الملف النووي الإيراني.. ترامب يدعو لاتفاق سريع وسط تحذيرات دولية
تاريخ النشر: 19th, April 2025 GMT
دعا الرئيس الأميركي دونالد ترامب طهران إلى "التحرك بسرعة" للتوصل إلى اتفاق نووي جديد، وسط تحذيرات من خبراء بأن أي اتفاق فعال يتطلب شفافية كاملة من إيران بشأن برنامجها النووي.
وبحسب وسائل إعلام أمريكية تأتي هذه الدعوة في وقت تعاني فيه الوكالة الدولية للطاقة الذرية من نقص كبير في المعلومات حول أنشطة إيران النووية، خاصة بعد أن قيدت طهران عمليات الرقابة وأوقفت تحقيقًا متعلقًا بمواد نووية غير مصرح بها عُثر عليها داخل البلاد.
ومنذ سبتمبر 2023، أعلنت الوكالة أنها لم تعد قادرة على تحديث بياناتها بشكل كامل حول البرنامج النووي الإيراني.
ووفقًا لـ"وول ستريت جورنال"، فإن منع إيران للمفتشين من دخول مواقع غير نووية منذ عام 2021 زاد من تعقيد المشهد، وأضعف قدرة المجتمع الدولي على التأكد من عدم وجود أنشطة عسكرية.
وقال مدير عام الوكالة، رافائيل جروسي، مؤخرًا إن إيران "ليست بعيدة" عن القدرة على إنتاج قنبلة نووية، ما يعكس مستوى القلق الدولي المتصاعد.
مفاوضات في روما
وأفاد التلفزيون الإيراني مساء اليوم بانتهاء الجولة الثانية من المحادثات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة، والتي استضافتها العاصمة الإيطالية روما، مشيرًا إلى أن الأجواء التي سادت اللقاءات كانت "بناءة" و"إيجابية".
وأكد وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، في تصريحات عقب ختام المحادثات، أن جلسات اليوم استمرت لأربع ساعات وشهدت "نقاشات جدية وبنّاءة" حول عدد من الملفات العالقة بين الجانبين، دون الخوض في تفاصيل دقيقة حول فحوى التفاهمات.
وأشار الوزير إلى أن الجانبين اتفقا على عقد مفاوضات فنية مقبلة عبر فرق متخصصة في سلطنة عُمان، بهدف وضع أطر عامة لاتفاق محتمل، مؤكدًا أن التركيز في المرحلة القادمة سيكون على "المسائل التقنية" التي يتولاها الخبراء.
غير أن محللين يحذرون من التسرع في التوصل إلى اتفاق دون امتلاك صورة واضحة حول حجم ونطاق البرنامج النووي الإيراني. فبدون قاعدة بيانات دقيقة، سيكون من الصعب فرض قيود فعالة على تخصيب اليورانيوم أو مراقبة مدى التزام طهران بالاتفاق.
ديفيد أولبرايت، المفتش الدولي السابق ورئيس معهد العلوم والأمن الدولي، أشار إلى أن ترامب منح إيران مهلة شهرين لإنجاز الاتفاق، مؤكدًا أن "التعاون مع الوكالة الدولية سيكون مفتاحًا لبناء الثقة وضمان جدية الاتفاق".
أجهزة الطرد المركزي.. ثغرة غامضة
من أبرز الثغرات المثيرة للقلق هي الغموض الذي يحيط بمخزون إيران من أجهزة الطرد المركزي، وهي المعدات الأساسية المستخدمة في تخصيب اليورانيوم. فبعد انسحاب واشنطن من اتفاق 2015، توقفت إيران في عام 2021 عن تسليم تسجيلات كاميرات المراقبة التي كانت مثبتة في مواقع تصنيع هذه الأجهزة.
وفي أعقاب الهجوم الذي استهدف منشأة كرج – والذي اتهمت طهران إسرائيل بالوقوف خلفه – أُزيلت الكاميرات، ولم تُعد إلا جزئيًا بعد فترة طويلة. ورغم أن الوكالة ما زالت تُجري تفتيشات دورية في مواقع التخصيب الأساسية، فإنها أعلنت مؤخرًا أنها "فقدت تسلسل المعلومات" حول إنتاج أجهزة الطرد المركزي، ما يفتح الباب أمام احتمالية قيام طهران بتخزين مئات الأجهزة المتطورة سرًا.
تحقيقات غير مكتملة تهدد أي اتفاق مرتقب
ويظل أحد أبرز العوائق أمام أي اتفاق جديد، هو التحقيق الجاري بشأن المواد النووية غير المعلنة، التي يُعتقد أنها تعود لأنشطة إيرانية سرية منذ تسعينيات القرن الماضي. إيران تنفي الاتهامات، لكنها لم تقدم توضيحات مقنعة بشأن مصدر هذه المواد أو أماكن تخزينها.
