من النكبة إلى الإبادة .. لماذا تتعلم “إسرائيل” العربية؟
تاريخ النشر: 18th, April 2025 GMT
يمانيون../
لم يكن حديث أفيخاي أدرعي، المتحدث باسم “جيش” الاحتلال “الإسرائيلي”، باللغة العربية، قبل حرب معركة “طوفان الأقصى”وبعدها مصادفة أو مجرد استعراض لغوي، بل خطة “إسرائيلية” مدروسة هدفها التأثير في الرأي العام العربي والفلسطيني، وأيضاً تسهيل عملية التخابر والتجسس الإلكتروني وإعداد كوادر مخابراتية وقيادة الحرب الرقمية ضد العرب.
ذلك أن استخدام اللغة العربية كأداة لمحاربة الفلسطينيين وقتلهم ليست وليدة أفكار أدرعي، إذ سبقه إلى ذلك الضابط السابق في الاستخبارات “الإسرائيلية”، موردخاي كيدار، والضابط السابق والدبلوماسي الحالي، أرييل أوستريتشر، ومؤخراً شباتاي كوشيليفسكي، أحد مؤسسي ميليشيات “هاشومير يوش” التي تسعى لتقوية المهارات اللغوية لأعضائها، بغية استخدامها في استيطان الأراضي وطرد المزارعين الفلسطينيين. علماً أن “دولة” الاحتلال جعلت اللغة العربية شرطاً أساسياً للالتحاق بأجهزتها الأمنية مثل “الموساد” و”آمان” و”الشاباك”.
تعلم العربية للاستيطان وطرد الفلسطينيين
يستخدم كيان الاحتلال اللغة العربية منذ نكبة عام 1948 “لدس السم في العسل” سعياً لاختراق عقول الشعوب العربية، وبث رسائل وتحذيرات للفلسطينيين للتأثير في معنوياتهم. وخلال حرب الإبادة المستمرة ضد قطاع غزة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر عام 2023، استخدم “جيش” الاحتلال لغتنا العربية لنشر الشائعات والمعلومات المضللة التي تثير الفتنة وتؤلب الغزيين ضد المقاومة.
هذا الدور اطلع به أدرعي بشكل كبير، هو الذي يدير مجموعة من الحسابات النشطة بالعربية على مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، مثّل حملة “لتوليد خطاب بين جماهير مستهدفة محددة للتأثير عليها لا مجرد حملة علاقات عامة”، كما يعترف هو نفسه.
في هذا السياق، تقول صحيفة “هآرتس”، إن المدارس اليهودية تُدرّس اللغة العربية في سياق عسكري، مشيرة إلى أنه ضمن النماذج التي يتعلمها الطلاب عبارة مثل “نحتاج لمساعدتكم في إفشال هجوم إرهابي”، ما جعل تدريس العربية جزءاً من برنامج مشترك بين وزارتي الدفاع والتعليم وأجهزة الاستخبارات.
ولتكريس مفاهيم أن العربي والفلسطيني عدو يجب محاربته وطرده، اهتم كيان الاحتلال منذ خمسينيات القرن الماضي، بتدريس العربية، حين بدأ “جيش” الاحتلال في تبني تعليمها بين اليهود عبر تأسيس مبادرة مشتركة لقسم التدريب في سلاح الاستخبارات العسكرية بالتعاون مع مكتب مستشار الشؤون العربية بوزارة الخارجية “الإسرائيلية”.
تقول ليلى أبو المجد، أستاذة الأدب العبري في جامعة عين شمس المصرية، إن “إسرائيل” تصرّ على اعتبار العربيّة لغة العدو وتدريسها يأتي في السياق العسكري والأمني لخدمة أهداف المؤسسة “الإسرائيلية”، مشيرة إلى أن ذلك “ليس من منطلق التعرّف إلى العرب والحضارة العربية للاعتراف بها والرغبة في العيش المشترك بسلام حقيقي مع الفلسطينيين”.
