لا تبدو أزمة الدروز في جنوب سوريا قريبة من الحل في ظل إصرار إسرائيل على استغلال ملف الأقليات لتقويض قوة دمشق، وذلك رغم تأكيد كل من الولايات المتحدة وسوريا والأردن العمل على إيجاد حل سياسي لأزمة السويداء.

وقد أصدرت الدول الثلاث بيانا -اليوم الثلاثاء- بعد اجتماع في عمّان ضم وزيري الخارجية الأردني أيمن الصفدي والسوري أسعد الشيباني والمبعوث الأميركي توماس براك، على تشكيل مجموعة عمل ثلاثية لدعم جهود دمشق في تعزيز وقف إطلاق النار في السويداء.

كما نص البيان على عمل الأطراف من أجل إيجاد حل شامل للأزمة، وذلك بالتزامن مع بدء مفاوضات جديدة بين دمشق وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) لبحث استكمال خطوات تنفيذ اتفاق 10 مارس/آذار الماضي.

ويعكس هذا البيان موقفا إقليميا ودوليا إيجابيا من رغبة الحكومة السورية الجديدة بسط سيادتها على كافة أراضيها وتأمين حدودها مع دول الجوار، برأي الباحث السياسي والإستراتيجي ياسر النجار.

ووفقا لما قاله النجار، خلال مشاركته في برنامج "ما وراء الخبر"، فقد أظهرت سوريا رغبة في القضاء على تهريب المخدرات والسلاح عبر الحدود، والذي مثل أزمة لبلد مثل الأردن خلال عهد الرئيس المخلوع بشار الأسد.

لذلك، يعتقد النجار أن الاتفاق على تشكيل لجنة مشتركة يعني توافقا على تحقيق الاستقرار في سوريا وحصر السلاح بيد الدولة بعد أن عاد الدروز لعمليات التهريب عبر الحدود الجنوبية.

تحديات سياسية كبيرة

لكن الباحث السياسي محمود علوش يعتقد أن الحديث عن أزمة السويداء لا يزال مبكرا في ظل تمسك إسرائيل بلعب دور حامية الأقليات كجزء من إستراتيجيتها لتقويض سوريا الجديدة.

وإلى جانب ذلك، فإن الموقف الأميركي لا يزال ضبابيا حيث تحاول الولايات المتحدة التوفيق بين مصالحها مع تركيا وإسرائيل وبين موقفها من الحكومة السورية الجديدة التي لن تتمكن من حسم ملف الأقليات منفردة، كما يقول علوش.

إعلان

ورغم حديث البيان عن ضرورة تكريس وقف القتال بين دمشق والدروز، فإن تحويل هذا الجهد إلى مسار سياسي هو الخطوة الأهم، برأي علوش، لأنه لا توجد أرضية مشتركة بين الجانبين خصوصا بعد التدخل الإسرائيلي الأخير الذي دعمه شيخ العقل الدرزي حكمت الهجري.

ويمكن لحكومة الرئيس أحمد الشرع تحقيق بعض التقدم مع الأقليات من خلال الحوار الداخلي لكنها لن تتمكن من حسمه تماما طالما هناك أطراف أخرى تلعب بهذه الورقة كجزء من الصراع الإقليمي والدولي الذي يقول علوش إنه بدأ على هوية سوريا الجديدة.

واشنطن متمسكة بحماية الأقليات

ولم يختلف كبير الباحثين في المجلس الأميركي للسياسة الخارجية جيمس روبنز عن الرأي السابق، بقوله إن الملف الدرزي معقد، وإن إدارة دونالد ترامب تعهدت بوحدة سوريا الجديدة ودعمها الاستثمار فيها مع الحفاظ على حقوق الأقليات.

وبرر روبنز التدخل الإسرائيلي في سوريا بوجود علاقات قرابة ومصاهرة بين دروز سوريا ونظرائهم في إسرائيل، معتبرا أن "الفظائع التي حدثت في السويداء تتناقض مع ما تريده الولايات المتحدة".

وكان موقع أكسيوس الإخباري نقل عن مسؤولين أن ضغوطا تمارس على دمشق حاليا من أجل السماح بفتح هذا الممر الإنساني.

وقال الباحث الأميركي إن قبول دمشق بفتح ممر آمن بين السويداء وإسرائيل سيعزز الاستقرار ويخفف الضغط على الدروز السوريين، وإن كان معقدا من ناحية السيادة السورية.

وخلص روبنز إلى أن الاجتماع الأخير "يمثل خطوة أولى إيجابية"، لكنه أكد وجود العديد من التحديات التي تواجه حل هذا الملف، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة لا تريد فرض مواقف بعينها على دمشق.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات دراسات الولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

المحكمة العليا الأمريكية تنظر في قانون تاريخي يضمن تمثيل الأقليات الانتخابي

واشنطن "أ.ف.ب": تنظر المحكمة العليا الأمريكية في قانون تاريخي يضمن تمثيل الأقليات في الانتخابات، وسط مخاوف من أن يرسّخ التسارع في تآكل هذا التمثيل الأغلبية البرلمانية للجمهوريين.

ينظر القضاة التسعة في هذه المحكمة ذات الأغلبية المحافظة، مجددا في طعن بشأن خريطة انتخابية في ولاية تضم أقلية كبيرة من السود، وهي هذه المرة لويزيانا في جنوب الولايات المتحدة.

