع القضية الفلسطينية، ووجهت رسالة رافضة للعدوان الإسرائيلي المتواصل على القطاع المحاصر.
وقد أعلنت الفصائل الفلسطينية، إلى جانب عدد من المخيمات والمناطق اللبنانية، التزامها الكامل بالإضراب الذي شمل مؤسسات تجارية وتعليمية وصناعية، في تجسيد واضح لتكامل التضامن اللبناني-الفلسطيني شعبيا وسياسيا، وتأكيد على وحدة الموقف في مواجهة آلة الحرب الإسرائيلية.
ونظم طلاب بعض الجامعات اللبنانية مظاهرات ووقفات احتجاجية داخل الحرم الجامعي تنديدا بالإبادة الجماعية التي يتعرض لها أهل غزة.
في الباحة الخارجية للجامعة الأميركية في بيروت، رفع الطلاب الأعلام الفلسطينية ورددوا هتافات داعمة لغزة، مطالبين المجتمع الدولي بالتحرك الفوري لوقف العدوان الإسرائيلي، وإنهاء حصار القطاع.
تقول ريم محمود علي، الطالبة بهذه الجامعة، للجزيرة نت "أشارك في هذه المظاهرة لأن الحكومات صامتة والعالم العربي كله صامت، لا يمكننا أن نبقى مكتوفي الأيدي، نحن جزء من هذه القضية، ومن أعماق قلوبنا نقف إلى جانب فلسطين وكل من يدعمها، جئنا من خلفيات وجنسيات متعددة: فلسطينية، ولبنانية، وسورية".
وتتابع: "الناس في فلسطين يموتون تحت القصف، والعالم يتجاهل مأساتهم، اليوم ننتفض من أجلهم ومن أجل فلسطين، لنُسمع صوتنا لكل الشعوب العربية ولكل من لا يزال يملك قلبا حيا حول العالم".
من جانبه، يقول رواد شكر، الطالب بالجامعة ذاتها، للجزيرة نت "بصفتنا طلاب جامعات من مختلف الخلفيات والانتماءات الدينية، من مسلمين ومسيحيين وغيرهم، من واجبنا أن نكون صوتا حيا لما يجري في غزة، لا ينبغي أن نعتاد على هذا المشهد أو نراه أمرا طبيعيا، ما يحدث من مجازر في غزة ولبنان ومن استهدافات متكررة في الضاحية والجنوب، هو جريمة لا يمكن القبول بها أو التعايش معها".
إعلانويضيف "قد لا يكون لتحركاتنا تأثير مباشر على أهلنا في غزة، لكنها تمثل موقفا رمزيا نحفظ من خلاله الذاكرة الحية لما يجري ونرفض تطبيعه أو نسيانه، نحن طلاب اليوم وشباب المجتمع في الغد، ومن مسؤوليتنا أن نبقى صوتا صادقا تجاه هذه القضية".
بدورها، تفيد ميسون طفيلة، الطالبة بكلية الإعلام في الجامعة اللبنانية الأميركية، للجزيرة نت بأنهم قرروا تنظيم هذه الوقفة لتوجيه رسالة بأنهم لن يصمتوا عما يحدث في غزة، و"ما يجري الآن أسوأ مما حدث سابقا، وسنستمر في رفع الصوت وتأكيد أن ما يحدث مرفوض تماما".
وعن تعامل الإدارة معهم، توضح ميسون "هي تطلب منا الحصول على إذن دائما قبل أي احتجاج، سمحت لنا بتنظيم وقفة سلمية من دون هتافات أو دخول وسائل الإعلام أو استخدام الميكروفون، فقررنا الخروج خارج الجامعة والاستمرار في الهتافات لتصل أصواتنا بشكل أكبر إلى وسائل الإعلام".
في مدينة صيدا جنوب لبنان، أُغلق السوق التجاري بينما لبّت غالبية المؤسسات التعليمية والاجتماعية والإنسانية، إضافة إلى العديد من المرافق الخاصة، الدعوة للإضراب والتظاهر.
وشهدت المدينة مسيرة حاشدة ومظاهرة غاضبة انطلقت من تقاطع إيليا وصولا إلى ساحة النجمة، حيث رُفعت الأعلام واليافطات التي حملت شعارات تدين المجازر التي يرتكبها الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني في غزة، في وقت يمر فيه القطاع بأزمة إنسانية غير مسبوقة.
يقول الناشط اللبناني أحمد حجازي، الذي شارك في المسيرة، للجزيرة نت "ما يحدث في غزة يفوق الخيال، والعقل البشري لا يمكنه تحمل ذلك، نرى أمام الشاشات صورا لأحياء يحترقون في ظل صمت دولي مطبق، يجب علينا أن نتحرك وأقل ما يمكن فعله هو رفع الدعاء لأهالي غزة الذين يتحملون هذا البلاء".
