المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة.. عراقجي: نسعى إلى فهم أولى مع الجانب الأمريكي
تاريخ النشر: 12th, April 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
بدأت إيران والولايات المتحدة يوم السبت مفاوضات حاسمة بهدف الوصول إلى اتفاق نووي جديد، وسط تهديدات من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشن ضربات عسكرية إذا فشلت المفاوضات، وتحذيرات من إيران بأن أي هجوم على أراضيها سيجر الولايات المتحدة إلى صراع أوسع في منطقة الشرق الأوسط.
المفاوضات في عمان.. الحوار غير المباشر
المفاوضات التي تُعقد في سلطنة عمان قد تكون أول محادثات مباشرة بين المسؤولين الإيرانيين والأمريكيين منذ عشر سنوات، على الرغم من أن إيران تصر على أن المفاوضات ستكون غير مباشرة، حيث يتوسط وزير الخارجية العماني بدر بن حمد البوسعيدي بين الطرفين. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي إن المحادثات غير المباشرة بدأت بين وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي والمبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، مشيراً إلى أن الطرفين سيجلسان في غرف منفصلة ويتبادلان الآراء من خلال الوسيط العماني.
إيران تسعى إلى "فهم أولي" مع واشنطن
قال عباس عراقجي لدى وصوله إلى العاصمة العمانية مسقط إنه من المبكر الحديث عن جدول زمني للمحادثات، مشيراً إلى أن ذلك يعتمد على “الإرادة الكافية من الجانبين”، وأضاف أن إيران تسعى إلى "فهم أولي" مع الولايات المتحدة يمكن أن يؤدي إلى عملية تفاوضية.
ترامب يهدد بالضربات العسكرية
جاءت المفاوضات في وقت حساس، حيث أعطى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إيران مهلة لمدة شهرين لقبول اتفاق يؤدي إلى تقليص برنامجها النووي أو القضاء عليه تماماً.
وقال ترامب في تصريحات له على متن الطائرة الرئاسية إن "إيران لا يمكنها امتلاك سلاح نووي" وإنه يريد أن تكون إيران دولة عظيمة، ولكن بدون برنامج نووي.
ترامب لم يستبعد احتمال توجيه ضربات عسكرية ضد إيران إذا فشلت المفاوضات، مشيراً إلى أن إسرائيل ستكون في مقدمة الدول التي تقود أي هجوم محتمل.
تهديدات و"خطوط حمراء" إيرانية
إيران، من جانبها، أكدت مراراً رفضها التفاوض تحت الضغط، حيث حددت "خطوطها الحمراء" في المحادثات، بما في ذلك "اللغة التهديدية" و"المطالب المفرطة" بشأن برنامجها النووي وصناعتها الدفاعية، التي تشير إلى برنامجها الصاروخي الباليستي الذي يعد تهديداً بالنسبة لحلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
المفاوضات ليست مجرد اتفاق نووي
وتعتبر الإدارة الأمريكية أن المفاوضات ليست فقط بشأن البرنامج النووي الإيراني، بل أيضاً على نطاق واسع يشمل برنامج إيران الصاروخي ودعمها للمجموعات المسلحة في المنطقة.
حيث أكد مسؤولون في الإدارة الأمريكية أن الهدف هو إيجاد اتفاق أقوى من الاتفاق النووي الذي أبرمته إدارة الرئيس باراك أوباما عام 2015.
القلق الإسرائيلي وتداعيات فشل المفاوضات
المفاوضات تجري في ظل تصاعد القلق الإسرائيلي بشأن فشل المحادثات النووية. بينما يدعم مسؤولون في الإدارة الأمريكية الإجراءات العسكرية الإسرائيلية ضد إيران، كانت تصريحات ترامب هذه المرة مفاجئة لبعض المسؤولين الإسرائيليين، حيث عبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن قلقه من تأخر المفاوضات، مشيراً إلى أنه قد يتخذ قراراً بشن هجوم ضد إيران إذا طال أمد المفاوضات.
إمكانية التوصل إلى اتفاق
يعتقد بعض الخبراء أن المفاوضات في هذا السياق قد تكون مجرد بداية لاستكشاف مدى إمكانية التوصل إلى اتفاق.
وقال مسؤول أمريكي سابق إن "السبت على أفضل تقدير سيكون مجرد تمهيد للطاولة، لتحديد ما إذا كان من الممكن التوصل إلى اتفاق"، مشيراً إلى أن التفاصيل الحساسة المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني ستظل غير واضحة في هذه المرحلة الأولى.