وتضيف أبو المجد في حديثها مع “الميادين الثقافية”، إلى أن “تدريس اللغة العربية داخل كيان الاحتلال ينبع من أنه لا يريد سلاماً حقيقياً مع العرب. لذا، سعى منذ البداية إلى سلخ اليهود الشرقيين عن العربيّة، لغتهم الأمّ، ووسمها بلغة أعدائهم واخترق عقولهم بفكر صهيوني استعلائي على الحضارة العربيّة إلى أن باتوا يدعمون الأحزاب والحركات السياسيّة اليمينيّة المتطرفة”.
“إسرائيل” تكرسّ العربية كلغة للحرب والقتل
في 19 تموز/يوليو 2018، زاد العداء للغة العربية. إذ أقرّ الكنيست ما يُعرف بـ”قانون الدولة القومية” ليُضعف بشكل قانوني ورسمي مكانة اللغة العربية، ومنح العبرية مكانة عُليا. هكذا أصبحت العربية التي يتحدث بها نحو 22 % من سكان الأراضي المحتلة في مكانة أدنى، وبالتتابع منُع الموظفون من تحدث العربية داخل أماكن العمل، وباتت جملة باللغة العربية على لسان عضو عربي داخل الكنيست تسبب أزمة كبيرة وردود فعل غاضبة من قِبَل قادة الاحتلال.
في كتابه المعنون “لغة خارج مكانها: الاستشراق، المخابرات واللغة العربيّة في إسرائيل”؛ الصادر عام 2020؛ كشف الكاتب الإسرائيلي يونتان ماندل؛ عن تعاون وثيق بين مركزي “جفعات حبيبه” و” أولبان عكيفا” المعنيين بتدريس العربية في “إسرائيل” من جهة، وبين جهاز الاستخبارات و”جيش” الاحتلال اللذين يقدمان الدعم المالي من جهة أخرى؛ لتدريس العربيّة لأهداف أمنيّة واستخبارية، كما يشير إلى أن تدريس العربية يتم في سياق أمني وعسكري، منذ ثمانينيات القرن الماضي.
ويعود تاريخ تدريس اللغة العربية في الأراضي المحتلة ووسط اليهود إلى أواخر القرن الــ 19 في القدس وحيفا، وفق حديث نرمين القماح، مدرسة الأدب العبري الحديث بجامعة عين شمس.
وتشير في حديثها مع “الميادين الثقافية” إلى أنه “بعد قيام كيان الاحتلال عام 1948 بسنوات عدة ركزت “إسرائيل” على تعليم العربية على الجوانب العسكرية والاستخبارية، في سياق برنامج “إعرف عدوك” وليس “إعرف جارك الفلسطيني” لإيجاد أرضية للتعايش السلمي معه أو احترامه”.
اللغة العربية للانضمام إلى وحدات التجسس
تخصص “إسرائيل” برنامجاً يدعى “المستقبل”، بهدف تعليم طلاب المدارس الثانوية، اللغة العربية، ومنحهم فرصة للتعرّف على مساراتها في جهاز الاستخبارات، حتى يتم قبول بعضهم في وحدة “8200” الاستخبارية المتخصصة بالتجسس الإلكتروني.
وبعد حرب عام 1973 بين مصر و”إسرائيل” تم تأسيس وحدة “TELEM” وهي وحدة “تعزيز الدراسات العربية والشرق أوسطية” وجزء من وحدة استخبارات النخبة 8200 التابعة لـ”جيش” الاحتلال، وهي وحدة الحرب الإلكترونية السرية في كيان الاحتلال، كما تعرف باسمها بالأرقام العبرية “شموني ماتايم”، وتشبه وكالة الأمن القومي الأميركية أو مكاتب الاتصالات الحكومية البريطانية، وهي أكبر وحدة عسكرية مستقلة في “جيش” الاحتلال، وغالباً ما تكون أنشطتها شديدة السرية وتستخدم تقنية الذكاء الاصطناعي في الاغتيالات التي تنفذها “إسرائيل”.
أستاذ الأدب العبري بجامعة الإسكندرية، أحمد فؤاد أنور، يقول إن هناك اعتقاداً سائداً داخل كيان الاحتلال بأن من يتعلم اللغة العربية يريد الانضمام إلى الأجهزة الأمنية والعسكرية أو أي وحدة أمنية تتعامل مع العرب، لافتاً في تصريحات خاصة بــ “الميادين الثقافية”، إلى أن “إسرائيل” ركزت على المؤسسات التعليمية الثانوية لتخريج طلبة يُعَدّون مترشحين للعمل داخل الاستخبارات ووحدات “جيش” الاحتلال.
العدوان على غزة واللغة العربية
منذ بدء حرب الإبادة “الإسرائيلية” ضد غزة، لعبت اللغة العربية دوراً مهماً في إيصال صوت أهالي غزة للحقيقة بعد موجة التضليل التي ساقتها وسائل الإعلام الغربية و”الإسرائيلية”، كما تعزز حضور اللغة العربية حيث كانت وسيلة للتواصل ونقل المعلومات وصوت المؤثرين من داخل الحرب والأحداث الحية إلى بقية العالم.
وكذلك فإن استخدام المقاومة الفلسطينية محتوى عربياً احترافياً لإيصال رسالة إلى المجتمع الدولي والمحلي حول الدمار والقتل الذي تمارسه “إسرائيل” بحق المدنيين، وبث الغزاويين مقاطع فيديو من داخل القطاع تم فضح أكاذيب الإعلام الغربي على مواقع التواصل الاجتماعي.
واستخدم أهالي غزة أيضاً، مفردات عربية عدة مثل “الحمد لله”، “معلش”، “كلنا فداء لفلسطين”، مع دعاء الله، كان له تأثير كبير على شعوب العالم، كما زلزل مشهد الطفل الذي استعان بآيات من القرآن الكريم للتغلب على آلام بتر قدمه من دون مخدر قلوب الملايين، ما جعل الملايين يسمعون العربية وبعضهم لأول مرة في حياته ودفعهم إلى البحث عنها.
* المادة نقلت حرفيا من موقع الميادين نت ـ يحيى خلف
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: تدریس العربیة کیان الاحتلال اللغة العربیة العربی ة إلى أن
إقرأ أيضاً:
الجامعة العربية تدين خطة احتلال غزة وتدعو لوقف الإبادة والتجويع
أدان اجتماع للجامعة العربية على مستوى المندوبين الدائمين، وُصف بـ"الطّارئ"، الأحد، خطة دولة الاحتلال الإسرائيلي لاحتلال قطاع غزة، مبرزا أنّ: "ذلك بمثابة عدوان سافر على جميع الدول العربية وأمنها القومي ومصالحها السياسية والاقتصادية، وتهديد للأمن والسلام والاستقرار بالمنطقة".
وطالبت الجامعة العربية، عبر البيان الختامي، عقب الاجتماع غير العادي لمجلس الجامعة على مستوى المندوبين الدائمين والذي عقد في العاصمة المصرية، القاهرة، المجتمع الدولي، بالضغط على دولة الاحتلال الإسرائيلي لوقف عمليات الإبادة والتجويع للفلسطينيين في قطاع غزة.
إلى ذلك، أعرب مجلس جامعة الدول العربية عن إدانته لـ"قرارات وخطط حكومة الاحتلال الإسرائيلي لفرض السيطرة العسكرية الكاملة على قطاع غزة، وتهجير الشعب الفلسطيني، وجرائم العدوان والإبادة الجماعية والتطهير العرقي التي ترتكبها إسرائيل في غزة والضفة الغربية المحتلة، بما فيها مدينة القدس".
وأكد أنّ "هذه القرارات والخطط تشكل خرقاً للقانون الدولي والمواثيق الدولية وعدوانًا سافرًا على جميع الدول العربية وأمنها القومي ومصالحها السياسية والاقتصادية، وتهديداً للأمن والسلام والاستقرار بالمنطقة".
كذلك، رحّب بالمواقف والبيانات الدولية التي أعلنت رفض قرار الاحتلال الإسرائيلي لاحتلال قطاع غزة ولإجراءات وسياسات الاحتلال بضم الضفة الغربية.
