عربي21:
2025-06-08@10:07:06 GMT

السياسات الشمولية ومغامرة الهيمنة الاقتصادية

تاريخ النشر: 18th, April 2025 GMT

ما رافق وصول دونالد ترامب لرئاسة الولايات المتحدة في الفترة الأولى، من مسارات التحول المعادي للديمقراطية، ومعاناة المهاجرين والأقليات واللاجئين، ومشاكل حقوق الإنسان، وتغييب مبادئ القانون الدولي الإنساني، والتنصل من الاتفاقيات الدولية وتصعيد نسق الحروب الاقتصادية والتجارية، تتكرر مظاهره، وربما تتعمق هذه المرة مع عودته إلى البيت الأبيض، بالشكل الذي هو عليه حين يتخذ قرارات انفعالية غير مدروسة، من شأنها أن تدفع أمريكا نحو المجهول سياسيا واقتصاديا.



دونالد ترامب يعود مجددا إلى تسييس المسائل الاقتصادية والبحث عن تكتلات، والضغط على الحلفاء، ومحاولة إجبارهم بطريقته الخاصة على الاختيار بين علاقة عسكرية توفر لهم الأمن، وهي مع الولايات المتحدة بالطبع، وعلاقة اقتصادية من شأنها تحقيق الرفاه الاجتماعي لشعوبهم، عبر انفتاحهم الاقتصادي على الصين.

مرحلة خطيرة في العلاقات الثنائية المتوترة بين واشنطن وبكين، تُعزز بإرادة أمريكية خالصة، ومثل هذا المنعرج يأتي بعد الانسحاب الأمريكي المتكرر من الاتفاقيات الدولية، وفرض عقوبات على موظفي المنظمات الأممية، وشن حروب تجارية، والقمع الوحشي لشركات التكنولوجيا الفائقة الأجنبية، واعتقال مسؤولين تنفيذيين للشركات الصينية، دون وجه حق.

جميع هذه الوقائع التي أقدمت عليها الإدارة الأمريكية، ومعظمها في عهد ترامب، تُثبت أن الولايات المتحدة هي التي ترفض التنافس بطريقة عادلة ومتساوية وشفافة، وهي سيئة السمعة في هذه الجوانب، عوض محاولة إدارة الخلافات وضبط التنافس حتى لا تصل إلى مهاوي خطيرة، لا يخشى الجانب الأمريكي حتى الآن من انزلاق الأمور إلى مواجهة كارثية. هناك تخبط أمريكي ملحوظ بفعل التحولات العالمية الجديدة، على صعيد التحالفات التي ترفض استمرار النظام الدولي بالطريقة التي وضعتها أمريكا وحلفاؤها الغربيون.

محور جديد بدأ بالتشكل في العالم، وهو مبني على الاضطرابات في تلك الدول، وتهديد مصالحها وأمنها القومي من طرف المعسكر الغربي. وتمدد هذا المحور الذي تقوده موسكو وبكين يعني تغييرا في المشهد الجيوسياسي العالمي، على اعتبار أنّ هذه الدول ناقمة على النظام الدولي بشكل علني، وهذا التعاون الذي يجمعها، ويقلق واشنطن وشركاءها، ويعيق قراراتهم، اتسع بالتزامن مع الحرب في أوكرانيا على نحو تسريع وتيرة العلاقات الاقتصادية والسياسية والعسكرية والتكنولوجية.

تشكل عودة ترامب مرة أخرى لرئاسة الولايات المتحدة برؤية انعزالية وقومية، تعزيزا لمشروع الحركات الشعبوية في أنحاء العالم
من تقلبات الرأي العام إلى عواقبها المفترضة، أو إلى الوراء، من فشل المؤسسات الديمقراطية إلى أسبابها، فإن الارتباط المنطقي الذي يحكم العلاقة بين الرأي العام وأزمات الديمقراطية توفره مسارات طبيعة الحكم في أمريكا هذه الأيام، وهي تزيد في استقطاب المؤسسات السياسية، ناهيك من الهويات السياسية المستقطبة هي الأخرى، وجميعها تقود النظام الأمريكي نحو الأزمة. تشكل عودة ترامب مرة أخرى لرئاسة الولايات المتحدة برؤية انعزالية وقومية، تعزيزا لمشروع الحركات الشعبوية في أنحاء العالم، وهي مؤشر لتواصل الانقسام داخل أمريكا، القائم بطبعه على أسس أيديولوجية وثقافية واقتصادية تشحنها الدوافع السياسية والطموحات الفردية.

تأثير الشركات في القرار السياسي يبدو واضحا في كثير من الأحيان، ومنطق الهيمنة والتعالي الذي يتمسك به الرئيس المثير للجدل، ليس إلا تفسيرا للسياسات الأمريكية في العقود الأخيرة. تواصل الولايات المتحدة، ممثلة في الدولة العميقة، احتواء القوميات الاقتصادية واتباع «سياسة الحظر»، التي احتاجت إلى ترتيبات تضمن وضع اليد على نفط العالم وثرواته في توافق مع طبقة رجال الأعمال في أمريكا. سلوك الإدارة الأمريكية الحالية كسابقاتها، لا تتحقق بسببه الانفراجة السياسية الإقليمية ولا الدولية، بل يزيد في تعقيد العالم وإرباك العلاقات الدولية.

