عربي21:
2025-07-30@13:51:54 GMT

السياسات الشمولية ومغامرة الهيمنة الاقتصادية

تاريخ النشر: 18th, April 2025 GMT

ما رافق وصول دونالد ترامب لرئاسة الولايات المتحدة في الفترة الأولى، من مسارات التحول المعادي للديمقراطية، ومعاناة المهاجرين والأقليات واللاجئين، ومشاكل حقوق الإنسان، وتغييب مبادئ القانون الدولي الإنساني، والتنصل من الاتفاقيات الدولية وتصعيد نسق الحروب الاقتصادية والتجارية، تتكرر مظاهره، وربما تتعمق هذه المرة مع عودته إلى البيت الأبيض، بالشكل الذي هو عليه حين يتخذ قرارات انفعالية غير مدروسة، من شأنها أن تدفع أمريكا نحو المجهول سياسيا واقتصاديا.



دونالد ترامب يعود مجددا إلى تسييس المسائل الاقتصادية والبحث عن تكتلات، والضغط على الحلفاء، ومحاولة إجبارهم بطريقته الخاصة على الاختيار بين علاقة عسكرية توفر لهم الأمن، وهي مع الولايات المتحدة بالطبع، وعلاقة اقتصادية من شأنها تحقيق الرفاه الاجتماعي لشعوبهم، عبر انفتاحهم الاقتصادي على الصين.

مرحلة خطيرة في العلاقات الثنائية المتوترة بين واشنطن وبكين، تُعزز بإرادة أمريكية خالصة، ومثل هذا المنعرج يأتي بعد الانسحاب الأمريكي المتكرر من الاتفاقيات الدولية، وفرض عقوبات على موظفي المنظمات الأممية، وشن حروب تجارية، والقمع الوحشي لشركات التكنولوجيا الفائقة الأجنبية، واعتقال مسؤولين تنفيذيين للشركات الصينية، دون وجه حق.

جميع هذه الوقائع التي أقدمت عليها الإدارة الأمريكية، ومعظمها في عهد ترامب، تُثبت أن الولايات المتحدة هي التي ترفض التنافس بطريقة عادلة ومتساوية وشفافة، وهي سيئة السمعة في هذه الجوانب، عوض محاولة إدارة الخلافات وضبط التنافس حتى لا تصل إلى مهاوي خطيرة، لا يخشى الجانب الأمريكي حتى الآن من انزلاق الأمور إلى مواجهة كارثية. هناك تخبط أمريكي ملحوظ بفعل التحولات العالمية الجديدة، على صعيد التحالفات التي ترفض استمرار النظام الدولي بالطريقة التي وضعتها أمريكا وحلفاؤها الغربيون.

محور جديد بدأ بالتشكل في العالم، وهو مبني على الاضطرابات في تلك الدول، وتهديد مصالحها وأمنها القومي من طرف المعسكر الغربي. وتمدد هذا المحور الذي تقوده موسكو وبكين يعني تغييرا في المشهد الجيوسياسي العالمي، على اعتبار أنّ هذه الدول ناقمة على النظام الدولي بشكل علني، وهذا التعاون الذي يجمعها، ويقلق واشنطن وشركاءها، ويعيق قراراتهم، اتسع بالتزامن مع الحرب في أوكرانيا على نحو تسريع وتيرة العلاقات الاقتصادية والسياسية والعسكرية والتكنولوجية.

تشكل عودة ترامب مرة أخرى لرئاسة الولايات المتحدة برؤية انعزالية وقومية، تعزيزا لمشروع الحركات الشعبوية في أنحاء العالم
من تقلبات الرأي العام إلى عواقبها المفترضة، أو إلى الوراء، من فشل المؤسسات الديمقراطية إلى أسبابها، فإن الارتباط المنطقي الذي يحكم العلاقة بين الرأي العام وأزمات الديمقراطية توفره مسارات طبيعة الحكم في أمريكا هذه الأيام، وهي تزيد في استقطاب المؤسسات السياسية، ناهيك من الهويات السياسية المستقطبة هي الأخرى، وجميعها تقود النظام الأمريكي نحو الأزمة. تشكل عودة ترامب مرة أخرى لرئاسة الولايات المتحدة برؤية انعزالية وقومية، تعزيزا لمشروع الحركات الشعبوية في أنحاء العالم، وهي مؤشر لتواصل الانقسام داخل أمريكا، القائم بطبعه على أسس أيديولوجية وثقافية واقتصادية تشحنها الدوافع السياسية والطموحات الفردية.

