جوجل تدفع لبعض موظفي الذكاء الاصطناعي رواتب لمدة عام كامل مقابل عدم العمل لدى المنافسين
تاريخ النشر: 9th, April 2025 GMT
في ظل احتدام المنافسة بين عمالقة الذكاء الاصطناعي مثل جوجل و OpenAI ومايكروسوفت، تواجه الشركات الكبرى تحديًا متزايدًا في الاحتفاظ بالمواهب النادرة في هذا القطاع المتسارع.
ووفقًا لتقرير نشره موقع Business Insider، تلجأ شركة DeepMind، الذراع البحثية المتقدمة لجوجل في مجال الذكاء الاصطناعي، إلى عقود عدم منافسة "عدوانية" لمنع بعض الموظفين في المملكة المتحدة من الانضمام إلى شركات منافسة لفترة تصل إلى عام كامل بعد مغادرتهم.
بحسب التقرير، يحصل بعض الموظفين على رواتبهم خلال هذه الفترة، مما يُشبه إجازة مدفوعة طويلة. لكن الجانب المظلم لهذا النظام، كما أشار موظفون سابقون، هو شعورهم بالعزلة عن سباق التقدم السريع في أبحاث الذكاء الاصطناعي، حيث تحرم العقول اللامعة من المساهمة الفعالة أو الانضمام إلى شركات منافسة تدفع بعجلة التطوير العالمي.
العقود محظورةجدير بالذكر أن لجنة التجارة الفيدرالية في الولايات المتحدة (FTC) قامت العام الماضي بحظر معظم عقود عدم المنافسة، معتبرة إياها انتهاكًا لحرية التنقل المهني. إلا أن هذا الحظر لا ينطبق على مقر DeepMind في لندن، حيث لا تزال هذه العقود قانونية وقيد التنفيذ.
مسؤولو مايكروسوفتوفي تغريدة مثيرة للجدل على منصة X (تويتر سابقًا)، قال نائب رئيس الذكاء الاصطناعي في مايكروسوفت إن عددًا من موظفي DeepMind يتواصلون معه "بيأس" لمحاولة الهروب من هذه القيود.
وقال في منشوره:"كل أسبوع يتواصل معي أحد موظفيكم لطلب النصيحة حول كيفية الهروب من فترة الإشعار وعقد عدم المنافسة، الأمر بلغ حدًا من اليأس، حتى إن البعض يطلبون وظيفة فقط كي يحصلوا على ترقية."
وأضاف أن بعض القادة داخل DeepMind، مثل كوراي كافوكجوجلو ودوجلاس إيك، أعربوا عن رفضهم لهذه العقود داخليًا، داعيًا الموظفين إلى التحدث معهم ومواجهة هذه الممارسات داخليًا بدلًا من الهروب للخارج.
هل يل,ح موظفو الذكاء الاصطناعي بالتمرد؟تشير التسريبات إلى حالة غضب مكتومة داخل أروقة DeepMind، خاصة في ظل تضييق الخناق على الباحثين في وقت يُنظر فيه إلى الذكاء الاصطناعي باعتباره مجال المنافسة العالمي الأهم في العقد الحالي. وبينما تجاهلت Google الرد على طلب موقع TechCrunch للتعليق، أكدت لـ Business Insider أن استخدامها لعقود عدم المنافسة يتم "بانتقائية".
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الذكاء الاصطناعي جوجل المزيد الذکاء الاصطناعی
إقرأ أيضاً:
حقوق النشر.. معركة مستعرة بين عمالقة الذكاء الاصطناعي والمبدعين
خلال عطلة نهاية الأسبوع الثانية من الشهر الماضي، أقال الرئيس دونالد ترامب مديرة مكتب حقوق النشر، وذلك بعد يوم واحد فقط من صدور تقرير للمكتب بعنوان: «حقوق النشر والذكاء الاصطناعي – الجزء الثالث: الذكاء الاصطناعي التوليدي».
فقد اعتبر هذا التقرير بمثابة إعلان حرب من قبل «أباطرة التقنية» الذين أنفقوا مبالغ طائلة لدعم وصول ترامب إلى السلطة، وجرى التشكيك في صلاحية استخدام مبدأ «الاستخدام العادل»، وهو السند القانوني الذي تستخدمه شركات مثل «أوبن إيه آي» و«ميتا» وغيرهما لتبرير حقها غير المقيد في «جمع» البيانات من الإنترنت لأغراض تدريب نماذجها. وتصدرت قضية حماية حقوق النشر واجهة التحديات الكبرى التي فرضتها الطفرة السريعة في مجال الذكاء الاصطناعي، لتتحول إلى ساحة صراع محتدم داخل أروقة البرلمان البريطاني، في أعقاب مشاورات حكومية موسعة. ويتركز الخلاف بشكل خاص بين الحكومة التي تهيمن على مجلس العموم، ومجلس اللوردات الذي يتبنى موقفاً مغايراً.
وفي هذا السياق، وجهت البارونة بيبان كيدرون، التي تتزعم حملة الدفاع عن أصحاب حقوق النشر، انتقادات لاذعة للموقف الحكومي قائلة: «تفضل الحكومة التنازل عن حقوق ملكية من اكتسبوها بجهدهم مقابل وعود فضفاضة بالنمو الاقتصادي للأمة، غير أنها تعجز عن تحديد المستفيدين من هذا النمو المزعوم أو حجمه الفعلي. والأمر الوحيد المؤكد لدى جميع الأطراف – الحكومة والمعارضة وشركات الذكاء الاصطناعي، بل وحتى أصحاب الحقوق أنفسهم – هو أن الصناعات الإبداعية لن تكون ضمن المستفيدين من هذه المعادلة».