تجدر الإشارة إلى أنّ اجتماع الجامعة العربية، قد أتى بناء على طلب من دولة فلسطين، من أجل بحث آليات التحرك العربي ضد خطة دولة الاحتلال الإسرائيلي احتلال كامل قطاع غزة المحاصر.
وطالب في السياق نفسه "المجتمع الدولي وخاصة الولايات المتحدة، بالضغط على إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال لوقف عدوانها وجرائمها ضد الفلسطينيين، بما فيها الإبادة والتجويع والتهجير، وإنهاء احتلالها غير القانوني، بصفتها الدولة الأقدر على تحقيق ذلك".
وأكد على ضرورة تنفيذ قرارات القمم العربية والقمم العربية الإسلامية المشتركة بكسر الحصار الإسرائيلي على غزة، وفرض إدخال قوافل إغاثية إنسانية كافية إلى كامل القطاع برا وبحرا وجوا، بالتعاون مع الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة بما فيها "الأونروا".
كما أدان استخدام دولة الاحتلال الإسرائيلي للتجويع كسلاح إبادة جماعية، والذي قضى على 200 مدني فلسطيني جوعا، نصفهم من الأطفال، "وكذلك مصائد الموت التي نصبتها قوات الاحتلال في إطار عمل ما يسمى بمؤسسة غزة الإنسانية، والتي راح ضحيتها 1500 شهيد وآلاف الجرحى".
وأشار إلى: "ضرورة تمكين دولة فلسطين من تولي مسؤوليات الحكم كاملة بقطاع غزة، كما بالضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، بدعم عربي ودولي، وبما يضمن وحدة النظام والقانون والسلاح، في إطار البرنامج السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني".
ودعا، "العضوين العربيين في مجلس الأمن الجزائر والصومال، والمجموعة العربية في نيويورك، إلى مواصلة جهودهم المقدرة لوقف العدوان الإسرائيلي بما في ذلك تقديم مشروع قرار في مجلس الأمن لإلزام إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال، بوقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الإغاثية الكافية وغير المشروطة إلى كامل قطاع غزة وإنهاء الاحتلال".
وفي ختام بيانه، حثّ المجلس جميع الدول على تطبيق تدابير قانونية وإدارية تشمل، منع تصدير أو نقل أو عبور الأسلحة والذخائر والمواد العسكرية لدولة الاحتلال الإسرائيلي، وإجراء مراجعة للعلاقات الاقتصادية معها، وإجراء تحقيقات وملاحقات قضائية وطنية ودولية مع المسؤولين الإسرائيليين عن الجرائم ضد الشعب الفلسطيني.
واستدرك بدعوة، "منظمات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية ومنظمات حقوق الإنسان في مختلف أنحاء العالم على تتبع كل المتورطين في جرائم الحرب الإسرائيلية العدوانية ومحاسبتهم عليها قضائيًا".
وفي سياق متصل، كان مجلس وزارة الاحتلال الإسرائيلي المصغر "الكابينت"، قد أقرّ، فجر أول أمس الجمعة، خطّة تبدأ باحتلال مدينة غزة، وذلك عبر تهجير سكانها البالغ عددهم ما يناهز مليون نسمة إلى الجنوب، ثم تطويق المدينة بعد ذلك، وتنفيذ عمليات توغل في التجمعات السكنية.
وبحسب الخطة، التي يزعم الاحتلال الاسرائيلي، فإنّ: المرحلة الثانية تشمل احتلال مخيمات اللاجئين وسط قطاع غزة، والتي دمرت قوات الاحتلال الإسرائيلي أجزاء واسعة منها، ضمن حرب هوجاء متواصلة بدعم أمريكي منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
ومنذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 ترتكب دولة الاحتلال الإسرائيلي إبادة جماعية على كامل الأهالي في قلب قطاع غزة المحاصر، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة بذلك كافة النداءات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلّفت الإبادة 61 ألفا و430 شهيدا فلسطينيا و153 ألفا و213 جريحا، معظمهم من الأطفال والنساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، ومئات آلاف النازحين، ومجاعة أدّت إلى استشهاد 217 شخصا، بينهم 100 طفل.