تأثير الشركات في القرار السياسي يبدو واضحا في كثير من الأحيان، ومنطق الهيمنة والتعالي الذي يتمسك به الرئيس المثير للجدل، ليس إلا تفسيرا للسياسات الأمريكية في العقود الأخيرة. تواصل الولايات المتحدة، ممثلة في الدولة العميقة، احتواء القوميات الاقتصادية واتباع «سياسة الحظر»، التي احتاجت إلى ترتيبات تضمن وضع اليد على نفط العالم وثرواته في توافق مع طبقة رجال الأعمال في أمريكا. سلوك الإدارة الأمريكية الحالية كسابقاتها، لا تتحقق بسببه الانفراجة السياسية الإقليمية ولا الدولية، بل يزيد في تعقيد العالم وإرباك العلاقات الدولية.

في التعامل مع المنطقة، لا فرق بالنسبة للإدارتين الجمهورية والديمقراطية، كلاهما يشتركان في النهب والسلب ودعم كيان وظيفي إحلالي فاشي يحقق مصالح أمريكا في الشرق الأوسط، دون ذلك لم تهتم الولايات المتحدة يوما بالشعوب وحقها في الحياة الكريمة، ولم تبد أي خطوة للسلام وتحقيق الاستقرار ودعم تحرير فلسطين وحقها في أن تكون دولة مستقلة وحرة.

سياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تثبت أنّ تداخلات الفواعل الدّولية لم تنجح في بناء عالم ما بعد كورونا على أسس تُقلّص من حدة الأزمات، بل عمّقت النزوع نحو الصّراع بدل التّوافق. فواعل دولية قديمة لا تتغيّر استراتيجيتها القائمة على القوّة والسّيطرة والتّحكم، وبتوصيف صيني أفعال الولايات المتحدة الأمريكية، تثبت «دبلوماسية الكذب والغش والسرقة».

الحرب التجارية مع الصين أضرت بالاقتصاد الأمريكي في فترة حكم ترامب السابقة، ويبدو أنها ستفشل مجددا في تحقيق أهداف سياسية رئيسية يطمح إليها الرئيس الأمريكي عبر إعلان مثل هذه الحرب التجارية. هذه الحرب التي سبق وقللت من النمو الاقتصادي، وكلفت الولايات المتحدة مئات الآلاف من فرص العمل. وُصفت بأنها خطة لتركيع الصين عن طريق إغلاق السوق الأمريكية أمامها، يبدو أنّ حصيلتها ارتدادية، وما حدث بالفعل هو أن العجز التجاري للولايات المتحدة، اتسع إلى أكبر مستوى على الإطلاق، وهو ينذر بتداعيات عالمية خطيرة، ارتباطا بعملة التبادل التجاري الدولار وما يسببه من أزمات مالية عالمية.

في المحصلة، التباين بين الطرفين الأمريكي والصيني في عديد الملفات، منها التنافس التجاري والتكنولوجي، وقضية تايوان وبحر الصين الجنوبي، وأيضا ملف كوريا الشمالية، وغيرها من القضايا، تُبقي الاختبار الحقيقي في ترجمة التفاهمات واقعيا وليس عبر تصريحات عابرة، أو رسوم جمركية اعتباطية لم تثبت سابقا جدواها، بل زادت في تأزيم العلاقات الاقتصادية وتعقيد مسائل التجارة العالمية.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه ترامب الصين الحرب التجارية امريكا الصين الأنظمة الشمولية ترامب الحرب التجارية مقالات مقالات مقالات سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

لتخفيف التوترات بشأن الرسوم التجارية.. استئناف اليوم الثاني من المحادثات بين الولايات المتحدة والصين