تهديدات الحرب وتداعياتها على المنطقةمن جانب آخر، حذر عراقجي في مقال نُشر هذا الأسبوع من أن أي حرب على إيران ستجر الولايات المتحدة والمنطقة إلى صراع مكلف، قد يمتد عبر المنطقة بأسرها، مؤكداً أن هذا النوع من الحرب سيكون بعيداً عن ما يريده ترامب، الذي دخل البيت الأبيض تحت شعار معارضة الحروب الخارجية.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: إيران اتفاق نووي جديد الولایات المتحدة إلى اتفاق إلى أن
إقرأ أيضاً:
حقيقة الدور الأمريكي في مفاوضات وقف الحرب على غزة
يميل البعض لتصديق ما يقال عن اضطلاع الولايات المتحدة بدور “الوسيط” في التحركات الرامية إلى وضع حد لحرب الإبادة الجماعية التي تشنّها “إسرائيل” على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وهو أمر يبعث على السخرية، لأنها شريك لا وسيط، ولولا ما تقدمه من دعم هائل ومتعدد الأبعاد لما تمكنت “إسرائيل” من مواصلة الجرائم التي ترتكبها في حربها القذرة على غزة.
كما يميل البعض لتصديق ما يقال أيضاً عن الدور الذي تضطلع به كل من مصر وقطر على هذا الصعيد، كشريكتين للولايات المتحدة في مهمة الوساطة، وهو أمر يبعث على الاستغراب. فمصر وقطر عضوان في مؤسسة إقليمية تدّعي أن فلسطين هي “قضية العرب الأولى”، وأن الدفاع عن شعبها في مواجهة الأخطار الصهيونية التي تهدد وجوده هو التزام قومي يتعين على الدول الأعضاء الوفاء به.
ولأن وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة لا تكف عن الحديث عن مفاوضات غير مباشرة تدور منذ شهور طويلة بين حماس و”إسرائيل”، وعن الدور الذي تقوم به الدول الثلاث كوسطاء في هذه المفاوضات، فمن الطبيعي أن نتساءل عن طبيعة هذا الدور، وعن الأسباب التي أدت إلى تعثر هذه المفاوضات.
لتقديم إجابة واضحة عن هذه التساؤلات، من المفيد أن نتذكر أن “إسرائيل” كانت، حين قامت حماس بعملية “طوفان الأقصى” في 7 /10 /2023م، تدار بواسطة حكومة يمينية برئاسة نتنياهو هي الأكثر تطرفاً في تاريخها، ويتوقف تماسك ائتلافها على العناصر الأكثر تشدداً والتزاماً بالرؤية التوراتية للمشروع الصهيوني، فلم يكن غريباً أن تحاول توظيف ما حدث لخدمة أهدافها التوسعية. لذا، يمكن القول إن الحرب التي قررت شنّها كردّ فعل على ما جرى كانت لها أهداف معلنة، انحصرت في: تدمير حماس عسكرياً وإسقاطها سياسياً واستعادة الرهائن، وأخرى خفية، اتسعت لتشمل: إعادة احتلال قطاع غزة واستيطانه بعد إفراغه من جميع سكانه والقضاء على كل أشكال المقاومة المسلحة في الضفة ودفع سكانها إلى المغادرة تمهيداً لضمها.
ولأن الولايات المتحدة ألقت بثقلها وراء “إسرائيل”، أملاً في تمكينها من تحقيق أهدافها المعلنة على الأقل، فضلاً عن أن معظم الدول العربية لم تكن على علاقة طيبة بمنظمة حماس، وبالتالي لم تكن حريصة على عودة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل “الطوفان”، فلم يكن غريباً أن تنحصر جهود الوساطة في البداية في السعي لهدنة، تتيح لـ”إسرائيل” استعادة بعض الرهائن وللمقاومة الإفراج عن بعض الأسرى وإدخال بعض المعونات الإنسانية، وهو ما تم التوصل إليه بالفعل في 30 /11/ 2023م، وكما كان متوقعاً، رفض نتنياهو تمديد الهدنة وعاد لاستئناف الحرب، ولكن بشراسة أكبر تؤكد إصراره على تحقيق أهدافها كافة، المعلنة منها والخفية، بكل الوسائل المتاحة.
