كنت اعتقد أنني فريد عصره في داخل أسرة آل قرشي الذي يعرف علي بصيرة موسوعية وطموح ونباهة د. حامد فضل الله إلي أن رأيت بأم عيني وسمعت بأذني ذاك الفديو الذي بعث به الينا ابننا يسن كاسرة قرشية ونجدية ( من آل قرشي وآل نجدي ) هنا أدركت بعد تسمري لأكثر من ساعة أمام الموبايل والمذيع السوري ابراهيم الجويني يقدم السهل الممتنع في حواره مع ضيفه د.

حامد فضل الله بأسئلة خفيفة الظل رشيقة سريعة محكمة والضيف يتجاوب مع الاسئلة الحصيفة بذهن صاف وحضور واعي وتجاوب يثير الدهشة والإعجاب ... نعم حتي شهودي هذه الوجبة الدسمة من العلم والثقافة والآداب والسياسة والفكر كنت اعتقد أنني أكثر فرد في الأسرة قد سبر أغوار د. حامد وغاص في أعماقه وفهم وهضم كل مساهماته في دنيا القلم وعالم الكتب وفي الترجمة والحوارات والمقابلات مع مختلف أجهزة الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب ولكن وجدت أن د. حامد له من الأنشطة والدراسات والتسفار والجري وراء المعلومات والجديد من التراث الإنساني وكم هو عضو في كثير من المنظمات التي تعني بحقوق الإنسان واهتمامه بالنشر وتعريفه وتقديمه للعالم أدباء السودان وقد افرد لهم أحدي مجلداته ... نعم اكتشفت انني اجهل الكثير عن طموح د. حامد وعشقه الاداب رغم أن ميدانه وتخصصه علمي بحت إذ أنه طبيب اخصائي ومحاضر في جامعة برلين الحرة بكلية الطب وله عيادة خاصة به ويقرا كثيرا كثيرا وذكرني اطلاعه هذا الثر رغم أن طبيعة عمله في عيادته وفي التدريس الجامعي تأخذ من وقته الكثير ذكرني بحوار جري بين العلامة الدكتور التيجاني الماحي واحد أصدقائه من الخواجات الذي سأله كم كتاب قرأ حتي الآن ... فعدد له د. التيجاني ما قرا من كافة الأسفار والتي تصل إلي الآلاف وفيها مختلف العلوم والمعارف واللغات ويقال إن د. التيجاني يجيد اللغة الهيروغليفية تحدثا وكتابة وانه يملك كثير من الوثائق النادرة ... قال له الخواجة معلقا بعد أن عرف كمية الكتب التي قرأها د. التيجاني وفيها المجلدات علي اختلاف تخصصاتها واشكالها وانواعها ... قال له الخواجة ( Do you want to convince me that you have read all these books in one life ) ؟!
تحدث د. حامد عن شغفه وافتنانه بالادب منذ المرحلة الثانوية يوم كان الاديب الكبير احسان عباس يحاضر بجامعة الخرطوم وقد استفاد منه أدباء سودانيون كبار منهم الشاعر المرهف صلاح أحمد إبراهيم وغيره ... وعندما وصل د. حامد الي القاهرة للالتحاق بكلية الطب هنالك وجد أن فرصة القبول قد فلتت من بين يديه لانه وصل متأخرا ولكنه استثمر مدة عام كامل كان يذهب فيه لكلية الآداب ويستمتع بحديث الاربعاء لعميد الادب العربي طه حسين ... ورجع لبلاده الحبيبة ووجد بعثة لدراسة