بدأ مسؤولون أمريكيون وصينيون الثلاثاء يومًا ثانيًا من المحادثات في العاصمة السويدية ستوكهولم لحل النزاعات الاقتصادية القائمة منذ فترة طويلة، وتهدئة الحرب التجارية المتصاعدة بين أكبر اقتصادين في العالم، مع تزايد التوتر بشأن الرسوم الجمركية التي يهدد بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. اعلان

قد لا تُسفر الاجتماعات عن اختراقات كبيرة فورية، لكن الجانبين قد يتفقان على تمديد آخر لمدة 90 يومًا لهدنة الرسوم الجمركية التي تم التوصل إليها في منتصف مايو/ أيار، بحسب وكالة "رويترز". وقد يُمهد ذلك الطريق أيضًا لاجتماع محتمل بين ترامب والرئيس الصيني شي جين بينغ في وقت لاحق من العام، على الرغم من أن ترامب نفى يوم الثلاثاء بذل أي جهد من جانبه للسعي إلى عقد مثل هذا الاجتماع.

اجتماعات ستوكلهم

اجتمع الوفدان لأكثر من خمس ساعات يوم الاثنين في روزنباد، مكتب رئيس الوزراء السويدي في وسط ستوكهولم. ولم يُدلِ أي من الجانبين بتصريحات بعد اليوم الأول من المحادثات.

شوهد وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت وهو يصل إلى روزنباد صباح الثلاثاء بعد اجتماع منفصل مع رئيس الوزراء السويدي أولف كريسترسون. كما وصل نائب رئيس الوزراء الصيني هي ليفنغ إلى مكان الاجتماع.

تواجه الصين مهلة نهائية في 12 أغسطس/ آب للتوصل إلى اتفاق دائم بشأن التعريفات الجمركية مع إدارة ترامب، بعد التوصل إلى اتفاقيات أولية في مايو/ أيار ويونيو/ حزيران لإنهاء أسابيع من تصاعد التعريفات الجمركية المتبادلة وقطع إمدادات المعادن الأرضية النادرة.

بدون اتفاق، قد تواجه سلاسل التوريد العالمية اضطرابات متجددة نتيجة عودة الرسوم الجمركية الأمريكية، وهو ما قد يرقى إلى حظر تجاري ثنائي.

اتفاقات ترامب الجمركية

تأتي محادثات ستوكهولم في أعقاب أكبر صفقة تجارية لترامب حتى الآن مع الاتحاد الأوروبي يوم الأحد، والتي تضمنت فرض تعريفات جمركية بنسبة 15% على معظم صادرات سلع الاتحاد الأوروبي إلى الولايات المتحدة، واتفاقًا مع اليابان.

أثار هذا الاتفاق بعض الارتياح لدى الاتحاد الأوروبي، ولكنه أثار أيضًا شعورًا بالإحباط والغضب، حيث نددت فرنسا بالاتفاق ووصفته بأنه "خضوع"، وحذرت ألمانيا، أكبر اقتصاد في أوروبا، من أضرار "كبيرة".

Related ترامب يعلن عن التوصل إلى اتفاق مع الاتحاد الأوروبي وصفه بالأكبر على الإطلاق وعن فرض رسوم بقيمة 15% تمهيدًا للقاء محتمل بين ترامب وشي..أميركا والصين تستأنفان محادثاتهما التجارية في ستوكهولمترامب يُكذّب الأنباء عن قمة مع الرئيس الصيني ويشترط دعوة رسمية لزيارة بكين

ترامب ولقاء شي

ذكرت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية الاثنين أن الولايات المتحدة علّقت القيود المفروضة على صادرات التكنولوجيا إلى الصين لتجنب تعطيل محادثات التجارة مع بكين ودعم جهود ترامب لعقد اجتماع مع شي هذا العام.