في مخيم عين الحلوة، نظم الأهالي مسيرة حاشدة جابت شوارع المخيم، وحمل المشاركون مجسمات لأطفال غزة إلى جانب الأعلام الفلسطينية، مرددين هتافات منددة بالجرائم الوحشية التي تُرتكب بحق أهل القطاع.
من جهته، يؤكد القيادي في حركة الجهاد الإسلامي هيثم أبو الغزلان، للجزيرة نت، أن اليوم العالمي للغضب الشعبي والعصيان المدني الشامل يحمل أهمية مزدوجة:
إعلان أولا: يعيد الزخم للتحركات المؤيدة للشعب الفلسطيني والمناهضة للكيان الصهيوني. ثانيا: يمثل فرصة حقيقية لبداية تحول في مسار الضغط الشعبي والدولي لوقف حرب الإبادة المتصاعدة التي تُنفّذ بحق أهل غزة بالشراكة الأميركية والتواطؤ الدولي.ويضيف أبو الغزلان "الرسالة الأهم أن هذه التحركات يجب ألا تكون آنية أو رمزية، بل يجب أن تستمر وتتسع حتى تحقيق أهدافها بوقف الإبادة، ورفع الحصار، وفضح التواطؤ والمشاركة في الجرائم ضد شعبنا في غزة، وصولا إلى محاكمة مجرمي الحرب من الصهاينة وشركائهم في الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة دونالد ترامب".
ويتابع "العدو الصهيوني يريد أن تبقى حرب الإبادة التي يشنها ضد شعبنا في الظل، لذلك يمعن في استهداف الصحفيين لمنع وصول الصورة الحقيقية إلى العالم، تلك الصورة التي تفضح جرائمه وتُسقط روايته الكاذبة، في وقت لم ينجح فيه لا في كسر المقاومة ولا في إسكات صوت غزة الصامدة".
تضحيات غزةمن ناحيته، يعتبر الناشط الفلسطيني عدنان حليحل، الذي شارك في هذه المسيرة، في تصريح للجزيرة نت، "أن كل التحركات لا تساوي شيئا أمام تضحيات أهل غزة، فهم يدفعون حياتهم ثمنا، وأقل ما يمكننا فعله هو التضامن معهم رغم خجلنا لعدم قدرتنا على تقديم ما يستحقون من دعم".
من جهته، قال أحمد منصور، لاجئ فلسطيني مشارك في مسيرة مخيم عين الحلوة، للجزيرة نت إن الاحتلال يتعمد ممارسة أبشع أساليب التعذيب والقتل في غزة لأن الشعب الفلسطيني، وفي غزة على وجه الخصوص، صابر محتسب، وما يفعله الاحتلال لا يزيد الفلسطينيين والمقاومة إلا إصرارا وتمسكا بأرضهم، وهم يرفضون التهجير بكل أشكاله.
وفي مخيم برج الشمالي بمدينة صور، نظمت الفصائل الفلسطينية مسيرة حاشدة جابت شوارع المخيم، رافعة شعارات التضامن مع غزة.
وفي شمال لبنان، شهد مخيم نهر البارد مسيرة شعبية واسعة عبّر خلالها المشاركون عن غضبهم العارم واستنكارهم لما يرتكب من جرائم في غزة. وأكدوا على ضرورة التدخل الدولي والعربي الفوري لوقف الإبادة المستمرة في القطاع.
وفي مخيم البداوي بمدينة طرابلس شمال لبنان، انطلقت مسيرة حاشدة جابت شوارع المخيم، تنديدا ورفضا لمشاريع التهجير وسياسة التجويع والقتل. ورفع المشاركون هتافات تضامن مع أهالي غزة، داعين لهم بالصمود في وجه العدوان.
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات مسیرة حاشدة للجزیرة نت ما یحدث فی غزة
إقرأ أيضاً:
مظاهرات حاشدة بكينيا لإحياء ذكرى احتجاجات العام الماضي
شهدت العاصمة الكينية نيروبي وعدة مدن أخرى، اليوم الأربعاء، مظاهرات حاشدة شارك فيها آلاف المواطنين، معظمهم من الشباب، لإحياء الذكرى السنوية الأولى للاحتجاجات الواسعة التي اندلعت رفضا لمشروع قانون الميزانية الذي طرحته الحكومة العام الماضي، والذي تضمّن زيادات ضريبية كبيرة.
ودعا نشطاء وأسر الضحايا إلى تنظيم مظاهرات سلمية لإحياء الذكرى السنوية لأكثر أيام الاضطرابات دموية، حيث بلغت تلك الاحتجاجات ذروتها في 25 يونيو/حزيران 2024، حين اقتحم متظاهرون مبنى البرلمان في نيروبي.