هذا الملف الشائك لا يزال يشكل نقطة خلافية رئيسية، خاصة مع استمرار الانتقادات لاتفاق 2015 الذي لم يُلزم إيران بالكشف الكامل عن أنشطتها السابقة. وتعتبر هذه المسألة محور جدل كبير داخل الكونغرس الأميركي، وقد تكون سببًا رئيسيًا في فشل أي اتفاق جديد ما لم تتم معالجتها بوضوح وشفافية.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الرئيس الأميركي دونالد ترامب اتفاق نووي جديد الوكالة الدولية للطاقة الذرية المحادثات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة روما البرنامج النووي الإيراني المزيد أی اتفاق
إقرأ أيضاً:
كيف تنظر إيران لمشاركة أميركا بمشروع باسني الباكستاني؟
طهران- يشهد ميناء باسني الواقع في جنوب إقليم بلوشستان الباكستاني تطورا جديدا بعد عرض قائد الأركان الباكستاني الجنرال عاصم منير على الولايات المتحدة الاستثمار فيه بمبلغ يقدّر بـ1.2 مليار دولار.
وتعد هذه الخطوة تحولا مهما في المشهد الإقليمي، إذ يفتح المشروع الباب أمام حضور أميركي محتمل في منطقة ذات موقع إستراتيجي على مدخل المحيط الهندي وبالقرب من ميناء جوادر الذي يشكل محور التعاون الاقتصادي بين الصين وإسلام آباد.
يثير التحرك الباكستاني اهتماما واسعا ومخاوف متزايدة لدى إيران التي تتابع ما قد يترتب على الوجود الأميركي من تأثيرات على مصالحها بالمنطقة، خصوصا في ظل سعيها إلى تعزيز دور ميناء تشابهار كمركز تجاري يربط الهند بآسيا الوسطى.
طرحت #باكستان على #الولايات_المتحدة مشروعًا طموحًا لإنشاء ميناء جديد في مدينة #باسني الساحلية المطلة على بحر العرب، في خطوة تهدف إلى استقطاب الاستثمارات الأمريكية ومنح #واشنطن منفذًا استراتيجيًا في واحدة من أكثر مناطق العالم حساسية.#رؤية pic.twitter.com/hmnWK2et5b
— Roayah Media Network (@Roayahnofficial) October 5, 2025
قلق إستراتيجييُنظر إلى مشروع باسني كعامل جديد يمكن أن يعيد رسم خرائط النفوذ البحري والتجاري في جنوب آسيا، ويضيف بعدا جديدا إلى التنافس القائم بين واشنطن وبكين ونيودلهي وطهران.
في هذا السياق، أوضح أستاذ العلوم السياسية مصطفى نجفي أن ميناء باسني يقع في منتصف ساحل مكران، وهو من أقرب النقاط القابلة للتطوير إلى الحدود الإيرانية، ما يمنحه حساسية جيوسياسية عالية من وجهة نظر طهران.
وأشار، في حديثه للجزيرة نت، إلى أن الموقع الجغرافي للميناء، الذي لا يبعد سوى نحو 160 كيلومترا عن الحدود الإيرانية وقرابة 280 كيلومترا عن ميناء تشابهار، يجعله ضمن نطاق المراقبة العملياتية لطهران، وبالتالي فإن أي وجود أميركي محتمل فيه سواء على شكل استثمار أو إدارة لوجستية، سيُعد مصدر قلق إستراتيجي بالنسبة لها.
إعلانوبيّن نجفي أن هذه التطورات تأتي بعد إلغاء الولايات المتحدة الإعفاءات الخاصة بميناء تشابهار في سبتمبر/أيلول 2025، وهو ما قد يدفعها إلى البحث عن بدائل في السواحل الباكستانية لتعزيز نفوذها في جوار إيران والصين، وللضغط على المشروع الإيراني- الهندي في تشابهار.
ومع ذلك، يرى أن الموقف الإيراني ما زال يتسم بالحذر والترقب، فالمشروع لم يتبلور بعد بشكل نهائي، والتهديد لا يُعد فعليا بعد، بل محتملا.
انعكاسات محتملةوحسب نجفي، فإن إلغاء الإعفاء الأميركي جعل المستثمرين الدوليين أكثر حذرا في التعامل مع مشروع تشابهار، في حين سيؤدي أي حضور لواشنطن في باسني إلى زيادة المنافسة في ممرات النقل شمال- جنوب. لكنه أكد أن تشابهار يمتلك مزايا بنيوية كونه المنفذ الوحيد الذي يربط إيران مباشرة بشبكة السكك الحديدية الداخلية ثم إلى آسيا الوسطى وروسيا.