نفى ترامب التلميحات بأنه يسعى لعقد اجتماع مع شي. وقال: "هذا غير صحيح، أنا لا أسعى لأي شيء! قد أذهب إلى الصين، ولكن ذلك سيكون فقط بناءً على دعوة من الرئيس شي، والتي تم تقديمها. وإلا، فلا فائدة!" كتب على موقع "تروث سوشيال" يوم الثلاثاء.

محادثات لخفض الرسوم

ركزت المحادثات التجارية السابقة بين الولايات المتحدة والصين في جنيف ولندن خلال شهري مايو/ أيار ويونيو/ حزيران على خفض الرسوم الجمركية الانتقامية بين الولايات المتحدة والصين من مستوياتها، واستعادة تدفق المعادن الأرضية النادرة التي أوقفتها الصين، بالإضافة إلى رقائق الذكاء الاصطناعي من إنتاج شركة إنفيديا (NVDA.O)، وغيرها من السلع التي أوقفتها الولايات المتحدة.

من بين القضايا الاقتصادية الأوسع نطاقًا، تشكو واشنطن من أن نموذج الصين الذي تقوده الدولة ويعتمد على التصدير يُغرق الأسواق العالمية بسلع رخيصة، بينما تقول بكين إن ضوابط تصدير الأمن القومي الأمريكية للسلع التقنية تسعى إلى إعاقة النمو الصيني.

وقد أشار وزير الخزانة الأمريكي بالفعل إلى تمديد الموعد النهائي، وقال إنه يريد من الصين إعادة التوازن لاقتصادها بعيدًا عن الصادرات إلى مزيد من الاستهلاك المحلي - وهو هدفٌ لصانعي السياسات الأمريكيين منذ عقود.

وقال الناطق باسم الخارجية الصينية غوه جياكون: "نأمل من الولايات المتحدة، بالتعاون مع الصين، أن تعزز التوافق من خلال الحوار والتواصل، وتحد من سوء التفاهم وترسخ التعاون وتشجع تطوير العلاقات الصينية الأميركية بصورة مستقرة وسليمة ومستدامة".

وتهدف المحادثات في ستوكهولم إلى تمديد الهدنة الممتدة على 90 يوما والتي تم التوصل إليها في جنيف في مايو/ أيار، ما وضع حدا لإجراءات الرد المتبادلة في مجال الرسوم الجمركية.

وأفسحت هذه الهدنة المجال في خفض الرسوم الجمركية على المنتجات الأمريكية والصينية من 125% و145% على التوالي إلى مستويات أقل بكثير بلغت 10% و30%. وتُضاف هذه الرسوم الجديدة إلى تلك التي كانت مفروضة على عدد من المنتجات قبل عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في أواخر يناير/ كانون الثاني.

وتأتي المحادثات في السويد في مطلع أسبوع حاسم لسياسة الرئيس دونالد ترامب التجارية، إذ من المقرر أن تشهد الرسوم الجمركية على معظم الشركاء التجاريين الرئيسيين للولايات المتحدة ارتفاعا كبيرا في الأول من أغسطس/ آب.

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة

مقالات مشابهة

  • تايوان تنفي منع رئيسها من زيارة الولايات المتحدة الأميركية
  • أمواج تسونامي تبدأ بضرب سواحل الولايات المتحدة الأمريكية
  • رغم التصعيد التجاري.. ترامب: الرئيس الصيني سيزور الولايات المتحدة قريباً
  • مستشار عسكري: ارتباك في الموقف الأمريكي بسبب السياسات الإسرائيلية في غزة |فيديو
  • لتخفيف التوترات بشأن الرسوم التجارية.. استئناف اليوم الثاني من المحادثات بين الولايات المتحدة والصين
  • الإدارة الأمريكية..المصداقية في مهب الريح
  • الذهب يتراجع عالميًا وسط ضغوط السياسات الأمريكية والتوترات التجارية
  • الانتصار اليمني في البحر الأحمر.. رسالة مدوية بنهاية عصر الهيمنة الأمريكية
  • بروكسل: الاتفاق الحالي مع الولايات المتحدة أفضل من الحرب التجارية
  • رابطة الدوري الأمريكي لكرة القدم تسعى لاستقطاب مولر إلى الولايات المتحدة