غزة: لحنُ البطولة في زمن النشاز العربي
تاريخ النشر: 11th, April 2025 GMT
غزة: لحنُ البطولة في زمن النشاز العربي.. حين يكتب الدمُ تاريخاً أعجز الجيوش
كتب: احمد ايهاب سلامة
ها هي هدنة اخرى قريبة في غزة ستفتح أبوابها، ولكن أي هدنة تلك التي تأتي بعد أن رفعت هذه البقعة الصغيرة، التي لا تكاد تبرز على خرائط الجغرافيا، راية العروبة والإسلام عالية في وجه الطغيان؟
غزة، بجراحها النازفة، بصمودها الأصيل، بقبضات رجالها الأبية ودموع نسائها الثائرة، دافعت وحدها عن أمة الملياري مسلم، ووقفت صامدة نيابة عن 600 مليون عربي قد ابتلعوا ألسنتهم، وأغمضوا عيونهم عن قهر أشقائهم خلف الشاشات.
غزة… حكاية لا تشبه إلا نفسها
غزة لم تدخل التاريخ من بابه فحسب، بل اقتلعت أبوابه واقتحمته، وسجلت اسمها في سجل الخالدين بحروف من دماء الأبطال، وهي التي قاومت، وصمدت، وصبرت، وتحدت أعتى الآلات الحربية في الشرق، حرب بربرية امتدت نحو عامين كاملين، لم تهن فيها عزيمتها، ولم تلن إرادتها، ولم ترفع الراية البيضاء، بل ظلت تقاتل بشرف، وتنتصر بكرامة، وتكتب فصولًا جديدة من المجد في زمن انقرض فيه الرجال.
الجيش الذي لا يُقهر… انقهر
غزة وحدها، بأسلحتها البسيطة وعزيمتها الفولاذية، صمدت في وجه الجيش الذي طالما تغنى بكونه “الجيش الذي لا يُقهر”، كبدته خسائر فادحة، فاقت الثلاثين ألفا بين قتيل وجريح، وأكثر من 3500 دبابة وآلية سُحقت وتحولت إلى كومة حديد محترق، بل إن الذعر دب في أوصاله، وتزلزلت صورة التفوق الزائف في عيون العالم.
من يجب أن يشكر من؟
من الظلم أن نقول إن على غزة شكر من وقف معها لأن لا احد ساندها.. بل نحن، جميعنا، من يجب أن ننحني لها، علينا أن نطأطئ رؤوسنا خجلا أمام أمهات قدمن فلذات أكبادهن فداء لعقيدة، علينا أن نقبل تراب غزة الطاهر، الذي هو أطهر من جميع المنابر التي صدحت بالصمت، وأصدق من جميع الخطب التي ما أنقذت طفلا ولا أوقفت دمعة.
لن تقف غزة في صف الانتظار لتُشكر، فهي ليست بحاجة إلى كلمات زائفة، وإنما إلى أمة تتحرر من أوهامها.
غزة… أم البطولة وربة الصبر
تحية لأمهات غزة، من أنجبن رجالًا من نار وبارود، تحية لكل بيت تهدم وبقي شامخا كالجبال، لكل طفل فقد عائلته ولم يفقد انتماءه، لكل مقاتل حمل بندقيته في وجه الطغاة وصمد، لكل شهيد روى الأرض بدمه، فأثمرت مجدا وصمودا لا يقهر.
أمة تُهان وأخرى تُقاتل عنها!
غزة لا تحتاج إلى شفقة، ولا إلى قصائد مديح، ما تحتاجه هو أمة تشبهها، أمة تملك نخوتها، وتستعيد شهامتها، وتكسر قيود العجز والخذلان.
غزة لا تنتظر الشكر والعون من أنظمة خذلتها، بل تنتظر يقظة تعيد للأمة هيبتها، وتستعيد فينا كرامتنا المفقودة، ألم يحن الوقت لنستفيق من سباتنا الطويل؟
نهاية لا تشبه الختام
غزة لم تنتصر بالسلاح فقط، بل بالإيمان العميق، بالإرادة الجبارة، بالحق الذي لا يساوم، وبالحب الذي لا يموت.