الطب في المانيا التي سافر إليها وهو اليوم سعيد بهذه البعثة التي صيرته نصف الماني وقد اندمج تماما مع هذا المجتمع الغربي وأجاد لغتهم وترجم كثير من كتاباتهم عن بلده السودان وكانت هذه لفتة بارعة خدم بها بلده العزيز وقام مؤخراً بتأسيس مركزا للتدريب المهني أهداه لبني شعبه وقد تم تأسيس هذا المركز علي احدث طراز وأطلق عليه اسم ( مركز القرشي المهني ) وللأسف وبعد أيام قليلة من افتتاحه اندلعت الحرب اللعينة العبثية المنسية التي أكلت الاخضر واليابس وتأسف د. حامد علي هذا الوضع وقال بكل اسي وحزن أن مجرد الذهاب لموقع المركز فيه خطورة بالغة للذي يريد أن يتفقد أحواله ويري ماحدث فيه من دمار لأن الدانات العمياء تنهال علي الرؤوس في ما غير شفقة أو رحمة وانما في جنون وسبق إصرار وترصد .
قال له المذيع انك اقرب الشبه بالمفكر الفلسطيني ادوارد سعيد كيف ذلك ... فهمت من إجابة د. حامد أن د. ادوارد سعيد عنيد ولايتنازل عن هدفه ويحاول أن يصل إليه مهما كلف الأمر وكذلك د. حامد الذي واجه كثيرا من المصاعب مع التاقلم مع المجتمع الغربي الذي يتوجس من المهاجرين ولا يقبل بهم خاصة اليمينيون المتطرفون الذي بدأ نجمهم يستطع في الغرب ... وقد تخطي د. حامد كل هذه الصعاب بجده ومثابرته واندماجه الإيجابي في المجتمع البرليني علي وجه الخصوص وقد حمل لقب عمدة السودانيين ببرلين عن جدارة واستحقاق..
ولم تكن خدمته مقصورة علي أبناء وطنه بل كان عبر المنظمات التي أنشأها يساعد أبناء الجاليات العربية علي كيفية معرفة حقوقهم كمهاجرين ويبصرهم بقوانين المانيا وضرورة التقيد بها حتي لا يكونوا عرضة للسجن ومن ثم الابعاد عن البلاد .
شكرا ابننا يسن عثمان فضل المولي وقد اتحت لنا الفديو الذي تضمن هذه المقابلة الاستثنائية مع د. حامد فضل الله الذي تعتبره عنوانا لنا ووجها مشرقا نطل به علي الغرب وقد استطاع من خلال مؤلفاته المشهود لها بالجودة وحسن السبك والمهنية في أعلي مراتبها أن يقرب الشقة بين الغرب وبلداننا في العالم الثالث وخاصة بلدنا الحبيب السودان نسأل الله عز وجل أن نري رايات السلام تخفق فيه من جديد بعد أن جف الزرع والضرع .
امد الله سبحانه وتعالى في ايامك أخانا د. حامد ونفعنا بعلمك الغزير وجزاكم الله خيرا واحسانا وصلي الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين .
وناسف أن قصرنا في حقك وانت تبذل كل هذا الجهد في صمت العلماء وكل هذا الحب الذي تكنه لوطنك وللانسانية جمعاء وكان ينبغي أن نكون في الصورة ونلتقط أولا بأول أياديك البيضاء في الفكر والآداب والثقافة والسياسة وانت تخدم المجتمعات علي اختلافها من غير من أو اذي بل هي رسالة آمنت بها وقدمتها بكل صدق واخلاص .
ودمتم في رعاية الله وحفظه .