تجدر الإشارة هنا إلى أن العجز عن تحقيق أي من هذه الأهداف بالوسائل العسكرية، شجع الولايات المتحدة على البحث عن وسائل أخرى لتحقيقها، خصوصاً في ظل تنامي الاحتجاجات العالمية على الانتهاكات الإسرائيلية والاقتراب من موعد انطلاق حملة الانتخابات الرئاسية وما تنطوي عليه من ضغوط متباينة الاتجاهات. وكان من الطبيعي أن تبرز، في سياق كهذا، أهمية التفاوض غير المباشر مع حماس، والحاجة الماسة إلى محاولة الاستفادة من جهود يمكن لدول عربية حليفة، كمصر وقطر، أن تقوم بها لصالح جميع الأطراف.
فمصر ترتبط مع حماس بعلاقات أمنية قوية، فرضتها معطيات جيوسياسية تجبر الطرفين على تنسيق المواقف مهما تباينت الرؤى واختلفت التوجهات، وقطر تستضيف على أرضها قيادات حمساوية كثيرة وتقدم دعماً مالياً سنوياً للقطاع، وهي أمور تتيح لها قدرة على الحركة والتأثير.
غير أن نتنياهو كانت له حسابات أخرى. فهو لا يريد للحرب أن تتوقف قبل تحقيق “النصر المطلق” كي لا تنهار حكومته، ومن ثم التقت مصالحه الشخصية مع الجناح التوراتي في الحكومة، ولا يريد أن يقدم لبايدن هدية تساعده على الفوز في الانتخابات، لأنه يراهن على ترامب الذي قدم لـ”إسرائيل” إبان فترة ولايته الأولى أكثر مما حلم به نتنياهو نفسه، ما يفسر لماذا تعثرت جهود بايدن للعثور على صيغة لوقف إطلاق النار، رغم كل ما قدمه من دعم لـ”إسرائيل” وتبنّيه شبه التام لما يطرحه نتنياهو من أفكار، ولماذا لم يتم التوصل إلى اتفاق من حيث المبدأ إلا بعد انتخابات الرئاسة الأمريكية التي جرت في نوفمبر الماضي، ولماذا حرص نتنياهو على عدم الإعلان صراحة عن موافقته النهائية على تفاصيل الاتفاق إلا بعد تدخل ستيف ويتكوف، مبعوث الإدارة الأمريكية الجديدة إلى الشرق الأوسط، وقبل يوم واحد من دخول ترامب البيت الأبيض، وكلها مؤشرات تدل على أن نتنياهو راهن على ترامب منذ البداية.
وعلى أي حال، فقد دخل الاتفاق الذي تم التوصل إليه حيز التنفيذ يوم 19/ 1 /2024م، وتضمن ثلاث مراحل مدة كل منها 42 يوماً.
صحيح أنه لم ينص على وقف دائم لإطلاق النار، لكنه فتح طريقاً يتيح الوصول إليه، ولم يحسم جميع القضايا الخلافية، لكنه ألزم الأطراف كافة بمواصلة الجهود الرامية إلى مناقشة ما تبقى من هذه القضايا وتذليل ما يعترض طريقها من عقبات، وألزم الوسطاء بضمان استمرار المفاوضات غير المباشرة، واستمرار وقف إطلاق النار وتدفق المساعدات الإنسانية وفق البروتوكول المتفق عليه، حتى في حال تجاوز هذه المفاوضات المواعيد المنصوص عليها في الاتفاق.
غير أن مسار الأحداث اللاحقة أثبت أن نتنياهو كان يخطط منذ البداية للانسحاب من هذا الاتفاق في نهاية المرحلة الأولى، بعد أن يكون قد استعاد أعداداً كبيرة من الرهائن، وهو ما حدث بالفعل، بل وليس من المستبعد أن يكون قد اتفق مع ويتكوف مسبقاً على هذا الترتيب، بدليل أن الأخير قدم للأول ما يحتاج من غطاء سياسي لتمكينه من القيام بهذا الانتهاك المشين، خصوصاً أن نتنياهو لم يكتف باستئناف الحرب، وإنما قام بتوسيع نطاقها أيضاً، وبالتالي أعاد احتلال المناطق التي انسحب منها إبان المرحلة الأولى، بل وقام باحتلال مناطق جديدة.