في التعامل مع المنطقة، لا فرق بالنسبة للإدارتين الجمهورية والديمقراطية، كلاهما يشتركان في النهب والسلب ودعم كيان وظيفي إحلالي فاشي يحقق مصالح أمريكا في الشرق الأوسط، دون ذلك لم تهتم الولايات المتحدة يوما بالشعوب وحقها في الحياة الكريمة، ولم تبد أي خطوة للسلام وتحقيق الاستقرار ودعم تحرير فلسطين وحقها في أن تكون دولة مستقلة وحرة.

سياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تثبت أنّ تداخلات الفواعل الدّولية لم تنجح في بناء عالم ما بعد كورونا على أسس تُقلّص من حدة الأزمات، بل عمّقت النزوع نحو الصّراع بدل التّوافق. فواعل دولية قديمة لا تتغيّر استراتيجيتها القائمة على القوّة والسّيطرة والتّحكم، وبتوصيف صيني أفعال الولايات المتحدة الأمريكية، تثبت «دبلوماسية الكذب والغش والسرقة».

الحرب التجارية مع الصين أضرت بالاقتصاد الأمريكي في فترة حكم ترامب السابقة، ويبدو أنها ستفشل مجددا في تحقيق أهداف سياسية رئيسية يطمح إليها الرئيس الأمريكي عبر إعلان مثل هذه الحرب التجارية. هذه الحرب التي سبق وقللت من النمو الاقتصادي، وكلفت الولايات المتحدة مئات الآلاف من فرص العمل. وُصفت بأنها خطة لتركيع الصين عن طريق إغلاق السوق الأمريكية أمامها، يبدو أنّ حصيلتها ارتدادية، وما حدث بالفعل هو أن العجز التجاري للولايات المتحدة، اتسع إلى أكبر مستوى على الإطلاق، وهو ينذر بتداعيات عالمية خطيرة، ارتباطا بعملة التبادل التجاري الدولار وما يسببه من أزمات مالية عالمية.

في المحصلة، التباين بين الطرفين الأمريكي والصيني في عديد الملفات، منها التنافس التجاري والتكنولوجي، وقضية تايوان وبحر الصين الجنوبي، وأيضا ملف كوريا الشمالية، وغيرها من القضايا، تُبقي الاختبار الحقيقي في ترجمة التفاهمات واقعيا وليس عبر تصريحات عابرة، أو رسوم جمركية اعتباطية لم تثبت سابقا جدواها، بل زادت في تأزيم العلاقات الاقتصادية وتعقيد مسائل التجارة العالمية.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه ترامب الصين الحرب التجارية امريكا الصين الأنظمة الشمولية ترامب الحرب التجارية مقالات مقالات مقالات سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

الولايات المتحدة تفرض عقوبات جديدة مرتبطة بإيران

فرضت الولايات المتحدة، مجموعة جديدة من العقوبات المتعلقة على إيران، تستهدف 10 أفراد و27 كياناً، وجاء ذلك وفق منشور على موقع وزارة الخزانة الأمريكية، اليوم الجمعة.

وتأتي العقوبات الجديدة في الوقت الذي تعمل فيه إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على إبرام اتفاق نووي جديد مع طهران.

وكانت الولايات المتحدة وإيران، أجرت في أبريل الماضي 5 جولات من المفاوضات، بوساطة عمانية، سعياً للتوصل إلى اتفاق جديد بشأن برنامج طهران النووي.

ويرافق المباحثات تباين معلن بشأن احتفاظ إيران بالقدرة على تخصيب اليورانيوم، إذ ترفض واشنطن هذا الأمر، بينما تعتبره طهران "حقاً" لها غير قابل للمساومة أو التفاوض. في حين لوّح ترامب بالخيار العسكري، حال فشل الجهود الدبلوماسية.

الجدير بالذكر أن إيران أبرمت عام 2015 اتفاقاً مع القوى الكبرى بشأن برنامجها النووي، أتاح فرض قيود على أنشطتها وضمان سلميتها، لقاء رفع عقوبات اقتصادية. جاء ذلك وفقاً لما نقلته "العربية".

أخبار السعوديةالعقوبات الأمريكية على إيرانأهم الأخبارالولايات المتحدة وإيرانقد يعجبك أيضاًNo stories found.

مقالات مشابهة

  • الولايات المتحدة تنشر 2000 جندي من الحرس الوطني في لوس أنجلوس
  • «حزب صوت الشعب» يدعو السلطات الليبية للرد على السياسات الأمريكية بالمثل
  • حزب صوت الشعب يدعو السلطات الليبية للرد على السياسات الأمريكية بالمثل
  • محادثات تجارية بين الولايات المتحدة والصين في لندن الأسبوع المقبل
  • عمالقة التكنولوجيا في الولايات المتحدة تحت نيران ترامب
  • ترامب: مباحثات تجارية بين الولايات المتحدة والصين الإثنين في لندن
  • الولايات المتحدة تفرض عقوبات جديدة مرتبطة بإيران
  • الفحل: اجتماع الرباعية مع الولايات المتحدة الأمريكية محاولة بائسة للهروب من مواجهة الدولة الراعية للميليشيا
  • طلاق سياسي بين ترامب وايلون ماسك.. تفكك أقوى التحالفات في الولايات المتحدة .. مواجهة نارية للرئيس الأمريكي تهزّ واشنطن
  • ترامب يمنع سفر رعايا 12 دولة إلى الولايات المتحدة