حمد النيل فضل المولي عبد الرحمن قرشي .
معلم مخضرم .
[email protected]

   

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: حامد فضل الله

إقرأ أيضاً:

إسحق أحمد فضل الله يكتب: (أشجار الجنة التي نعيش فيها)

وهي الكتب.
وفي الكتب، ما تجد شيئًا في التاريخ إلا وجدته الآن في قميص جديد.
…..
وشيشرون كتب قبل أربعة آلاف عام:
الفقير يعمل اليوم كله من أجل الثاني، والثاني هو صاحب المال الذي لا يعمل.
والجندي، وهو الثالث، يحرس الاثنين.
ودافع الضرائب، وهو الرابع، يدفع للثلاثة.
والبنك، وهو الخامس، يستغل أموال الأربعة.
والمحامي، وهو السادس، يلوي الحقائق ويستخدم الخمسة.
والدكتور، وهو السابع، يأخذ نقود الستة.
والمجرم، وهو الثامن، ينهب السبعة.
والسياسي، وهو التاسع، يعيش على خداع الثمانية.
كان هذا قبل ترامب، وقبل عالم اليوم…
(2)
والتطعيم ضد الهوان والغفلة، تطعيم يُجرى في السودان منذ أبريل ٢٠٢٣.
والأسلوب الذي اتخذته “قحت” للتمكين كان هو السبب الأول لنزع التمكين منها؛ فالناس في أول أيام “قحت” كانوا يسلمون كل شيء بهدوء، لكن الأسلوب الحيواني — الذي يكشف للناس أن ما يقود “قحت” ليس هو النهب وطرد الناس من بيوتهم، ولا القتل والاغتصاب… اغتصاب المرأة أمام أهلها — ما يقود “قحت” كان شعورًا مسعورًا للعض والقتل والكراهية المجنونة، وعندها الناس يتحولون إلى السلاح.
والناس، حتى في زمان “قحت”، ما كانوا يميزون الإسلاميين بشيء عن غيرهم، وما كان الجيش يلفت أحدًا.
والأسلوب الذي مارسته دولة معروفة في سعيها المجنون لمسح الإسلاميين وإبادة الجيش هو الذي جعل الناس يلتفون حول الإسلاميين والجيش ويقاتلون القتال الذي يدهش العالم.
والمثل الذي يقول بعضهم إنه: «أراد أن يغيظ زوجته فخصى نفسه» مثل يرسم ما يجري الآن ويوجز حكاية السودان وتلك الدولة.
(3)
ومما نقرأ أنه كان للدولة الإسلامية قرى على حدودها مع بيزنطة.
والذي أراد أن يغيظ زوجته نموذج يوجد في كل بلد، وفي بيزنطة النموذج هذا أغرى الملك بالإساءة للمسلمين بالاعتداء على امرأة مسلمة.
ولكن كان هناك جماعة مجاهدة، لا تنتمي للدولة، قد أخذت على نفسها الانتقام لكل إساءة للإسلام.
والجماعة هذه كانت على الحدود.
و”فرسان” بيزنطة يهينون امرأة مسلمة، والمجاهدون يأسرون جنودًا بيزنطيين، وحين يعرض ملك بيزنطة الصلح لإعادة الجنود الأسرى يجيبه المجاهدون بشروطهم:
أولًا… إعادة حذاء — نعم، حذاء — المرأة محمولًا على عربة الملك.
ثانيًا… الأمير ابن الملك، الذي ضرب حمار المرأة، عليه أن يقوم بالاعتذار للحمار… للحمار، نعم، أمام أهل القرية.
وأمام عزة الإسلام، نفذ الملك الشروط.
وأمس، الناطق الرسمي لمجلس السيادة يذكر الناس في خطابه الرسمي أن قانون الأمم المتحدة يبيح للدولة التي تتعرض للعدوان أن ترد على العدوان بنفس صيغة العدوان الذي تعرضت له.
…..
كانت السطور هذه قراءات فقط، للعلم والحفظ…
أو… كانت إشارة إلى أن السودان المسلم يرجع إلى سودانيته وإلى إسلامه.

إسحق أحمد فضل الله

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • أيقونة خالدة في الإبداع العربي.. رئيس الوزراء ينعى صنع الله إبراهيم
  • أحد أعمدة السرد العربي المعاصر.. وزير الثقافة ينعي صنع الله إبراهيم
  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: حوارات
  • زيلينسكي يتوجه إلى برلين لإجراء محادثات قبل القمة الأميركية الروسية
  • الديوان العام للمحاسبة يصدر العدد الـ «45» من نشرة المحاسبة ويطلق هويته الجديدة  
  • مثنيا على الدكتور علاء جاب الله .. وزير الشؤون النيابية يشيد باستجابة وزارة الشباب لتلبية طلبات النواب
  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: (أشجار الجنة التي نعيش فيها)
  • ما هو مرض الدكتور علي المصيلحي الذي تسبب في وفاته؟
  • دولة حزب الله في لبنان التي انتهى زمنها
  • عبد الله الثقافي البلنوري يمثّل الهند في مؤتمر الإفتاء