ووفقا له، فإن تسريع مشروع خط تشابهار- زاهدان وتوفير ضمانات استثمارية للشركاء الآسيويين يمكن أن يحافظ على موقع إيران الإستراتيجي.
أما على صعيد العلاقات الإيرانية-الباكستانية، فرأى أن هذا المشروع يحمل انعكاسات محتملة على الثقة المتبادلة بين البلدين، نظرا لطبيعة العلاقات المعقدة ومتعددة الأوجه بينهما، فطهران تدرك أن إسلام آباد تسعى إلى الموازنة بين محاور كبرى تشمل الصين، والولايات المتحدة، ودول الخليج.
ويؤكد نجفي أنه في حال تحوّل باسني إلى منصة ذات حضور عسكري أو استخباراتي أميركي، فإن ذلك سيلقي بظلال سلبية على هذه العلاقات الثنائية.
وما يهم طهران -باعتقاده- هو عدم عسكرة سواحل مكران، إذ تعتبر أن هذه المنطقة يجب أن تبقى فضاء للتعاون الاقتصادي لا ساحة للتنافس العسكري بين القوى الكبرى. وفي المقابل، إذا اقتصر المشروع على الطابع الاقتصادي واللوجستي، فلن تثيره بحساسية كبيرة.
???? بزشكيان : ايران تقدر دعم باكستان لها ضد عدوان الكيان الصهيوني
قال الرئيس الايراني إن مواقف الحكومة والبرلمان والشعب الباكستاني العزيز في الدفاع عن جمهورية إيران الإسلامية ودعمها خلال العدوان الإرهابي الذي استمر 12 يومًا من قِبل الكيان الصهيوني والولايات المتحدة مُشجعة للغاية. pic.twitter.com/btB5lFCqMb
— إيران بالعربية (@iraninarabic_ir) August 3, 2025
تفهم متبادلوسيتخذ الرد الإيراني المحتمل على أي حضور أميركي في باسني -وفق نجفي- 3 ركائز رئيسية:
تعزيز مشروع تشابهار عبر الإسراع في ربطه بالسكك الحديدية واستقطاب شركاء آسيويين غير غربيين. إجراء حوار إستراتيجي مع باكستان لضمان عدم تحويل باسني إلى قاعدة ذات طابع عسكري. تنويع الشراكات التجارية للحد من أثر العقوبات الأميركية وتخفيف الضغوط الاقتصادية.واعتبر أن إيران لا تسعى إلى المواجهة المباشرة، بل تهدف إلى إدارة المخاطر والحفاظ على ميزتها الجيو- اقتصادية في سواحل مكران، وأن مشروع باسني يمثل إنذارا مبكرا يستوجب التعامل معه بأدوات دبلوماسية واقتصادية وبنيوية.
كما أشار إلى أن هذا المشروع لا يمس طهران وحدها، بل مصالح بكين مباشرة، وقد يؤدي إلى تصاعد التنافس الأميركي- الصيني داخل باكستان، ما يجعل إسلام آباد منطقة تماس بين القوتين الكبيرتين. وخلص إلى أن هذه التطورات قد تدفع في المقابل إلى تعزيز التعاون الإيراني- الصيني في المجالات الاقتصادية والأمنية والممرات الإقليمية.
إعلانمن جهته، اعتبر الدبلوماسي الإيراني السابق بوزارة الخارجية المتخصص في الشؤون الباكستانية محسن روحي صفت أن أي استثمار أجنبي -بما في ذلك الأميركي- يصب في مصلحة إسلام آباد من حيث تطوير البنى التحتية وتوسيع شبكة المواصلات، خصوصا في إقليم بلوشستان الذي يشكل نحو نصف مساحة البلاد، لكنه ما زال يعاني ضعفا في التنمية رغم غناه بالموارد الطبيعية والمعادن التي لم تستثمر بعد.
وأوضح للجزيرة نت أن أبرز عوائق التنمية في الإقليم تتمثل في نقص التمويل وضعف البنية التحتية للنقل من طرق وسكك حديدية وموانئ. وفي رأيه، فإن تنميته، سواء من الجانب الباكستاني أو الإيراني، تصب في مصلحة أمن طهران، إذ إن تعزيز النشاط الاقتصادي في المنطقة يسهم في الحد من التحركات المسلحة والنزعات الانفصالية، وهو ما يخدم استقرار البلدين.
وختم روحي صفت بالقول إن العلاقات بين طهران وإسلام آباد، رغم ما تشهده من تنافس إقليمي، تقوم على تفهم أمني متبادل، إذ يدرك الطرفان أنه لا توجد نية أو مصلحة في اتخاذ خطوات عدائية على المستوى الإستراتيجي، مما يجعل مشروع باسني بعيدا عن أن يشكل مصدر قلق كبير لإيران في الوقت الراهن.