عراقجي في الجزائر.. هل تبحث إيران عن نفوذ جديد في أفريقيا؟
تاريخ النشر: 11th, April 2025 GMT
طهران- في زيارة رسمية تعكس تطور العلاقات بين طهران والجزائر، وصل وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إلى الجزائر، لبحث التطورات على الساحة الإقليمية وتداعيات استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
وخلال الزيارة، التقى عراقجي مع الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، ووزير الخارجية أحمد عطاف، حيث تم التركيز على تعزيز التنسيق السياسي والاقتصادي بين البلدين، إضافة إلى دعم حقوق الشعب الفلسطيني في الساحة الدولية.
وتأتي هذه الزيارة في إطار تعزيز التعاون الثنائي بين إيران والجزائر، وهو ما أكده الجانبان في تصريحات صحفية نقلتها وكالات الأنباء الإيرانية، كما تم تناول سبل تطوير التعاون في مجالات الطاقة والاقتصاد، في وقت يشهد فيه العالم تغيرات كبيرة على مستوى السياسات الإقليمية والدولية.
ويعد تاريخ العلاقات بين إيران والجزائر طويلا، حيث كانت إيران من الداعمين للثورة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي، وفي المقابل، دعمت الجزائر الثورة في إيران عام 1979.
وعلى الرغم من بعض الفترات التي شهدت تحديات في العلاقات بين البلدين، فإن التنسيق بينهما استمر على مدار السنوات، حيث ارتفعت وتيرة التعاون السياسي والاقتصادي في السنوات الأخيرة، مما يعكس تطورا ملحوظا في شراكتهما الإستراتيجية.
في هذا السياق، اعتبر خبير الشؤون الدولية أشكان ممبيني، أن زيارة عراقجي إلى الجزائر تندرج ضمن إستراتيجية الدبلوماسية الإيرانية لتوسيع نفوذها في شمال أفريقيا وتعزيز العلاقات مع الدول المستقلة والمتوافقة مع طهران في الملفات الإقليمية والدولية.
إعلانوأوضح ممبيني، في حديثه للجزيرة نت، أن الزيارة تحمل أبعادا متعددة، أهمها تعزيز العلاقات الثنائية من خلال متابعة تنفيذ مذكرات التفاهم التي تم توقيعها في زيارات سابقة، مشيرا إلى أن البلدين عازمان على تفعيل الإمكانيات المتاحة وتحويلها إلى تعاون عملي، خصوصا أن الجزائر، بفضل موقعها الإستراتيجي ومواردها الغنية، تُعد شريكا محوريا لإيران في القارة الأفريقية.
أما البُعد الثاني، بحسب ممبيني، فهو التوافق في المواقف حيال القضية الفلسطينية، حيث شكلت تطورات غزة وقتل المدنيين العزل أحد محاور الزيارة ذات البعد الجيوسياسي.
وقال إن التلاقي في المواقف بين طهران والجزائر يأتي في وقت تتجه فيه بعض الدول العربية نحو تطبيع العلاقات مع إسرائيل، ما يجعل هذا التقارب قاعدة لبناء محور داعم للقضية الفلسطينية في وجه هذه التحولات.
وأضاف ممبيني أن البعد الثالث يتعلق بالنظام الدولي الجديد، إذ تبحث كل من إيران والجزائر عن إعادة تموضع في ظل التغيرات الجارية في موازين القوى العالمية، مشددا على أن التعاون الثنائي والانفتاح على قوى ناشئة والتنسيق في المحافل متعددة الأطراف يمكن أن يمنح البلدين فرصا جديدة في مواجهة التحديات الدولية.
واختتم ممبيني بالقول إن زيارة عراقجي تأتي في سياق الرؤية الإستراتيجية لإيران الهادفة إلى بناء شراكات مع دول مستقلة ورافضة للهيمنة الغربية، مؤكّدا أن العلاقات بين طهران والجزائر دخلت مرحلة أكثر نضجا وفاعلية، وقد تسفر عن مكاسب اقتصادية ودبلوماسية وجيوسياسية ملموسة للطرفين إذا ما تم البناء عليها بجدية.
????وزير الخارجية الإيراني #عباس_عراقجي عقب استقباله من قبل السيد الرئيس: "نحيّي دور #الجزائر وموقفها في مجلس الأمن دفاعا عن #فلسطين" pic.twitter.com/BSOel0k9KQ
— Radio Algeria international إذاعة الجزائر الدولية (@radioalginter) April 8, 2025
إعلان القضية الفلسطينيةوفي حديثه للجزيرة نت، قال المحلل السياسي برديا عطاران، إن زيارة عراقجي إلى الجزائر ولقاءه رفيع المستوى مع كل من الرئيس الجزائري ووزير الخارجية، تأتي في إطار إستراتيجية أوسع لإيران تهدف إلى إبراز أهمية القضية الفلسطينية وتطورات غزة على الساحة الدولية، خاصة في ظل الفتور الإعلامي الذي رافق التصعيد الإسرائيلي الأخير على القطاع.