وعليه، إذا رغبت شركات التكنولوجيا في استثمار إبداعات الآخرين، فيتعين عليها دفع المقابل العادل، وهذا ما يفسر اعتراف الدول المتقدمة بحقوق النشر وتبنيها آليات لحمايتها. وتطرح الملكية الفكرية بشكل عام وحقوق النشر على وجه الخصوص إشكاليات معقدة، يأتي في مقدمتها مسألة المدة الزمنية المناسبة لهذه الحماية، فبموجب القانون البريطاني تتمتع المصنفات الإبداعية من كتب وموسيقى وأفلام بحماية تمتد لـ 70 عاماً بعد وفاة مبدعيها، وهي فترة وإن بدت اعتباطية، إلا أنها تمثل إطاراً قانونياً ملزماً لا جدال فيه.
وتبرز إشكالية أخرى تتعلق بآليات إنفاذ هذه الحقوق، حيث تؤكد البارونة كيدرون أن من حق المبدعين معرفة متى يتم استخدام ممتلكاتهم الفكرية، خصوصاً أن عمليات انتهاك حقوق النشر باتت تتم اليوم بصورة مجهولة الهوية، مما يحول دون قدرة أصحاب الحقوق على حمايتها. وبذلك يغدو محور القضية الرئيسية هو الشفافية.
وتدعي حكومة كير ستارمر انفتاحها على مختلف الخيارات، بل إنها لم تستبعد خيار «انهب ما تشاء». ويمكن تفسير هذا الموقف باعتبارات عدة، منها تجنب إثارة غضب الإدارة الأمريكية – الحليف المشكوك في ولائه أصلاً – بفرض متطلبات الشفافية، نظراً لهيمنة شركات التكنولوجيا على القرار السياسي هناك، أو ربما اعتقاداً بأن العوائد الاقتصادية من مغازلة صناعة الذكاء الاصطناعي ستفوق الأضرار التي ستلحق بالصناعات الإبداعية المحلية، أو حتى تشككاً في إمكانية تطبيق متطلبات الشفافية على أرض الواقع.
ورغم وجاهة هذه التبريرات، إلا أن هناك اعتبارات موازية لا يمكن تجاهلها، فوفقاً لتقديرات الحكومة نفسها، «ساهمت الصناعات الإبداعية بنحو 126 مليار جنيه استرليني كقيمة مضافة للاقتصاد (أي ما يعادل 5% من الناتج المحلي الإجمالي) ووفرت 2.4 مليون فرصة عمل في عام 2022». ومن غير المعلوم حتى الآن ما إذا كانت القيمة المضافة لصناعة الذكاء الاصطناعي ستصل يوماً إلى هذا الحجم في المملكة المتحدة.
يضاف إلى ذلك أن الصناعات الإبداعية تمثل جوهر التميز البريطاني، بل وذروة الإنجاز الإنساني، مما يجعل فكرة التنازل عن مخرجاتها مجاناً أمراً مستهجناً ومرفوضاً. وقد تجاوزنا حتماً مرحلة منح هذه الصناعة «حسن الظن»، فشعارها المعلن «تحرك بسرعة وحطم القواعد» تمت ترجمته حرفياً على أرض الواقع، حيث دمرت بالفعل الكثير، بما في ذلك، على الأرجح، الصحة النفسية لكثير من الشباب، ناهيك عما اختبرته شخصياً عندما استخدمت تقنية «التزييف العميق» لاستنساخ هويتي، مما أدى إلى فقدان السيطرة على انتشار عمليات الاحتيال المالي.
ومن المفارقات التاريخية المثيرة أن الولايات المتحدة نفسها لم تعترف بحقوق النشر الدولية في تشريعاتها المحلية طوال معظم فترات القرن التاسع عشر، الأمر الذي دفع الكاتب البريطاني الشهير أنتوني ترولوب للاحتجاج بشدة على سرقة حقوق نشر مؤلفاته، حيث كتب قائلاً: «يدعون بلا خجل أو مواربة بأنهم يستمتعون بالاستيلاء على ممتلكات الآخرين، وأنهم سيواصلون فعل ذلك طالما يمكنهم الإفلات من العقاب، غير أن هذه الحجة، وفقاً لتقديري، لا تصدر عن عامة الناس، بل عن وحوش، وعن أولئك السياسيين الذين نجحت هذه الوحوش في ربطهم بمصالحها التجارية». وقد تغيرت طبيعة هذه الوحوش اليوم، لكن الدافع ظل هو ذاته.
وتصر البارونة كيدرون على وجود فرصة حقيقية لبناء علاقة صحية ومثمرة بين عمالقة التكنولوجيا والصناعات الإبداعية، لكنها تستدرك قائلة: «هذا الزواج القسري، بشروط تشبه العبودية، ليس هو الإطار المنشود لتلك العلاقة» – وهو رأي أتفق معه تماماً.
صحيفة البيان
إنضم لقناة النيلين على واتساب