أيها المتفرجون خلف شاشاتكم، يا من حسبتم أن النصر يُشترى أو يوهب، تعلموا من غزة: النصر لا يُمنح بل يُنتزع، والكرامة لا تُوهب بل تُدافع عنها بالدم.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: الذی لا ی
إقرأ أيضاً:
ما الذي يضمره أبو إيفانكا لسوريا وقيادتها؟
من الإجحاف أن نستكثر على الشعب السوري فرحته بقرار رفع العقوبات الاقتصادية عن البلد المنهك الجريح؛ وهو أكثر من اكتوى بنيران تلك الخطوة الظالمة وحولت حياته إلى جحيم لا يطاق، وهو المحكوم حينها بعصابة أتت على الأخضر واليابس من مقدرات الوطن وحولته إلى مزرعة خاصة لها ولأتباعها من المتملقين والمنافقين.
شخصيا ومنذ صرخة درعا الأولى ظل وما زال وسيبقى همي الوحيد هو الشعب السوري، وتحملت الكثير جراء اصطفافي في خندقه على الصعيد المهني ولا يسمح المجال بسرد التفاصيل والمزيد؛ لكن ما أرمي إليه أن لي كل الحق في ما سأذكره في الأسطر التالية، وزادي الكم الهائل من الحوارات والمواد الصحفية التي يمكن البحث عنها بمنتهى السهولة عبر محركات البحث والتي وثقت من خلالها للثورة السورية وأبطالها.
وَرَاءَ الأَكَمَةِ مَا وَرَاءَهَا:
هذه خطوة ستعزز حضور القيادة السورية وتفتح أمامها أبواب ظلت موصدة بحكم "الشك والريبة" من الاتهامات المعلبة المعروفة سلفا. لكن السؤال العريض: ما هو الثمن الحقيقي الذي طلبه أو سيطلبه الرئيس الأمريكي من سوريا وقيادتها؟ وهل كل من نشر خلال الساعات القليلة الماضية تسريبات لجس النبض أم مجرد مبالغات؟
إذن دعونا نتعمق في صلب الخطوة دون مقدمات؛ ونتساءل: منذ متى جاءنا الخير على يد أمريكا؟ والمثير للسخرية أن ما نعاينه اليوم تحديدا يقوده تاجر العقارات الذي لا يكل ولا يمل في نهب كل ما يلهب حواسه في أي بقعة كانت على وجه الكرة الأرضية؛ فهل علينا أن نثق في "أبو إيفانكا" الذي يغير كلامه كما يغير بدلاته، وهو المخبول بصفقاته الحالية في الخليج العربي ومن المنطقي أن يتحلى ببعض المرونة أمام قادته قبل أن ينقلب كعادته ويكشر على أنيابه حين تطأ قدماه البيت الأبيض؟
قطعا "مغانم" القيادة السورية كبيرة وراء هذا اللقاء الذي دام لثلاثة وثلاثين دقيقة ويعد الأول لرئيس سوري منذ 25 عاما؛ وهنا لا بد من استحضار حالة الارتباك الشديدة التي عمت على سبيل المثال لقاء أحمد الشرع مع الفرنسي إيمانويل ماكرون، حيث يمكن الملاحظة بمنتهى السهولة "تجاهل" الإليزيه وساكنيه نشر الصور على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي مع ضيفهم أسوة بالتقاليد المتبعة مع باقي الرؤساء الذين يتم استقبالهم؛ في خطوة مشبوهة تكشف التردد الذي استبد بماكرون قبل اتخاذ خطوة استقبال الرئيس السوري.
المؤكد اليوم أن المعايير ستختلف أمام باقي المترددين بعد صور ترامب في السعودية؛ وهذه خطوة ستعزز حضور القيادة السورية وتفتح أمامها أبواب ظلت موصدة بحكم "الشك والريبة" من الاتهامات المعلبة المعروفة سلفا.