لكن البعض دعا إلى "احتلال مقر الرئاسة" -في إشارة إلى مكتب الرئيس ويليام روتو– مما أدى إلى إغلاق العديد من المدارس والشركات خوفا من الاضطرابات.
وتأتي هذه الذكرى في وقت تتصاعد فيه التوترات في كينيا بسبب استمرار القمع الأمني، خاصة بعد مقتل المدون والمعلم ألبرت أوجوانغ أثناء احتجازه لدى الشرطة، إضافة إلى تزايد حالات الإخفاء القسري في ظل إدارة روتو.
وكانت الشرطة قد اعتقلت أوجوانغ بعد انتقاده العلني لأحد كبار الضباط، قبل أن يُعثر عليه ميتا في الحجز. في بداية الأمر، حاولت الشرطة تبرير الوفاة بأنها انتحار، لكن تقرير الطب الشرعي كشف أنه تعرض للاعتداء. وقد وُجّهت تهم القتل إلى 6 أشخاص، بينهم 3 من رجال الشرطة.
وقال روتو عن الحادثة إنها "أمر مؤلم وغير مقبول"، مؤكدا أن أوجوانغ "قُتل على يد الشرطة".
مخاوف من "بلطجية" النظاماستبقت السلطات التظاهرات بإغلاق الطرق الرئيسية المؤدية إلى الحي التجاري في نيروبي، في حين تم تحصين المباني الحكومية بالأسلاك الشائكة.
وقد رفع آلاف المتظاهرين، معظمهم من الشباب، أعلام كينيا ولافتات عليها صور المتظاهرين الذين قُتلوا العام الماضي، ورددوا هتافات "روتو يجب أن يرحل".
وتحدّث نشطاء عن قلقهم من مهاجمة المتظاهرين على يد "بلطجية" يستقلون دراجات نارية ويُعتقد أنهم مدعومون من الدولة.
إعلانوقالت إحدى المتظاهرات "جئت للاحتجاج من أجل زملائنا الذين قُتلوا العام الماضي. من المفترض أن تحمينا الشرطة، لكنها تقتلنا".
ووفقا لتقارير صادرة عن منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية، فإن الاحتجاجات المناهضة للحكومة التي اندلعت العام الماضي في كينيا، لا سيما في يونيو/حزيران 2024، أسفرت عن مقتل أكثر من 60 شخصا على يد قوات الأمن، في واحدة من أعنف موجات القمع التي شهدتها البلاد في العقود الأخيرة.
إضافة إلى ذلك، وثّقت الجماعات الحقوقية ما لا يقل عن 80 حالة إخفاء قسري منذ تلك الفترة، مع الاشتباه بتورّط عناصر أمنية في العديد منها.
وفي أعقاب تصاعد الغضب الشعبي آنذاك، وعد روتو علنا بوضع حد لظاهرة الإخفاء القسري، بل وتعهد بإصلاح جهاز الشرطة وتحقيق الشفافية. إلا أنه لم يُظهر أي ندم في خطابه الأخير بمناسبة الذكرى، بل جدد دعمه الكامل لقوات الشرطة، محذرا من "تحدي سلطة الدولة" أو "إهانة الضباط"، واصفا تلك الأفعال بأنها "تهديد للأمة".
تحذير من السفارات الغربيةأصدرت سفارات الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا وألمانيا بيانا مشتركا أدانت فيه استخدام "بلطجية مأجورين" لتفريق المتظاهرين، وحذّرت من تقويض ثقة الجمهور باستخدام ضباط أمن بملابس مدنية داخل سيارات غير مموهة.
وأدان نشطاء حقوق الإنسان وجود ضباط شرطة مجهولي الهوية في الاحتجاجات العام الماضي.
بالمقابل، أعربت وزارة الخارجية الكينية عن رفضها لهذه التصريحات، مؤكدة أن أي تجاوزات أمنية ستخضع للمساءلة القانونية، مطالبة باحترام "السياقات السيادية لكل دولة".
وقالت الوزارة "نذكّر الجميع بأن الشراكات الدبلوماسية تزدهر بشكل أفضل في ظل الاحترام المتبادل وقنوات الاتصال المفتوحة والاعتراف بسياقات الحكم الفريدة لكل طرف".
وهناك استياء شعبي تجاه روتو، الذي تولى السلطة في عام 2022 واعدا بتحقيق تقدم اقتصادي سريع، حيث أصيب الكثيرون بخيبة أمل بسبب استمرار الركود والفساد والضرائب المرتفعة، حتى بعد أن أجبرته احتجاجات العام الماضي على إلغاء مشروع قانون المالية المرفوض شعبيا.