والواقع أن ترامب لم يكتف بتمكين نتنياهو من انتهاك اتفاق ساعدت إدارته على إبرامه وضمنت تنفيذه، لكنه قرر منحه وقتاً إضافياً لعلّه يتمكن فيه من تحقيق إنجازات ميدانية عجز عن تحقيقها من قبل، ثم فاجأ العالم بحديث بدا في حينه مرتجلاً، حين عبّر عن رغبة الولايات المتحدة في “الاستحواذ” على قطاع غزة بهدف تحويله إلى “ريفييرا” على الشاطئ الشرقي للمتوسط، ما أثار مخاوف وشكوكاً هائلة هل نوايا ترامب واحتمال إقدامه فعلاً على مساندة ودعم خطط اليمين الإسرائيلي المتطرف الرامية إلى تهجير الفلسطينيين قسراً، ليس من قطاع غزة فحسب وإنما من الضفة الغربية أيضاً، وما يترتب عليها من خطط ترمي إلى إعادة احتلال قطاع غزة واستيطانه وضم الضفة الغربية إلى “إسرائيل”.
وحين عجز نتنياهو عن تحقيق الإنجازات الميدانية المرجوة، بدأ ترامب يفكر في إعادة تنشيط القناة التفاوضية من جديد، خصوصاً مع اقتراب موعد زيارته لكل من السعودية وقطر والإمارات، بل وأقدم على خطوة جسورة حين قام بفتح قناة سرية للتفاوض المباشر مع حماس، مهدت الطريق للإفراج من دون مقابل عن عيدان أليكسندر، المواطن الأمريكي مزدوج الجنسية، وبدأت تلوح في الأفق من جديد مؤشرات تؤكد قرب التوصل إلى هدنة جديدة طويلة الأمد، قابلة للتحوّل إلى وقف دائم لإطلاق النار، بل وصل الأمر إلى حد صدور تصريح رسمي جاء على لسان أحد كبار المسؤولين في حماس، تؤكد التوصل إلى اتفاق مع ويتكوف حول هدنة طويلة نسبياً، يتم خلالها الإفراج عن عدد من الرهائن، وتضمن الدخول في مفاوضات تفضي إلى وقف دائم لإطلاق النار، وانسحاب إسرائيلي كامل من القطاع، وتدفق المعونات الإنسانية، والتمهيد لبدء الإعمار.
وحين أبدى نتنياهو تحفظات علنية على الصيغة التي قيل إن حماس وافقت عليها، اضطر ويتكوف للتراجع والعودة إلى صيغة قديمة تكفل حصول “إسرائيل” على نحو نصف الأسرى المحتجزين خلال الأسبوع الأول من فترة الهدنة، ومن دون التزامات أمريكية تضمن التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار أو انسحاب “إسرائيل” إلى حدود ما قبل 7 أكتوبر 2023م أو التدفق الحر وغير المشروط للمساعدات. وهذا هو الموقف الرسمي الأمريكي المعلن حتى كتابة هذه السطور. فهل يعني ذلك أن رؤية ترامب لما يجب أن تؤول إليه الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط أصبحت تتطابق كلياً مع رؤية نتنياهو. ليس بالضرورة.
يرى نتنياهو أنه حقق من الإنجازات على جبهات القتال ما يكفي لتغيير معالم المنطقة، ولم يبق له سوى إنجاز واحد، يتوقف على تحقيقه تمكين “إسرائيل” من فرض هيمنتها المنفردة عليها، ألا وهو إجبار إيران على التخلي عن “محور المقاومة”. ولا يختلف ترامب مع نتنياهو على الهدف ولكن على الوسائل المطلوبة لتحقيقه، فبينما يرى نتنياهو استحالة تحقيقه من دون ضربة عسكرية يسعى جاهداً لجر الولايات المتحدة إليها، بينما يرى ترامب إمكانية تحقيقه بوسائل أخرى. وستكشف الأسابيع والشهور القليلة القادمة إلى أين تتجه المنطقة.
أما في ما يتعلق بالمفاوضات غير المباشرة بين حماس و”إسرائيل” وأدوار الأطراف المختلفة فيها، فقد تبيّن من المسار الذي سلكته منذ اندلاع “طوفان الأقصى” وحتى الآن جملة من الحقائق نجملها على النحو الآتي:
1 – أن الولايات المتحدة هي التي تقود هذا المسار وتوجه بوصلته.
2 – أن “إسرائيل” هي التي تتحكم في ضبط الإيقاع وتحديد سرعة الحركة. أما مصر وقطر فيجري توظيفهما للضغط على حماس، أو للبحث عن مخارج تساعد على تجنب وقوع قطيعة تؤدي إلى انهيار المفاوضات، أو لتفادي السقوط في الهاوية عند الاقتراب من حافتها.
مخطئ من يعتقد أن ترامب سيقدم على اتخاذ أي خطوة إلا إذا كان واثقاً تماماً من أنها ستصب لصالح “إسرائيل” التي هي ليست مصالح نتنياهو بالضرورة!
*أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة