طهران- تزامنا مع احتفالها بالذكرى الـ 19 لليوم الوطني للتقنية النووية، أمس الأربعاء، أعلنت إيران رسميا دخولها المرحلة الثالثة من تطوير الصناعة النووية، كاشفة عن 6 إنجازات نووية جديدة واعتبرت أن حمايتها "مسؤولية وطنية".

وبمناسبة هذا اليوم، حضر نائب رئيس الجمهورية ورئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، محمد إسلامي، برنامجا حواريا عقب النشرة المسائية علی قناة "خبر" الناطقة بالفارسية، الليلة الماضية، قائلا إن بلاده أمست من الدول الرائدة على مستوى العالم في مجال إنتاج الأدوية المشعة.

ولدى استعراضه أبرز الإنجازات النووية التي حققتها خلال العام الماضي، أعلن إسلامي دخول طهران بشكل رسمي "المرحلة الثالثة من تطوير الصناعة النووية"، موضحا أن "الركيزة الأساسية في هذه الصناعة هي تحويلها إلى وقود، إلى جانب ضرورة بناء المفاعلات البحثية ومفاعلات الطاقة، وقد بلغنا مرحلة النضج في هذا المجال، ونعلن رسميا دخولنا هذا المسار وبلوغ المستوى الصناعي".

إسلامي (يمين) أعلن دخول طهران رسميا المرحلة الثالثة من تطوير الصناعة النووية (رويترز) مشاريع نووية

وأوضح إسلامي أن إيران أنجزت 150 مشروعا خلال السنوات الثلاث الأخيرة، منها 68 مشروعا تم تقييمها وتصنيفها، إلا أنه تم الكشف عن 6 فقط منها في الاحتفال الأخير، الذي أقيم أمس، مضيفا أنه "لا يوجد نظير لبلاده في التقنية النووية لأن معظم الدول تعمل ضمن شبكات متكاملة وتتعاون فيما بينها، بينما نعمل بشكل مستقل بسبب العقوبات".

وتابع أنه رغم الحصار، تعتبر إيران من الدول المتقدمة في إنتاج الأدوية المشعة، وتُعد ضمن الدول الخمس الأوائل في تنوع النشاطات النووية، ومن بين العشر الأوائل عالميا من حيث القدرة الإنتاجية، مؤكدا "حققنا كل ما عزمنا عليه؛ فعلى سبيل المثال قررنا قبل عامين إنتاج غاز الهيليوم باهظ الثمن، وها نحن ننتجه اليوم بإمكاناتنا الذاتية".

وبخصوص الكهرباء النووية، قال إسلامي "أنتجت محطة بوشهر النووية حتى الآن 72 مليار كيلووات من الكهرباء، 7 مليارات منها خلال العام الماضي، ونهدف ضمن أفق خطة 2041 للوصول إلى 20 ألف ميغاواط من الكهرباء النووية".

بزشكيان (يسار) أكد أن إيران لن تتخلى عن إنجازاتها النووية (رويترز)

وتوقع محمد إسلامي رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية أن يزور المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي طهران في نيسان/أبريل الجاري. وقال إن تحديد محاور الزيارة لا يزال قيد التفاوض، وإن لديهم مسارين مختلفين بشأن التعاون مع الوكالة:

إعلان الأول: العلاقة المؤسسية المبنية على اتفاق الضمانات ومعاهدة عدم الانتشار النووي. الثاني: يتعلق بقرار مجلس الأمن رقم 2231.

ووفقا له، لدى طهران 120 مفتشا معتمدا من الوكالة الذرية في الوقت الراهن، وتتم عمليات التفتيش بشكل منتظم، مضيفا أن "القرار 2231 سينتهي بالكامل بنهاية العام العاشر من الاتفاق النووي، وأن أطرافا مثل الكيان الصهيوني وبعض الدول الأوروبية تسعى لمنع إيران من الاستفادة من هذا الإنجاز".

#إيران: نؤمن بمبدأ المفاوضات وكما أكدنا سابقا سنخوضها إذا تمت مخاطبتنا بلغة الاحترام pic.twitter.com/HgrgzYt2NL

— قناة الجزيرة (@AJArabic) April 8, 2025

منتجات جديدة

وأفادت وكالة إرنا الرسمية بأن الرئيس مسعود بزشكيان رعا حفلا تم الكشف خلاله، أمس الأربعاء، عن 6 منتجات جديدة في صناعة الطاقة النووية على النحو التالي:

العلاج الإشعاعي "غاليوم فابي" الذي يستخدم لتشخيص أنواع مختلفة من أمراض السرطان وتحديد الأورام الأولية بدقة عالية. العلاج الإشعاعي "لوتشيم فابي" وهو منتج مبتكر ومتقدم في علاج السرطان إذ يؤثر بشكل مباشر على الخلايا السرطانية باستخدام تقنيات الطب النووي. كريم جلدي "رنيوم-188" الذي يُستخدم في علاج السرطانات الجلدية الشائعة. مصباح "كوبالت 57" المخصص لاستخدامه في أعمال حفر الآبار ضمن نظام Gas Hold-up للكشف عن الغاز داخل الأنابيب. وكان إنتاجه مقتصرا على ألمانيا والولايات المتحدة. الميثانول الديوتيري "دي4" وهو مادة أولية هامة في صناعة البتروكيميائيات وتستخدم كمذيب في صناعة الألوان والدهانات، وكذلك في الصناعات الصيدلانية والطبية، كما يُستعمل كمذيب في أجهزة الرنين المغناطيسي النووي (إن إم آر)، مما يساهم في تحسين فعالية الأدوية وتقليل الآثار الجانبية، بالإضافة إلى تمهيد الطريق لإنتاج الأدوية المعدلة. "حمض دي إيثيل هكسيل فوسفريك" الذي يستخدم بشكل رئيسي لاستخراج المعادن الثمينة مثل اليورانيوم والكوبالت والنيكل والزنك في الصناعات، وله أهمية كبيرة في استخراج اليورانيوم من حمض الكبريتيك. وقد نجح المتخصصون الإيرانيون في إنتاجه في مرحلة تجريبية ويخططون في المرحلة الراهنة للإنتاج الواسع لهذه المادة الإستراتيجية. إعلان برنامج سلمي

من جانبه، أكد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان أن بلاده لن تتخلى عن إنجازاتها النووية ولن تساوم بشأنها ولن تسمح لأي طرف بمنعها من الابتكار والإبداع، نافيا سعي طهران لامتلاك قنبلة نووية رغم الاتهامات التي تطالها في هذا الشأن.

وكشف -في كلمته خلال احتفال اليوم الوطني للتقنية النووية- أن المرشد الأعلى علي خامنئي سمح بالمفاوضات غير المباشرة لأن طهران لا تثق بالطرف المقابل، مؤكدا أن خامنئي لا يعارض استثمار الشركات الأميركية داخل إيران، وأن ما ترفضه بلاده هو "سياسات واشنطن الخاطئة".

وشدد بزشكيان على أن طهران "مستعدة لتقديم ضمانات بأنها لا تسعى إلى امتلاك قنبلة نووية رغم أننا أثبتنا هذا الأمر سابقا"، وعلى أنها تدعم السلام "لكنها لن تستسلم وتتبع سياسة الحوار لكن بعزة وكرامة".

في السياق، أصدرت لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان الإيراني بيانا أكدت فيه أن طهران "لديها الحق في امتلاك صناعة نووية سلمية في شتى المجالات وذلك وفقا للمادة الرابعة من معاهدة حظر الانتشار النووي"، محذرة من أن أي تدخل أو تهديد لبرنامج إيران النووي "سيقابل بردة فعل خطيرة ومدمرة".

من ناحيتها، قالت وزارة الخارجية الإيرانية إن "برنامج طهران النووي السلمي رمز للإرادة الوطنية ونتيجة لجهود الشعب للوصول إلى المعرفة النووية، وأن صون وحماية الإنجازات في مجال الطاقة النووية السلمية مسؤولية وطنية".

وكتب إسماعيل بقائي المتحدث باسم الخارجية، في منشور على قناة "سخنكو" المهتمة بنشر أخبار الخارجية الإيرانية على منصة تلغرام، أن "الوزارة ستستخدم كامل قوتها للدفاع عن حقوق الشعب الإيراني في مجال الطاقة النووية".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات

إقرأ أيضاً:

بين التكتيك والاستراتيجية... أين تقف إسرائيل بعد الضربات التي تلقتها إيران؟

هل ما تحقق كان نصرًا استراتيجيًا يعيد رسم قواعد اللعبة؟ أم مجرد إنجاز آني قد تتجاوزه المواجهة المقبلة؟ اعلان

منذ اللحظة الأولى لانطلاق الهجوم الإسرائيلي المباغت على أهداف داخل العمق الإيراني، بدا أن تل أبيب تسعى لتغيير قواعد الاشتباك في الصراع مع طهران، مستندة إلى دعم سياسي وعسكري ضمني من الولايات المتحدة وبعض القوى الغربية. ومع اتساع رقعة الضربات وتطورها لاحقًا إلى تدخل أميركي مباشر استهدف منشآت نووية بالغة التحصين، أثير تساؤل جوهري في الأوساط السياسية والعسكرية: هل حققت إسرائيل نصرًا حقيقيًا؟ وإن كان كذلك، فهل هو نصر آني تكتيكي أم تحول استراتيجي في المواجهة الطويلة مع إيران؟

الهجوم الإسرائيلي

بدأت إسرائيل عملياتها العسكرية داخل إيران بضربات جوية دقيقة استهدفت منشآت عسكرية ومراكز قيادة وسيطرة، فضلًا عن مواقع لصناعة وتطوير الصواريخ والطائرات المسيّرة. وتميزت هذه الضربات بسرعتها واعتمادها على معلومات استخباراتية عالية الدقة، مما أربك الدفاعات الإيرانية وشكّل صدمة أولى للنظام في طهران.

الرسالة الإسرائيلية كانت واضحة: لم تعد الجغرافيا تحمي الجمهورية الإسلامية من الضربات، والمواجهة لم تعد مقتصرة على ساحات الوكلاء، سواء في سوريا أو لبنان أو العراق. ومع ذلك، فإن هذه الضربات لم تسفر بعد عن انهيار عسكري أو أمني داخل إيران.

يتصافح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأمريكي دونالد ترامب في متحف إسرائيل بالقدس، 23 مايو/أيار 2017. AP Photoالتدخل الأميركي

التحول الأكبر جاء عندما تدخلت الولايات المتحدة بضربات نوعية استهدفت منشآت نووية رئيسية في فوردو وأصفهان ونطنز، مستخدمة طائرات B-2 الشبحية وصواريخ خارقة للتحصينات من طراز GBU-57. هذه الضربات شكّلت ذروة التصعيد ضد البرنامج النووي الإيراني.

وبحسب تقرير قدمه المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، أمام مجلس الأمن، فإن الأضرار التي لحقت بهذه المنشآت كانت كبيرة، إلا أن الوكالة لم تتمكن من تقييم مدى الدمار داخل المرافق تحت الأرض.

Related"تخطى دوره الرقابي وساهم بإشعال الحرب".. غروسي في دائرة الاتهامات الإيرانيةضربة واشنطن النوعية: هل نجحت "مطرقة منتصف الليل" في شل البرنامج النووي الإيراني؟كم عدد القنابل والصواريخ التي استخدمتها واشنطن في هجماتها ضد إيران؟إيران: لا تراجع

رغم الضربات القاسية، لم تُبدِ إيران مؤشرات على التراجع، بل كثّفت من خطابها التعبوي وهددت بالرد على الولايات المتحدة الأميركية، فيما واصلت قصفها لإسرائيل.

تقييم المكاسب: آنية أم استراتيجية؟

استطاعت إسرائيل، بلا شك، تسجيل نقاط مهمة في المدى القصير، سواء عبر إظهار قدرتها على اختراق العمق الإيراني، أو من خلال توجيه ضربات مباشرة. كما نجحت في إعادة تسليط الضوء الدولي على البرنامج النووي الإيراني، وحشد دعم ضمني لاحتواء طموحات طهران.

لكن في المقابل، لم تنجح الضربات حتى الآن في تغيير المسار الاستراتيجي للسياسة الإيرانية، إذ لم تُجبر طهران الى الآن على العودة إلى طاولة التفاوض بشروط جديدة. بل يبدو أن الصراع دخل مرحلة أخرى من التوترات المستمرة والضربات المتبادلة التي قد تطول.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت قد أطلق أمس تصريحات غاية في الأهمية. إذ رأى أن الغارات الأمريكية تحيّد البرنامج النووي الإيراني محذرا من تداعيات أكبر حجما. حيث قال إنه النظام لن ينهار رغم قوة الضربات ودعا للأخذ في عين الاعتبار ترسانة طهران الصاروخية. وقد أخذ أولمرت مسافة من التهليل الإسرائيلي بما جرى. فقال من الغطرسة ومن غير الواقعي اعتبار أن الغارات الاستباقية ستركّع دولة تعداد سكانها 90 مليونا وذات تراث عمره آلاف السنين.

وبناء على ما تقدم، يرى مراقبون أن ما حققته إسرائيل حتى الآن يمكن وصفه بنصر آني محدود التأثير من الناحية الاستراتيجية. فقد وجهت ضربة قوية للهيبة الإيرانية، لكنها لم تُنهِ المشروع النووي، بحسب ما صرّح به مسؤولون إيرانيون. ومع دخول الولايات المتحدة على خط المواجهة، ارتفعت الكلفة، لكن أيضاً ارتفعت معها المخاطر. فهل ستتمكن إسرائيل من ترجمة هذا التقدم التكتيكي إلى تغيير دائم في المعادلة الإقليمية، أم أنها فتحت أبواب صراع طويل قد يتجاوز قدرتها على التحكم بمساره؟

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • عبر الخارطة التفاعلية.. أبرز المواقع المستهدفة بالقصف بين إيران وإسرائيل
  • عاجل- اجتماع طارئ لمجلس محافظي الطاقة الذرية اليوم بسبب الهجمات الأمريكية على منشآت نووية إيرانية
  • بين التكتيك والاستراتيجية... أين تقف إسرائيل بعد الضربات التي تلقتها إيران؟
  • نائب رئيس هيئة الطاقة النووية الأسبق: لا يوجد أي خوف على مصر بعد ضرب منشأت نووية إيرانية
  • زاخاروفا: “إسرائيل” التي تمتلك أسلحة نووية تقصف مع أمريكا إيران التي لا تمتلكها
  • زاخاروفا: إسرائيل الوحيدة بالمنطقة التي تمتلك أسلحة نووية وهي تقصف مع أمريكا إيران التي لا تمتلكها
  • علي إسلام: إيران قد تقترب من تصنيع قنبلة نووية
  • أخبار التوك شو| أبرز تعديلات قانون الإيجار.. حرب إيران وإسرائيل تربك أسواق الطاقة
  • على الخريطة.. مواقع الضربات الأمريكية التي دمرت تماما أبرز منشآت نووية
  • بعد القصف الأمريكي.. أبرز المعلومات عن منشآت إيران النووية