لكن السؤال العريض: ما هو الثمن الحقيقي الذي طلبه أو سيطلبه الرئيس الأمريكي من سوريا وقيادتها؟ وهل كل من نشر خلال الساعات القليلة الماضية تسريبات لجس النبض أم مجرد مبالغات؟
المتغطي بالأمريكان عريان:
لعل العبارة اليتيمة التي خلّفها المخلوع حسني مبارك وتختصر علاقته بـ"الماما أمريكا"؛ تكشف بجلاء خيبة أمله الشديدة بعد أن اتُخذ قرار التضحية به وأن صلاحيته قد انتهت بعد سلسلة من العنتريات؛ أشهرها صراخه في وجه ياسر عرفات مرددا: "وقع يا ابن الكلب" حين كان يعتبر نفسه خادما مخلصا لرابين وبيريز ليحصد لاحقا مكافاة نهاية الخدمة التي تليق بأمثاله.
فرحة الشعب السوري امتدت لتشمل كل الوطن العربي من المحيط إلى الخليج وهذه نقطة فاصلة ليست محل نقاش، لكن الحذر كل الحذر مما يطبخ في الكواليس والثمن الحقيقي المراد دفعه، ورهاننا كبير على وعي وانتماء السوريين وأنهم قادرون على تجاوز المطبات
هذه الجملة ينبغي عدم تجاهلها كلما تعلق الأمر بـ"حنان أمريكي" مباغت على غرار انجراف البعض وراء الخطوة الحالية وصياغة قصائد تبجل خصال وأخلاق سيد البيت الأبيض الحالي، دون أدنى تفكير في الخلفيات والثمار التي جناها أو سيجنيها، وكلنا نعي جيدا أن الرجل حذف من قاموسه كلمة "بالمجان " وهو الذي يحكم بعقلية السمسار والتاجر، ومن شب على شيء شاب عليه.
ما يهمنا هو التعامل بحذر شديد مع التطورات الأخيرة لأن الفصول الحاسمة لم تكتب بعد، والأيام القادمة كفيلة بالتوضيح وأيضا إماطة اللثام عن الأسرار التي تحتفظ بها الغرف المغلقة في الرياض السعودية.
ماذا عن الكيان الصهيوني؟
من السذاجة بمكان إعطاء أهمية قصوى للتسريبات الإعلامية المتناسلة عن "الفجوة العميقة" بين الإدارة الأمريكية ورئيس الوزراء الكيان الصهيوني؛ لأن التجارب علمتنا أنها مجرد مسرحيات فاشلة لصرف الأنظار عما يحدث على أرض الواقع، ومن هذا المنطلق لا بد وأن يكون الكيان اللقيط كلمة السر التي يحتفظ بها ترامب وسيسعى جاهدا لوضعها في أبهى حلة خلال الاتفاق الجديد؛ سواء بإشهار التطبيع كما ظل يردد ليل نهار وأيضا الأراضي التي يحتلها ومسلسل عربدته الذي لا يتوقف. وهنا كل الأنظار ستتجه نحو أحمد الشرع وحكومته المطالبَين أكثر من أي وقت مضى بموقف حاسم وحازم؛ ولو أن المؤشرات لا تبشر بخير استنادا لكثرة التسريبات الأخيرة وأيضا للمرونة الأمريكية فيما يخص إلغاء العقوبات.
وهنا نهمس في إذن من يبدو متحمسا للخطوة أو من يعتبرها انتقاما للماضي وسرديات النظام البائد: أولا العصابة الأسدية كانت تتاجر بالقضية الفلسطينية وكل الدلائل أثبتت تورطها وفضحت زيف ادعاءاتها، لذلك لا ينبغي خلط الحابل بالنابل على الإطلاق، ثانيا: ماذا استفادت الدول العربية المطبعة مع الكيان حتى ينال سوريا من "الحب نصيب"؟
ختاما؛ فرحة الشعب السوري امتدت لتشمل كل الوطن العربي من المحيط إلى الخليج وهذه نقطة فاصلة ليست محل نقاش، لكن الحذر كل الحذر مما يطبخ في الكواليس والثمن الحقيقي المراد دفعه، ورهاننا كبير على وعي وانتماء السوريين وأنهم قادرون على تجاوز المطبات لبناء وطنهم وإعادته لمكانته التي يستحقها..
رجاء لا تخذلونا..