وأضاف عطاران أن طهران تسعى إلى توسيع دائرة التفاعل مع القضية الفلسطينية لتشمل دولا إسلامية خارج محور المقاومة، مشيرا إلى أن الجزائر تُعد من أقرب الدول إلى طهران من حيث الخطاب السياسي، الأمر الذي يمنح هذه الزيارة أهمية خاصة في ظل الظروف الإقليمية الراهنة، ومنها التحديات التي واجهها حزب الله في لبنان، والتوترات بين اليمن والولايات المتحدة.
وأوضح عطاران أن طهران لا ترغب في حصر دعم القضية الفلسطينية ضمن إطارها السياسي فقط، بل تعمل على تشجيع أطراف إقليمية أخرى للعب دور فاعل، حتى لا تبدو هذه القضية مرتبطة حصرا بإيران، مما يُضعف من زخمها العالمي.
وفي سياق متصل، قلّل عطاران من أهمية بعض التكهنات التي ربطت زيارة عراقجي بإمكانية قيام الجزائر بدور وساطة بين إيران والولايات المتحدة، مؤكدا أن طهران لا تعتزم حتى الآن منح هذا الدور لأي دولة سوى سلطنة عمان، لما لها من تجربة طويلة ومكانة خاصة في هذا النوع من الوساطات.
وختم عطاران حديثه بالتأكيد على أن إيران تحاول الدفع نحو تحرك إسلامي أوسع لدعم غزة، بما يضمن استمرار حضور القضية الفلسطينية في الوعي العالمي، وعدم تحولها إلى شأن إقليمي محدود.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات القضیة الفلسطینیة العلاقات بین زیارة عراقجی
إقرأ أيضاً:
إيران تهدد بتقليص التعاون مع الوكالة الذرية إذا صدر قرار ضدها
لوّحت إيران مجددًا بتقليص مستوى تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في حال أقرت الوكالة قرارًا مناهضًا لها خلال الاجتماع المرتقب لمجلس المحافظين الأسبوع المقبل، وذلك في ظل توتر متصاعد مع الدول الغربية بشأن البرنامج النووي الإيراني.
وقال المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، بهروز كمالوندي، في تصريحات نقلتها وكالة "إرنا" الرسمية، إن طهران أبلغت الوكالة أنها أعدّت قائمة من الأسئلة، بعضها فني والآخر يتعلق بصيغة التعاون، محذرًا من أن "الوكالة الدولية للطاقة الذرية لا ينبغي لها أن تتوقع استمرار هذا النوع من التعاون الواسع والصريح مع إيران كما كان حتى الآن".
اجتماع حاسم وتلويح باتهام غير مسبوق منذ عقدينوكانت وكالة "رويترز" قد ذكرت في وقت سابق أن الدول الغربية تتأهب لطرح مشروع قرار يدين إيران بانتهاك التزاماتها في إطار معاهدة حظر الانتشار النووي، وهو الاتهام الأول من نوعه منذ نحو عشرين عامًا. ومن المتوقع مناقشة القرار خلال اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأسبوع المقبل.
وفي مذكرة رسمية أرسلتها طهران بعد صدور تقرير المدير العام للوكالة، حذرت إيران من أنها "ستتخذ القرارات المناسبة إذا استمرت الدول الغربية في مسارها الخاطئ باستغلال صبر إيران"، محمّلة هذه الدول مسؤولية "النتائج والعواقب".
وأوضحت المذكرة الإيرانية أن وثائق الوكالة الدولية للطاقة الذرية لا تنص على وجود حدّ لمستوى تخصيب اليورانيوم، طالما لم يتم تحويل المواد إلى أغراض عسكرية، ما يُعدّ ردًا مباشرًا على الاتهامات المتزايدة بشأن رفع طهران لنسب التخصيب.
من جهتها، أصدرت وزارة الخارجية الإيرانية ومنظمة الطاقة الذرية بيانًا مشتركًا أعربتا فيه عن أسفهما لنشر التقرير الأخير للوكالة، واصفتين إياه بـ"المسيس"، وأكدتا أن إيران لم تُخفِ أي مواقع أو أنشطة نووية غير معلنة، حسب تعبير البيان.
يأتي هذا التصعيد في وقت يشهد فيه الملف النووي الإيراني جمودًا سياسيًا منذ انهيار محادثات إحياء الاتفاق النووي عام 2015، بعد انسحاب الولايات المتحدة منه عام 2018 في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، وعودة طهران تدريجيا إلى رفع مستويات التخصيب خارج سقوف الاتفاق.
وترى دول غربية أن سلوك إيران الحالي يزيد من تعقيد فرص التوصل إلى تسوية دبلوماسية، بينما تردّ طهران باتهام تلك الدول بانتهاج سياسات مزدوجة وتسييس ملف الوكالة الذرية.