يتمحور النقاش حول تقسيم الدوائر على أساس حزبي، أو ما يعرف بـ"gerrymandering" ("التلاعب بالدوائر الانتخابية")، ويقوم ذلك على تغيير حدود الدوائر الانتخابية بما يتناسب مع مصالح الحزب الحاكم في كل ولاية.

قضت المحكمة العليا عام 2019 بأن هذا التقطيع للدوائر الانتخابية لا يقع ضمن اختصاص المحاكم الفدرالية، لكنه يبقى محظورا عند القيام به على أساس العرق لا الانتماء السياسي.

وبموجب حكم قضائي، أُجبرت السلطات الجمهورية في ولاية لويزيانا التي يُشكل السود ثلث سكانها تقريبا، على إنشاء دائرة انتخابية ثانية ذات أغلبية من الأمريكيين السود بموجب قانون حقوق التصويت Voting Rights Act. وقد صدر هذا القانون التاريخي عام 1965 لمنع ولايات الجنوب التي كانت تُطبق الفصل العنصري سابقا، من حرمان الأمريكيين السود من حق التصويت.

لكن مجموعة من ناخبي لويزيانا، ممن لا ينتمون إلى هذه الأقلية، طعنوا في الخريطة الجديدة واصفين إياها بالتمييزية. وحكمت محكمة لصالحهم إذ خلصت إلى أن ترسيم الدائرة الانتخابية استند في جلّه إلى العامل العرقي.

وفي قرار غير مألوف، أرجأت المحكمة العليا التي كان من المفترض أن تبت في النزاع في يونيو خلال دورتها السنوية السابقة، الأمر إلى دورتها الجديدة التي بدأت في أكتوبر الحالي.

سيتعين عليها تحديد ما إذا كان قانون حقوق التصويت ينتهك مبدأ المساواة في معاملة المواطنين المنصوص عليه في الدستور.

"تراجع"

يوضح أستاذ القانون في جامعة ويدنر مايكل ديمينو أن الدائرة الانتخابية المعنية "تمتد قطريا لمسافة حوالى 400 كيلومتر من شريفبورت في الزاوية الشمالية الغربية إلى باتون روج في الزاوية الجنوبية الشرقية من الولاية، لتشمل عددا كافيا من الناخبين السود لتشكيل أغلبية".

ويشير إلى أن المحكمة قد تستعد لإعلان عدم دستورية القانون "لكونه يرغم الولايات على إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية على أساس عرقي".

على مدار العقد الماضي، أفرغت الأغلبية المحافظة في المحكمة العليا إلى حد كبير قانون حقوق التصويت من مضمونه. وقد اعتُمد هذا القانون بعد حملة القمع العنيفة التي شنتها الشرطة على الاحتجاجات من أجل الحقوق المدنية في ألاباما بجنوب الولايات المتحدة قبل 60 عاما.

تحذر صوفيا لين لاكين التي تتابع القضايا الانتخابية في منظمة ACLU ("اتحاد الحريات المدنية الأمريكي") النافذة في البلاد، من أنه "بدون هذا القانون، لن تكون هناك أي ضمانات تُذكر ضد تفكيك كل التقدم المحرز منذ عام 1965، ما يطرح احتمال العودة إلى الظروف التي كانت قائمة قبل سن قانون حقوق التصويت". وتضيف "لذا، فإن المخاطر كبيرة جدا".

في الواقع، من شأن إبطال المحكمة العليا لهذا القانون أن يتيح للجمهوريين الحصول على تسعة عشر مقعدا إضافيا "مضمونا" في مجلس النواب، "ما يكفي لتعزيز سيطرة حزب واحد لجيل كامل على الأقل"، وفق تقرير صادر عن منظمات للحقوق المدنية.

قبل عام من انتخابات التجديد النصفي للكونغرس، لا يشغل الجمهوريون سوى عدد قليل من مقاعد الأغلبية في مجلس النواب، فيما يأمل الديموقراطيون في استعادتها لإعطاء زخم أكبر لسياساتهم المعارضة لأجندة الرئيس دونالد ترامب.

يخوض المعسكران معركة كبيرة حول إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية، لا سيما في تكساس (جنوب) وكاليفورنيا (غرب)، أكبر ولايتين لناحية التعداد السكاني في البلاد.

مقالات مشابهة

  • المحكمة العليا الأمريكية تنظر في قانون تاريخي يضمن تمثيل الأقليات الانتخابي
  • نزاع قانوني على مسكن زوجية بملايين الجنيهات يشعل أزمة بين الزوجين في القاهرة الجديدة
  • إردوغان يشيد بخطة دمج قسد في مؤسسات الدولة: خطوة ضرورية لتعزيز الوحدة في سوريا
  • قوات العدو الإسرائيلي تنصب حاجزاً بريف القنيطرة جنوبي سوريا
  • سوريا: اتفاق مبدئي على دمج «قسد» ضمن وزارة الدفاع
  • لافروف: سوريا الجديدة تسعى للإبقاء على القواعد الروسية
  • مظلوم عبدي: اتفاق "مبدئي" على دمج قوات سوريا الديمقراطية ضمن وزارة الدفاع
  • سوريا.. مسلحون يلقون قنبلة على عميد كلية الآداب بجامعة دمشق في مكتبه
  • تقارير عبرية: دمشق تدرس تسليم رفات الجاسوس الإسرائيلي إيلي كوهين
  • مظلوم عبدي: اتفاق مبدئي على دمج قوات سوريا الديمقراطية ضمن وزارة الدفاع